عرض مشاركة واحدة
  #1731  
قديم 12-01-2014, 08:59 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــع الموضوع السابق

هل القرآن يغني عن السنة ؟

هل تريد أن يقول: لا عليه أن يغسل يده من بقايا هذا الطعام، و أن يجعلها تذهب إلى المصارف، فتمتزج مع القاذورات
؟!..
هل هذا هو المتفق مع مدنيتك التي تعتز بها؟ و هل هذا هو الذي يتفق مع مقتضى الشكر على نعمة أسداها الله عز و جل إليك؟ أم هل تريد من رسول الله أن يقول لك: إذا رأيت أنك قد تركت بقايا طعام في أطراف الإناء فما عليك إلا أن تقوم مشمئزاً منها معرضاً عنها، و لا عليك، و قد أشعرك الشبع بالقرف منها، أن تلقي فوقها من رماد دخينتك، و ما قد مسحت به فمك و أنفك من قطع المحارم الورقية!!.. أغلب الظن أن رسول الله لو علمك أن تفعل هذا لهللت و استبشرت و كبرت، و انتشيت لهذه التعليمات التي تتفق مع مدنيتك.
و لكن تعالوا نضع هذه المدنية الحديثة في الميزان، ميزان الذوق الإنساني الرفيع، ميزان الوفاء للمنعم عز و جل، أي عاقل يقول: إن هذا الميزان يقضي بأن يترك الإنسان بقايا الطعام بهذا الشكل بعد أن يشبع، بل يقضي بأن يتعمد ترك شيء منه في الطبق و أن يقوم عنه قيام المشمئز منه و المترفع فوقه ؟!..
إن الذي يفعل هذا إنسان لئيم بغير شك!..
و لكي تعلم صدق ما أقول قارن بين حالتك و أنت جائع شديد الجوع حتى لكدت أن تقع في مسبغة مهلكة، ( و كلنا معرضون لهذا ) و بين حالتك و أنت تتقلب في النعم التي أنت فيها، ماذا كنت تصنع لو ألمت بك الحالة الأولى ( و مرة أخرى أقول: كلنا معرضون لها ) و رأيت هذه البقايا من الطعام في قعر إناء.
ستقبل إليها و تلتهمها بالملعقة ثم بأصابعك، بل بلسانك أيضاً، ستلعق كل ما يوجد من آثار لهذا الطعام في الإناء، لأنك جائع، و لا أحد يعتب على الجائع فيما يصنع، لأننا كلنا هذا الرجل عندما ينتابنا الجوع..
ترى هل علي أن أمثل من نفسي حالة المستغني عن الله و عطائه، عندما يعطيني فأشبع، ناسياً ما أنا معرّض له في كل ساعة، فأترفع عن بقايا الطعام المتفرق في أطراف الطبق، و أجعل من ترفعي هذا لسان استغناء و كبرياء أمام الآخرين، ثم لا أبالي أن تذهب هذه البقايا في المجاري مع القاذورات، و أنا أعلم أن الله لو زجني في حرمان مطبق مجيع، فلسوف أبحث عن هذه البقايا و أمثالها بين القمامة و على " المزابل " و لربما أزاحم في ذلك الحيوانات؟!..
أما منطق اللؤم فيقول نعم، لك أن تسكر بالعطاء و تنسى المعطي. و لا تشغل بالك باحتمالات الحرمان، فلكل حادث حديث!!..
و أما منطق الشكر و الوفاء فيقول: يجب أن يكون لسان الناطق بحمد الله في الشبع، هو ذاته لسانك الناطق بحمده في الجوع. إذ أنت عبده الضعيف في كلا الحالين، و أنت المحتاج إليه عند إقبال النعمة كما أنت محتاج إليه عند إدبارها..
و يقول منطق الوفاء: إن جوهر الشكر لله لا يستبين لدى التهامك الطعام و التقاطك لنثراته وأنت جائع، إذ أنت إنما تتعامل في هذه الحال، مع مشاعر جوعك و حاجتك .. و إنما يستبين جوهر الشكر عندما يشبعني الله و يغنيني، ثم أقبل إلى الطعام بالطريقة ذاتها، ألتقط نثاره، و أتعقب بقاياه، أينما كانت على أصابعي أو داخل طبقي أو ما تساقط منه حولي.. أحفل بذلك كله و أنا أتمتع بنعيم العطاء، كما كنت أحفل به أيام الجوع و البأساء..
