عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-01-2021, 12:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي لم أعد أستطيع الدراسة

لم أعد أستطيع الدراسة


الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً: جزاكم الله خيرًا؛ أفدتمونا كثيرًا، وسبَق لي استشارتُكم واستفدتُ، وأتمنَّى أن أجدَ جوابًا عن هذا السؤال - إن شاء الله - فكما هو واضحٌ من العنوان السالف الذِّكر، فقد تَعِبت من الدراسة، وعلى الرغم من أنَّ مستواي لا بأْس به - والحمد لله - فإني لَم أَعُدْ أستطيع الدراسة.

أُواجه عدَّة مشكلات نفسيَّة واجتماعيَّة، والحمد لله على كل حال، ليس بسبب قلَّة المال؛ فكلُّ شيء متوفِّر - والحمد لله - ولكن الرغبة في الدراسة لَم تَعُدْ عندي، كأنَّ ما أدرسه صعب جدًّا، وفوق طاقتي كثيرًا، والحالة النفسيَّة سيئة للغاية، أُواجه مشكلات مع التلاميذ؛ لأنني قليلة الكلام، لا أتحدَّث مع أحدٍ إلا عند الضرورة، وأتعرَّض للإهانة والسخرية، وينعتونني بكلمات قاسية وجارحة، ويكون الجواب كلَّ مرة هو الصمت، وبعد ذلك البكاء, قرَّرت هذا القرار مع نفسي وأنا متشبِّثة به، لَم أُصارح به أحدًا؛ لأني أخاف من رَدَّة فعْلهم، وأُريد طريقةً؛ كي أقولها لوالدي.

فجزاكم الله خيرًا، بماذا تنصحونني؟ فقد كَرِهت الدراسة بالمرَّة، وما الطريقة الصحيحة لأُخبر والدي بهذا القرار؟ وهل سألقى غضبًا من الله ورسوله عند رفْضي طلَبَ العلم؛ لأن طلبَ العلم فريضة على كلِّ مسلم؟

أرجو الإجابة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا يَخفى عليك أهميَّة الدراسة بالنسبة للمرأة، وأنها من أهمِّ المقومات التي توسِّع مداركها، وتُفيدها في نفسها، وفيمَن حولها، وفي تربية أبنائها، وتُشعرها بأهميَّتها، وتُحسِّن فُرَص الزواج بالنسبة لها، كمًّا وكيفًا، إلى غير ذلك من الأشياء التي تدفع المرأة للتفكير في الدراسة بشكلٍ إيجابي، ووضْعها هدفًا لها وَفْق آليَّات تُوَصِّل للمطلوب.

أما عدم رغبتك في الدراسة، فالظاهر أنه من سوء معاملة زميلاتك في المدرسة، وأظنُّ أنه - أيضًا - ناتج عن عدم استشعارك لأهميَّة العلم، والتهاون مع الذات، وقد يكون هنالك عامل نفسي، أو بعض مشاعر القلق المختلطة بفساد مِزاجك، فقد ذكَرتِ أنكِ تواجهين عدة مشكلات نفسيَّة واجتماعيَّة، وهذه الأشياء تؤثِّر سلبًا على الرغبة في التعليم، وهذا التغيير في عدم الرغبة قد يكون مرتبطًا بتحوُّلٍ مِزَاجِيٍّ نَتَجَ من المشكلات التي أَشَرْتِ إليها، وسأُلَخِّص لك بعض النقاط، حاولي العمل بها بقوَّة:

- ابتعدي عن إيجاد المبررات السلبيَّة التي تُقنعك بعدم استطاعتك الدراسة، وتذكَّري أنَّكِ في بداية الشباب، وهو سنُّ الطاقة والعُنْفُوَان، الذي يجب أن تستفيدي منه بقوة.

- تذكَّري أنَّ العلم الدنيوي والعلم الديني هما من أفضل ما يمكن أن تكتسبيه؛ كما قال - تعالى -: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11].

- تأمَّلي في هؤلاء الملايين من الخَلْق الذين يدرسون وينجحون ويتميَّزون، وأنهم ليسوا بأفضل منكِ، بل أنت يقينًا أفضل من كثيرٍ منهم، قد ذكَرتِ أنَّ مستواكِ الدراسي لا بأْس به.

- استشعري أهميَّة الدراسة، وحتى إنْ وَجَدتِ انصرافًا نفسيًّا، فلا تجعلي التكاسُل والتقاعس يكون منهَجَكِ؛ لأن ذلك يَزِيده.

- أكثري من الدعاء أن يُيَسِّرَ الله أمْركِ، وحافظي على الأذكار وحصِّني بها نفسك، وحافظي على الصلوات والأوراد القرآنيَّة، هذه مُعِينات أساسيَّة لشرْح الصدر والقلب، وزيادة الرغبة والحِفظ.

- اقْضي على الشعور السلبي بأنَّ الدراسة صعبة، وفوق طاقتك؛ فإنما العلم بالتعلُّم، فصحِّحي مسارك، وافتحي صفحة جديدة، وابدئي بداية جديدة، وسَلِي الله التوفيقَ، وأنَّ يُزَلِّلَ لكِ كلَّ عسير، وأكْثري من الدعاء النبوي: ((اللهم لا سهْلَ إلاَّ ما جعلتَه سهلاً، وأنت تجعل الحَزَنَ سهلاً، إذا شِئْتَ)).

- تعلَّمي إدارة وقْتك بصورة صحيحة، فاجعلي للأنشطة اليوميَّة المختلفة نصيبًا وللدراسة نصيبًا؛ حتى لا تُصابي بالملل مرة أخرى.

- جاهِدي نفسك في محاولة الاندماج مع زميلاتك، ودَعي الخَجل والانطواء، فهما خَصْلَتا ضَعفٍ وتراجُع وانهزامٍ، وهما غير الحياء الشرعي المحمود دائمًا.

- حاوِلي أن تكون لَدَيكِ الجُرأة الأدبيَّة في الأخْذ والردِّ، واصبري على أذى زميلاتك، وتَغاضَي عن كلامهم، ولا تُعطي له اعتبارًا - إذا كان فيه سُخرية - وكوني كما وصَف الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمَ بالنخلة، شامخةً في السماء، لا تتأثَّر بأيِّ شيء، فلا تسقط ورقة منكِ لأدنى أذًى.

- تذكري أنَّ زميلاتك ما زِلْنَ صغارًا، يتصرَّفْن بغير مسؤوليَّة، وهذه طبيعة تلك المرحلة العُمريَّة.

ويُمكنك مصارحةُ أُمك، وإخبارُها بما يدور في رأسكِ؛ لتُساعدكِ على تجاوز تلك العَقبة، أو تَعْرِضَكِ على بعض الأطبَّاء المتخصِّصين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.28 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]