عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 22-09-2006, 12:36 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

أنواع الصوم



أولاً: الصوم الواجب:
1. صوم رمضان:
قال تعالى: {ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ?لصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ?لَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:18].
وقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ ?لَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ?لْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـ?تٍ مِّنَ ?لْهُدَى? وَ?لْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185].
قال الطبري: "{كُتِبَ عَلَيْكُمُ ?لصّيَامُ} فرض عليكم الصيام"([1]).
وقال ابن عبد البر: "... وأجمع العلماء على أن لا فرض في الصوم غير شهر رمضان..." ([2]).
وقال ابن تيميمه: "... صيام رمضان فرض في الجملة، وهذا من العلم العام الذي توارثته الأمة خلفاً عن سلف، وقد دلّ عليه الكتاب والسنة والإجماع"([3]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) ([4]).
وجاء في حديث جبريل قوله: ((... الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً))([5]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان)) قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئاً ولا أنقص منه. فلما ولّى قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سرّه أن ينظر إلى رجلٍ من أهل الجنة فلينظر إلى هذا))([6]).
وعن طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دويّ صوته ولا نفقهُ ما يقول، حتى دنا ؛ فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمس صلوات في اليوم والليلة)) فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: ((لا إلا أن تطوّع)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وصيام رمضان)) قال: هل عليّ غيره؟ قال: ((لا إلا أن تطوّع))، قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل عليّ غيرها؟ قال: ((لا إلا أن تطوّع)). قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح إن صدق))([7]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من القوم؟ – أو من الوفد؟)) قالوا: ربيعة، قال: ((مرحباً بالقوم – أو بالوفد – غير خزايا ولا ندامى)). فقالوا: يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفّار مُضر، فَمُرْنا بأمرٍ فصل نُخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة. وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: ((أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس)). ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدباء، والنقير، والمزفت – وربما قال: النقير – وقال: ((احفظوهن، وأخبروا بهن من وراءكم))([8]).
2. قضاء أيام رمضان:
قال تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185].
قال الطبري: "... ومن كان مريضاً أو على سفر في الشهر فأفطر، فعليه صيام عدة الأيام التي أفطرها، من أيام أخر غير أيام شهر رمضان"([9]).
عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟! فقالت: (أحرورية أنت؟) قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: (كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) ([10]).
قال النووي: "أجمع المسلمون على أن الحائض والنفساء لا تجب عليهما الصلاة، ولا الصوم في الحال، وأجمعوا على أنه لا يجب عليهما قضاء الصلاة، وأجمعوا على أنه يجب عليهما قضاء الصوم" ([11]).
3. صوم المتمتع والقارن في الحج إذا لم يجدا الهدي:
أما المتمتع فلقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِ?لْعُمْرَةِ إِلَى ?لْحَجّ فَمَا ?سْتَيْسَرَ مِنَ ?لْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـ?ثَةِ أَيَّامٍ فِي ?لْحَجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196].
وجاء عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: (لم يرخّص في أيام التشريق أن يصوم إلا لمن لم يجد هدياً) ([12]).
وأما القران فقال الشيخ الشنقيطي: "واعلم أن من يعتدّ به من أهل العلم أجمعوا على أن القارن يلزمه ما يلزم المتمتع من الهدي، والصوم عند العجز عن الهدي"([13]).
4. كفارة الحلق في الحج – على التخيير –:
قال تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءوسَكُمْ حَتَّى? يَبْلُغَ ?لْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196].
قال الحافظ ابن كثير: "وعامة العلماء أنه يخير في هذا المقام، إن شاء صام، وإن شاء تصدق بفَرْقٍ، وهو ثلاثة آصع، لكل مسكين صاع، وهو مُدّان، وإن شاء ذبح شاة وتصدق بها على الفقراء"([14]).
وعن كعب بن عجرة قال حُملتِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال: ((ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ بك هذا أما تجد شاةً ؟!)) قلت: لا، قال: ((صُمْ ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك))([15]).
قال الخطابي: "قلت: هذا إنما هو حكم من حلق رأسه لعذر مِنْ أذى يكون به، وهو رخصة له، فإذا فعل ذلك كان مخيراً بين الدم والصدقة والصيام"([16]).
5. جزاء قتل الصيد للمحرم – على التخيير –:
قال تعالى: {يَـ?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ?لصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمّداً فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ?لنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ هَدْياً بَـ?لِغَ ?لْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـ?كِينَ أَو عَدْلُ ذ?لِكَ صِيَاماً لّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ?للَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ?للَّهُ مِنْهُ وَ?للَّهُ عَزِيزٌ ذُو ?نْتِقَامٍ} [المائدة:95].