و يقول منطق الشكر و الوفاء: من حمد الله على نعمته في السراء وقاه الله بذلك من الضراء.
إذن فحديث مسلم عن جابر الذي يأمر فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بلعق الأصابع ومسح الطبق من بقايا الطعام، دعوة إلى الشكر و الوفاء و تحذير من اللؤم و الاستكبار.
و أشهد أنه لا يشمئز من هذا الحديث و يتسامى على إتباعه، إلا من يشمئز من الشكر والوفاء، و يجنح إلى اللؤم و الكبرياء.
تلك هي المعذرة الثانية التي تُصطنع اليوم لإبعاد السنة عن مجال الحجية بها، و للتفريق الذي حذر القرآن منه بين الله و رسوله.. فهل هناك من معذرة أخرى؟
ربما كانت معذرتهم الأخرى، أن في أحاديث رسول الله و تصرفاته، ما يبدو لكل متأمل و ناظر أنه لا ينطلق إليها من قرار ديني بعث به، و لكنه يمارسها كأي منا بحكم بشريته و إنسانيته، و بحكم تعامله مع الدنيا كسائر الناس الآخرين.
و نقول في الجواب عن هذا: مع يقيننا بأن سنة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية فعلاً، بنص من كلام الله سبحانه و تعالى، و بقرار من القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، نقول: هل كل تصرفات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تعد سنة نافذة، و من ثم فهي مصدر ثان من مصادر الشريعة الإسلامية؟
لا .. هناك تصرفات داخلة في الأعمال الجبلية، التي تصدر من المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بوصف كونه بشراً من الناس، يأكل كما يأكلون، يشرب كما يشربون، ينعس فينام، يتعب فيستريح، يتصرف التصرفات الجبلية التي يتعرض لها الناس بحكم بشريتهم، يناقش في أمر الأطعمة و تحضيرها مثلاً، أو الآبار وحفرها، أو التكتيكات العسكرية و اختيار أجداها.
هذه الأمور لا تدخل في نطاق السنة، التي هي مصدر من مصادر التشريع، أي الحرام و الواجب و الحلال و المكروه و نحو ذلك.
من المعلوم أن أمهات الكتب التي تعنى بأصول الفقه تحفل ببيان هذا الأمر و تفصيل القول فيه. و من خير من كتب فيه الإمام الشاطبي في كتابه "الموافقات".
حتى الأقوال و الأفعال التي تدخل في معنى السنة، التي هي المصدر الثاني للتشريع، إنما تأخذ حجيتها من إقرار القرآن لرسول الله عليها ببيان مؤكد، أو بسكوت ينبئ عن الإقرار بها و عدم المعارضة لها. فمصدر انقيادنا لهذه السنة يقيننا بأنه رسول من عند الله، فهو لا يأمرنا أو ينهانا إلا بالذي يأمرنا به أو ينهانا عنه الله.. و عندما يخطّئ الله رسوله في أمر ما، فإننا في كل الأحوال إنما نتلقى تعاليمنا من عند رسول الله.. و كل ما يخبرنا به أو يجتهد فيه من أمور الدين، فهو بالنسبة إلينا حق يجب الانقياد له و الأخذ به، و عندما يأتيه تصحيح من عند الله، فإنما نأخذه نحن من عند رسول الله لأنه هو واسطتنا في الانقياد لأوامر الله.. و هذا هو معنى قول الله تعالى (و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله )[النساء: 64].
إذن فحيثما أقر القرآن تصرف المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بسكوت أو بتأكيد فقد ترسخت حجية السنة التي نطق بها أو فعلها رسول الله و تأكد وجوب انقيادنا له. و حيثما استدرك القرآن على شيء قاله المصطفى (صلى الله عليه وسلم)،أو على أمر اجتهادي اجتهده النبي فالحجة تستقر بما قد نطق به كتاب الله سبحانه و تعالى، و لكن عن طريق خبر رسول الله و بيانه. و لعل هؤلاء الذين يقولون: القرآن يغني عن السنة، لم يدرسوا هذه القواعد و الأحكام العلمية عن السنة و لو يدركوا حقيقتها و أبعادها.
و إذن فنحن في كلا الاحتمالين المتوقعين لنتيجة اجتهاده مكلفون بأتباعه وطاعته.
