عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-08-2019, 11:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: هدي الإسلام في نقد الأخطاء وتصحيحها

هدي الإسلام في نقد الأخطاء وتصحيحها (2)


استكمالا لما بدأنا الحديث عنه في أساليب النقد وتصحيح الأخطاء؛ حيث ذكرنا أن الخطأ سلوك بشري يقع فيه الجميع، كبارًا وصغارًا، وذكرنا أننا لا يمكن أن نترك الأخطاء كما هي، ولا نبحث لها حلولاً تناسبها وتصححها، ولكن كيف نصحح أخطاء الآخرين؟ وهل هناك أساليب ينبغي أن تُستعمل في نقدنا للآخرين؟ هل نجد في السنة النبوية ما يرشدنا إلى أحسن الأساليب؟ هذا ما سنتناوله في هذه السلسلة.

السابع: النقد بأسلوب تعليمي

وهذا الأسلوب من أساسيات أساليب النقد وأشدها أثرا، وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما سنلاحظ في الأمثلة الآتية: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ المسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَرَدَّ وَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»؛ فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثَلاَثًا؛ فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي؛ فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» صحيح البخاري: كتاب الصلاة 1/152.

وعَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ؛ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ المَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ المَائِدَةِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (النساء: 43)؛ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ المَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ، قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا؟ قَالَ: نَعَمْ؛ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ؛ فَأَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ المَاءَ؛ فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا؛ فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ» صحيح البخاري: كتاب التيمم 1/77.

الثامن: التصحيح وإيجاد البديل

ومن الأساليب المثمرة ألا نكتفيَ بالإنكار أو بالتخطئة فقط، بل أحياناً يتطلب الأمر أن نقدم البدائل لما نريد تغييره. وفيما يأتي أمثلة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ؛ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِه؛ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ؛ فَقَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ؛ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ»، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ؛ فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا». صحيح البخاري: كتاب الصلاة 1/90.

وعن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه ، قَالَ: جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ؛ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «مِنْ أَيْنَ هَذَا؟»، قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ؛ فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: «أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ». صحيح البخاري: كتاب الوكالة 1/103.

التاسع: نقد غير مباشر

وهذا من أكثر ما استعمله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبه وتوجيهاته، وهو أسلوب نقد وتربويّ؛ لما يرجى من عقبه من ثمار، وهو: من باب ستر العورات ومحبة المخطئ لمن واجهه بهذا الأسلوب، ومن باب تجنب التفضيح ورد الفعل من المخطئ، وأن يرجى منه قبول وتأثير بالغ، ومن أمثلته في السنة النبوية صلى الله عليه وسلم : ما رُوي عن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- في حديثها الطويل – حديث الإفك- وكان مما قالت: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ؛ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ؛ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي». صحيح البخاري: كتاب المغازي 5/116.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ؛ فَقَالَ: «مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ، تَحْتَ قَدَمِه؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا» وَوَصَفَ الْقَاسِمُ فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. صحيح مسلم: كتاب المساجد 1/389.

عَنْ مَسْرُوقٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ: صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ؛ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ[؛ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ؛ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً». صحيح البخاري: كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب 8/26.


العاشر: مراعاة حدود النقد وحفظ مكانة المخطئ

إن الإسلام جاء لمراعاة الحقوق وألاّ يبغي أحد على أحد، وفي حديث عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا؛ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي»، وفِيهِ: «وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ». صحيح مسلم: كتاب الجنة، باب الصفات التي يعرف بها أهل الجنة وأهل النار 4/2198 ، ومن هذا المنطلق والإرشاد النبويّ، يجب أن تراعى الحقوق في نقد الآخرين، وألاّ تتجاوز في حدودها، وهذا ما سنستفيده من هذه الأمثلة إن شاء الله -تعالى- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ؛ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «لاَ تَلْعَنُوهُ؛ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».

وفي رواية أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانَ؛ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ؛ فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ». صحيح البخاري: كتاب الحدود 8/158.

الحادي عشر: النقد باستهداف نقطة الخطأ

إن من الحكمة أن تفهم النقطة الأساسية للخطأ حتى ترمي سهمك إلى هدف صحيح، وحتى لا تتساقط في عالم هو في الحقيقة خارج عن ميدان الخطأ؛ وبذلك يكون نقدك محققاً للغرض. وإليك بعض الأمثلة مما يفيد هذا الأسلوب من الأحاديث: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»؛ فَقَامَ رَجُلٌ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». صحيح البخاري: كتاب النكاح 7/37.

وعن الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتِ: جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا، يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ؛ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ فَقَالَ: «دَعِي هَذِهِ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ». صحيح: كتاب النكاح 7/،19 وفي رواية الترمذي: «اسْكُتِي عَنْ هَذِهِ، وَقُولِي الَّتِي كُنْتِ تَقُولِينَ قَبْلَهَا». سنن الترمذي: أبواب النكاح 3/391، وفي رواية ابن ماجه: «أما هذا فلا تقولوه، ما يعلم ما في غد إلا الله». سنن ابن ماجه: كتاب النكاح 1/611

وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ؛ فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ؛ فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لِخَالِدٍ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟» قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «ادْفَعْهُ إِلَيْهِ»؛ فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ، فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتُغْضِبَ؛ فَقَالَ: «لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلًا، أَوْ غَنَمًا، فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا، فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ، وَتَرَكَتْ كَدْرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ، وَكَدْرُهُ عَلَيْهِمْ».ومن قول الإمام النووي عقب هذا الحديث: «وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ يُسْتَشْكَلُ؛ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْقَاتِلَ قَدِ اسْتَحَقَّ السَّلَبَ، فَكَيْفَ مَنَعَهُ إِيَّاهُ وَيُجَابُ عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا لَعَلَّهُ أَعْطَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ تَعْزِيرًا لَهُ وَلِعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ لِكَوْنِهِمَا أَطْلَقَا أَلْسِنَتَهُمَا فِي خَالِد رضي الله عنه وَانْتَهَكَا حُرْمَةَ الْوَالِي وَمَنْ وَلَّاهُ الْوَجْهُ الثَّانِي لَعَلَّهُ اسْتَطَابَ قَلْبَ صَاحِبِهِ فَتَرَكَهُ صَاحِبُهُ بِاخْتِيَارِهِ وَجَعَلَهُ لِلْمُسْلِمِين، َ وَكَانَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ اسْتَطَابَةَ قَلْبِ خَالِدٍ رضي الله عنه لِلْمَصْلَحَةِ فِي إِكْرَامِ الْأُمَرَاءِ». شرح صحيح مسلم للإمام النووي: 12/64.

وعن أَبُي إِدْرِيسَ الخَوْلاَنِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ؛ فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ» قَالَ: وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الخَبَرَ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي، إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا؛ فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «غَامَرَ: سَبَقَ بِالخَيْرِ». صحيح البخاري: كتاب التفسير 6/59.


وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «لَا تُؤْذُوا خَالِدً؛ فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، صَبَّهُ اللهُ عَلَى الْكُفَّارِ». المعجم الكبير للطبراني: باب الخاء 4/104.

منقول

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]