عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-10-2010, 05:54 PM
loubna99 loubna99 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
مكان الإقامة: morocco
الجنس :
المشاركات: 14
الدولة : Morocco
افتراضي رضا بين إغراء المزالق وخشية الخالق

رضا بين إغراء المزالق وخشية الخالق
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين


مر أمامي يجر رجليه ويتمايل يمنة ويسرة ويداه تلوحان في الهواء وكلامه غير مفهوم، فخشيت أن يكون سكران ثملا.
تراجعت إلى الوراء فإذا بأخي عبد الرحمن يطمئنني بأنه ليس سكران ولكنه من ذوي الاحتياجات الخاصة. تسمرت في مكاني متأثرا بما أرى وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله. فاستطرد أخي قائلا:

- بل قل الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وفضلني على كثير من خلقه تفضيلا كثيرا، لعل الله يعافيه ويحفظ لك صحتك.التفت إليه مستفهما عن ذلك الشاب، فقال:

- إنه رضا شاب من الحارة المجاورة نشأ في أسرة بعيدة عن الله عز وجل تبارزه بالمعاصي والآثام. فأبوه يملك مجموعة حانات للخمر ومراقص ليلية، وإخوته منغمسون مع الأب في الكسب الحرام، يتعاطون الخمر والمخدرات وكل أنواع الويلات نسأل الله السلامة والثبات.

أما أمه فقد أوكلت أمره للخادمة منذ رأت عيناه النور لأنها تعتبره غلطة العمر. ولطالما تأففت منه مرددة على مسامعه أنه لولا أن أباه ميسور الحال لرمته في الملجأ، لكي لا يعيق حياتها ويشغل وقتها الثمين الذي تتبضع فيه وتقابل فيه صويحباتها كما تتابع فيه آخر صيحات الموضة والجمال.

استمر عبد الرحمن في وصف محيط رضا المنحط المنغمس في المادية واقتراف المحرمات،

فجأة توقف عن الكلام وفرت من عينيه دمعات كأنه تذكر شيئا مؤلما...ثم قال:

- لن أنسى يوما حين سقاه أخوه خمرا رغما عنه والمسكين يصرخ ويستغيث.

استفزتني تلك العربدة التي يُعامَلُ بها رضا من أقرب الناس إليه،لكن أخي استأنف قائلا :

- أتصدق با عمر أن رضا رغم كل تلك المؤثرات يتقي الله ويخشاه، وهو يعلم أن الخمر حرام لضررها الجسيم وشرها العميم فلا يقربها ولا يطيق رائحتها.

قلت:

- سبحان الله...شتان بين من كان جسمه يميل ابتلاء فيؤجر على صبره ورضاه بقدر الله وبين من يتمايل مخيرا فيخرب جسمه وعقله.لكن عبد الرحمن زاد دهشتي وانبهاري برضا حين قال:

- أتعلم يا عمر أن رضا يصلي كل الصلوات في المسجد؟ ويحفظ القرآن كاملا ويعرف القواعد رغم الصعوبة التي يجدها في التلفظ بالكلام؟ فهو يدرك أن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما سراج الحياة وهاديها إلى الصراط السوي الذي يفلح سالكه وينجح في اختبار الدنيا الغرور.أذكر يوما شديد البرد كنت مع صديقي الزبير ذاهبين إلى المسجد في صلاة الفجر، فوجدنا رضا وقد وقع على الأرض وتسيل قدماه ويداه بالدماء فحملناه مسرعين لنأخذه للبيت لكنه صرخ وأشار إلى المسجد قاصدا أنه يود أن يصلي أولا.

طوبى لمن تعلق قلبه ببيوت الرحمن،

قلت متعجبا:
- سبحان الله سبحان الله...
يا إلهي وأنا السليم المعافى لم تلمس جبهتي الأرض منذ سنين ولم أفق في وقت الفجر إلا لأتسحر في رمضان خشية الجوع والظمأ ونسيت روحي الظمأى فأغرقتها بشهوات الجسد.

أردف عبد الرحمن قائلا:

فلتعلم يا أخي عمر أن العمر لحظات، ثم نغمس في النعيم وهذا ما نرجوه أو نغمس في الجحيم ونعوذ بالله أن نكون من أصحاب السعير الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فتبعوه يسوقهم كما تساق البهائم إلى الذبح.


قال
الله عز وجل:


وقال جل شأنه:


ليتنا نشكر الله على أن حبانا بالصحة لنعبده، فما نحن في الدنيا إلا لعبادته كما يريد لا كما نريد مصداقا لقوله تعالى:

ولكن الإنسان ظالم لنفسه ينسى أنه هنا في دار ابتلاء فإذا قامت الساعة فاز بالجزاء أو ألقي في الجحيم والشقاء.

والصبر على طاعة الله وتجنب معصيته والرضا بقضائه وقدره هو قارب النجاة في خضم الأمواج المتلاطمة والفتن المتراكمة لتصبح رانا على القلوب وتخرج من عبادة رب العباد إلى عبادة الأهواء والعباد.

فما يخرج الإنسان من ابتلاء حتى يوضع في آخر أشد من سابقه لينقيه من خطاياه ويصقل إيمانه فتقوى بصيرته ويلتفت وقلبه لربه الذي ينعم عليه في كل وقت وحين بالمنع والعطاء والسراء والابتلاء.
صافحت أخي مودعا إياه بعد أن رق قلبي لأنيب إلى ربي وأتقرب إليه قبل أن تأتي المنية، وأنا أتمايل بين ما سأفعل غدا وسأدرك عشية، والتسويف يأكل أنفاسي وعمري بشهية.


رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.



يسرنا في الختام أن نقدم لكم مع هذه القصة هدية مرفقة:
تمثل نماذج مشرفة لمتميزين في حفظ كتاب الله عز وجل
كان لأسرهم فضل وأثر في تشجيعهم وإعلاء همتهم
ومساندتهم في صبرهم على الطاعة والابتلاء في آن واحد.
وهما:
الأخ الكريم الحبيب المومو
على هذا الرابط:
http://www.safeshare.tv/v/_Wge-jzV7R4

والأخ الفاضل الأمين تزاني
على الرابط التالي:

مع أطيب المنى- أسرة مشروع حراس الفضيلة- حملة وبشر الصابرين

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.13 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]