فمثلاً، جاءت زوجة أوس بن الصامت إلى رسول الله تشكو إليه أن زوجها قال لها: أنت مني كظهر أمي، و أخذت تسأله عن معنى هذا الكلام، فقال لها: ما أراك إلا قد حرمت عليه، قاله اجتهاداً من عنده.. أي الذي أراه أن هذا كناية طلاق، لذا فينبغي أن تكوني قد حرمت عليه.. و يبدو أنها أدركت أنه قال ذلك اجتهاداً لا عن وحي، فناقشته قائلة: لعله لم يرد طلاقاً، و لكنه (صلى الله عليه وسلم) عاد فقال لها: ما أراك إلا حرمت عليه، فقالت له يا رسول الله: إن لي منه صبية إن ضممتهم إلي جاعوا، و إن تركتهم إليه ضاعوا، و لكنه عاد فقال لها: ما أراك إلا قد حرمت عليه!.. فقامت تقول: أشكو إلى الله أمري!..
و سرعان ما نزل على رسول الله قوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها و تشتكي إلى الله و الله يسمع تحاوركما )[المجادلة : 1]. إلى أن قال تعالى : (و الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) [المجادلة : 3] إلى آخر الآيات . فأوضحت الآيات أن كلام أوس ليس طلاقاً، كما قد اجتهد رسول الله، و إنما هو ظهار، و من ثم فبوسعه أن يعود إلى زوجته بعد الكفارة التي يجب عليه أن ينفذها. فأرسل النبي وراء زوجة أوس بن الصامت، و تلا عليها الآيات التي أنزلها الله سبحانه و تعالى عليه، وبين لها الحكم الذي أوحى به إليه الله عز و جل..
والمهم أن نعلم بأن امرأة أوس إنما تلقت الحكم الذي يجب عليها أن تأخذ نفسها به ، في كلا الحالتين من رسول الله (ص). فعندما اجتهد في الحالة الأولى و أنبأها بأنها قد حرمت عليه، كان واجباً عليها الانقياد لبيانه و طاعته في حكمه لأن الله قد أمرها و المسلمين جميعاً بطاعة رسول الله. و عندما تنزل عليه التصحيح و أنبأها به، وجب عليها أن تطيعه (صلى الله عليه وسلم) وتنقاد لبيانه الثاني هذا. و هذا هو معنى قولنا: إن الله يملك أن يصحح اجتهاد رسول الله و أن يدله على ما هو الحق في علمه، و لكن أحداً من غير الله لا يملك أن يخطئه في اجتهاده و يعصيه في ذلك بهذه الحجة.
و بعد فتلك هي حجج هؤلاء الذين يطرحون هذه المقولة و ينشرونها و يذيعونها، و ربما ألفوا فيها الكتب، و كتبوا فيها المقالات، و نشروا الدوريات، و عادوا و كرروا بإلحاح أن القرآن يغني، في هذا العصر، عن السنة. و قد تبين لنا أنها أعذار وهمية، لا ظل لها من الدلالة العلمية و البرهان المنطقي.
إذن، فلا بد أن نصنفها في قائمة الأغلوطات.
و قد آن لنا الآن، و قد تبين لنا بطلانها في ميزان الدراية العلمية و المنطقية أن نلفت النظر إلى بعض الخطط الخارجية المرسومة لإقصاء هذه الأمة عن إسلامها من حيث لا تشعر، و إلى أن الدعوة إلى نبذ السنة ليست إلا استجابة لأوامر صادرة من أصحاب تلك الخطط.
وليم كليفورد مدير معهد علم الإجرام في استراليا، أوفدته هيئة الأمم المتحدة ممثلاً لها لحضور سلسلة مؤتمرات "المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة" و المنبثقة عن جامعة الدول العربية، بصفة مراقب، كان ذلك في أواخر السبعينات.
عاد كليفورد هذا بانطباعات و اقتراحات ضمنها تقريراً مطولاً، أودعه بعض أروقة الأمم المتحدة، ثم قدمه إلى دوائر أميركية خاصة تعنى بأحوال الشرق الأوسط.
و قد شاء الله أن يصل هذا التقرير المطول إلي.. و قد كتبت عنه دراسة مفصلة في كتابي "على طريق العودة إلى الإسلام" و ها أنا ألفت النظر هنا إلى أهم النقاط التي فيه.
أولاً: يقرن الكاتب بين ما يسميه "حركة انبعاث إسلامية قوية تغذيها ولية مضادة للاستعمار و بين ما يراه انهياراً بصورة ملحوظة لتلك الهيبة التي كانت تنبع سابقاً من اقتباس النماذج المثلي من المجتمعات الحضارية الغربية التي هي أكثر تفوقاً من الناحية الفنية و الأكثر تقدماً و غنى".
