عرض مشاركة واحدة
  #1062  
قديم 18-11-2013, 06:47 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الغريزة ونظرية التطور

بقلم الكاتب التركي هارون يحيى
كلمة الغريزة تستخدم من قبل دعاة نظرية التطور لتفسير قابلية الحيوان القيام بسلوك معين منذ الولادة. وكانت هناك تساؤلات عديدة تدور حول كيفية اكتساب الحيوانات لهذه الغريزة وعن كيفية ظهور أول سلوك غريزي لدى الحيوانات وكذلك عن كيفية انتقال هذه الغريزة كابراً عن كابر.
كل هذه التساؤلات باقية بدون رد أو جواب.
هناك اختصاصي في علم الجينات وأحد دعاة نظرية التطور ويدعى Gordon Taylor Rottary.
قد ذكر في كتابه"The great evolution Mysterسر التطور العظيم"اعترافاً يعجز النظرية عن الإجابة عن التساؤلات الخاصة بالغريزة كما يلي:
لو تساءلنا عن كيفية ظهور أول سلوك غريزي وعن كيفية توارث هذا السلوك الغريزي لما وجدنا أية إجابة (1).
وهناك آخرون على شاكلة "Gordon Taylor""يؤمنون بنظرية التطور لا يودون الاعتراف بهذه الحقيقة وبدلاً من ذلك يحاولون التمسك بإجابة غامضة ولا تحمل أي معنى حقيقي. وبالنسبة لرأي هؤلاء فإن الغرائز تعتبر جينات موجودة لدى الحيوانات تظهر على شكل أنماط سلوكية، واستناداً إلى هذا التعريف يقوم نحل العسل ببناء الخلية على الشكل المنتظم المعروف بوحدات بنائية هندسية مسدسة وفق الغريزة الحيوانية، وبمعنى آخر يوجد جين خاص في أجسام كل أنواع نحل العسل يجعل هذه الأنواع تبني خلاياها غريزياً وفق الشكل المعروف.
وفي هذه الحالة يطرح الإنسان العاقل المفكر سؤاله المنطقي: لو كانت الكائنات الحية مبرمجة على أن تسلك هذا السلوك المعين فمن الذي برمج هذا السلوك؟ إذ لا يوجد أي برنامج مبرمج من تلقاء نفسه ولا بد من مبرمج ؟!
يدعي دعاة التطور أن الطبيعة الأم التي تتشكل من البحيرات والجبال والأشجارالخ لها القدرة على الخلق، ترى أي جزء من هذه الأجزاء لديه القدرة على إكساب القندس غريزة إنشاء مسكنه بهذه الصورة البارعة أو إكساب الحيوانات المختلفة أنماطها السلوكية المختلفة؟
ولم يجد دعاة نظرية التطور إجابة محددة عن هذا السؤال واستخدموا أسلوباً آخر للمناورة حيث يؤكدون على اكتساب الكائنات الحية لهذه الغريزة عن طريق الطبيعة الأم وكما نعلم فإن الطبيعة تتألف من الحجر والتراب والأشجار والنباتات..إلخ. ومن هذه العناصر تكون لها القدرة على إكساب الكائنات الحية هذا السلوك المبرمج؟ أي جزء من الطبيعة لديه القدرة والعقل على فعل ذلك؟ كل ما نراه في الطبيعة مخلوق ولا يمكن له أن يكون خالقاً، ولا يمكن للإنسان العاقل أن يقول وهو يرى لوحة زيتية جميلة ما أحلى الأصباغ التي رسمت هذه اللوحة، بلا شك يكون هذا الكلام غير منطقي. إذن فإن ادعاء كون المخلوق خالقاً للأشياء هو بلا شك ادعاء غير منطقي. وهنا تظهر لنا حقيقة واضحة وهي عدم اكتساب هذه الكائنات الحية غير العاقلة لهذه الميزات السلوكية المنطقية من تلقاء نفسها، فهذه الميزات مكتسبة بالولادة، إذن فإن هناك من خلقها بهذه الكيفية ويتميز صاحب هذا الإبداع بالعلم والعقل اللامتناهيين اللذين نرى أثرهما في الطبيعة.
