عرض مشاركة واحدة
  #68  
قديم 28-03-2020, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله


السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(68)



إرهاصات النبوة الخاتمة



اقتضت حكمة الله جل جلاله أن الأحداث العامة لا تأتي للناس بغتة ، وإنما لها بين يديها مقدمات تمهد لها ، وبشائر تعلن عن قدومها ، لتتهيأ الأذهان لتلقيها ، ولتستعد القلوب للتجاوب معها .

أرأيت إلى الشمس ؟ أتراها تطلع في أفق من الآفاق دون أن تسبقها أضواء الصباح ، ودون أن تقوم بين يديها أنسام الفجر لتوقظ الأحياء لها ، وتهيئهم لاستقبالها ، وتملأ عيونهم نورا هاديا مترفقا قبل أن يغمرهم ضوئها ، ويغشى أبصارهم شعاعها !؟.

أرأيت إلى الغيث والمطر ؟ أتراه يأتي فجأة دون أن يسبقه غيم يبشر بقدومه ، أو رعد وبرق ينذر بحلوله حتى يأخذ الناس استعدادهم فيطمعوا أو يفزعوا !؟.

ثم أرأيت إلى صنيع الناس وتدبيرهم مع ملوكهم ورؤسائهم ؟ أتراهم يلقون هؤلاء الملوك والرؤساء فجأة وعلى غير انتظار ؟ أم تراهم يتخذون لذلك من الوسائل ما يوقظ الناس ويلفتهم إلى لقائهم قبل أن يطلعوا عليهم ، وتلتقي أعينهم بهم !؟

وما الشمس في جلالها وعظمتها ؟ وما الغيث في إطماعه وإفزاعه ؟ وما الملوك والرؤساء في سلطانهم وهيبتهم ؟

إنهم أرض والنبوة سماء! وإنهم رعية والنبوة راعية ! وإنهم طل والنبوة وابل ! وإنهم جند والنبي قائد ! وإنهم صغار والنبي قيم على هؤلاء الصغار !

ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم آية الآيات في النبوات ... ولها من الآثار في الحياة بقدر ما تفرق في النبوات كلها ... إنها ليست لشعب أو قبيلة أو بلدة ، وإنها ليست لجيل أو جيلين أو ثلاثة أجيال من الناس ... بل هي للإنسانية كلها ، وللأجيال جميعها .. منذ ظهور هذه النبوة إلى أن ينتهي دور الإنسانية على هذه الأرض

لذلك فإن ظهور النبي ، بل خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم ، لا يمكن أن يقع دون أن يقوم بين يدي موكبه من يعلن في الناس نبأه ، ويفسح الطريق لهذا الموكب الجليل المهيب .

من ثم كانت الإرهاصات التي سبقت وصاحبت ميلاده صلى الله عليه وسلم ، والإرهاصات التي صاحبت نشأته وتقدمت نبوته صلى الله عليه وسلم ، وبقدر ما كانت نبوته ورسالته جليلة القدر ، عظيمة المنزلة ، وبقدر مكانته العظيمة عند ربه ، بقدر ما كان الإرهاص له صلى الله عليه وسلم أعمق في التاريخ أثرا ، وأفسح مدى في جوانبه العلمية .

تعريف الإرهاص :

الإرهاص : هو تلك الأمارات والمقدمات والعلامات المخالفة للمألوف والخارقة للعادة ــ التي تسبق بعثة أو ميلاد نبي من الأنبياء ، والتي تشير إلى أن هذا الإنسان هو معدن الخير ومرجى الكمال (1).

المعجزة الفرق بين الإرهاص:

المعجزة : هي أمر خارق للعادة يظهره الله على يد مدعي النبوة-تصديقاً لرسالته وتأييداً لدعوته -مقرون بالتحدي ، سالم من المعارضة (2).

ومن خلال هذا التعريف للمعجزة يتضح أن الإرهاص والمعجزة يشتركان في خرق العادة ، لكن الإرهاص زمنه قبل النبوة ، فهو إما سابق لميلاد النبي أو مصاحب لميلاده ونشأته ولا يقترن به تحدي ، بل يكون توطئة للنبوة وتأسيسا للرسالة ، بخلاف المعجزة ، فإنها تكون في زمن النبوة ومقرونة بالتحدي .






(1)- انظر : التعريفات للجرجاني ص16 ، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي ص51 .

(2)- الإتقان للسيوطي ( 2 / 311 ) .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]