عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-08-2019, 04:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,992
الدولة : Egypt
افتراضي منزلة لا إله إلا الله

منزلة لا إله إلا الله










الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني








الخطبة الأولى


إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:


فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى حق التقوى واستمسكوا بالعروة الوثقى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].





عباد الله: إن من حقَّقَ التوحيد دخل الجنة بغير حساب، ورأس التوحيد وأساسه وأصله وركنه الأعظم تحقيق لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلمتان عظيمتان، يستلزم ذكر أحدهما الأخرى فلا يقبل من أحد عدلًا ولا صرفًا حتى يعمل بشروطهما ويبتعد عن نواقضهما.





فلا إله إلا الله: كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، [ومن أجلها خُلقت الدنيا والآخرة]، وبها أرسل الله رسله، وأنزل كتبه، وشرع شرائعه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]؛ ولأجلها نُصبت الموازين، ووضعت الدواوين، وقام سُوقُ الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقةُ إلى المؤمنين والكُفارِ، والأبرارِ والفجارِ، [وفي شأنها تكون الشقاوة والسعادة، فهي منشأُ الخلقِ والأمرِ، والثوابِ والعقابِ [وبها تؤخذُ الكتبَ باليمين أو الشمالِ، ويثقلُ الميزان أو يخفُّ، وبها النجاة من النارِ بعد الورودِ، وبعدم التزامها البقاء في النار] وهي الحقُّ الذي خُلقَتْ له الخليقةُ، [وبها أخذَ اللهُ الميثاق] وَعنْها وعن حُقوقِها السؤالُ والحسابُ [يوم التلاق]، وعليها يقعُ الثوابُ والعقابُ، وعليها نُصِبتِ القبلةُ، وعليها أُسِّسَتِ الملَّة؛ وهي حقُّ الله على جميع العباد، قال صلى الله عليه وسلم: "... حق الله على العبادِ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا" [متفق على صحته]، [وهي أعظم نعمةٍ أنعمَ الله بها على عبادهِ المؤمنين إذْ هداهم إليها]، فهي كلمةُ الإسلامِ، ومِفتاحُ دارِ السلامِ، وبها يُعصمُ الدَّمُ والمالُ، ومن أجلِها جُرِّدت سيوف الجِهادِ، قال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءَهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" [متفق على صحته]، وهي أولُ ما يجب أن يُدعى إليه. قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ حينما بعثه إلى اليمن: "إنك تقدم على قومٍ أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادةِ الله" وفي رواية: "فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله..." [متفق على صحته].





[وهي أصلُ الدينِ وأساسهُ، ورأسُ أَمرِهِ وساقُ شَجَرَتِهِ، وعَمودُ فِسطَاطِه، قال صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلامُ على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وصومِ رمضان، وحَج البيتِ" [متفق على صحته]، وهي العُروةُ الوُثقى، وهي كَلمةُ الحقِّ، وكَلمة التقوى، وهي القولُ الثابتِ، والكلمةُ الطيبة، وأعظم الحسنات]، وشهادةُ الحقِّ، وكَلمةُ الإخلاص، ودعوة الحقِّ وأفضلُ الذِّكر، وأفضلُ ما قالهُ النبيون، وهي أفضلُ الأعمالِ، وتعديل عِتقِ الرِّقاب، وتَفتحُ لِقائِلها أبوابُ الجنةِ الثمانية، وهي الكلمةُ العظيمة التي عنها يُسأل الأولون والآخرون فلا تزولُ قدما العبد بين يدي الله حتى يُسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ فجواب الأولى: بِتحقيقِ "لا إله إلا الله" معرفةً وإقرارًا وعملًا، وجواب الثانية: بتحقيق "أن محمدًا رسولُ الله" معرفةً، وإقرارًا، وانقيادًا، وطاعة؛ لأنه عبد اللهِ ورسولُهُ، وأمينُه على وحيهِ، وخيرتهُ من خلقِهِ، وسفيرُهُ بينه وبين عبادِهِ، المبعوثُ بالدينِ القويمِ، والمنهجِ المستقيمِ، أرسلهُ الله رحمةً للعالمين، وإمامًا للمتقين، وحجةً على الخلائقِ أجمعين، فَهدى الله بِهِ إلى أقومِ الطرقِ وأوضحِ السُّبُلِ، [وفتح به أعينًا عُميًا، وقلوبًا غلفًا، وآذانًا صُمًّا، وافترضَ على العباد طاعَتهُ، ونُصرتهُ وإعانَتَهُ، وتَوقيرَهُ ومَحبَّتَهُ، والقيامِ بحقوقهِ، وسدَّ الله دون جنتِهِ الطُّرقَ فلن تفتحَ لأحدٍ إلا من طريقه، فَشَرحَ لَهُ صَدْره، ورَفع لهُ ذِكرَهُ، ووضع عنْهُ وزْرهُ، وجعلَ الذِّلة والصَّغار على من خالف أمرَهُ، وبحسبِ متابعتهِ صلى الله عليه وسلم تَكون الهِدايةُ والفلاحُ والنجاةُ، فالله سبحانهُ علَّق سعادة الدارين بمتابعتِهِ، وجعلَ شقاوةَ الدارين في مخالفتِهِ، فلأتباعِهِ: الهُدى، والأمن، والفلاحُ، والعزةُ، والكفاية، والنُّصرة، والولايةُ والتأييد، وطيب العيشِ في الدنيا والآخرة، ولمُخالفيه: الذِّلة والصَّغار، والخوفُ والضلالُ، والخذلانُ والشقاءُ في الدنيا والآخرة.





أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقولُ قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المؤمنين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





الخطبة الثانية


الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولهُ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:


فإن أصدق الحديث كتابُ الله وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرُّ الأمور مُحدثاتها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٍ وكلَّ ضلالة في النارِ.





عباد الله، إن شهادة لا إله إلا الله لا تنفعُ قائِلها إلا إذا عمل بالشروط وتركِ النواقضِِ، وعملَ بالأركانِ.





فأركانُها النفي والإثباتُ، والنفيُ هو نفي الإلهيةِ عن كلِّ ما سوى اللهِ تعالى من جميع المخلوقاتِ كائنًا من كان، والإثباتُ: هو إثباتُ الإلهيةِ لله وحدهُ دون كلِّ ما سواه فهو الإله الحقُّ وما سواهُ من الآلهة باطل: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62].





وشروطُها: العلم بمعناها وأنهُ لا معبودَ بحقٍ إلا الله تعالى فجميع الآلهة التي يعبدها الناسُ سوى الله تعالى كلها باطلة، قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19] واليقين بمعناها والقبول لما دلت عليه هذه الكلمة والانقياد لما دلت عليه، والصدق في ذلك، والإخلاص في جميع العبادات، والمحبة لذلك، والكفر بما يُعبد من دونِ الله تعالى.
فإذا قام العبد بذلك دخلَ الجنة وزُحزِح عن النار.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم صلِّ وسلِّم عليه، وارضَ عن أصحابه أبي بكرٍٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليّ، وعن سائر أصحاب نبيِّك أجمعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، ودمِّر أعداءَك أعداء الدين، اللهم أذِّل الشرك والمشركين، وانصر عبادَكَ الموحدين، اللهم انصر المجاهدين لإعلاءِ كلمتك يا ربَّ العالمين، اللهم من أرادنا وأراد دينَنَا وبلادنا بسوءٍ فاجعل كيدَهُ في نحرِهِ واخذلهُ واقطع آماله وأنزل الرُّعب في قلبه. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات واغفر لموتانا ومولى المسلمين يا رب العالمين.
عباد الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدْكم، ولذكرُ الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.03 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]