عرض مشاركة واحدة
  #83  
قديم 16-05-2019, 10:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

وحدة الأمة الإسلامية في رمضان

اللجنة العلمية


دعائم وحدة الأمة الإسلامية
لا شك أن ثمة عوامل للشد والجذب نحو المركز هي التي تحافظ على وحدة الأمة، كما تشد جاذبية الأرض ما عليها من أشياء وأحياء وتمنع تطايرها وافتراقها في الكون الواسع.
وحدة العقيدة:
فعقيدة المسلمين في الله تعالى وفي جميع أركان الإيمان واحدة، لا اختلاف بينهم في أصول الدين ومبادئه الأساسية، فالمسلمون كلهم يؤمنون بوحدانية الله تعالى، ويؤمنون بالملائكة، وبالكتب، وبالرسل، وباليوم الآخر، وبالقضاء والقدر خيره وشره، قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [سورة البقرة: 285]، وفي الآية بيان لعقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وعقيدة أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وعقيدة سائر من يقتفي بسنته ويهتدي بهديه إلى يوم الدين.
وفي حديث جبريل عرف النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بأنه هو: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره).
وهذه عقيدة المسلمين جميعا في كل العصور والدهور، ومن أنكر منها شيئا فقد خرج من دين الإسلام، قال تعالى: {يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة المائدة: 5]، (وقال ابن عباس: ومن يكفر باللّه، قال الكلبي: {ومن يكفر بالإيمان}: أي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، قال الثعلبي رحمه اللّه: وسمعت أبا القاسم الجهني قال: سمعت أبا الهيثم السنجري يقول: الباء صلة كقوله تعالى: {يشرب بها عباد الله}، {تنبت بالدهن} والمعنى: ومن يكفر بالإيمان أي يجحده فقد حبط عمله).
فوحدة العقيدة والثقافة ( لغة، تاريخا، تقاليد وأخلاقا ) ثم المصالح القائمة على عناصر جغرافية وسياسية واقتصادية هي أقوى دعائم وحدة الأمة الإسلامية منذ فجر التاريخ الإسلامي.
وقد امتدت الدولة التي أسسها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الراشدون إلى منتصف القرن السابع الهجري عندما سقطت بغداد على يد هولاكو سنة 656 هـ مع مرورها بأحوال متقلبة من الازدهار والقوة والضمور والضعف. حيث من الصعب أن تعتبر تغير السلطة من الأسرة الأموية إلى الأسرة العباسية نقطة تحول سياسي أو حضاري في العالم الإسلامي، فإن الامتداد واضح في حركة الدولة والمجتمع حضارياً وسياسياً وعسكرياً، فلم يطرأ تغير جوهري، خلافاً لما حدث عقب سقوط بغداد من انهيار حضاري وسياسي لعالم الإسلام .
و من دعائم وحدة الأمة الاسلامية :
وحدة الشعائر والشرائع:
فجميع ما يطبقه المسلمين في عباداتهم من شعائر جملة واحدة لا تختلف، وكذلك ما يحتكمون إليه من الشرائع في شتى جوانب الحياة.
قال تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [سورة الشورى: 13]
قال السعدي رحمه الله (ومن أنواع الاجتماع على الدين وعدم التفرق فيه، ما أمر به الشارع من الاجتماعات العامة، كاجتماع الحج والأعياد، والجمع والصلوات الخمس والجهاد، وغير ذلك من العبادات التي لا تتم ولا تكمل إلا بالاجتماع لها وعدم التفرق)، فقد شرع الله للمسلمين من الدين شعائر يعظمون بها الله تعالى ويتقربون بها إليه سبحانه، وأعظم تلك الشرائع هي أركان الإسلام وهي بعد الشهادتين: الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)، وهذه الأركان لا تستثني أحدا من المسلمين، وقد روعي في تشريعها تحقيق قوة الأمة الإسلامية وتماسكها وتعاون أفرادها فيما بينهم، ولذلك فإن أتم صور تطبيقاتها ما أدى إلى تحقيق هذه المقاصد العظيمة والغايات الجليلة.

