عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 21-05-2020, 04:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رقائق قلبية بعد صلاة التراويح ---- يوميا فى رمضان


كيف تعيش رمضان؟
مجمد حسين يعقوب
(28)

أيها الأحبة في الله ..
مشاهد العبودية في الصيام
إخوتاه ..
الاعتكاف


أهداف الاعتكاف:
(16) صلاح القلب وجمعه على الله -عز وجل-:
وهذا مجْموعٌ فيه فضائل الاعتكاف كلها؛ إذ إن المعتكف إن أخلص النية
في اعتكافه وحبس نفسه على طاعة الله، واشتغل بذكر مولاه، وابتغى بذلك رضاه، توجه القلب بكليته إلى خالقه يناجيه ويدعوه ويستغفره، ويفتقر إليه
في كل شئونه، وفي هذا يقول ابن القيم:
"وشَرعَ لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه: عكوف القلب علي الله تعالى وجمعيته عليه، والخَلوة به، والانقطاج عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب


وخطراته فيتولي عيليه بدلها، ويصير الهمُّ كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلًا من أنسه بالخلق، فَيُعِدُّه بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حيث لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم" اهـ.
إنَّ الخَلوة والإنس بالله -عز وجل- التي يحياها المعتكف في معتك
فه هي بمثابة تربية وتدريب له؛ لكي تستمر تلك الخَلوة والأنس بالله في حياته بعد الاعتكاف؛ حتى يتخلص في حياته العامة بعد ذلك من متعلقات النفس المادية،

وتستمر تهيئة النفس للأنس بالله في وحشة القبور، وهذا يعني أن من فوائد الاعتكاف ما لا يقتصر على الدنيا؛ بل يتعداها إلى الحياة الآخرة، فالقبر أول منازل الآخرة.
(17) حقيقة اتباع ومحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
اعتكف المعتكف اتباعًا للرسول واستمر في اعتكافه متا
بعًا لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فاتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جميع أقواله وأعماله يؤدي إلى أمور أساسية يسعى إليها المعتكف، منها:

* محبة الإنسان لله -عز وجل-، وهذا مطلبٌ أساسي.
* محبة الله -عز وجل- لهذا الإنسان، وهي نتيجة أساسية لاتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
* غفران الذنوب من الله -عز وجل- لهذا الإنسان.
* ثم نتيجة تلقائية، وهي محبة الإنسان المسلم للرسول - صلى الله عليه وسلم -، محبة فعلية والتي تأتي عن طريق الاتباع، فالمحب الحقيقي هو المتبع لجميع أعماله وأقواله
من غير زيادة أو نقصان، ودرجة التكامل في محبة


الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو التمسك بالسُّنَّة الواجبة والمستحبة على السواء؛ لأنها دليلٌ حقيقي على المحبة والاستكثار من الحسنات التي تأتي من طريق متابعة الإنسان المسلم لسلوكه - صلى الله عليه وسلم - بصورة عامة.
قال ابن القيم -عليه رحمة الله: "لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفا على جمعيته على الله، ولمِّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما يزيده شعثًا، ويشتته في كل واد،
ويقطعه عن سيره إلى الله أو يضعفه أو يعوقه ويوقفه.
اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة.

فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع نفسه عن كُلِّ ش
اغلٍ يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه؛ فما بقي له هَمٌّ سوى الله وما يرضيه عنه" اهـ.
ولهذا ذهب الإِمام أحمد إمام السنة إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن؛ بل الأفضل الانفراد بنفسه، والتخلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه.
إذًا فمعنى الاعتكاف وحقيقته:
قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة له والأنس به؛ أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله بالكلية على كل حال. كان بعضهم لا يزال منفردًا في ب
يته خاليًا بربه، فقيل له: أما تستوحش؟، قال: كيف أستوحش وهو يقول: "أنا جليس من ذكرني".


كيف نحصل حلاوة الاعتكاف؟
أما كون الطاعة ذات حلاوة فيدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاق طعم الإيمان" (1)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان" (2)، والمقصود أن ذوق حلاوة الإيمان والإحسان أمرٌ يجده القلب، تكون نسبته إليه كنسبة ذوق حلاوة الطعام إلى الفم.
واعلم -علمتَ كُلَّ خير- أن حلاوة الطاعة مَلاكها في جمع القلب وال
هَمِّ والسِّرِّ على الله. ويفسر ابن القيم ذلك قائلًا:
الاعتكاف هو عكوف القلب بكليته على الله -عز وجل-، لا يلتفت عنه يَمنةً ولا يَسْرة، فإذا ذاقت الهمة طعم هذا الجمع اتصل اشتياقُ صاحبها وتأججت نيرانُ المحبة والطلبِ في قلبه ..
ثم يقول: فلله هِمةُ نفس قطعت جميع الأكوان وسارت، فما ألقت عصا السير إلا بين يدي الرحمن تبارك وتعالى، فسجدت بين يديه سجدة الشكر على الوصول إليه، فلم تزل ساجدةً حتى قيل لها: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي في عِبَادِي (29) وَ
ادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27 - 30]، فسبحان من فاوت بين الخلق في هممهم حتى ترى بين الهمتين أبعد ما بين المشرقين والمغربين، بل أبعد مما بين أسفل


سافلين وأعلى عليين، وتلك مواهب العزيز الحكيم: {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: 4].
ثم يقول: وهكذا يجد لذةً غامرةً عند مناجاة ربه، وأُنسًا به، وقربًا منه، حتى
يصير كأنه يخاطبه ويسامره، ويعتذر إليه تارة، ويتملقه تارة، وُيثني عليه تارة، حتى يبقى القلبُ ناطقًا بقوله: أنت الله الذي لا إله إلا أنت، من غير تكلفٍ له بذلك؛ بل يبقى هذا حالًا له ومقامًا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه" (1).
وهكذا مخاطبته ومناجاته له، كأنه بين يدي ربه، فيسكن جأشه ويطمئن قلبه، فيزداد لَهَجًا بالدعاء والسؤال، تذللًا لله الغني سبحانه، وإظهارًا لفقر العبودية بين يدي عز الربوبية؛ فإن الرب سبحانه يحب من عبده أن يسأله ويرغب إليه؛ لأن وصول بره وإحسانه إليه موقوفٌ عل
ى سؤاله ..

بل هو المتفضل به ابتداء بلا سبب من العبد، ولا توسط سؤاله وطلبه، بل قدَّر له ذلك الفضل بلا سبب من العبد، ثم أمره بسؤاله والطلب منه إظهارًا لمرتبة العبودية، والفقر والحاجة،
واعترافًا بعز الربوبية، وكمال غنى الرب، وتفرده بالفضل والإحسان، وأن العبد لا غنى له عن فضله طرفة العين، فيأتي بالطلب والسؤال إتيان من يعلم أنه لا يستحق بطلبه وسؤاله شيئًا، ولكن ربه تعالى يحب أن يُسْأل، ويرغب إليه، ويطلب منه ..
__________
(1) أخرجه مسلم (3
4).
(2) متفق عليه، البخاري (16)، مسلم (43).
(1) متفق عليه، البخاري (4499)، ومسلم (8).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.23 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]