قال ابن جرير الطبري: "وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـ?كِينَ أَو عَدْلُ ذ?لِكَ صِيَاماً} أن يكون تخييراً، وأن يكون للقاتل الخيار في تكفيره – بقتله الصيد وهو محرم – بأيّ هذه الكفارات الثلاث شاء..." ([17]).
وقال في قوله تعالى: {أَو عَدْلُ ذ?لِكَ صِيَاماً}: "...أو على قاتل الصيد محرماً عدلُ الصيد المقتول من الصيام، وذلك أن يُقوّم الصيد حياً غير مقتول قيمته من الطعام بالموضع الذي قتله فيه المحرم، ثم يصوم مكان كلّ مُدّ يوماً..." ([18]).
6. كفارة القتل – على الترتيب -:
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى? أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مّنَ ?للَّهِ وَكَانَ ?للَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء:92].
قال ابن عطية: "... عند الجمهور: فمن لم يجد العتق ولا اتّسع ماله له فيجزيه صيام شهرين متتابعين في الأيام، لا يتخللّها فطر"([19]).
وقال البغوي: "والقاتل إن كان واجداً للرقبة أو قادراً على تحصيلها بوجود ثمنها فاضلاً عن نفقته ونفقة عياله وحاجته من مسكن ونحوه فعليه الإعتاق، ولا يجوز أن ينقل إلى الصوم، فإن عجز عن تحصيلها فعليه صوم شهرين متتابعين، فإن أفطر يوماً متعمداً في خلال الشهرين أو نسي النية ونوى صوماً آخر وجب عليه استئناف الشهرين"([20]).
7. كفارة اليمين – على الترتيب -:
قال تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ?للَّهُ بِ?للَّغْوِ فِى أَيْمَـ?نِكُمْ وَلَـ?كِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ?لاْيْمَـ?نَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَـ?كِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـ?ثَةِ أَيَّامٍ ذ?لِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَـ?نِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَ?حْفَظُواْ أَيْمَـ?نَكُمْ كَذ?لِكَ يُبَيّنُ ?للَّهُ لَكُمْ ءايَـ?تِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:89].
عن ابن عباس أنه قال: (هو بالخيار في هؤلاء الثلاثة، الأول فالأول، فإن لم يجد من ذلك شيئاً فصيام ثلاثة أيام متتابعات)([21]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمتى كان واجداً فعليه أن يكفر بإحدى الثلاث، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام..." ([22]).
8. كفارة الظهار – على الترتيب –:
قال تعالى: {وَ?لَّذِينَ يُظَـ?هِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ?للَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ C فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِ?للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ?للَّهِ وَلِلْكَـ?فِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة:3، 4].
قال الطبري: "يقول تعالى ذكره: فمن لم يجد منكم ممن ظاهر من امرأته رقبة يحررها، فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا والشهران المتتابعان هما اللذان لا فصل بينهما بإفطار في نهار شيء منهما إلا من عذر"([23]).
قال القرطبي: "ذكر الله عز وجل الكفارة هنا مرتبة؛ فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الرقبة، وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام، فمن لم يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكيناً..."([24]).
وعن خولة بنت مالك بن ثعلبة قالت: ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه، ويقول: ((اتقي الله فإنه ابن عمك)) فما برحمت حتى نزل القرآن: {قَدْ سَمِعَ ?للَّهُ قَوْلَ ?لَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا} [المجادلة:1]. إلى الفرض فقال: ((يعتق رقبه)) قالت: لا يجد، قال: ((فليطعم ستين مسكيناً)) قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت: فأتى ساعتئذٍ بعَرَقٍ من تمر، قلت: يا رسول الله، فإني أعينه بعرقٍ آخر، قال: ((أحسنت، اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك))([25]).
قال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد رقبةً، أن فرضه صيام شهرين متتابعين وذلك لقول الله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [المجادلة:4]، وحديث أوس بن الصامت وسلمة بن صخر"([26]).
9. صيام النذر:
قال تعالى: {يُوفُونَ بِ?لنَّذْرِ وَيَخَـ?فُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} [الإنسان:7].
قال قتادة: "كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم فسمّاهم الله بذلك الأبرار"([27]).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: ((نعم، فدين الله أحق أن يُقضى)) وفي رواية: قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أمي ماتت وعليها صوم نذر..))([28]).
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ومن نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه))([29]).
