عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-01-2020, 02:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي الأعياد الشرعية والأعياد الوضعية

الأعياد الشرعية والأعياد الوضعية




علي عيد





شرع الله تبارك وتعالى لعباده عيدين في العام، هما عيد الفطر وعيد الأضحى، فقد روى أنس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: "قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى".

وشرع للمسلمين في هذين اليومين اللعب واللهو المباح والفرح البريء، فقد روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: "أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد، فاطَّلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت".

وفي رواية البخاري قالت: "دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: دَعْهُمَا، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا قَالَ: تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ: دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ: حَسْبُكِ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاذْهَبِي".

وروي أنه قال يومئذ: "لتعلم يهود المدينة أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة".

وروي أيضًا قوله عليه الصلاة والسلام في أيام التشريق: "أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله عز وجل".

والمتأمل في وقت العيدين، يجد أنهما أتيا بعد موسم حافل بالعبادة والبذل والتضحية، فعيد الفطر يأتي بعد شهر رمضان، وفيه ما فيه من مقاومة العادة، وعصيان الغرائز، والاستعلاء على الرغائب ومعايشة الملائكة ومصاحبة القرآن. وعيد الأضحى يأتي بعد بذل الوقت والجهد والمال والسعي إلى بيت الله الحرام وأداء مناسك الحج، متعنا الله بها بإذنه وعونه.

وارتبط العيد في التشريع الإسلامي بالعبادة والذكر، فللعيد صلاة وتكبير وتهليل وتحميد، وكما يثاب على فرحه وإدخاله السرور على الآخرين، ويثاب على لعبه البريء ورياضته الراقية، والمجزي والمثيب على اللهو المباح واللعب البريء هو المثيب على الصلاة والذكر والتكبير والتحميد والتهليل، وهذا معنى العيد المستفاد من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وأعجب العجب كله من هذه الأعياد والمواسم التي ملأت علينا حياتنا، والتي تعطل فيها الجهود وينسى فيها الإله وتذكر أسماء ما كان لها أن تشغل المسلمين، وقلدنا غيرنا في أحداث ما سمي بأعياد الميلاد، وبعضنا لبس عباءة الدين، بل وشغلنا بأعياد جاهلية أصلا سابقة على الإسلام، ألا يسأل الناس عمن شرع لهم هذه الأعياد؟ وممن يلتمسون جزاء الاحتفال بها وإحيائها؟ وهل هم محقون في لهوهم وعبثهم أم لا؟

إن الأمم التي تعمل جاهدة على إنشاء مواسم للهو واللعب غير البريء، إنما تربي أجيالها على غير الجادة والرجولة، بل تصوغ نفوسهم على التميع والرخاوة، فضلًا على كونها تعلن بلسان الحال عدم رضائها واكتفائها بتشريع الله، وتشرع من نفسها زيادة على تشريعه، أعيادًا وموالد وضعية ما أنزل الله بها من سلطان.

وصدق الله تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103، 104].

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.59%)]