فليس هناك من هو أقدر على تسيير هذا الخلق وتنظيم هديه غير الله سبحانه وتعالى. لذا ذكر الله سبحانه معجزة العسل في كتابه العزيز كمثال على إلهامه الكائنات الحية لاتباع سلوك معين، أي أن الغريزة التي يرددها دعاة نظرية التطور أو كما يقولون: إن الحيوانات مبرمجة على أداء سلوك معين ما هي إلا إلهام إلهي لهذه الكائنات الحية، وهذه الحقيقة ذكرت في القرآن الكريم: ]وَأَوحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ، ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُختَلِفٌ أَلوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ [[النحل : 68 69]
ودعاة نظرية التطور يغمضون أعينهم أمام هذه الحقيقة لإنكار الوجود الإلهي، وهم بالتأكيد قد رأوا ومازالوا يرون الأنماط السلوكية للحيوانات ومازالوا يبحثون عن تفسير لها ويعلمون يقيناً عدم قدرة نظرية التطور على تفسيرها تفسيراً منطقياً. وكثيراً ما نجد عبارات وجملاً مألوفة عند قراءتنا لمؤلفين من دعاة هذه النظرية ومن هذه العبارات: "لإنجاز هذا العمل لا بد من وجود عقل ذي مستوى عال ولكون الحيوانات لا تملك مثل هذا العقل فإن العلم يعجز عن الإجابة عن هذا السؤال".
ونورد المثال الآتي المتعلق بسلوك دودة القز على لسان أحد دعاة نظرية التطور المعروفين ويدعى « Haimar Von Dithfurthهيرمان فون ديثفورت »حيث يقول: إن فكرة اتخاذ الأوراق الثابتة المتعددة كوسيلة للتمويه فكرة باهرة، ترى من يكون صاحب هذه الفكرة؟ من صاحب هذه الفكرة الذكية التي تقلل من احتمال عثور الطير على الفريسة التي يبحث عنها؟ ولا بد للدودة أن تكون قد تعلمت بالوراثة من صاحب هذه الفكرة الذكيةكل هذه الظواهر لا بد أن تتوفر لدى إنسان ذكي للغاية يحاول أن يظل على قيد الحياة ولا بد لنا أن نقبل بهذه الحقيقة، علماً أن لدودة القز جهازاً عصبياً بسيطاً للغاية فضلاً عن بدائية سلوكها الحياتي، وتفتقر هذه الدودة إلى القدرة على قابلية تحديد هدف معين والتحرك باتجاه هذا الهدف.
ولكن كيف يتسنى لهذه الدودة أن تخترع هذه الوسيلة للدفاع عن نفسها وهي بهذا الضعف من التكوين؟. وعندما جابه علماء الطبيعة الأقدمون مثل هذه الظواهر لم يجدوا لها تفسيراً إلا بالمعجزة؛ أي تبنوا فكرة وجود قوة غير طبيعية خلاقة، أي أنهم آمنوا بوجود الله الذي يعطي مخلوقاته آليات معينة للدفاع عن النفس. وبالنسبة إلى هذه الطريقة في التفكير تعتبر بمثابة انتحار لعالم أو باحث في الطبيعة، ومن جانب آخر يقوم العلم الحديث بتفسير هذه الظواهر تفسيراً خالياً من أي معنى عبر التمسك بمفهوم الغريزة، لأنه على عكس ما يعتقده أغلبنا فإن تفسير السلوك بالغريزة يعني اكتساب الحيوان لهذه الأنماط السلوكية بالولادة، وهذا التفسير لا يقدم ولا يؤخر في تساؤلنا بل يعيق بحثنا عن إجابة محدودة وواضحة، ولا يمكن الحديث عن السلوك العقلاني لدودة القز التي تفتقد وجود مثل هذا العقل.