وعن زيادة بن جبير قال: كنت مع ابن عمر فسأله رجل فقال: نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت، فوافقت هذا اليوم يوم النحر فقال: (أمر الله بوفاء النذر ونهينا أن نصوم يوم النحر)، فأعاد عليه، فقال مثله لا يزيد عليه([30]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ويصام النذر عنه – يعني: الميّت – سواء تركه لعذر أو لغير عذر ...، قال في رواية عبد الله – في رجل مرض في رمضان -: إن استمر المرض حتى مات، ليس عليه شيء؛ فإن كان نذر صام عنه وليه! إذا هو مات؛ لأن النذر محلة الذمة، وهو أوجبه على نفسه.
ولهذا قد يجب على الإنسان من الديون بفعل نفسه ما يعجز عنه، ولا يجب عليه بإيجاب الله عليه إلا ما يقدر عليه.
ولهذا لو تكفّل من الدَّيْن بما لا يقدر عليه ؛ لزمه في ذمّته.
وعلى هذا فلا فرق بين أن ينذر وهو مريض فيموت مريضاً، أو ينذر صوم شهر ثم يموت قبل مضي شهر"([31]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) تفسير الطبري (3/409).
([2]) التمهيد (22/148).
([3]) شرح العمدة (1/26- الصيام).
([4]) رواه البخاري (1/20) كتاب الإيمان، باب: دعاؤكم إيمانكم رقم (8)، ومسلم (1/45) كتاب الإيمان باب أركان الإسلام ودعائمه العظام رقم (16).
([5]) رواه البخاري (1/33) كتاب الإيمان، باب: سـؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلـم رقم (50)، ومسلم (1/36-38) كتاب الإيمان، باب: الإيمان والإسلام رقم (8).
([6]) رواه البخاري (1/431)، كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة رقم (1397)، ومسلم (1/44) كتاب: الإيمان، باب: بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة رقم(14).
([7]) رواه البخاري (1/31-32) كتاب: الإيمان، باب: الزكاة من الإسلام رقم (46)، ومسلم (1/40-41)، كتاب: الإيمان باب: السؤال عن أركان الإسلام رقم (11).
([8]) رواه البخاري (1/35) كتاب: الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان، رقم (53)، ومسلم (1/46) كتاب: الإيمان باب: الأمر بالإيمان بالله تعالى رقم (17).
([9]) تفسير الطبري (3/457).
([10]) رواه مسلم (1/265) كتاب: الحيض باب وجوب قضاء الصـوم على الحـائض رقـم (335) وأبو داود (1/262) كتاب: الطهارة، باب: في الحائض لا تقضي الصلاة . وأبو أعوانه (1/270) والبيهقي (1/308).
([11]) شرح صحيح مسلم (4/26).
([12]) تفسير الطبري (4/98).
([13]) منسك الإمام الشنقيطي (3/97).
([14]) تفسير ابن كثير (1/349-350) وانظر: الفروع لابن مفلح (3/258)، ونيل الأوطار (5/77).
([15]) رواه البخاري، كتاب: تفسير القرآن باب: ((فمن كان منكم مريضاً)) رقم (4517).
([16]) معالم السنن (2/161) . وانظر: المبدع (3/136)، والفروع (3/258)، والأم (2/186) وبدائع الصنـائع (2/178)، وبداية المجتهد (1/276)، وتحفة المحتاج (2/197).
([17]) تفسير الطبري (11/37).
([18]) تفسير الطبري (11/42)، وانظر: أحكام القرآن للطحاوي (2/281-287)،وللجصاص (4/140-141). وأضواء البيان (2/133-134)، والمغني (5/415-518).
([19]) المحرّر الوجيز (4/211).
([20]) تفسير البغوي (2/263).
([21]) أخرجه الطبري في تفسيره (10/561).
([22]) مجموع الفتاوى (35/349).
([23]) تفسير الطبري (23/232).
([24]) تفسير القرطبي (17/285).
([25]) رواه أبو داود كتاب: الطلاق، باب: في الظهار رقم (2214) وابن ماجه كتاب: الطلاق، باب: الظهار رقم (2062)، وأحمد (6/411) وحسنه الألباني كما في صحيح أبي داود (2/416-4117) وانظر: إرواء الغليل (7/176) رقم (2091).
([26]) المغني (11/85) . وانظر: الدر المختار (2/798)، ومغني المحتـاج (3/364-365)، وكشـاف القنـاع (5/443-448).
([27]) أخرجه الطبري في تفسيره (29/208).
([28]) رواه البخاري كتاب الصوم باب من مات وعليه صوم رقم (1953).
([29]) رواه البخاري كتاب الأيمان والنذور، باب: النذر في الطاعة رقم (6696).
([30]) رواه البخاري كتاب الأيمان والنذور باب: من نذر أن يصوم أياماً رقم (6706)، ومسلم، كتاب: الصيام باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى رقم (1139).
([31]) شرح العمدة (1/375- الصيام-).

