عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-11-2020, 08:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي الآية الجامعة لحسن الخلق مع الناس من درر تفسير الشيخ السعدي رحمه الله

الآية الجامعة لحسن الخلق مع الناس من درر تفسير الشيخ السعدي رحمه الله


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن :
‏{‏خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ‏} ‏‏.‏ سورة الأعراف آية 199

هذه الآية جامعة لحسن الخلق مع الناس، وما ينبغي في معاملتهم، فالذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن يأخذ العفو، أي‏:‏ ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم، بل يشكر من كل أحد ما قابله به، من قول وفعل جميل أو ما هو دون ذلك، ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم، ولا يتكبر على الصغير لصغره، ولا ناقص العقل لنقصه، ولا الفقير لفقره، بل يعامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدورهم‏.‏

‏{‏وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ‏}‏ أي‏:‏ بكل قول حسن وفعل جميل، وخلق كامل للقريب والبعيد، فاجعل ما يأتي إلى الناس منك، إما تعليم علم، أو حث على خير، من صلة رحم، أو بِرِّ والدين، أو إصلاح بين الناس، أو نصيحة نافعة، أو رأي مصيب، أو معاونة على بر وتقوى، أو زجر عن قبيح، أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية أو دنيوية، ولما كان لا بد من أذية الجاهل، أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلته بجهله، فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه، ومن قطعك فَصِلْهُ، ومن ظلمك فاعدل فيه‏.‏

وأما ما ينبغي أن يعامل به العبد شياطين الإنس والجن، فقال تعالى‏:‏

‏‏ ‏{‏وَإِمَّا يَنـزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ‏}‏� ��. سورة الأعراف الآية 200-202‏

أي‏:‏ أي وقت، وفي أي حال ‏{‏يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ‏}‏ أي‏:‏ تحس منه بوسوسة، وتثبيط عن الخير، أو حث على الشر، وإيعاز إليه‏.‏ ‏{‏فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ التجئ واعتصم باللّه، واحتم بحماه فإنه ‏{‏سَمِيعٌ‏}‏ لما تقول‏.‏ ‏{‏عَلِيمٌ‏}‏ بنيتك وضعفك، وقوة التجائك له، فسيحميك من فتنته، ويقيك من وسوسته، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏ إلى آخر السورة‏.‏

ولما كان العبد لا بد أن يغفل وينال منه الشيطان، الذي لا يزال مرابطًا ينتظر غرته وغفلته، ذكر تعالى علامة المتقين من الغاوين، وأن المتقي إذا أحس بذنب، ومسه طائف من الشيطان، فأذنب بفعل محرم أو ترك واجب ـ تذكر من أي باب أُتِيَ، ومن أي مدخل دخل الشيطان عليه، وتذكر ما أوجب اللّه عليه، وما عليه من لوازم الإيمان، فأبصر واستغفر اللّه تعالى، واستدرك ما فرط منه بالتوبة النصوح والحسنات الكثيرة، فرد شيطانه خاسئا حسيرا، قد أفسد عليه كل ما أدركه منه‏.‏

وأما إخوان الشياطين وأولياؤهم، فإنهم إذا وقعوا في الذنوب، لا يزالون يمدونهم في الغي ذنبا بعد ذنب، ولا يقصرون عن ذلك، فالشياطين لا تقصر عنهم بالإغواء، لأنها طمعت فيهم، حين رأتهم سلسي القياد لها، وهم لا يقصرون عن فعل الشر‏.‏
منقول


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.75 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.83%)]