عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 09-09-2020, 01:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أفضل الكلام وأحبه إلى الله

أفضل الكلام وأحبه إلى الله (9)
أ. محمد خير رمضان يوسف





في أربع أربعينات (9)


ثانيًا
الحمد لله (3 - 4/ 6)


(14)
حدث في ليلة الإسراء
عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه:
أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُتيَ ليلةَ أُسرِيَ بهِ بإيلياءَ بقَدحَينِ مِن خمرٍ ولبنٍ، فنظرَ إليهما، ثم أخذَ اللبنَ، فقال جبريل: الحمدُ للهِ الذي هداكَ للفطرة، ولو أخذتَ الخمرَ غوَتْ أمَّتُك.
صحيح البخاري (5254)، صحيح مسلم (168)، واللفظُ للأول.
إيلياء: بيتُ المقدس.
والمرادُ بالفطرةِ هنا: الإسلامُ والاستقامة.
قال الإمامُ النوويُّ رحمَهُ الله: وقوله: "الحمدُ لله" فيه استحبابُ حمدِ اللهِ عند تجدُّدِ النِّعَم، وحصولِ ما كان الإنسانُ يتوقَّعُ حصولَه، واندفاعِ ما كان يخافُ وقوعه[1].

(15)
إن الحمد لله
عن ابن عباس:
أنَّ ضِمادًا قدمَ مكةَ، وكان من أَزْدِ شَنوءَة، وكان يَرقي من هذه الريح، فسمعَ سفهاءَ من أهلِ مكةَ يقولون: إنَّ محمَّدًا مجنونٌ، فقال: لو أني رأيتُ هذا الرجلَ لعلَّ اللهَ يَشفيهِ على يدي.
قال: فلقِيَهُ فقال: يا محمَّدُ، إني أَرقِي من هذه الريح، وإنَّ اللهَ يَشفي على يديَّ مَن شاء، فهل لك؟
فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ الحمدَ لله، نَحمَدُهُ ونَستعينُه، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُه. أمَّا بعدُ".
قال: فقال: أَعِدْ عليَّ كلماتِكَ هؤلاء.
فأعادَهنَّ عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثلاثَ مرات.
قال: فقال: لقد سمعتُ قولَ الكهنةِ وقولَ السَّحرةِ وقولَ الشُّعراء، فما سمعتُ مثلَ كلماتِكَ هؤلاء، ولقد بلغْنَ ناعوسَ البحر.
قال: فقال: هاتِ يدَكَ أُبايِعْكَ على الإسلام.
قال: فبايَعه، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وعلى قومِك".
قال: وعلى قومي...
صحيح مسلم (868). وللحديثِ بقيَّة.
ضِماد: هو ابنُ ثعلبةَ الأزدي.
والمرادُ بالريحِ هنا: الجنون.
وناعوسُ البحر: المشهورُ قاموسُ البحر، وهو قعرهُ أو لجَّته[2].

(16)
عند الركوب
عن عليِّ بن ربيعةَ قال:
شهدتُ عليًّا رضيَ الله عنه وأُتيَ بدابَّةٍ ليركبَها، فلمَّا وضعَ رجلَهُ في الركابِ قال: "بسمِ الله".
فلمَّا استوَى على ظهرها قال: "الحمدُ لله".
ثم قال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ﴾ [الزخرف: 13 - 14].
ثم قال: "الحمدُ لله" ثلاثَ مرات.
ثم قال: "الله أكبر" ثلاثَ مرات.
ثم قال: "سبحانكَ إني ظلمتُ نفسي فاغفرْ لي، إنه لا يغفرُ الذنوبَ إلّا أنت". ثم ضحك.
فقيل: يا أميرَ المؤمنين، من أيِّ شيءٍ ضحكت؟
قال: رأيتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ فعلَ كما فعلتُ، ثم ضحك، فقلت: يا رسولَ الله، مِن أيِّ شيءٍ ضحكت؟
قال: "إن ربَّكَ تعالَى يَعجَبُ من عبدهِ إذا قال: اغفرْ لي ذنوبي، يعلمُ أنه لا يغفرُ الذنوبَ غيري".
سنن الترمذي (3446) وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح، سنن أبي داود (2602) ومنه لفظه، وصححه في صحيح سننه.
يَعجَبُ من عبدهِ إذا قال: اغفرْ لي ذنوبي، أي: يرتضي هذا القولَ ويستحسنهُ استحسانَ المعجب. قالهُ الطيبي[3].

