الموضوع: خطر الإباحية
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-09-2020, 03:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,012
الدولة : Egypt
افتراضي خطر الإباحية

خطر الإباحية


عثمان السعيد







يقول دُعاة الإباحية: إنَّ كلَّ امرأةٍ خُلِقتْ لكلِّ رجل في هذا العالم، وما الطريق الفطري إلا أن يقع الاتصال الجنسي كلَّما اشتَهَياه، وتمكَّنا منه، وتراضَيَا عليه، شأن أيِّ اثنين من الحيوانات!

ولكنَّ الحقيقة أنهم يُخطئون خطأً بيِّنًا في التعبير عن الفطرة الإنسانية؛ وذلك أنهم قد زعموا أن الإنسان حيوان محضٌ، فكلما ذكَروا الفطرة والطبع، أرادوا بها فِطرته الحيوانيَّة، لا فِطرته الإنسانية! والعلاقة الجنسيَّة المطلَقة التي يعبِّرون عنها بالفعل الطبيعي.

لا شكَّ أنها طبيعة بالنسبة للحيوان، ولكنَّها ليستْ من الفطرة في شيءٍ للإنسان؛ ذلك بأن فِطرته الإنسانيَّة تَقتضي أن يكون لعلاقته الجنسيَّة ثباتٌ ودوامٌ؛ حتى يَشترك الأبوانِ في تربية الطفل، وقيام الوالد بكفالة الولد وأمِّه، ولكنَّ المرءَ إن لم يكنْ على ثقة من كون الولد من صُلْبه هو، فإنه لا يرضى أبدًا أن يتكلَّف في تربيتِه، ويُعانيَ الجهد والإيثار، ولا يرضى للولد أن يرثَ تَرِكَته، وكذلك المرأة إن لم تكنْ على يقينٍ من أنَّ الرجل الذي يُعاشرها مُستعدٌّ لكفالتها وكفالة ولدِها، فإنها لا تَرضى أبدًا أن تُعانيَ متاعبَ الحمل، ثم إنه إذا لم يتعاونِ الأبوان على تَنشئة الولد، لَم يُمكنه أن يبلغ في تعليمه وتربيته، ومكانته الخُلُقية والعقليَّة - مبلغًا يَجعله عاملاً مفيدًا للتمدين الإنساني.

تلك هي مُقتضَيات الفِطرة الإنسانيَّة في كلِّ رجل وامرأة، فإذا أهمَلها الرجل والمرأة، وجاءَا يتعلَّقان بعلاقة جنسيَّة عارضة كأنواع الحيوان، فإنهما لا شكَّ يُهملان مقتضى الفطرة الحيوانية أيضًا، وهو الإنجاب والتناسُل؛ لأنهما حين يتَّصلان لا يقصِدان التَّوليد والتناسُل، بل تكون غايتُهما من العلاقة الجنسيَّة - إذ ذاك - مجرَّدَ التلذُّذ والتمتُّع، مما هو مخالِف لمقصود الفطرة أصلاً.

إنَّ الاتصال غيرَ الشرعي بين الرجل والمرأة من شأْنه إهدارُ المجتمع خُلُقيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وإذا ما تصوَّرْنا مدى الانهيار الذي يُصيب الأُمَّةَ من سوء فِعْل هؤلاء الذين لا يُراعون في أنفسهم ضميرًا أو ضابطًا، أو عهدًا أو أمانة، وجَدنا أنَّ الخطر كبيرٌ، والجُرْم شنيعٌ، ومن هنا كان لا بدَّ من أن نُبَيِّن بعضَ هذه الأخطار وأثرَها على الفرد والأسرة والمجتمع:
1- إنَّ أوَّل ما يَجنيه المرءُ المغامر الذي يُرسل غرائزَه كيف شاء وأنَّى شاء، هو أنه يُعَرِّض نفسَه لخطر الإصابة بالأمراض السريَّة القاتلة، وبذلك لا ينقُص مما في قواه من المنفعة العامَّة فحسب، بل يجرُّ على الجماعة والنَّسل أيضًا أضرارًا بالغة، وإنَّ مرض السَّيلان - الذي هو أوَّل ما يُبتلى به الفاجر - يقول فيه الأطباء:
"إنَّ هذه القرحة في بعض الأحيان قلَّما تَندمل، ولا يخلُص من أذاها الإنسان إلاَّ في النادر"، ومن قول طبيب حاذق: "مَن أُصيب بالسيلان مرَّة، أُصيب به للأبد".