هناك تفسير وحيد لظاهرة رعاية الكائنات الحية غير العاقلة لصغارها بهذه الشفقة والحنان وذودها عنها، وهو انقياد للإلهام الإلهي ومثال على ذلك هذا الطائر الغطاس الذي يرعى صغيره بوحي إلهام إلهي.
ومرة أخرى نعود إلى الحديث حول السلوك المعين للحيوانات فإن هناك ما يفرض نفسه أمام أعيننا وهو الترتيب العقلاني لهذه الأنماط السلوكية، ولو لم يكن هذا السلوك المعين مثل تحديد الهدف أو التحسب للمستقبل أو توقع ما يمكن أن يقدم عليه أي حيوان آخر وحساب رد الفعل اللازم إبداءه تجاهه كعلامة على وجود عقل مدبر ومفكر، فإذن ما هو تفسير هذا السلوك؟ (2)
هذا الكلام يقوله هذا المتبني لنظرية التطور وهو يحلل أو يحاول أن يصل إلى تحليل منطقي لسلوك دودة القز، هذا السلوك العقلاني المدروس، لا نجد في مثل هذه الكتب والإصدارات إلا أسئلة بدون ردود واضحة، أو تناقضات فكرية لا تؤدي إلا إلى طريق مسدود. حتى صاحب النظرية تشارلز داروين نفسه قد اعترف بهذه الحقيقة فذكر أن سلوك الحيوانات وغرائزها تشكل تهديداً واضحاً لصحة نظريته وذكر ذلك في كتابه "أصل الأنواع" عدة مرات وبصورة واضحة لا لبس فيها: "أغلب الغرائز تمتاز بتأثير بالغ وتثير درجة كبيرة من الحيرة، وكيفية نشوئها وتطورها ربما تبدو لقارئ نظريتي كافية لهدم نظريتي من الأساس" (3).
أما نجل تشارلز داروين المدعوفرانسيس داروين فقد قام بتحليل وشرح رسائل أبيه في كتاب أسماه "الحياة ورسائل تشارلز داروين =The Life And Letters Of Darwin "وذكر مدى الصعوبات التي واجهها داروين في تفسيره للغرائز قائلاً في الكتاب (يعني أصل الأنواع) وفي الباب الثالث منه يتحدث في القسم الأول عن العادات الحيوانية والغرائز والاختلاف الحاصل فيها. والسبب في إدخال هذا الموضوع في بداية الباب تشريد فكر القراء عن إمكانية رفضهم لفكرة تطور الغرائز بالانتخاب الطبيعي، ويعتبر باب الغرائز من أصعب المواضيع التي احتواها كتاب "أصل الأنواع" (4).
لا يمكن للغرائز أن تتطور
إن دعاة نظرية التطور يجادلون بكون أغلب سلوك الحيوانات نتيجة للغريزة، ولكن كما أسلفنا القول في سابقاً لا يستطيعون إيراد تفسير مقبول عن كيفية نشوء الغرائز ولا عن كيفية ظهور الغريزة لأول مرة ولا عن كيفية اكتساب الحيوانات لها، ولو حوصر أحدهم بالأسئلة لتعلق بالادعاء التالي:"تكتسب الحيوانات أنماطاً سلوكية عن طريق التجربة ويتم انتقاء الأقوى بواسطة الانتخاب الطبيعي. وفي مرحلة لاحقة يتم توارث هذه الأنماط السلوكية الناجحة عبر الأجيال المتعاقبة".
وهناك أخطاء منطقية لا يمكن أن يقبلها العقل في هذا الادعاء، دعونا نتفحص هذه الأخطاء بالتسلسل:
1-الأخطاء الكامنة في المقولة:اختيار السلوكيات المفيدة عبر الانتخاب الطبيعي:
إن الانتخاب الطبيعي يعتبر الحجر الأساس لنظرية "تشارلز داروين" الخاصة بالتطور. والانتخاب الطبيعي يعني اختيار أي تغيير مفيد وصالح للكائن الحي (قد يكون هذا التغيير هيكلياً أو سلوكياً) واختيار ذلك الكائن الحي لتوريث ذلك التغيير للأجيال اللاحقة.
