عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 20-06-2009, 12:54 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن (36)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في قوله تعالى من سورة الأعراف ﴿
وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿52﴾ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ[الأعراف:52 ـ 53]

﴿
وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ ﴾ قرآنٍ فصلناه بإيضاح الحق من الباطل وبينا فيه كل شيء عالمين بتفصيله. أو فصلناه مشتملاً على أيِّ علم ﴿ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ وخص المؤمنين بالذكر؛ لأنهم المنتفعون بهدايته الفائزون برضا الله ورحمته

إنهم آمنوا به واتبعوه واهتدوا بهداه ففازوا وسعدوا وكان لهم نوراً في دنياهم وأخراهم وتلك عاقبة من اتبع القرآن واهتدى بهداه.

اما أولئك الذين كذبوه وأعرضوا عنه فإنهم ـ وهم يصرون ـ سيؤمنون به ويعلنون أنه الحق ولكن بعد فوات الآوان ، حيث لا ينفعه اعتراف ولا إيمان ﴿
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقّ ﴾ يقولون ذلك يوم القيامة حين يرون العاقبة في صدق ما أخبر به ودعا إليه.

لقد تركوا الإيمان من قبل، وندموا حيث لا ينفع الندم وقالوا معترفين نادمين ﴿
قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ﴾ أي تبين لنا صدق الرسل فيما أخبرونا به في الدنيا. فيعترفون بذلك لمشاهدتهم ومعاينتهم العذاب الذي أخبروا به، وحذروا منه . وهاهم يلتمسون كل سبيل لكي يعودوا إلى ما تركوه وفرطوا فيه ، معلنين إيمانهم به واعترافهم بأنه الحق ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ﴿51﴾ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴿52﴾ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴿53﴾ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴿53﴾ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ﴾ [سـبأ:51 ـ 54].

لقد فات أوان الامتحان والاختبار ومضى وقت العمل وانقضى الأجل وجاء الحساب والجزاء. وفاز من صدَّق وآمن وعمل صالحاً. وخسر من كذّبَّ وأعرض وكره ما جاء من الحق.

وترى هؤلاء في حسرتهم ينشدون الشفعاء ويطلبون أن يعودوا ليحصلوا ما فرطوا فيه فلا يجابون إلا بتوبيخ وتقريع ﴿
فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾. ذاك هو الحق في انتصاره.

إنَّ من تدبر العاقبة أيقن أن الحق لا يهزم أبداً وأن الباطل زاهق لا محالة.
وترى الناس جميعاً مؤمنين وكافرين يعلنون ولاءهم للحق وقد رأوا بأعينهم عاقبة ما أخبرهم به ودعاهم إليه أو حذرهم منه.

أما أهل الإيمان فإنهم يقولون ﴿
قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقّ ﴾ حمداً وشكراً . وأما أهل الكفر فيقولون ﴿ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقّ ﴾ أسفاً وندماً على تفريطهم. وشتان ما بين قول هؤلاء وأولئك.
هؤلاء يقولونها أسفاً وندماً على التفريط في الإيمان بالحق وقد خسروا أنفسهم ، وأولئك يقولونها حمداً وشكراً وهم يدخلون رحمة ربهم وقد عملوا بما آمنوا به من قبل .
لقد رأى الخلق جميعاً تأويل ما جاء به القرآن وتحقق الجزاء وفاز من فاز وخسر من خسر وحق الحق وبطل الباطل.
والقرآن الكريم ـ وهو الحق ـ يرينا عاقبة هؤلاء وأولئك من صّدَّق وآمن ومن كذب وأعرض ، ليختار الناس لأنفسهم على بينة سبيل النجاة ، أو سبل الدمار والهلاك

﴿
وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً [الكهف:49]
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.68%)]