ثانياً: يحمل الكاتب الغرب من خلال هذه المقارنة مسؤولية النتائج التي قد تنجم من ذلك الانبعاث الإسلامي الحثيث الذي بات ينذر بتجاوز الحدود التقليدية للممارسات الإسلامية، حيث يبرز على أنه نوع من السعي الحثيث إلى استعادة تحقيق الذات.
ثالثاً: يتوقع كاتب التقرير، بقدر كبير من الخوف و القلق أن يحقق هذا الانبعاث النجاح المطلوب في المرافق الاجتماعية و السياسية، بحيث يتسبب عن هذا النجاح ما يضاعف حماس الشعوب الإسلامية في دعم انبعاثها الإسلامي و استعادة نظمه و أحكامه.. لذا فالمتوقع من النجاح الدنيوي و الحماس الديني أن ينفخ أحدهما القوة في الآخر، على حد تعبيره.
رابعاً: يربط الكاتب مخاوفه هذه بالقوة المادية الأولى التي يتمتع بها الشرق العربي، ألا و هي النفط.. و يكرر بشدة أن حركة انبعاث إسلامية جادة، تدعمها الطاقة المادية التي يتمتع بها أصحاب ينابيع النفط، كفيلة بقلب موازين الحضارة كلها، و القضاء على ما تبقى للغرب من هيبة و نفوذ، على حد تعبيره.
خامساً: يؤكد الكاتب أهمية القضاء على هاتين القوتين: المادية و الدينية، و يوصي باتباع السبل الكفيلة بوضع الغرب يده على ينابيع النفط!..
و فيما يتعلق بالخوف من الرجوع إلى ينابيع الشريعة الإسلامية يوصي بالعمل على ما يلي:
أولاً: فصل القرآن عن السنة و إقناع المسلمين بأن ما يسمى سنة ليس إلا اجتهادات شخصية من النبي عليه الصلاة و السلام.
ثانياً: إخضاع القرآن للاجتهادات و التأويلات المفتوحة و الكفيلة بمسايرة الإسلام للحضارة الغربية و اندماجها في سياسة الغرب.
هذا تلخيص لتقرير مطول يبلغ 30 صفحة، و أعتقد أن بوسع كل مثقف أن يلاحظ كيف طبق الشطر الأول من توصية " كليفورد " ذلك الشطر الداعي إلى بسط الغرب سلطانه على ينابيع النفط، كأدق ما يكون التطبيق. كما أن بوسع أي مثقف أن يلاحظ أنشطة الجنود المكلفين بتنفيذ الشطر الثاني منها، و الداعي إلى فصل القرآن عن السنة و تسليط الاجتهادات الكيفية على القرآن..
فالدعوة إلى نبذ السنة و الاكتفاء بالقرآن ناشطة في كل البلاد العربية، و ما وراءها من الأقطار الإسلامية، الأسلوب واحد و المبررات واحدة..
و القصد من هذه الخطة إخراج القرآن من حصنه الذي يحرسه و يحميه ألا و هو السنة، حتى إذا تهاوت من حوله رقابة السنة و ضوابطها، و ظهر القرآن أمام جمهرة العابثين به في العراء، سهل عليهم أن يفرغوه مما لا يريدون و أن يملؤوه بعد ذلك بما يريدون، و أن يجعلوا أخيراً من القرآن مخلاة لما توحي به الدوائر الغربية من الأفكار و الفلسفات التي تضمن بقاء هيمنة الغرب على هذا الشرق الإسلامي، و تقضي على الأخطار التي يحذر منها ( بهلع شديد) وليم كليفورد.
و انظروا كيف تسير الدعوة المهتاجة إلى نبذ السنة جنباً إلى جنب مع الدعوة إلى ما يسمى ب "القراءة المعاصرة" ..
أجل، القراءة المعاصرة هي البديل الذي ينبغي أن تحل محل السنة!.. أن يشرح رسول الله القرآن الذي تنزل عليه، لا، ليس هذا من حقه!.. أما أن يحل محله من يصرون اليوم على أن يخضعوه من خلال القراءة المعاصرة، لما يشتهون و يهوون و لما يمليه عليهم منفذو توصيات وليم كليفورد، فذلك حق ثابت لهم!!..
و ما هي "القراءة المعاصرة".