وهناك نقطة مهمة في هذا الادعاء يجب ألا نغفل عنها وهي: كون الطبيعة حسب ادعاء داروين تعتبر المحك لتمييز المفيد من الضار وهي القوة المؤثرة والعاقلة في الوجود ولكن لا يوجد في الطبيعة من يميز بين الضار والمفيد كقوة مؤثرة حيث لا يوجد بين الحيوانات أو غير الحيوانات ذاك الذي يملك قرار ذلك أو القابلية على اتخاذ هذا القرار، فقط من خلق الطبيعة وما تحتويه وخلق كل شيء يملك العقل والمنطق والقدرة على تمييز الضار من المفيد.
في الحقيقة يعترف داروين نفسه باستحالة اكتساب السلوكيات المفيدة عن طريق الانتخاب الطبيعي إلا أنه يعود ويدافع عن وجهة نظره التي هي محض خيال واستمر في الدفاع عن رأيه على الرغم من كونه هذراً وغير منطقي حيث يقول: «في النهاية يمكن اعتبار أنّ الغرائز التي تجعل زغلول الحمام يطرد إخوانه غير الأشقاء من العش، وتجعل مملكة النحل مقسمة إلى خدم وملكة ليست غرائز موهوبة أو مخلوقة بل تفاصيل حية وصغيرة لدستور عام لعالم الأحياء وهذه التفاصيل الصغيرة تتولى مهمة التكثير والتغيير عبر انتقاء الأصلح من الأضعف. ولكن هذا الاعتبار لا يبدو لي منطقياً ولكنه قريب إلى الأفكار التي تدور في مخيلتي » (5).
ويعترف داعية آخر لنظرية التطور وهذه المرة في تركيا وهو البروفيسور جمال يلدرم بأن عاطفة الأمومة لدى الأم لا يمكن تفسيرها بواسطة الانتخاب الطبيعي ويقول بهذا الصدد:
"هل توجد إمكانية لتفسير عاطفة الأمومة تجاه الأبناء بواسطة نظام أعمى يفتقر إلى مشاعر روحية مثل نظام الانتخاب الطبيعي؟وبلا شك فشل علماء الأحياء ومنهم مؤيدو داروين في إيراد جواب مقنع لهذا السؤال. وهنالك صفات معنوية لدى الكائنات الحية غير العاقلة وبما أنها لا تستطيع أن تكتسب هذه الصفات بإرادتها فإذن يجب أن يكون هناك من منحها هذه الصفات، وحيث إن الطبيعة وقانون الانتخاب الطبيعي عاجزان عن إكساب الأحياء هذه الطبيعة المعنوية بسبب كونهما يفتقدان للصفات المعنوية فإنّ الحقيقة الساطعة كالشمس تتمثل بوجود كافة الأحياء تحت العناية الإلهية وتدبيره المحكم، ولهذه الأسباب المتقدمة نستطيع أن نشاهد في الطبيعة أنماطاً سلوكية لبعض الحيوانات تثير الحيرة والاستغراب وتجعلنا نتساءل: كيف تسنى لهذا الحيوان الاهتداء إلى هذا السلوك؟ وكيف يستطيع هذا الحيوان أو ذاك التفكير بهذه الطريقة؟
2ـ الأخطاء الخاصة بتوارث السلوكيات المفيدة والمنتخبة عبر الانتخاب الطبيعي:
الخطوة الثانية لمؤيدي داروين هي ادعاؤهم بأن السلوكيات المفيدة والمنتخبة عبر الانتخاب الطبيعي يتم توارثها عبر الأجيال وهذا الادعاء ضعيف وهش للغاية من مختلف الوجوه. قبل كل شيء فإن أي سلوك جديد يكتسبه الحيوان عن طريق التجربة لا يمكن توريثه لجيل لاحق بأي حال من الأحوال لأن التجربة المكتسبة تخص ذاك الجيل وحده ولا يمكن إدخال هذه التجربة السلوكية الجديدة المكتسبة في البناء الجيني للحيوان إطلاقاً.