وكذلك شرع المولى سبحانه للمسلمين شرائع في منتهى السماحة والعدالة والشمول لتنظيم جميع شؤون الحياة، وإسعاد كل شرائح المجتمع، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً} [سورة النساء: 105]
ولعل من أبرز محاسن هذه الشرائع الإسلامية مراعاة الجماعية، فجل الأقضية في الإسلام ليس إلى الأفراد، وإنما خاطب بها الشارع الحكيم الجماعة المسلمة ممثلة في ولاة الأمر ومن ينوبهم، كما في الأمر بالقتال في سبيل الله في قوله تعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة: 244]، والأمر بجباية الزكاة وإعطائها للمستحقين في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة التوبة: 103]، والأمر بإقامة الحدود في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة المائدة: 38]، وفي قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النور: 2]

وكذلك إذا تأملنا في مقاصد تلك الشرائع نجد جملة منها لتحقيق مصلحة الأمة الإسلامية من حيث قوتها وتماسكها وتعاون أفرادها، وبالنظر في الأمثلة السابقة نرى في الأمر بالقتال لحماية الضعفاء ورفع الظلم عنهم كما في قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَ فِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً} [سورة النساء: 75]، وهذا على الصعيد الخارجي للأمة، وفي سبيل حفظ الكيان المسلم شرع قتال البغاة والمحاربين كما في قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سورة الحجرات: 9]

والزكاة فريضة اجتماعية تغرس في نفوس الأغنياء روح الإحسان، وتطهرهم من البخل والشح، وهي من أنجع وسائل محاربة الفقر في المجتمع الإسلامي]
وتبدوا مقاصد قوة الأمة الإسلامية وتماسكها وتعاون أفرادها واضحة وجلية في شعيرة الصلاة حين تؤدى جماعة في المساجد وبالأخص في الجمع والجماعات والأعياد، وهي واضحة وجلية أيضا في مناسك الحج حين يلهج الحجاج بالتوحيد، وحين يدفعون إلى منى، ثم إلى عرفات، وهكذا في كل تنقلاتهم بين المشاعر المقدسة،لا تمييز بين أبيض وأسود، ولا بين عربي وأعجمي.

وعند تطبيق هذه الشرائع فإن الإسلام لا يفرق بين كبير وصغير، ولا بين شريف ووضيع، ولا بين حاكم ومحكوم، فكلهم سواء أمام شرائع الإسلام، (عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتشفع في حد من حدود الله؟)، ثم قام فاختطب، ثم قال: (إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)]
إن الإسلام هو الدين الذي تعتنقه جماهير الأمة الإسلامية الغفيرة، ونظراً لكون الإسلام يتسم بالشمول، فإنه يولد تجانساً روحياً وثقافياً وسلوكياً وتشريعياً.. وهكذا تتقارب الشعوب الإسلامية في كثير من جوانب حضارتها، ويشعر الجميع بالرابطة الدينية التي تجمعهم. رغم ما أحدثه الغزو الفكري من تدمير في البنية الاجتماعية والثقافية .
وحدة المصادر والمراجع:
للدين الإسلامي مصادر ومراجع محددة يتلقى منها المسلمون جميعا العقائد والعبادات والأخلاق والشرائع، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [سورة النساء: 59]، قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: (أمر الله في هذه الآية الكريمة، بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم)(11).
فالحكم في جميع أمور الدين إلى الله ورسوله، ولا يكون الرد عند الاختلاف إلا إليهما، أو إلى ما دلا عليه من مناهج الاستدلال وطرق الاستنباط.
وحدة التاريخ:
قد ينكر البعض أن يكون للمسلمين في العصر الحاضر تاريخ مشترك بل وينكر أن يكون للعرب تاريخ مشترك زاعماً أن لكل دولة عربية تاريخها المستقبل، وهذا الزعم يتسم بالتغرير السياسي والخداع الثقافي ومجافاة الواقع ويكفي ان نلاحظ تفاعل جماهير العرب والمسلمين مع القضية الفلسطينية لنتمكن من معرفة كوامن الشعور بالتاريخ المشترك، ويقوي الشعور بوحدة الموقف التاريخي بالنسبة لعصر السيرة والراشدين حيث يتسم بالإجلال .
