عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 29-09-2020, 02:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إلى الإيمان والاستقامة أيها الحائرون

احفظ الله يحفظك:

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنتُ خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال: ((يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تِجده تُجاهك، وإذا سألت فلتسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتَبه الله عليك، جَفَّت الأقلام وطُويت الصحف)).



اتقِ الله حيثما كنت:

إذا حفظ الناس حدود الله وشريعته حفِظهم الله؛ ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ﴾ [يوسف: 64]، لمَن راقَبَه واتَّقاه أينما حَلَّ وأتى، وجد وسلك سبيل المؤمنين، واستقام على الصراط المستقيم، وأسلَم وجهه لله رب العالمين وهو مُحسِن - فقد صار بهذا في رعاية الله، فإذا سأل فلا يسأل أحدًا إلا الله ولا يستعين بأحد سواه، فإذا سأله أعطاه، وإذا استعان به أعانه؛ فهو المعطي المانع الضار النافع، والله بيده ملكوت كل شيء، والسموات مَطويَّات بيمينه؛ ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].



استجابة الدعاء:

والله يتقبَّل من المتقين الدعاء؛ لأنه يقول: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].



ويقول - جل شأنه -: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].



﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].



إنه مَن يَتَّقِ الله يكون بمنجاة من كل شر؛ لأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون؛ وذلك لأن الله لا يُخلِف وعده، فهو وليُّهم في الدنيا والآخرة؛ ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس: 62].



وفي الحديث الشريف الذي رواه الترمذي: ((لو أنكم كنتُم توكَّلون على الله حق توكُّله، لرُزقتم كما يُرزَق الطير، تغدو خِماصًا وتروح بِطانًا))، وللشاردين من ربهم المنحرفين عن صراطه المستقيم، نقول لهم: إن أردتم أن تتَّسِع أرزاقكم، وتستقيم أعمالكم، فتوبوا إلى الله توبة نصوحًا؛ لأن التوبة واجبة فورًا على العاصي، فمن أخَّرها تَكرَّرت ذنوبه وساء عمله، والتقوى تنفع الذرية وتُعمِّر الديار؛ ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].



ومن الخير أن يُراقِب المرء ربه سرًّا وعلانية قبل فوات الأوان، والله - جل شأنه - يقول:

﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 17، 18].



والله يَختصُّ برحمته من يشاء: فإذا أحبَّ الله عبده كان سَمْعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصِر به، ومن كان هذا شأنَه، لم يكن رجلاً عاديًّا، بل تراه يعبد ربه كأنه يراه، فينظر بنور الله الذي يَشِعُّ ضياؤه في قلوب الأبرار الأطهار العارفين بالله، المواظبين على بِرِّه وطاعته، البعيدين كل البُعد عن مُحرَّماته ومُخالَفة أمره.





المؤمنون رحماء بينهم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].



وبمقتضى الأخوَّة الإسلامية يجب على المسلمين أجمعين التعاون والتآزر، لا التهاجر والتشاجر.



والإسلام يقول للمسلمين: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا))، والمؤمنون أمتهم واحدة، وإن اختلفت الألوان والأوطان والله يقول: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].



ورسول الله محمد - صلوات الله وسلامه عليه - بعثه ربُّه رحمة للعالمين؛ فهو خاتم رسل الله، وهو صاحب الخُلُق العظيم، وهو القائل: ((إنما بُعِثت لأتمم مكارم الأخلاق))، وبها يَطهُر اللسان وظاهر المسلم وباطنه، فلا يكون خدّاعًا ولا خائنًا، ولا سارقًا ولا قاتلاً، يرتكب المحرمات ويَقترِف السيئات بالعدوان على الأعراض والأموال؛ ((لأن المسلم مَن سلِم المسلمون من لسانه ويده، فكل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعِرْضه)).



والتقوى مِنهاج حياة:

كثير من الناس يجهلون أن التقوى تنفع المتقين في حياتهم وبعد مماتهم، وتنفع ذريَّاتهم، فهم يجهلون ذلك، ويجهلون أنهم يجهلون، فسارَعوا إلى اتباع أهوائهم وطاعة أنفسهم، وهي التي لا تستحِق الطاعة؛ لأنها أمَّارة بالسوء، فبدَّلوا نعمة الله كفرًا (بها)، وأحلُّوا قومهم دار البوار، وكان ينبغي عليهم أن يتذكَّروا نِعمَ الله عليهم وآلاءه التي بين أيديهم، وهي كثيرة ووفيرة لا تُعَد ولا تُحصى؛ لأن الله أحلَّ لهم الطيباتِ، وحرَّم عليهم الخبائث، وهو الذي يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 87، 88].



والإسلام جعل الطيبات من الرزق للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة، ثم هو يقول في كتابه الكريم مبيِّنًا، أنه قد كتب على نفسه الرحمة؛ لأنه هو التواب الرحيم يقول:﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 54].



وإلى عَبَدةِ الدنيا أقول:



طُبِعتْ على كَدَرٍ وأنت تُريدها


صفوًا من الأقذاء والأكدارِ



ومُكلّف الأيام ضد طِباعها

مُتطلِّب في الماء جذوةَ نارِ






وختامًا أذكِّر بقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]