ويقول Gordon Rtaylorمبدياً رأيه المناهض لرأي أولئك الذين يدعون توارث الأنماط السلوكية عبر الأجيال المتعاقبة بما يلي: "يدعي علماء الأحياء أن هناك إمكانية لتوارث الأنماط السلوكية عبر الأجيال المتعاقبة ويمكن مشاهدة هذه الظاهرة في الطبيعة فمثلاً Dobzhanskyيدعي أن جميع وظائف جسم الكائن الحي ما هي إلا نتاج التوارث الناتج بتأثير العناصر والعوامل المتوفرة في المحيط الخارجي، وفي هذه الحالة يكون الأمر مقبولاً بصورته النهائية بالنسبة لجميع أنواع الأنماط السلوكية، ولكن هذا غير صحيح أبداً ويعتبر أمراً محزناً أن يكون هذا رأي عالم له مكانته مثل Dobzhanskyويمكن القول: إنّ هنالك بعض الأنماط السلوكية لبعض الأحياء يتم توارثها عبر الأجيال اللاحقة ولكن لا يمكن تعميم الأمر على جميع الأنماط السلوكية".
والحقيقة الظاهرة للعيان عدم وجود أي دليل علمي يمكن بواسطته إثبات توارث بعض الأنماط السلوكية بواسطة الخريطة الجينية للكائن الحي والمعروف أن الجينات مسؤولة فقط عن بناء البروتينات حيث يتم بناؤها أكثر من إفراز بعض الهرمونات لتتم السيطرة على سلوك الكائن الحي (بصورة عامة) وعلى سبيل المثال أن يكون الحيوان نشيطاً أو بالعكس خاملاً أو أن يكون الوليد أكثر ارتباطاً بأمه، ولكن لا يوجد أي دليل يثبت توارث السلوك الخاص الذي يجعل الحيوان يبني عشه بالترتيب والتزامن والانتظام المعروف.
ولو كان الأمر كذلك فإذن ما هي الوحدات الوراثية المسؤولة عن عملية التوريث؟ لأن هناك فرضيات تثبت وجودها، ولم يستطع أحد الإجابة عن هذا السؤال (6).
وكما أفاد به Gordon Rtaylorفإن الادعاء بكون الأنماط قابلة للتوارث أمر غير مقبول علمياً، فبناء الطيور لأعشاشها وإنشاء القندس للسدود وإفراز عاملات نحل العسل للشمع يقتضي وجود نوع من الأنماط السلوكية المعقدة كالتصميم والتخطيط للمستقبل وهذه لا يمكن توارثها عبر الأجيال وهناك مثال آخر يفرض نفسه بشدة وهو المتعلق بسلوك العاملات القاصرات في مملكة النمل.
فهذه العاملات لها سلوك خاص تتميز به يقتضي منها أن تكون على دراية تامة بالحساب وذات خبرة واسعة، ولكن هذه الأنماط السلوكية لعاملات النمل لا يمكن أن تكتسب بالتوارث لسبب وحيد كونها قاصرات ولا يمكن لها التكاثر لذا فلا تستطيع توريث هذه الأنماط السلوكية لأجيال لاحقة، وما دام الأمر كذلك يجب توجيه السؤال الآتي لدعاة نظرية التطور: كيف تسنى لأول نملة عاملة قاصرة أن تورث هذه الأنماط السلوكية لأجيال لاحقة من العاملات القاصرات وهي بالتأكيد لا تستطيع التكاثر؟ وما تزال هذه العاملات سواء أكانت نملاً أو نحلاً أو أي حيوان آخر تعمل منذ ملايين السنين بهذا السلوك الذي يعكس مدى العقلانية والقابلية والتكافل والانتظام وتوزيع الأدوار بدقة إضافة إلى روح التضحية إلا أن هذه المخلوقات لم تستطع البتة أن تورث هذه الأنماط السلوكية منذ خلقت لأول مرة.