اللغة العربية:
إن اللغة العربية هي وعاء الثقافة الإسلامية، ووحدة اللغة من أهم العوامل التي تحدد سمات المجتمع بعد الدين، واللغة العربية تنتشر بقدر محدود بين الشعوب الإسلامية لذلك فإن ثمة مهمات واسعة أمام المؤسسات الثقافية العربية وعلى رأسها الجامعات للقيام بدورات مستمرة لتعليم العربية على نطاق واسع. إن الجهود الحالية ضئيلة جداً ولكنها تستحق الشكر والتشجيع والرعاية. إن جولة ناجحة في عالم يتمتع بقدرة هائلة على الاتصال يمكن أن تعيد للعربية مكانتها في العالم الإسلامي كما كانت في القرون الأولى التي أعقبت الفتوحات الإسلامية عندما كانت لغة الأدب السياسة والحياة في سائر ديار الإسلام.
إن انتشار اللغة العربية بين الشعوب الإسلامية محدود، فبعضها اختار اللغة المحلية لغة رسمية، وبعضها فرض عليها الاستعمار لغته في فترة الهيمنة الاستعمارية، ولكن الصحوة الإسلامية المعاصرة ستعزز مكانه اللغة العربية .. ولا بد أن نلاحظ أن الولايات الأوروبية المتحدة لن تكون ذات لغة واحدة، مما يوضح عدم خطورة تعدد اللغات على الوحدة الإسلامية .
الجغرافية :
لا توجد حواجز طبيعية حادة تفصل أجراء العالم الإسلامي عن بعضه، كما لا توجد كيانات سياسية معادية تقطع الاتصال الطبيعي بين الدول الإسلامية. وتدل دراسة الثروة الطبيعية والبشرية على التكامل في مختلف مجالات الحياة، وتساعد جغرافيته على الاتصال بالعالم الخارجي براً وبحراً
أثر المصالح السياسية والاقتصادية
تتكامل المواد الخام اللازمة للصناعات في العالم الإسلامي، فتتوافر الطاقة في دول الخليج العربي كما تتوافر الطاقة البشرية في مصر وباكستان وإندونيسيا ونيجيريا ، وتوجد المياه الوافرة في منطقة الهلال الخصيب ومصر والسودان وباكستان.. كما تتوافر مساحات الأرض الشاسعة الصالحة للزراعة في أحواض الأنهار القديمة في تلك البلاد حيث قامت أول الحضارات الزراعية في العالم ..
إن اتحاداً يضم ملياراً من المسلمين هم خمس قوى سكان الأرض، ويحتل مساحة تقرب من ربع مساحة المعمورة، ويضم في أرضه أهمَّ مصادر الطاقة، ويتمتع بأعماق استراتيجية هائلة، ويطل على ثلاثة محيطات( الهادي، الأطلسي، الهندي) لا بد أن يكون له ثقل سياسي كبير إذا انتظمت قواه وطاقته ودرج على سلم الحضارة ..
لكن وحدة العرب وكذلك وحدة المسلمين ليست بذاتها بلسماً لجراحات الأمة ولا حلاً لمشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية، بل هي الثمرة الكبيرة للعودة إلى الإسلام واستيعاب مضامينه الحضارية وإعادة صياغة الشخصية الإسلامية وفق روحه وتعاليمه.
إن حزمة من العيدان المنخورة لا يمكن أن تستعصي على الكسر، لكن حزمة من العصي السليمة يصعب كسرها أو يستحيل.
إن بناء الفرد المسلم والعائلة المسلمة ومجتمع المدينة المسلم ومجتمع القطر المسلم هو النواة السليمة لإعادة الوحدة الإسلامية، وهذه الوحدة تحقق القوة الاقتصادية والسياسية لعالم الإسلام في القرن المقبل والذي ستزداد فيه تكتلات الأمم قوة ورسوخاً .
إن حل المشاكل المحلية لا يتوقف على تحقيق الوحدة، بل لا بد من مباشرة البناء الحضاري على المستويات الإقليمية .. والسعي لحل المشاكل السياسية وفي مقدمتها القضية المركزية: فلسطين. وذلك بدعم الحركة الجهادية المعاصرة عربياً وإسلامياً ودولياً، وعلى الصعيدين الشعبي والرسمي .