ثانياً: صيام التطوع:
1. صيام داود عليه السلام وهو صوم يوم إفطار يوم:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وإن أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً))([1]).
عن عبد الله بن عمرو قال: أُخبِر النبي صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنت الذي تقول ذلك؟)) فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك؛ فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام ؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر))، قال: قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل الصيام))، قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا أفضل من ذلك))([2]).
2. صوم شهر الله المحرم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: ((الصلاة في جوف الليل))، فقيل: فأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: ((شهر الله المحرّم))([3]).
3. صوم أشهر الحرم:
ورد فيه حديث ضعيف عن مجيبة الباهلي عن أبيه أو عمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((...، صم شهر الصبر وثلاثة أيامٍ بعده، وصم أشهر الحرم))([4]).
وورد عن ابن عمر أنه كان يصوم أشهر الحرم.
وعنه أنه كان لا يكاد يفطر في أشهر الحرم ولا غيرها ([5]).
وقال النووي: "قال أصحابنا: ومن الصوم المستحب صوم الأشهر الحرم، وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، ومن لا يشق عليه فصوم جميعها فضيلة"([6]).
وقال ابن رجب:"وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلّها، منهم ابن عمر، والحسن البصري، وأبو إسحاق السبيعي، وقال الثوري: الأشهر الحرم أحبُّ إليَّ أن أصوم فيها"([7]).
4. صيام ستّ من شوال:
عن أبي أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، فذلك صيام الدهر))([8]).
عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها))([9]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "... وذلك أن صيام الدهر هو استغراق العمر بالعبادة، وذلك عمل صالح، لكن لما فيه من صوم أيام النهي والضعف عما هو أهم منه كُرِه، فإذا صام ستة مع الشهر الذي هو ثلاثون؛ كتب له صيام ثلاثة مئة وستين يوماً؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها ؛ وكذلك فسّره النبي صلى الله عليه وسلم، فحصل له ثواب من صام الدهر من غير مفسدة، لكن بصومه رمضان، ومن صام ثلاثة أيام من كل شهر ؛ حصل له ثواب صيام الدهر بدون رمضان ويبقى رمضان له زيادة – إلى أن قال – وسواءً صامها عقيب الفطر أو فصل بينهما، وسواء تابعها أو فرّقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وأتبعهُ بست من شوال)) وفي رواية: ((ستاً من شوال))، فجعل شوالاً كله محلاً لصومها، ولم يخصص بعضه من بعض، ولو اختص ذلك ببعضه لقال: ((ستاً من أول شوال أو من آخر شوال)). وإتباعه بست من شوال يحصل بفعلها من أوله وآخره؛ لأنه لا بد من الفصل بينها وبين رمضان بيوم الفطر، وهو من شوال، فعلم أنه لم يرد بالاتباع أن تكون متصلة برمضان، ولأن تقديمها أرجح حِجه كونه أقرب وأشد اتصالاً، وتأخيرها أرجح لكونه لا يحلق برمضان ما ليس منه، أو يجعل عيد ثان كما يفعله بعض الناس فاعتدلا"([10]).
5. صوم يوم عرفة لغير الحاج:
عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده))([11]).
قال أبو بكر البيهقي: "وهذا إنما يستحب لغير الحاج، وأما الحاج فقد قال الشافعي رحمه الله: ترك صوم عرفة للحاج أحب إليَّ من صوم يوم عرفة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك صوم يوم عرفة، والخير في كل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن المُفطر أقوى في الدعاء من الصائم، وأفضل الدعاء يوم عرفة" ([12]).
قال النووي: "معناه يكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها الصغائر"([13]).
6. صيام العشر أو التسع الأيام من ذي الحجة:
قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام))، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء))([14]).
قال ابن حجر: "واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة ؛ لاندراج الصوم في العمل"([15]).
وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسعاً من ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، أول اثنين من الشهر وخميسَين([16]).
وقال الحسن: (صيام يوم العشر يعدل شهرين)([17]).
قال ابن رجب: "وممن كان يصوم العشر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد تقدم عن الحسن وابن سيرين وقتادة ذكر فضل صيامه، وهو قول أكثر العلماء، أو كثير منهم.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قطّ)،... وقد اختلف جواب الإمام أحمد عن هذا الحديث، فأجاب مرّة بأنه قد رُوي خلافه، ... وأجاب أحمد مرّة أخرى بأن عائشة أرادت أنه لم يصم العشر كاملاً، يعني: وحفصة أرادت أنه كان يصوم غالبه، فينبغي أن يُصام بعضه، ويُفطر بعضه. ثم ناقش ابن رجب الجواب الثاني([18]).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]