عرض مشاركة واحدة
  #1477  
قديم 14-12-2013, 09:14 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبـــــع الموضوع السابق (6)

إسماعيل أدهم، ذلك المغرور المنتحر



ومن مظاهر اضطراب فكر الرجل أيضا ما جاء فى بداية الفصل الأول من كتيبه التافه الذى نحن بصدده (ص 8)، ألا وهو قوله أولا إن "الحديث ما ورد عن النبى محمد من قول أو فعل أو تقرير"، إذ يعود فيقول (فى "التسوية" بين الحديث والسيرة وأنه لا فرق بين هذين العِلْمَيْن) إن الحديث يتناول ما قاله الرسول، والسيرة تتناول حياته وأفعاله. وهو كلام فى التفرقة بين العلمين لا فى التسوية بينهما، ومعناه فى أحسن الأحوال أن كلا منهما يكمل الآخر، ولكنه لا يساويه كما هو بين حتى للأعمى! ومعناه أيضا أن الرجل يقول الشىء ونقيضه: فقد عرَّف الحديث أولا بأنه "ما ورد عن النبى محمد من قول أو فعل أو تقرير"، وها هو ذا يرتد على عقبيه فيقول إن الحديث يختص بــ"أقوال النبى" فقط، على حين تختص السيرة بــ"حياته وأفعاله". وهذا كله فى أسطر قلائل جدا جدا. وبالمناسبة فكلامه كله إنما يعكس تخبطا وصبيانية لا يليقان بأى دارس مهما يكن نصيبه من العلم وفهم المنهج العلمى. الواقع أن هذا الرجل مصاب بإسهال فى الكلام ولا سيطرة له على ما يقول، بالضبط مثلما لا يستطيع المُسْهِل أن يسيطر على تشنجات أمعائه ومَخْرَج فضلاته!
ثم مثال آخر: فهو يؤكد أن الأحاديث والروايات المنسوبة إلى الرسول ليست له ولا منه فى شىء، بل تعكس ما كان المسلمون فى القرون الهجرية الثلاثة الأولى يريدونه من الإسلام (ص 21 وما بعدها). عظيم! فأين ذهبت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم إذن؟ ذلك ما لم يحاول هذا المغرور أن يجيب عليه. أيعقل أن المسلمين كانوا حرصاء كل هذا الحرص على ترديد الكلام المكذوب على الرسول ثم لم يهتموا أى اهتمام بالحفاظ على ما صدر عن رسول الله فعلا من قول أو عمل؟ ذلك غريب كل الغرابة بل مستحيل كل الاستحالة! إن فى هذا اتهاما شنيعا للأمة كلها بالكذب واللامبالاة بالدين لا يمكن أن يصدقه عاقل، أما الملتاثون فليسوا حجة فى ميدان العلم، إذ لا حجة لأى مخلوق اختل منه العقل وتفكك الذهن!
أم تراه يقول إنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يتكلم إلا بالقرآن مثلما قال أحد صبيانه، وهو أحمد صبحى منصور، الذى يكذب كذبا مفضوحا فينكر، ضمن ما ينكر، أن يكون الرسول فى أى من خطبه يوم الجمعة قد قال شيئا قط سوى بعض الآيات القرآنية فى كل مرة، مما جعلنى أسوق (فى دراستى التى وضعتُها فى الرد عليه) عددا كبيرا من خطبه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وغيرها من المناسبات الدينية تكذيبا لهذا الدجال الكاره لدين محمد والمكفر لأمته جميعا بما فيهم الصحابة على بكرة أبيهم والذى لا يجد فى الدنيا من يضع يده فى يده لبناء مسجد يتعبد فيه (على سنة الشيطان طبعا) إلا سعد الدين إبراهيم ومجدى خليل الناشط القبطى المسعور الذى يدعو مع صبحى منصور أمريكا إلى التدخل فى مصر لإجبارها على المشى على العجين القبطى دون أن تلخبطه!
على أية حال فالمنهج العلمى إنما يقتضينا، بدلا من تكذيب الأمة كلها ورميها بالتآمر على دينها ورسولها بدم بارد، ومن ثم رفض الروايات كلها على طريقة العوام والطغام حين يقولون: "الباب الذى يجيئك منه الريح، سُدّه فتستريح!" كما يصنع أدهم، هذا المنهج العلمى يقتضينا أن نعكف على الروايات والأحاديث المنسوبة للرسول الكريم ونبحث الأسباب التى تدعونا إلى الشك فى كل منها، أما السير على أسلوب "كله عند العرب صابون (والترك أيضا فوق البيعة)" فهذا لا يصح فى ميدان العلم والبحث المنهجى، بل يصح فقط عند العامة وأشباههم. ثم يصف بعض الناس الرجل بالعبقرية والنبوغ!