هي البديل المقترح عن قواعد تفسير النصوص التي تخضع لها اللغة العربية منذ عمر هذه اللغة إلى يومنا هذا، و التي يتم التخاطب على أساسها بين المتحاورين، مثل قاعدة: الأصل في الكلام الحقيقة، و لا يصار إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة، و قاعدة اللفظ العام يجري على عمومه، و قاعدة العام يجري على عمومه، و قاعدة اللفظ المطلق يحمل على الفرد الكامل، يحمل المطلق على المقيد و ليس العكس، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.. الخ.
و العجيب الذي يفضح هذه الخطة من مصدرها المرسوم إلى عملائها المنفذين، أن هذه "القراءة المعاصرة" لا تستدعى لتسلط على النصوص القانونية، و لا على النصوص الفلسفية، ولا على نصوص التاريخ، و لا على الأدب الجاهلي و لا القصة القديمة.. و إنما يلاحق بها القرآن حصراً.. فمن هو ذاك الغبي الذي يجهل معنى هذه الدعوة و ما وراءها؟..
وبوسعك أن تجد هذه الشنشنة بالطابع ذاته أينما حللت و اتجهت من البلاد الإسلامية العربية و غيرها.
في تركيا دعوة ملحة إلى إخضاع القرآن للقراءة المعاصرة.
في مصر.. في الباكستان، في البلاد الإسلامية من جنوب شرق أسيا، و إنك لتنظر فتجد المعزوفة هي هي، و اللحن هنا وهناك هو هو ..
ولا بد أن نستجيب للعقل فنلاحق دعاة القراءة المعاصرة بالسؤال التالي: إن كان مبدأ القراءة المعاصرة هو الحق في دراسة القرآن و فهمه، و القواعد العربية التي كان التخاطب يتم بها مع العرب الذين تنزل القرآن بينهم و في عصرهم، باطلة و غير صحيحة، فلماذا لا تطبق القراءة المعاصرة هذه على كل الكلام العربي الذي وجد في عصر نزول القرآن أو من قبله أو من بعده؟ و لماذا لا يتم تحريره هو الآخر من ربقة تلك القواعد العربية المعتمدة في أصول التخاطب؟!.. لماذا لا يخضعون مراجع الفلسفة القديمة للقراءة المعاصرة.؟ لماذا لا يخضعون الأدب الجاهلي و المعلقات العشر، كمعلقة امرئ القيس و غيرها للقراءة المعاصرة؟!..
لماذا القرآن وحده، دون غيره من هذه الكتب القديمة كلها، هو الذي يراد بإلحاح إخضاعها للقراءة المعاصرة؟!..
الجواب الواضح هو أنه لا مصلحة لدى أصحاب هذه الدعوة و ملقنيهم بالتلاعب بشعر امرئ القيس أو النابغة الذبياني أو التاريخ أو الأدب أو غيرها.. إذ الهدف المطلوب هو تغيير الإسلام و تبديد مبادئه و أحكامه و بتر صلة ما بينه و بين المسلمين الذين يأبون إلا انقياداً لأوامره و أحكامه، كما ألح على ذلك وليم كليفورد في نهاية تقريره.. و إنما يتم هذا الهدف بتسليط القراءة المعاصرة على القرآن ، لا على كتب التاريخ و الأدب و نحوها.
غير أن سلطان القراءة المعاصرة لا يمكن أن يهيمن على القرآن، ما دامت السنة النبوية تحرسه و تحمي معانيه و أحكامه. لذا فقد كان لا بد من إقصاء السنة و القضاء عليها أولاً.
أخيراً أذكركم بالوصية التي أوصى بها الزعيم الشيوعي الإيطالي ( تولياني ) قبل موته عام 1963 فلقد كان من وصيته أن لا يحارب الإسلام من خارج سلطانه و دائرته، لأن ذلك يثير ردود فعل كثيرة عند المسلمين، و إنما النهج الأمثل هو التسرب إلى داخل الإسلام، و القضاء عليه من داخله، باسم الاهتمام به و تجديده و الغيرة عليه.
غبي جداً من يتصوربعد هذا – أن هؤلاء الذين يسعون اليوم إلى القضاء على الإسلام من داخله، أنصار و جنود له.. و لكن الأغبى منه من يسعى هذا السعي للعبث بالإسلام و القضاء عليه، و هو يظن أن في المسلمين الصادقين في إسلامهم من ينطلي عليه خداعه و يؤخذ بألاعيبه و دجله..
المصدر:مقتبس من كتاب يغالطونك إذ يقولون؟!! بقلم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.32 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]