وهذه العاهة كثيرًا ما تُتلف الكبدَ والمثانة والخُصيتين، وغيرَها من الأعضاء، وتُسَبِّب وجعَ المفاصل وأمراضًا أخرى، كما أنها تُسَبِّب العُقم الأبدي.

وأمَّا مرض الزُّهري، فهو يُفسد نظامَ الجسد كلّه، ولا يُبْقي من قمَّة الرأس إلى أخمَص القدم عضوًا من أعضاء الجسد غيرَ متأثِّر بسمومه وأذاه.

ثم ينتقل من المريض إلى أولاده، وأولاد أولاده، فيُعانون أذاه بلا ذنبٍ فعلوه، والأولاد الصم والبُكم والعُمي والمجانين - من أهون ثمرات ساعات اللذَّة القلائل، تلك التي عدَّها الأبُ الظالم أعزَّ ما في حياته.

2- وإذا لم يكن حتمًا ابتلاءُ كلِّ زانٍ بالأمراض السرية، فمن المحتوم ابتلاؤه بالسفاسف الخلُقيَّة التي تتعلَّق بهذا الإثمِ بالضرورة، فالوقاحة والخديعة، والكذِب والأثَرة، والخضوع للشهوات وجُموح النفس، وتشرُّد الفكْر، وفساد الطبع، وتطلُّعه إلى كلِّ جديدٍ، والغدر وقلَّة الوفاء - كلُّ أولئك من آثار الفَعْلة الشَّنيعة التي قام بها.

ومما لا شكَّ فيه أنَّ مَن يجمع في نفسه هذه الخصالَ، لا تَنحصر سفاسفُه الأخلاقيَّة في الشؤون الجنسيَّة فحسبُ، بل تتعدَّاها إلى المجتمع الذي يعيش فيه.

3- إنَّ الرجال والنساء الذين يَسيرون في هذا الطريقِ الشائنِ، قلَّما يصلُحون لأَنْ يَحيَوْا حياة زوجيَّة صالحة؛ لأنَّ هذا السلوكَ العمليَّ الفاسد، يبعث في نفوسهم من سوء الفَعْلة، وفجور النظر، وتشرُّد الفكر، ويُرَبِّي فيهم من تلوُّن العواطف، وعدم ضَبْط الميول - ما هو جديرٌ بأن يهدِمَ الصفاتِ التي هي ضروريَّة للعلاقة الزوجيَّة الصحيحة بين الرجل والمرأة، فهؤلاء - إن ارتبطوا برابطة الزَّواج - لن تتحقَّق بين الزوجين منهم تلك الصِّلةُ؛ من حُسن المعاملة والمحبَّة، والوفاء والثقة، والانسجام والاعتماد، والمواءمة التي تُنبت نسلاً جيِّدًا، وتُنشئ بيتًا قِوامه السعادة والاستقرار.

4- وناهيك - أيضًا - بإيجاد أولادٍ غير شرعيين، لا يعرفون لهم في الغالب أبًا أو أُمًّا، ثم إنَّ الولد الذي لا يأتي أَبَويه كشيءٍ مطلوب محبوب، بل ينزل بينهما نزولَ النَّكبة المفاجئة - يَفقد في أغلب الأحوال عطفَ الأبوَّة ووسائلها، ولا تتيسَّر له إلاَّ تربيةُ الأم، وهذا ما يكون نادرًا، فيتربَّى تربيةً ناقصة، وربما يُخالطها الضَّجر والإعراض.