(17)
بعد الفراغ من الطعام
عن أبي أُمامة:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا رفعَ مائدتَهُ قال: "الحمدُ للهِ كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، غيرَ مَكفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُستَغنًى عنه، ربَّنا".
صحيح البخاري (5142).
حمدًا طيِّبًا: حمدًا خالصًا من الرياءِ والسمعة.
مباركًا: أي حمدًا ذا بركةٍ دائمًا لا ينقطع؛ لأنَّ نِعمَهُ لا تنقطعُ عنا، فينبغي أن يكونَ حمدنا غيرَ منقطعٍ أيضًا، ولو نيَّةً واعتقادًا.
غيرَ مكفيّ: غيرَ مردودٍ عليه إنعامه.
غيرَ مودَّع: أي غيرَ متروك[4].

(18)
الحمد لله مرة أخرى
عن أبي أمامة:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا فرغَ مِن طعامِهِ، وقال مرةً: إذا رفَعَ مائدَتَهُ، قال: "الحمدُ للهِ الذي كَفانا وأَرْوَانا، غيرَ مَكفِيٍّ ولا مَكفورٍ".
وقالَ مرةً: "الحمدُ للهِ ربِّنا، غيرَ مَكفِيٍّ، ولا مُوَدَّعٍ، ولا مُسْتَغْنًى، ربَّنا".
صحيح البخاري (5143).
أروانا: من رَوِي، بمعنى شربَ وشبع.
ولا مكفور: ولا مجحودٍ فضلَهُ ونعمته[5].

(19)
أطعم وسقى
عن أبي أيوب الأنصاري قال:
كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا أكلَ أو شربَ قال: "الحمدُ لله الذي أطعمَ وسقَى، وسوَّغَهُ وجعلَ له مَخرَجًا".
سنن أبي داود (3851) وصححه في صحيح سننه، صحيح ابن حبان (5220) وذكرَ الشيخ شعيب أن إسنادَهُ صحيح على شرط الشيخين. ولفظهما سواء.
سوَّغه: سهَّلَ دخولَ كلٍّ من الطعامِ والشرابِ في الحلق[6].

(20)
أطعمني.. وكساني
عن معاذ بن أنس:
أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "مَن أكلَ طعامًا ثم قال: الحمدُ لله الذي أطعمني هذا الطعامَ ورَزقَنيهِ من غيرِ حولٍ مني ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبهِ وما تأخَّر".
قال: "ومَن لَبِسَ ثوبًا فقال: الحمدُ لله الذي كساني هذا الثوبَ ورَزقَنيهِ مِن غيرِ حولٍ مني ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبهِ وما تأخَّر".
سنن أبي داود (4023)، قال في صحيح سنن أبي داود: حسنٌ دون زيادةِ "وما تأخَّر" في الموضعين. وحسنه في صحيح الجامع الصغير (6086) للأربعة وأحمد والحاكم.

(21)
شكر النعمة
عن أنس قال:
قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "ما أنعمَ الله على عبدٍ نعمةً فقال: الحمدُ لله، إلّا كان الذي أعطاهُ أفضلَ مما أَخَذ".
سنن ابن ماجه (3805) وصححهُ في صحيح الجامع الصغير (5563).
فيه إظهارٌ لفضيلةِ الحمد. فالحمدُ لله على نعمهِ كلِّها.

(22)
أول كلام آدم
عن أبي هريرة قال:
قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لمـّا خلقَ اللَّهُ آدمَ ونفخَ فيه الرُّوحَ عطَسَ، فقالَ: الحمدُ للَّهِ. فحَمِدَ اللَّهَ بإذنِهِ، فقالَ له ربُّه: يَرحمُكَ اللَّهُ يا آدم".
أولُ حديثٍ طويل، رواه الترمذي في السنن (3368) وقال: حديثٌ حسنٌ غريب. وصححه في صحيح الجامع الصغير (5209).
ولفظهُ عند ابنِ حبَّان: "لـمّا خلقَ الله آدمَ عطس، فألهمَهُ ربُّهُ أنْ قال: الحمدُ لله، فقالَ له ربُّه: يرحمُكَ الله. فلذلك سبقتْ رحمتهُ غضبَه". صحيح ابن حبان (6164) وصححهُ الشيخ شعيب.

(23)
إذا عطس
عن أبي هريرة رضيَ الله عنه:
عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا عطسَ أحدُكم فليقلْ: الحمدُ للهِ، وليقلْ له أخوهُ أو صاحبُه: يرحمُكَ اللهُ، فإذا قالَ له: يرحمُكَ اللهُ، فليقل: يَهديكمُ اللهُ ويُصلِحُ بالَكم".
صحيح البخاري (5870).
وليقلْ له أخوهُ أو صاحبُه: هو شكٌّ من الراوي. والمرادُ بالأخوَّةِ أخوَّةُ الإسلام.
والبال: الحال.
قالَ ابنُ دقيق العيد: يحتملُ أن يكونَ دعاءً بالرحمة، ويحتملُ أن يكونَ إخبارًا على طريقِ البشارة، كما قالَ في الحديثِ الآخر: "طَهورٌ إنْ شاءَ الله" أي: هي طُهرٌ لك"; فكأن المشمِّتَ بشَّرَ العاطسَ بحصولِ الرحمةِ له في المستقبلِ بسببِ حصولها له في الحال؛ لكونها دفعتْ ما يضرُّه[7].