وممن غالَوْا أشد المغالاة فى مديحه الدكتور أحمد إبراهيم الهوارى، إذ كتب تعقيبا على ما قاله هو نفسه عن الكتيب التافه الذى بين أيدينا ومصادرة الحكومة له: "وهو كاتب مستوعب مسهب لا يتهيب مباحثه مهما كانت عويصة، وأسلوبه (على نحو ما سيرى القارئ) يميل إلى المنهج العلمى فى التدقيق والتخصيص حتى فى الأدبيات الخالصة. على أن آراءه العلمية أخذت تتسرب كأنها زيت على الثوب سرح فى نسيج الدراسة النقدية" (د. أحمد إبراهيم الهوارى/ المؤلفات الكاملة للدكتور إسماعيل أدهم/ 2/ دار المعارق/ 1984م/ 49). والحق أنه لا يَصْدُق من كلام الدكتور الهوارى إلا تشبيهه كتابات أدهم بالزيت، فهى فعلا زيت قد بَقّع نسيج النقد والأدب والتاريخ ووسَّخه ولوَّثه بما فيه من تفاهة وخلل فكرى وتهافت فى المنهج كما توضّح الأمثلة الصارخة التى أوردتها هنا، وفى كتاباته الكثير جدا من أمثالها لمن يريد أن يرجع بنفسه إلى تراث الرجل، إن تجاوزنا وسمينا هذه التفاهات الصبيانية: "تراثا"!
وفى النهاية أود أن أعيد التأكيد بأن التناقض والسطحية والعمومية هى سمات أصيلة فى فكر أدهم وعقليته. وهذه السمات ليست مقصورة على فكره الدينى، بل نجدها أيضا فى دراساته الأدبية التى طبّل لها بعض الكتاب رغم ما فيها من ثرثرة لا طائل وراءها وقيامها فى معظم الأحيان على التعميمات واللجوء إلى الأوصاف التى تَصْدُق على كل شىء وأى شىء والإبهام الذى لا يخرج القارئ منه فى كثير من الأحيان بشىء، وكذلك النقل من الآخرين دون هضم وبقاء المنقول من ثَمَّ أمشاجا منفصلة. وهذه أمثلة ثلاثة على ما نقول، وهى مأخوذة من كتابه: "توفيق الحكيم"، الذى قام على خلل شديد فى المنهج العلمى، إذ استند فى تأريخ حياة الرجل وتحليل شخصيته إلى روايتيه: "عودة الروح" و"عصفور من الشرق" وكأن بطلهما هو الحكيم نفسه بالتمام والكمال لا يزيد ولا ينقص، غافلا (لأنه لا يفقه الأدب ولا الفن القصصى على أصوله) أن ثمة فروقا بين الشخصية القصصية ومؤلفها قليلة أو كثيرة مهما قامت الدلائل على تقاربهما، وأن الخلط بينهما إلى درجة القول بتطابقهما هو دليل على جهل غليظ نعوذ بالله منه وممن يرتكبه عن رعونةٍ وخُرْقٍ وغرور!
وقد ألفيتُ الأستاذ الحكيم على هذا الرأى أيضا رغم ما أغرقه به أدهم فى ذلك الكتاب من ثناء، إذ قال (فى ملاحظاته الموجودة فى نهاية طبعة الكتاب الثانية سنة 1984م عن مكتبة الآداب) إنه "لم يهتم كثيرا بهذه الدراسة وقت ظهورها لأنه لاحظ أن كاتبها المرحوم الدكتور أدهم اعتمد فيها اعتمادا أساسيا على رواية "عودة الروح" واعتبرها وثيقة تاريخية، لم يفرق بين "الرواية" و"السيرة الذاتية". فالرواية عمل إبداعى يدخل فيه الخيال ولوازم الفن الروائى، فى حين أن السيرة الذاتية عمل توثيقى يلتزم بالحقيقة التاريخية... (و)لا يخلط هذا الخلط بين الرواية والسيرة الذاتية غير ناشئة النقاد والدارسين ممن لا يتعمقون الأنواع، وينظرون فقط إلى سطوح الشكليات". وأذكر الآن أننى قلت هذا الكلام عام 1969م فى إحدى محاضرات النقد فى السنة الأخيرة من دراستى الجامعية تعليقا على ما صنعه أحد الزملاء الذى أصبح بعد ذلك بقليل أستاذا لأخى الأصغر فى المدرسة الثانوية، إذ مضى يتحدث عن بطل رواية "عصفور من الشرق" على أساس أنه توفيق الحكيم بالتمام والكمال، وكان رأيى أنه ليس هناك دليل على أن كل ما وقع لبطل هذه الرواية أو وقع منه قد حدث فعلا فى دنيا الواقع، اللهم إلا إذا قال هذا توفيق الحكيم بصريح العبارة، وهو ما لم يحدث، فضلا عن أن الرواية عمل خيالى لا يمكن أن يكون صورة مطابقة للأحداث والشخصيات التى يستلهمها الكاتب مهما كان حرصه على الاقتراب منها.