إن التعامل مع الواقع لا يعني القبول به، ولكن ليس من المنطق السليم والسياسة الحكيمة رفض الواقع برمته، كما أن ثمة جوانب إيجابية في مجتمعاتنا القائمة وأخرى سلبية، فلا ينبغي خلط الأوراق، بل لا بد من روحية اجتماعية تعالج الواقع وتتفاعل معه بدل العزلة عنه والانغلاق على الذات والعيش في الخيال والأحلام ..
إن التنمية الاجتماعية والاقتصادية هي السبيل لدعم الواقع الإسلامي والقضاء على الظواهر المرضية فيه، لكن أية تنمية لن تحقق أغراضها دون إحياء الروح الإسلامية واليقظة الدينية.. أي انبثاق الوعي الإسلامي من جديد بصورة شاملة تستهدف تجديد الروح وانطلاق الفكر وازدياد الفعل الحضاري بإطلاق كوامن الطاقات ورصيد التاريخ الطويل لأحداث التغيير المطلوب في الواقع ..
إن تقوية المصالح بين الأقطار الإسلامية يربطها بشبكة مواصلات متقدمة ( طيران، سكك حديد، مواصلات برية)، والقيام بمشروعات اقتصادية مشتركة، وإتاحة التنقل أمام الطاقة البشرية مع تبادل العمالة والخبرة الفنية، وإتاحة تكافؤ الفرص في الكسب والقضاء والتعليم والنظرة الاجتماعية كلها خطوات على الطريق الصحيح. بل إن تحقيق وحدة أية قومية إسلامية هي خطوات على الطريق إذا لم تقم أسس أيديولوجية مخالفة للإسلام كالعنصرية والتمييز بكل أنواعه أو العلمانية أو التوجهات المادية الأخرى .
عوامل مؤثرة للوحدة الإسلامية
1 _ توليد رأي إسلامي عام قوامه:
1 _ الانتماء المبدئي الأعلى والأهم هو الانتماء إلى الإسلام: دينا ومبدأ ونظاما.
2 _ الانتماء الاجتماعي الأعلى والأهم هو الانتماء إلى الأمة الإسلامية أو جماعة المسلمين والوطن الإسلامي وأن من المهم جدا وضوح هاتين الفكرتين وقوتهما وقوة عرضهما وحسن التعبير عنهما بالطرق الناجحة وبشتى الأساليب التي تؤكدهما وترسخ جذورهما وتكوين وعي شعبي قوي وتغذيته باستمرار حتى يكون قوة اجتماعية ذات تأثير وضغط تجاه الحكومات والهيئات والأفراد ولتوليد هذا الرأي العام الشعبي القوي الواعي وسائل كثيرة نقترح منها ما يلي:
أ _ نشر البحوث الموضحة والعارضة للإسلام بوصفه مبدأ كليا ونظاما عقائديا شاملا (ودينا كاملا) . والتذكير بهذه الفكرة الأساسية حتى في الأبحاث الجزئية والخاصة وكذلك الإلحاح في عرض فكرة (الأمة الإسلامية) وما يتفرع عنها
من دار الإسلام أو الوطن الإسلامي ومنطقة الثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية والمجتمع الإسلامي وما إلى ذلك.
ويكون هذا النشر في كتب ومقالات ومحاضرات وندوات ومؤتمرات مع العناية بتحديد مواصفات الكتاب الإسلامي الجيد والعناية بإبراز الكتب الجيدة والتنويه بها حتى لا تضيع في خضم الكتب العادية والقليلة الجدوى.
ب _ تدريس الثقافة الإسلامية المكونة من المحورين الأساسيين الإسلام والأمة الإسلامية أو المجتمع الإسلامي في التعليم الثانوي والجامعي في جميع فروعه والعناية بإبراز فكرة (العالم الإسلامي) بوصفه عالما متميزا مشتركا بين الشعوب المسلمة وتدريس جغرافيته في الجغرافية واقتصادياته في الاقتصاد والعمل على تعميم ذلك في البلدان الإسلامية في جميع الجامعات والمدارس ولاسيما أن عدداً من الجامعات في السعودية والسودان قد أقرت ذلك.