(24)
عند رؤية مبتلى
عن أبي هريرة قال:
قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن رأى مبتلًى فقال: الحمدُ للهِ الذي عافاني مما ابتلاكَ به وفضَّلَني على كثيرٍ ممن خلقَ تفضيلًا، لم يُصِبْهُ ذلك البلاء".
سنن الترمذي (3432) وقال: حديثٌ غريب، واللفظُ له، سنن ابن ماجه (3892). وحسَّنهُ في صحيح الجامع الصغير (6248).
مَن رأى مبتلًى: في أمرٍ بدنيّ: كبرَص، وقِصَرٍ فاحش، أو طولٍ مُفرط، أو عمًى، أو عرَج، أو اعوجاجِ يدٍ، ونحوها. أو دينيّ: بنحوِ فسق، وظلمٍ، وبدعة، وكفرٍ، وغيرها[8].

(25)
عند المساء
عن عبدالله [بن مسعود] قال:
كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أمسَى قال: "أمسَينا وأمسَى المُلكُ لله، والحمدُ لله، لا إله إلا اللهُ، وحدَهُ لا شريكَ له. اللهمَّ إني أسألُكَ مِن خيرِ هذه الليلةِ وخيرِ ما فيها، وأعوذُ بكَ مِن شرِّها وشرِّ ما فيها. اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من الكسلِ والهرَمِ وسُوءِ الكِبَرِ وفتنةِ الدنيا وعذابِ القبر".
قال الحسن ُبنُ عُبيدِالله: وزادني فيه زُبيد، عن إبراهيمَ بنِ سويد، عن عبدِالرحمنِ بنِ يزيد، عن عبدِالله، رَفَعَه، أنه قال: "لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، له الـمُلكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ".
صحيح مسلم (2723).
الكسل: التثاقلُ في الطاعةِ مع الاستطاعة.
قالَ الطيبي: الكسل: التثاقلُ عمّا لا ينبغي التثاقلُ عنه، ويكونُ ذلك لعدمِ انبعاثِ النفسِ للخيرِ مع ظهورِ الاستطاعة[9].
سوءِ الكِبَر: ورواهُ بعضهم بسكونِ الباء، بمعنى التعاظمِ على الناس[10].

(26)
عندما يأوي إلى فراشه
عن أبي هريرة:
عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "مَن قالَ حينَ يأوي إلى فراشِه: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، له المـُلكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير، لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله، سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبَرُ، غَفرَ اللهُ ذنوبَه، أوخطاياه-شكَّ مِسْعَرٌ- وإنْ كان مِثلَ زَبَدِ البحر".
صحيح ابن حبان (5528) وذكرَ الشيخ شعيب أن إسنادهُ صحيح على شرطِ مسلم.

(27)
الحمد لله الذي أطعمنا
عن أنس:
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أَوَى إلى فِراشهِ قال: "الحمدُ للهِ الذي أطعمَنا وسقَانا، وكفَانا وآوانا، فكم ممَّن لا كافيَ له ولا مُؤْوِي".
صحيح مسلم (2715).
وكفانا: أي دفعَ عنا شرَّ المؤذيات، أو كفَى مهمَّاتنا، وقضَى حاجاتنا.
وآوانا: أي رزقنا مساكن، وهيَّأ لنا المآوي.
فكم ممن لا كافي: أي فكم شخصٍ لا يكفيهم اللهُ شرَّ الأشرار، بل تركهم وشرَّهم حتى غلبَ عليهم الأعداء[11].
لا مؤوي: لا راحمَ ولا عاطفَ عليه. وقيل: لا وطنَ له ولا سكنَ يأوي إليه[12].


[1] شرح النووي على صحيح مسلم 13/ 182.

[2] ينظر صحيح مسلم بشرح النووي 6/ 156.

[3] عون المعبود 7/ 188.

[4] مستفاد من تحفة الأحوذي 9/ 297.

[5] ينظر فتح الباري 9/ 581.

[6] عون المعبود 10/ 236.

[7] ينظر فتح الباري 10/ 608، تحفة الأحوذي 8/ 12.

[8] تحفة الأحوذي 9/ 275.

[9] ينظر تحفة الأحوذي 9/ 236.

[10] ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 17/ 42.

[11] ينظر تحفة الأحوذي 9/ 240.

[12] شرح النووي على صحيح مسلم 17/ 34.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.62%)]