عرض مشاركة واحدة
  #75  
قديم 18-04-2023, 12:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,968
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضان فى عيون الادباء متجدد

رمضان فى عيون الادباء

أنوارٌ رمضانية في رؤى شعرية
شمس الدين حسين درمش
رمضان بشرى الصائمين:
ويعقب ذلك الإقبال من المؤمنين نحو رمضان مدلجين في السير، وقد شدوا المآزر وهجروا المضاجع ولهم أزيز النحل بترانيم التسبيح والذكر، يعقب ذلك كله بشرى بالأجر العظيم والغفرآن العميم، ولهذا يعبر الشاعر محمد ذيب النطافي (9) فيقول:
يا صائماً شهر الهدى بُشراكا *** نلتَ الثوابَ وفزتَ في دنياكا
أعطاكَ ربُّكَ في الحياة كرامة *** وأعدَّ جنتَه غداً للقاكا
فالأرضُ حولكَ روضةٌ فواحةٌ *** والجنة الفيحاءُ عن يمناكا
مفتوحةٌ لك والطريقُ سلامُ
فالشاعر ينقلنا إلى الغاية القصوى وهي الفوز بثواب الله في الغد الآتي جنة أعدها الله سبحانه للقاء الصائمين مفتوحة والطريق إليها سلام: ( سَلامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ) [ يس: 58 ] ( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ) [الأحزاب:44] ( وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) [الرعد:23ـ24] (( أَفْشُوا السَّلاَمَ بَينَكُمْ)) [رواه مسلم]. تأتي عبارة الشاعر كلمة واحدة تفتح في ذاكرتنا كل أبواب السلام.
ليلة القدر خير من ألف شهر:
إذا كان لرمضان كل ذلك الأثر الأثير في نفوس المؤمنين فإن لليلة القدر الأثر الأسمى، وكيف لا؟! وهي خير من ألف شهر، منة من الله وهبة ورحمة لعباده يرفع فيها درجاتهم ويحط عنهم سيئاتهم.
فالشاعر محمد التهامي(10) يغتنم الفرصة ليهيم بالدعاء ويعنون قصيدته -دعائي في ليلة القدر- فيقول:
بكل الشوق في قلبي *** طرقت الباب يا ربي
وفي شفتي ضراعات *** لقلب ذاب في جنبي
دعاء في تألقه *** ضياء غير ذي لهب
يسيل الطهر في دمعي *** ليغسل صدقه ذنبي
والشاعر يلح في الدعاء.. ويلح في الطرق على الباب، ويتذلل في باب الرحمن فيقول:
وحسبي أنك الرحمن في رضوانه.. حسبي
تجيب ضراعة المحتاج عند الموقف الصعب
وتهدي خطوة الحيران إن ضلت عن الدرب
طلبت رضاك يا رحمان واسترحمت في طلبي
ويعيش الشاعر حيدر الغدير(11) لحظات إيمانية، وتمتلئ جوانحه بالأمن والسكينة، ويعتريه شعور بأنه وافق ليلة القدر العظيمة، فنال ما نال من الخير، فيقول:
وأسرى بي اليقين فبعض ما بي *** عوالم والحبور لها دنان
ولاح الفوز يدعوني إليه *** وهش إلي يدعوني الأمان
وجئت الحشر قد غفرت ذنوبي *** طليقاً لا أدين ولا أدان
أنادي قد ظفرت ويا لسعدي *** وجود الله والثقة الضمان
وإنها للحظات لا توصف سعادتها إذا يرى المرء نفسه طليقا في الحشر، ناجياً لا له ولا عليه (لا أدين ولا أدان) معتقاً من تبعات الحساب. وهذا من الشاعر أمنية الخائفين!! ويستدرك ذلك في أبياته التالية، إذ يصحو فيجد نفسه مازال في الدنيا وأمامه طريق لا بد من قطعه فيتسلح بالثقة بعفو الله فيقول:
صحوت من الأماني بيد أني *** على ثقة بها لا تستهان
وملئي أن عفو الله كون *** فلا إنس يحيط به وجان
وأن غدي بها أعلى وأغلى *** وأن تمام نعمته الجنان
وللشاعر مصطفى عكرمة(12) وقفة في ليلة القدر، يصف فضلها وإقبال الناس إلى الله فيها، فيقول:
بليلة القدر ناجى الناس وابتهلوا *** وفي رضاك إلهي كلهم أمل
أنزلت فيها لنا القرآن يعصمنا *** من الضلال فلا شرك ولا زلل
ومنة منك قد ميزتها كرماً *** عن ألف شهر ففيها الفضل مكتمل
ما كان أسعد من قد عاش معتبراً *** بما هديت ولم تذهب به السبل
ويعمم الشاعر دعوته ليشمل كل الناس، فيقول:
رحماك يا رب فارحم كل من وقفوا *** بباب عزك وارحم كل من غفلوا
فأنت خالقهم ربي ورازقهم *** وما نسيت من الإحسان من بخلوا
تزداد حلماً وغفراناً ومرحمة *** حتى بمن قد عصوا يارب أو جهلوا
ولكن الشاعر صابر عبد الدايم(13) يتصور ليلة القدر بصورة محسوسة، فيشخصها ليخرج للقائها بكامل استعداده، ويجري معها حواراً يعبر عن آماله ومطالبه فيقول:
وسرت لألقى ليلة القدر، نورها *** يشع إلى الغايات بالبشر وافاني
فشمرت عن ساقي أظن ضياءها *** بحارا وقبلت الضياء بوجداني
وقلت لها: ما زلت أعبر ساحة *** بها العمر بالقرآن والفتح عمران
فمن ألف شهر أنت خير فأبشري *** ويا رب ساعات تعد بأزمان
بمحرابك الأسنى أفوه بتوبتي *** وإني غريق في سحابات أحزاني
وأرفع كلتا راحتي لخالقي *** ليمحو آثامي ويغفر عصياني
فقالت: وما أدراك علي أعودكم *** فتلقون نصراً فيه تمزيق بهتان
فقلت: وأقصى ما تمناه مسلم *** هو النصر روحي للفدا خير قربان
وقلت لها: قد جمع الصوم بيننا *** لنا العيد يا أختاه بالنصر عيدان
فخطاب الشاعر ليلة القدر ب (يا أختاه)يدل على الحميمية التي عاشها في تلك الساعات حتى أحس أنه وليلة القدر صنوان، وأضفى بأسلوب الحوار حيوية لصوره التعبيرية.
عندما يغرب الجلال:
يظهر هلال رمضان نضواً ضئيلاً، ثم ينمو ليلة بعد ليلة حتى يكتمل بدراً تماماً، ولأن "لكل شيء إذا ما تم نقصان" يبدأ البدر بالتآكل فإذا الصائمون القائمون أمام حقيقة غروب جلال رمضان ليتيح المجال لهلال جديد مشرق بالعيد مملوء بالسرور والحبور.. الشاعر سلمان بن زيد الجربوع(14) كان يتابع مسيرة الهلال في صعوده ونزوله، واكتماله ونقصانه، وعندما همّ جلال رمضان بالغروب صاح فزعاً:
قف يا هلال العيد لا تطلع فما *** درب تلقفنا ولا دمع رقا
قف يا هلال العيد لا تطلع ففي *** أعماقنا حزن سقانا واستقى
إن شئت أن تحيا مساءك باسماً *** مغرورقاً بالبشر، أو مغدودقا
فامنح بلاد المسلمين تفاؤلاً *** فلقد قسا ليل الإياس وأقلقا
وأعد يتامانا إلى بسماتهم *** وأعد روابينا إلى أهل التقى
هلا ّ رحمت سهادنا ببشارة *** قبل الرحيل فقد يعز الملتقى!!
وإذا بالشهر الكريم كما عهدناه معطاء مغداقاً بالخير، قد سمع نداء الشاعر الملهوف واستجاب لمطالبه:
وتلفت الشهر الكريم فليلنا *** عبق وشلال الضياء تدفقا
وحنا علينا، كيف لا يحنو وقد *** قرأ الملامح لهفة وتحرقا
ودعا فأشواق النفوس تزاحمت *** ترجوه أيسر ما يكون فأغدقا
وسمعته لما تهيأ للنوى *** يستنطق الأمل الجميل المشرقا
عوجوا على ربع الهدى، فلكم دعا *** ربع الهدى أسرى الضياع فأطلقا
عوجوا يعد غصن الهناءة مورقا *** ويطر هزار المكرمات مشقشقا
وإذ أنهى الشهر الكريم نصيحته للمسلمين بالعودة إلى دينهم ليعود لهم عزهم وكرامتهم كان رحيله حتما مقضيا ليأتي العيد بجماله في الظواهر والضمائر.
يتبع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.78 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]