وإذا ما ذهب بهذا الطفلِ البائس المنكود الحظُّ إلى دار الحضانة (الملجأ)، فقد حُرِم كلَّ أنواع العطف الطبيعي، ولا شكَّ أنه ينشأ إنسانًا ناقصًا، غيرَ تامِّ الإنسانية، فلا تتكوَّن له سيرة صحيحة، ولا تتجلَّى فيه كفايات موهوبة، ولا تتوافر له وسائلُ التقدُّم والإجادة العلميَّة، ويكون معدومَ الأهل والنصير، فيَخرج للحياة ناقمًا ساخطًا، ورُبَّما ساقَتْه عُقدتُه إلى احتراف الإجرام والإضرار بالناس وبالمجتمع، ويظل طوالَ حياته يشعر أنه إنسان غير طبيعي، جِيء به في ظروف شاذَّة.

ويقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي تحت عنوان: "عربة اللُّقَطاء" هذه الكلمة التي هي أبلغ من كلِّ تعليق:
" .... إنَّ ابن الحيوان يستقبل الوجود بأُمِّه؛ إذ يكون وراءها كالقطعة المُتَمِّمة لها، ولا تقبل أُمُّه إلا هذا، ولا يصرفها عنه صارفٌ، فتُرغم الوجودَ على أن يتقبَّل ابنَها، وعلى أن يعطيَه قوانينه، أمَّا هؤلاء الأطفال، فقد طردَهم الوجود منه، كما طرَد الله آباءهم وأُمَّهاتهم من رحمته.

والأُمَّات يقُمْنَ بإعداد الثياب والأكسية لأجنتهنَّ قبل أن يُولدوا، ويهيِّئْنَ لهم بالفكر آمالاً وأحلامًا في الحياة، فيُكسبْنَهم في بطونهنَّ شعورَ الفرح والابتهاج، وارتقاب الحياة الهنيئة، والرغبة في السموِّ بها، ولكنَّ أُمَّهات هؤلاء لهم الشوارع والأزقَّة منذ البَدء، ولا تترقب إحداهنَّ طَوال أشهر حَمْلها أن يَجيئها الوليد، بل أن يتركها حيًّا أو مقتولاً، فيُورِثْنَهم بذلك - وهم أَجِنَّةٌ - شعورَ اللهفة والحسرة، والبُغض والمَقت، ويَطْبَعْنَهم على فكرة الخطيئة والرغبة في القتل، فلا يكون ابنُ العار إلاَّ ابنَ هذه الرذائل أيضًا.

ومتى ألْقَت الآثمة ما في بطنها، قطَعتْه لتوِّه من روابط أهله وزمنِه وتاريخه، ورَمَتْ به ليموت، فإن هلَك، فقد هلَك، وإن عاش لمثل هذه الحياة، فهو موت آخرُ شرٌّ من ذاك! ومهما يتولَّه الناس والمحسنون، فلا يزال أوَّله يعود على آخره، مما في دمِه وطباعه الموروثة، ولا برِح جريمةً ممتدة متطاولة، ولا ينفكُّ قصة زانٍ وزانية، وفيها خطيئة ولَعنة".

إنَّ البلد الذي لا يحترم شريعةَ الزواج يلد - من غير شكٍّ - منكوبًا في أخلاقه وحضارته.

فأمريكا اليومَ ضاقت بالأولاد غير الشرعيين، وتدلُّ التقارير الرسمية أن ما يقرُب من 350 ألف طفل غير شرعيٍّ يُولدون سنويًّا بها، كما تُفيد آخر التقريرات أن عدد المواليد غير الشرعيين في بريطانيا قد بلغ 59104 مواليد سنة 1963، ويُشكل هذا العدد نسبة 9.6 % من مجمل عدد المواليد في بلاد الإنجليز هذا الانحلال والانحطاط، وراحَت الحكومتان تشكلان اللجان والخبراء لمعرفة سرِّ تلك الأعداد الضخمة من اللقطاء، فجاء الردُّ بأنَّ الأسرة لم يَعُد لها كِيان في أمريكا وإنجلترا، وأن الاختلاط بين الفتيان والفتيات هو سرُّ تلك النَّكبة التي حلَّت بهذين البلدين الكبيرين، وأنَّ الإباحيَّة هي سرُّ هذا الوباء الخطير، وقد نصَح الخُبراءُ ورجال الدين بالعودة إلى مبادئ الدين والقِيَم الرُّوحية؛ فهي الضمان للحدِّ من انحلال الأسرة، وتشجيع الشباب على الزواج، ومساعدتهم على حلِّ مشكلاتهم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]