عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 14-08-2009, 02:56 PM
- سماء - - سماء - غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مكان الإقامة: في ملك ربي
الجنس :
المشاركات: 182
الدولة : Palestine
افتراضي رد: ملف رمضاني شامل

رمضان والطاقة الروحية

أعباء الحياة كثيرة ، ومتعبة ومضنية ، وهي تحتاج إلى جهد في كل حال ، ولكنها بالضرورة تحتاج إلى مدد روحي يخفف وطأتها على نفسك من جهة ، ومن جهة أخرى يعين على تحملها في رضا في كثير من الأحيان ..

الطاقة الروحية بمثابة حزمة الضوء الذي تنكشف به بُنيات الطريق ، ومنعرجات الدرب ، وشوك الشعاب ، وهي بمثابة الأنيس الذي يزيح وحشة الرحلة ، ويبعثر وعثاء السفر ، ويهون كآبة المنظر ، ويزيل وساوس شياطين الإنس والجن معاً !

إن الطاقة الروحية تأتي في مقدمة العوامل التي تعين على نوائب الدهر ، كما أنها من أهم أسباب الثبات على الطريق الطويل الشائك .

وكلما صادفت مفترق طرق ، حار فيه عقلك ، كانت هذه الطاقة الروحية هي الرصيد الذي يبعثك في الاتجاه الصحيح بلا كلفة ، ويهديك في ظلمات الحيرة ، ويؤنسك في بقية الطريق ، فتمضي فيه خفيف الروح ، منشرح القلب ، مبتهج النفس ، تشيع في روحك السكينة ، ويصحبك خلاله دعاء الملائكة الكرام !

إن الطاقة الروحية هي الزاد الذي يحتاجه كل إنسان ، سواء في دائرة أسرته أو في مجال عمله ، أو في محيط المجتمع كله ، أي في جميع تقلبات حياته حيثما كان .

إنه الزاد الذي يحيا به القلب ، حتى ليفيض بالنور ، وهو الزاد الذي يوقظ الروح ، ويسمو بالنفس ، ويبعث على الأمل دائماً ، ويشيع الصفاء ، ويجدد التفاؤل مهما احلولكت ظلمات الأحداث من حولك !

كل ذلك حقيقة وليس فيه شيء من بنات الأحلام !يقول صاحب الظلال رحمه الله :

( تظل الأمور متشابكة في الحس والعقل ، ، والطرق تظل متشابكة في النظر والفكر ، والباطل يظل متلبساً بالحق ، عند مفارق الطريق !

وتظل الحجة تفحم ولا تُقنع ، وتُسكت ولكن لا يستجيب لها العقل ولا القلب ، ويظل الجدل عبثاً ، والمناقشة جهداً ضائعاً ، ذلك كله ما لم تكن هي التقوى ، فإذا تحققت التقوى استنار العقل ، ووضح الحق ، وتكشف الطريق ، واطمأن القلب ، واستراح الضمير ، واستقرت القدم وثبتت على الطريق ..... ) اهـ

ونقول :

ولا شيء يصنع الطاقة الروحية على تمامها ، مثل استقرار تقوى الله سبحانه في شغاف القلب ، وهل التقوى إلا مراقبة الله في كل خطوة ، ومع كل كلمة ، واستشعار رقابته ومعيته وحضوره عند كل منعطف ، ومع كل موقف !؟

قال تعالى :

(يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ..

فهل فكّر كل منا أن يبحث في الوسائل التي تعينه على تقرير وترسيخ حقيقة التقوى في قلبه ، ليصل إلى تلك الذرا الرفيعة فيسعد في دنياه ويفوز في أخراه ؟

إن شهر رمضان المبارك ، وهو شهر الخيرات والبركات والأنوار ، لهو خير معين ، وأروع فرصة وأقوى سبب للوصول إلى هذه الذرا السامية ..

ولقد قرر ربنا جل في علاه أن حكمة الصيام هي : التحقق بالتقوى فقال :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

فحين تحرص على أن تصوم صياما صحيحا ، على الوجه الذي يحب الله ويرضاه ، تكون قد سلكت الطريق الموصل إلى أن يتشرب قلبك حقيقة التقوى ، فإذا تكاملت فيه ، استنار وأشرق وفاض بنوره لأنه يكون قد توهج !

ذلك معناه أن طاقتك الروحية قد استوت على سوقها !

(أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ

كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)

فيلزمنا إذن أن نتواصى على أن نصوم صياما صحيحا ، فلا نخرّقه بالمعاصي ، ولا نضيعه ببعثرة الأوقات فيما لا يغني ولا يسمن من جوع ..!

بل هو فرصة قد واتتك لتهب على قلبك نسائم الجنة ، فاعمل واجهد واحرص على أن تعرض قلبك إلى هذه النفحات كل ساعة بل كل دقيقة في هذا الشهر ،

وفي المقابل احرص على أن تغلق كل كوة قد يتسلل منها الشيطان ليبدد عليك ما جمعته خلال نهارك من أنوار !!

بادر الفرصة واحذر فوتها *** فبلوغ العز في نيل الفرص.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.19 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (4.07%)]