عرض مشاركة واحدة
  #398  
قديم 05-04-2024, 05:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

مِن فوائد الصِّيام
الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله





فرَض الله الصيام على الأمة الإسلامية رحمةً بها، وإحسانًا إليها؛ ليُكَفِّر به سيئاتِهم، ويرفع به درجاتِهم، ويضاعِف به حسناتِهم، ولِما فيه من فوائدَ عظيمةٍ تعود على الفرد والمجتمع، لا يحيط بها قلمُ كاتب، أو تعبيرُ بليغ، وإنما يتكلم الإنسان في ذلك بحسب ما بلغه، فالصيامُ بعد كونه ركنًا من أركان الإسلام، وعبادةً من أبلغ العبادات وأهمها - فيه امتثالٌ لأمر الله، وطلبٌ لرضاه، وتعرُّضٌ لفضله، فهو من أكبر الدروس العملية التي تُعِدُّ الصائمَ الصادق للتقوى؛ فهو مُرَبٍّ للإرادة، ومُرَوِّضٌ للروح، يغرس في نفس المؤمن ملَكةَ الصبر على الطاعات، والصبر عن المخالَفات، والصبر على أقدار الله المؤلِمة، من مرضٍ، أو فقر، أو شدة تنزل بالعبد، إذا أخلَص النِّيَّة فيه لله - تعالى.


وبهذه المناسبة، فإنَّني أنصح إخواني المسلمين الصائمين الذين ابتُلوا بشُرب الدخان، الضار بصحتهم وأبدانهم وأموالهم، ودينهم ودنياهم وآخرتهم، أن يتسلوا عنه بالصوم، وأن يتركوه لله؛ فإنَّ مَن ترَك شيئًا لله، عوَّضه الله خيرًا منه، وألا يصوموا عن الحلال ثم يفطروا على الحرام.


نسأل الله لنا ولهم وللمسلمين عمومًا العصمةَ والعافية والتوفيق والهداية.


والصوم طُهرة وزكاة للجسَد، يُطَهِّر الإنسانَ من الذنوب، ويزيل عنه آثارَ الشح والبخل والخُيَلاء، ويُطَهِّر جسمَه من آفات فضلات الأطعمة والأشربة، وفي الحديث الشريف: ((لكلِّ شيء زكاة، وزكاة الجسَد الصوم))؛ رواه ابن ماجه.


ومِن فوائد الصَّوم الاجتماعيَّة: المُساواةُ فيه بين الأغنياء والفُقَراء، والخاصَّة والعامَّة، وفي مُشارَكة الأغنياء للفُقراء في الجُوع إشعارٌ لهم بلزوم العطف عليهم، وأداء حقوقهم التي فرَضَها الله في أموالهم إلى الفقراء.


ففي الصَّوم إعلامُ الغني بحال الفقير، وإشعار الطاعم الكاسي بالجائع العاري، وفي هذا ما فيه من الخير الكثير للناس أجمعين.


وفي الصوم تنظيم الأمة في المعيشة، وإشعار بوحدة المسلمين، وجمْع شملِهم على الحق والهدى، فجميعُ المسلمين يمسكون عن الطعام والشراب في وقت واحد، ويفطرون في وقت واحد، إذا كانوا في إقليم واحد، لا يَتَقَدَّم أحد منهم على أحد، ولا يتأخر عنه.


وفي الصوم يتَمَثَّل الصدق والأمانة في العبادة؛ لأنه أمرٌ موكول إلى نفس الصائم وأمانته وعفته وشرفه، ولا رقيب عليه فيه إلا الله - تبارك وتعالى - لذا فقد جَعَلَ الله عملَ العبدِ له الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، إلاَّ الصيامَ، فقد اختَصَّه لنفسه، ولا يعلم مقدارَ ثواب الصيام إلا اللهُ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله - تعالى -: كلُّ عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به))؛ متفق عليه.


وللصوم فوائدُ صحيةٌ؛ فإن المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وقد قال كثير من الأطباء: إنَّ في الصوم أمانًا من كثير من الأمراض المزمنة، ولا سيما السل والسرطان الجلدي والدملي، وأمراض المعدة، وفي الحديث: ((صوموا تصِحُّوا))؛ رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات[1]؛ فهو يحفظ الصحة، ويذيب الفضلات المؤذية.


ومن فوائد الصيام: أنه يضيق مجاريَ الدم، التي هي مجاري الشيطان، فإنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوسُ الشيطان، وتنكسر حدةُ الشهوة والغضَب.


وبالصوم تعرف نِعَم الله عليك معرفةً صحيحة؛ فإن الشيء لا يعرف حقًّا إلا عند فَقْدِه.


وبالصوم تعرف ضعفك وحاجتك إلى ربك، ومَن عرَف ضعفه واحتياجه زالتْ عنه الكبرياء الكاذبة، فيعرف قدره، ورحم الله امرَأً عرَف قدره.


وفي الصوم تشبُّهٌ بالروحانيين من ملائكة الله المقرَّبين، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون، يُسَبِّحون الليل والنهار لا يفترون، ولا يأكلون ولا يشربون.


وبالصيام يزيد الإيمان، ويستعين العبد على كثير من العبادات، من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، ودعاء واستغفار وتوبة، ويردع النفس عن الوقوع في الأمور المحرَّمة، فهو من أعظم الحسنات المذهِبة للسيئات، فهو جامِع لمصالِح الدين والدنيا والآخرة، وذلك فضْل الله يُؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] انظر: "الصيام في الإسلام"، للشيخ محمد محمود الصواف، ص 13، 14، و"لطائف المعارف"، لابن رجب ص163، و"الرياض الناضرة"، لابن سعدي، ص 15.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.49 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]