ج _ توجيه طلاب الدراسات العليا إلى الموضوعات التي تخدم مبدأ الوحدة وتوضحه والتي تفصل جوانبه وتعمق أفكاره.
2 _ الدعوة إلى مؤتمرات للدول الإسلامية واقتراح ذلك والمطالبة به والسعي لتحقيقه ولاسيما في المجالات التالية:
أ _ التربية والتعليم (في جميع المراحل) التنسيق بين المناهج، توحيد مناهج بعض المواد، توحيد أنظمة التعليم، توحيد مادة الثقافة الإسلامية، وإقرار تدريسها، وسائل تعميم اللغة العربية بوصفها اللغة المشتركة للثقافة الإسلامية ولغة القرآن.
ب _ التشريع: التنسيق بين القوانين وتوحيد ما يمكن توحيده (للقانون المدني والتجاري والجنائي والأحوال الشخصية وغيرها) .
ج _ الاقتصاد:
تنسيق نظم وقوانين الاقتصاد والتجارة والجمارك وتوحيد ما يمكن توحيده منها، التنسيق بين اقتصاديات البلدان الإسلامية لإيجاد سوق مشتركة واقتصاد متكامل.
د _ السياسة الداخلية:
لتسهيل الانتقال بين البلدان
الإسلامية وإعطاء الأولوية في العمل والتعاقد والإقامة.
هـ _ السياسة الخارجية: التنسيق الكامل.
و_ الدفاع: توحيد المصطلحات والشعارات وأنواع السلاح والتخطيط للتكامل في صنع السلاح.
ز _ تكوين منظمة للدول الإسلامية تمهيدا لإقامة اتحاد (confederation) ثم دولة متحدة federation))
3 _ التخطيط للتحرر من التيارات المذهبية والاجتماعية السياسية المعارضة أو المخالفة للإسلام ويمكن اقتراح ما يأتي:
أ _ احتواء ما يمكن احتواءه من المذاهب العقائدية الأخرى. مثال ذلك بالنسبة للدعوة القومية: إظهار دور كل شعب من الشعوب الإسلامية في التاريخ والحضارة الإسلاميين ليكون في ذلك إشباع للعواطف القومية وتحويلها نحو الإسلام _ وإبراز مبدأ العدالة في الإسلام في مختلف المجالات ولاسيما التشريع لتحويل الميول الاشتراكية ذات البواعث السليمة إلى الوجهة الإسلامية ثم صياغتها صياغة إسلامية متميزة عن المذاهب الاشتراكية المختلفة.
ب _ وأما الجوانب التي تعارض الإسلام من هذه المذاهب فيجب معارضتها بإبراز المبادئ والأفكار الإسلامية المقابلة لها بطريقة إيجابية قوية كبيان مبدأ الإسلام في التعاون بين القوميات على أسس إنسانية وفي اتجاه أهداف إنسانية في مقابل الاستعلاء القومي المؤدي إلى التنافر والصراع والحرب والاستعمار ويمكن للهيئات الفكرية المخصصة وللمفكرين المسلمين القيام بهذه العمليات والتعاون على ذلك والتخطيط وتبادل الرأي فيه.
ج _ التخفيف من حدة الخلافات بين الطوائف أو الفرق المسلمة وتطويقها تمهيدا لإزالتها أولا لاعتبارها غير ذات شأن في الوحدة وذلك عن طريق أبحاث هادفة ومثال ذلك قضية الخلافة والإمامة بين الشيعة والسنة وما يتفرع عنها. والعمل كذلك لإيجاد صعيد مشترك سليم الأسس لالتقاء الاتجاهات المختلفة بين المسلمين بوجه عام وفي مقابل ذلك إبراز الأفكار المخالفة لأسس الإسلام والتي تقوم بها فرق تنتمي في أصلها التاريخي إلى الإسلام. ولكنها انفصلت عنه بسببها لئلا تكون المجاملة على حساب الإسلام مع تذكير .

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]