ولا يمكننا القول بأن هذه المخلوقات قد بذلت جهداً في اكتساب هذه الأنماط السلوكية لأنها تبدأ في اتباع هذا السلوك منذ اللحظات الأولى لوجودها على وجه الأرض بأكمل صورة. ولا تصادف في أي طور من أطوار حياتها أية مرحلة للتعليم وجميع سلوكها مكتسب بالفطرة، وهذا الأمر جائز مع جميع الكائنات الحية. إذن فمن الذي علم الكائنات الحية تلك الأنماط السلوكية؟ وهو السؤال نفسه الذي طرحه داروين قبل 150 سنة ولم يستطع دعاة نظرية التطور الإجابة عنه، وهناك تناقض عبر عنه داروين نفسه قائلاً:
"إنه لخطأ كبير أن نتحدث عن فرضية اكتساب الأنماط السلوكية الغريزية بالتطبع وتوريثها إلى أجيال لاحقة، لأنّه كما نعلم هناك غرائز محيرة للغاية كتلك التي عند النمل أو النحل ولا يمكن البتة اكتسابها بالتطبع".
فلو افترضنا أن النملة العاملة أو أية حشرة أخرى قد اكتسبت جميع صفاتها المتميزة عبر الانتخاب الطبيعي وبالتدرج، أي افترضنا أنها عملية انتخاب للصفات الصالحة ثم يتمّ توريثها بعد ذلك إلى أجيال لاحقة وبصورة متعاقبة وفي كل مرة يتم انتخاب صفات مفيدة تورث إلى جيل لاحق وهكذا، لو افترضنا ذلك لأصبحت فرضيتنا مستحيلة لسبب وحيد هو عدم تشابه النملة العاملة مع أبويها إلى حد كبير إضافة إلى كونها عقيمة، ولهذا فهي لا تستطيع توريث الصفات والأنماط السلوكية الجديدة المكتسبة إلى الأجيال اللاحقة. وهنا يطرح السؤال نفسه: كيف يمكن تفسير هذه الحالة بواسطة الانتخاب الطبيعي (7).
ويعبر جمال يلدرم أحد المؤمنين بنظرية التطور عن التناقض الذي وقع فيه المتبنّون لهذه النظرية: «ولنأخذ على سبيل المثال الحشرات التي تعيش على شكل مجتمعات مثل النمل والنحل، فهذه الحشرات عقيمة وليست لديها أية إمكانية لتوريث أية صفات حيوية جديدة تنقلها إلى أجيال لاحقة إلا أنها تبدي تكيفاً مدهشاً مع ظروف المحيط الذي توجد فيه وعلى أعلى المستويات».(8)
ويتضح مما تقدم من اعترافات العلماء وأقوالهم استحالة تفسير الأنماط السلوكية المحيرة لهذه الكائنات الحية بواسطة نظرية التطور لأن هذه الأنماط السلوكية لم تكتسب عبر الانتخاب الطبيعي ولا يمكن توريثها إلى أجيال لاحقة.