ويجد القارئ أول الأمثلة الثلاثة (التى أشرت إليها آنفا) فى القسم الثامن من الباب الأول، حيث نطالع الحكم التالى عن رواية العقاد: "سارة"، وهو حكم يعيبه التناقض والإبهام والعمومية إلى حد بعيد، فضلا عن الركاكة فى الأسلوب: "أما العقاد فقد نشر عام 1937 قصة "سارة". وفى هذه القصة تتجلى طبيعة العقاد، تلك الطبيعة الواقعية الآخذة بأسباب التحليل. ومن هنا كانت براعة الأستاذ العقاد فى تصوير الخلجات النفسية والمشاعر والإحساسات الذاتية. ويمكننا أن نفهم سر هذا الاتجاه من العقاد إذا أحيطت من الأسباب المادية والاجتماعية المتقلقلة ما أحيط بالعقاد انقلبت إباحية. ومن هنا يمكن فهم الإباحية فى أدب العقاد والهجو على اعتبار أنها تابعة لنزعة أخرى هى الطبيعة الواقعية الآخذة بأسباب التحليل، وهذه هى الصفة الأساسية من نفس الأستاذ العقاد. أما قصته: "سارة" فيمكن أن تعتبر أحسن ما فى الأدب العربى من القصص الواقعى التحليلى، غير أن التناقض فى تصوير الخلجات والجفاف فى العرض، بمعنى جفاف الحيوية فى أسلوب التعبير، لا تقف بها عالية كثيرا عن قصة"زينب" للدكتور هيكل باشا". فانظر مثلا كيف يُقِرّ أولا ببراعة العقاد فى تحيل شخصيات "سارة"، لكى يستدير فيتهمه بالتناقض وجفاف الأسلوب معًا فى ذلك التحليل، زيادة على تهافت لغته وغموض ما يريد أن يقول أحيانا. وأما ثانيها فيطالعه القارئ فى أول هامش من هوامش الباب الثالث من نفس الكتاب، إذ يؤكد فى بداية الكلام أنه "لم يختلف أدباء العربية ومفكروها فى شىء قدر خلافهم فى تحديد معنى الفن والأدب والفنان والأديب..." ليعود بعد أسطر معدودات فيؤكد العكس تماما: "ومن المهم أن نقول إن الاتفاق يكاد يكون تاما بين كتاب العربية على أن الفن أو الأدب هو التعبير الحسن عن الأفكار والمشاعر، وليس لنا إلا أن نقول عن هذه النظرة سوى أنها صحيحة لو نظرنا للفن والأدب من جهة العرض والإبراز...".
ويبقى المثال الثالث، وهو أشبه شىء بالأحجبة والتعاويذ التى تُتَّخَذ لاستدعاء الجن والشياطين: "إن استنزال المعانى بقوةٍ مظهر من مظاهر الطبيعة الفنية، وهى فى الفن المسرحى تأخذ منحى خاصا يتجلى فى السياقة واستنزال المعانى منها. والفنان بحاسته الفنية تجده يحطم حدود المعنى المحدود فى عالم الحس ويصله بعالمه فى النفس حيث عالم ما وراء المحسوس. وتكون نتيجة ذلك أن يدور المعنى فى الذهن، وعن طريق التداعى تولد المعانى والصور فتنثال على الذهن انثيالا كما تتزاحم عليه الصور. وهذا الانثيال فى المعانى والتزاحم فى الصور إن اجتمعا فى مشهد واحد تداخلت المعانى وتمازجت الصور، يكون شىء من الرمز. وعلى هذا الوجه يفسر الاتجاه الرمزى فى قاعدة علم النفس. ومن المهم أن نقول إن قاعدة التداعى من حيث يدعو المعنى معنًى آخرَ عن طريق المشابهة، والصورةُ صورةً أخرى عن طريق المقاربة، تجرى فى ذهن الفنان بما يتكافأ وطبيعته، فهى عند الأستاذ توفيق الحكيم تجرى بقوة. ولأن ذهنه صاف (intégrité) فالمعانى والصور تأسر مخيلته، ومن هنا تبدو مخيلته دائما فى شرود وتيه. ومثل هذا الشرود والتيه يجعل من الصعوبة بمكان أن يدرك الإنسان الأشياء تتـأرجح على خضم من الرموز. وعلى هذا الوجه يمكن تفسير المعنى الرمزى فى فن الأستاذ الحكيم. ولما كانت القوة على توليد المعانى هى شىء يرتبط مجرى التداعى عند الفنان والمفكر، وكلما كانت ذهنية الفنان متؤربة صافية (intégrité) وذات قوة ترابط وتعضون كلما كانت مقدرته على التوليد أظهر. وأنت ترى عند الأستاذ الحكيم تداعى المعانى والأفكار ليستعين بالألفاظ أدواتا لها للبلوغ إلى أغراضها، وهى تستند بجانب ذلك على قدرته على التأليف والتركيب للانتهاء إلى هذه الأغراض. ولما كان الإبداع الفنى يكاد يكون وقفا على التركيب والتأليف، أعنى طراز البناء (édifice) من حيث تنسيق الإحساسات والمشاعر والأخيلة والأفكار فى أوضاع جديدة مدفوعة إلى ذلك بقاعدة التداعى، فمن الأهمية بمكانٍ النظرُ فى سير التداعى ومجرى قاعدته فى الخلوص بالبناء الفنى". ترى هل فهم أحد شيئا من هذه التعويذة الشمهورشية؟
المصدر: http://ibrawa.coconia.net
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.89 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]