سقوط فكرة تطور الغرائز بتطور الأحياء
تدعي نظرية التطور أن الكائنات قد نشأت عن بعضها البعض عبر التطور. ووفقاً لهذه النظرية تكون الزواحف قد نشأت من الأسماك والطيور من الزواحفولكن يجب ألا ننسى أن النوع الواحد يختلف تماماً من حيث السلوك حيث تختلف السمكة عن الزواحف اختلافاً كلياً. ويدور السؤال التالي: هل تعرض سلوك الكائن الحي إلى تطور كما تعرض بناؤه الحيوي البيولوجي إلى تطور؟
وهذا التساؤل يعتبر أحد التناقضات والمآزق الفكرية التي وقع فيها دعاة نظرية التطور فداروين وضع إصبعه على هذا التناقض وتوصل إلى استحالة اكتساب الغرائز بالانتخاب الطبيعي وتغيرها بالتطور حيث تساءل قائلاً: هل من الممكن اكتساب الغرائز بالانتخاب الطبيعي وتطويرها وتغييرها فيما بعد؟ ماذا يمكننا القول أمام بناء نحل العسل لخليته بهذا الشكل الهندسي الذي سبق اختصاصيي الرياضيات بزمن سحيق؟ ماذا يمكننا القول أمام هذه الغريزة؟ (9).ويمكن إيراد الأمثلة المختلفة على هذا التناقض من كافة أنواع الحيوانات كالأسماك والزواحف والطيور. فالأسماك لها صفات خاصة بها من حيث التكاثر والصيد والدفاع عن النفس فضلاً عن إنشاء منازلها بطريقتها الخاصة، وهذه الصفات الخاصة في حالة تتلاءم تماماً مع الوسط المائي الذي تعيش فيه. وهناك بعض الأنواع من الأسماك تقوم بلصق بيضها تحت الأحجار الموجودة في قاع البحر وبعد لصقها لبيضها تقوم برفرفة زعانفها فوقها لتتيح أكبر كمية من الأوكسجين اللازمة لتنفس الأجنة الموجودة داخل البيض. أمّا الطيور فتضع بيضها في أعشاش ذات بناء خاص تبنيها لهذا الغرض وترقد على بيضها مدة زمنية محددة لازمة لفقس البيض.
أما التماسيح والتي تعتبر حيوانات برية فتملك سلوكاً معاكساً تماماً فتقوم بدفن بيضها تحت الرمال مدة شهرين كاملين لازمة لفقسها، وهناك بعض الأسماك تقوم بوضع بيضها داخل الأحجار الموجودة في قاع البحر ومن جانب آخر هناك بعض الحيوانات البرية تقوم ببناء مساكنها على أطراف الأشجار العليا باستخدام الأغصان وقشور الأشجار، أما الطيور فتنشئ أعشاشها باستخدام الأعشاب والنباتات البرية أما اللبان التي يدعون أنها نشأت من الزواحف فتختلف من حيث التكاثر اختلافاً كليّاً عن باقي الكائنات الحية. فبينما تكون باقي الحيوانات تتكاثر بالبيض تتكاثر اللبان بأن تحمل أجنتها داخل بطونها أشهراً عديدة وبعد أن تضع جنينها تقوم بتغذيته باللبن الذي يفرزه جسمها.
وهناك أسلوب للصيد مختلف لكلّ نوع من أنواع الأحياء، فبينما يبقى بعضها كامناً للصيد فترة طويلة يكون بعض منها متخفياً بلون المكان الموجود فيه والبعض الآخر يعتمد على السرعة والمباغتة. وكما يتضح هناك اختلاف كبير وشاسع بين الحيوانات البرية والحيوانات المائية وكلّ نوع يتميز باختلاف واضح حسب الوسط الذي يعيش فيه.
من هذا العرض نستنتج أن التغيير في الغرائز يجب أن يكون مصاحباً للتطور الحاصل في الأحياء. على سبيل المثال أن تصبح السمكة التي تضع بيضها تحت أحجار قاع البحر وترفرف بزعانفها رعاية لها حيواناً بريّاً تقوده غريزته المتطورة إلى بناء أعشاش خاصة على أطراف الأشجار ويرقد على البيض مدة معينة من أجل تفقيسها. وهذا الأمر محال طبعاً، والاستحالة الأخرى في هذا الموضوع يمكن توضيحها بفرض عدم استطاعة الكائن الحي العيش نتيجة عدم ملاءمة سلوكه غير المتطور لبنيته المتطورة نتيجة تغير الوسط الذي يعيش فيه حيث لا تستطيع السمكة التي تتقن التّخفي في البحر العيش إلا بعد إيجادها وسيلة جديدة للدفاع، وبالإضافة إلى ضيق الوقت لتحقيق ذلك لأنه يجب أن تقوم بتغيير سلوكها وطريقة حياتها وبناء جسمها بصورة مستمرة وإلا فإنها معرضة للهلاك وانقراض نسلها.
ومن الواضح أنه لا يوجد حيوان غير عاقل يمتلك القابلية لاتخاذ مثل هذا القرار السريع والاستراتيجي الذي يتطلب قوى عقلية. إذن فكيف يتم تفسير سلوك الحيوانات الملائم لبناء أجسامها وشروط الوسط الذي تعيش فيه؟ وأدلى داروين بدلوه في هذا الخصوص في معرض رده على النقد الموجه لكتابه "أصل الأنواع" قائلاً: كان هناك اعتراض على فكرة أصل الأنواع مفاده أنه يجب أن يكون التغيير الحاصل في بناء الكائن الحي متزامناً مع التغيير في غرائزه فضلاً عن كونهما متلائمين مع بعضهما لأن أي تباين يحدث بينهما يعني الموت المحتم/(10).
يتضح مما تقدم أنه لا يمكن تفسير سلوك الحيوان بواسطة التطور عبر الزمن أو بالمصادفة أو بتأثير الطبيعة الأم. إذن فكيف اكتسبت الكائنات الحية تلك الصفات والخصائص التي تتيح لها مواصلة حياتها؟ والجواب عن السؤال في غاية الدقة والوضوح؛ فالإنسان المطلع على طريقة معيشة الأحياء يستطيع أن يرى استحالة تشكل هذه الأنماط السلوكية من تلقاء ذاتها أو بواسطة سلسلة من المصادفات. ومصدر هذه الأنماط السلوكية لا يوجد في أجسامها ولا في المحيط الذي تعيش فيه. إذن فهناك قوة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة تقوم بإدارة سلوك هذه الكائنات الحية. تهيئ مظاهر الحياة وأسرار البقاء هي الله سبحانه وتعالى والذي وسعت رحمته كل شيء. والنتيجة: إنّ الكائنات الحية تتحرك بواسطة إلهام إلهي.
كما ذكرنا في الصفحات السابقة واجه دعاة نظرية التطور إشكالات كبيرة تتعلق بتفسير سلوك الحيوانات في حين أنّ الحقيقة واضحة جلية وهي عدم استطاعة الكائن الحي غير العاقل أن يقوم بتمييز الفروق الواضحة أو أن يقوم بالربط بين الوقائع أو اتخاذ قرار صحيح، فضلاً عن عدم قدرته على التخطيط لعدة مراحل مقبلة إلى جانب أشياء أخرى تتطلب عقلاً وتفكيراً وإدراكاً. ويقول دعاة التطور إنّ هذه الكائنات الحية مبرمجة على أداء هذه الأعمال، إذن من هو الذي وضع هذا البرنامج؟ وما هي القوة التي تجعل نحل العسل يفرز الشمع الخاص لبناء الخلية؟ والجواب واضح ودقيق، وهو استحالة تولد هذه الأنماط السلوكية من تلقاء نفسها أو محض الصدفة بل الواضح أن هناك قوة تحكم هذه الطبيعة وتديرها ولها تأثير مباشر على تلك الكائنات. وصاحب هذه القوة بلا شك هو الله الخلاق العليم. ونظرية تعجز عن أن تفسر كيفية خلق الكائن الحي لا بد لها أن تقف عاجزة أمام تفسير سلوكه ومصدره. لذا فإجراء الأبحاث حوله له أهمية قصوى بلا شك لأن هذه الأبحاث تثبت أنه لا يوجد كائن حيّ يعيش جزافاً أو دون ضابط، فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يقوم بخلق الكائن الحي من العدم ويدبر أموره ويراقبه في كل حين وينظم له سلوكه بقدرته، ربّ السماوات والأرض وما بينهما، وهذه الحقيقة وردت في القرآن الحكيم. ]إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [. [هود: 56].


يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع


 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.92 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.61%)]