عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-01-2021, 09:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي معنى اسم الرفيق

معنى اسم الرفيق
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي





الدَّلَالات ُاللُّغويةُ لاسمِ (الرَّفِيق)[1]:
الرفيق: الرفيقُ في اللُّغَةِ مِن صيَغِ المبالغةِ، فَعِيلٌ بمعنى فاعلٍ، فِعْلُه: رَفَقَ يَرْفق رِفْقًا.
وَالرِّفْقُ: هو اللُّطفُ وهو ضدُّ العنْفِ، ويعني: لِينَ الجانبِ ولَطافةَ الفعلِ، رفقَ بالأَمرِ وله وعليه وهو به رَفِيقٌ يعني لَطيف.

وعند أحمدَ من حديثِ عائشةَ؛ أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَا كَانَ الرِّفْقُ في شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ وَلَا عُزِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ"[2]، فالرفقُ هو اللّطفُ.
ورَفِيقُكَ: هو الَّذي يُرَافِقُكَ في السفَرِ تَجْمَعُكَ وإِيّاه رُفقةٌ واحدةٌ.

والرفيقُ أيضًا هو الذي يَتولَّى العملَ برفقٍ، أو يتَرفَّقُ بالمريضِ ويتلَطَّفُ به.
وعند أبي داودَ وصححهُ الألبانيُّ من حديثِ أبي رمثة؛ أَنَّ أباه قَالَ للرسول صلى الله عليه وسلم: أَرِنِي هَذَا الَّذِي بظَهْرِكَ فَإِنِّي رَجُلٌ طَبِيبٌ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "اللهُ الطَّبِيبُ، بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ رَفِيقٌ، طَبِيبُهَا الذِي خَلَقَهَا"[3].

والمرْفَقُ مِنْ مَرَافِق الدارِ الأماكنُ المصاحبةُ للدارِ مِن خدماتٍ مختلفةٍ كَمصَابِّ الماءِ ونَحوِها.
والمرفِقُ من الإِنسانِ والدَّابَّةِ أَعلى الذراعِ وأَسفل العَضُدِ[4].
والرفيقُ سبحانه هو اللطيفُ بعبادهِ، القَريبُ منهم، يغفرُ ذنوبَهم، ويتوبُ عليهم.

وهو الذي تَكَفَّلَ بهمِ مِن غيرِ عِوَضٍ أو حاجةٍ، فيَسَّرَ أسبابَهم، وقدَّرَ أرزاقَهم، وهداهم لِـمَا يُصلحُهم، فنعمتُه عليهم سابغةٌ، وحكمتُه فيهم بالغةٌ، يحبُّ عبادَهُ الموَحِّدِينَ، ويَتقبَّلُ صالحَ أعمالهِم، ويُقرِّبُهم وينصُرُهم على عدوِّهم، ويُعامِلُهم بعَطْفٍ ورحمةٍ وإحسانٍ، ويدعو مَنْ خالفه إلى التوبةِ والإيمانِ.

فهو الرفيقُ المحسِنُ في خفاءٍ وسِتْرٍ، يحاسبُ المؤمنينَ بفضلِهِ وَرَحْمتِه، ويحاسبُ المخالفين بعدلِهِ وحكمتِهِ، ترغيبًا لهم في توحيدِهِ وعِبادتِهِ، وحِلمًا منه لِيدخلوا في طاعتهِ[5].

والله عز وجل رفيقٌ يُتابعُ عِبادَهُ في حركاتِهم وسكناتِهم، ويتولَّاهُم في حِلِّهم وترحالِهم بمعيةٍ عامَّةٍ وخاصَّةٍ:
فالمعيَّةُ العامَّةُ كقوله تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ﴾ [المجادلة: 7].

والمعيَّةُ الخاصَّةُ كقوله: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 19].

وعند الترمذي وصححه الألبانيُّ من حديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ"[6].

وعند مسلمٍ مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقولُ إذا خرجَ للسَّفرِ: "اللهُمَّ أنْتَ الصَّاحِبُ في السفرِ والخلِيفة في الأَهْلِ...." الحديث[7].

وهو الرفيق الذي يجمعُ عبادَهُ الموحِّدين عندَه في الجَنَّةِ كما قالتِ امرأةُ فرعونَ: ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ﴾ [التحريم: 11].

وعند البخاريِّ من حديثِ عائشةَ قالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهْوَ صَحيحٌ: "لَنْ يُقْبَضَ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ"، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي، غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى"، قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ الحَدِيثُ الَّذي كَان يُحَدِّثُنَا، وَهْوَ صَحِيحٌ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى"[8].

ورُودُه في الحديثِ الشَّريفِ[9]:
وَرَدَ في حديثِ عائشة رضي الله عنها؛ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "يَا عَائِشَةُ، إنَّ اللهَ رفيقٌ يُحبُّ الرِّفقَ، ويُعطِي عَلَى الرِّفقِ مَا لَا يُعْطَي عَلَى العُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ"[10].

وعنها رضي الله عنها قالتْ: لمَّا مرِضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المرضَ الذي مات فيه جعلَ يقولُ: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى" وفي روايةٍ: أَنَّه رفعَ يدَهُ، أو إصْبَعهُ، ثم قال: "فِي الرَّفيقِ الْأَعْلَى" ثلاثًا ثم قَضَى...[11].

معنى الاسم في حقِّ الله تعالى:
قال القرطبيُّ بعد أَنْ بيَّنَ المعنى اللُّغويَّ للاسمِ: "وللهِ تعالى مِن ذلك ما يَليقُ بجلالِهِ سُبْحَانَهُ.
فهو الرَّفيقُ؛ أي: الكثيرُ الرِّفقِ، وهو اللِّينُ والتسهيلُ، وضدّهُ العُنفُ والتَّشديدُ والتَّصْعِيبُ.
وقد يجيءُ الرِّفقُ بمعنى: الإِرفاقِ، وهو إعطاءُ ما يُرتفقُ به، وهو قولُ أبي زيدٍ.
وكلاهما صحيحٌ في حقِّ اللهِ تعالى.

إذْ هو الميسِّرُ والُمسهِّلُ لأسبابِ الخيرِ كلِّها، والُمعطي لها، وأعْظمُها: تيسيرُ القرآنِ للحفظِ، ولولا ما قال ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ﴾ [القمر: 17] ما قَدِرَ على حِفْظهِ أحدٌ، فلا تيسيرَ إلا بتيسيرِهِ، ولا منفعةَ إلا بإعطائِهِ وتقديرِهِ.

وقد يجيءُ الرفقُ أيضًا بمعنى: التَّمهُّل في الأمورِ والتَّأنِّي فيها، يُقال منه: وقفتُ الدابةَ أرفقُها رفقًا، إذا شدَدْتُ عَضُدَها بحبلٍ لِتُبطِئَ في مَشْيِها.

وعلى هذا يكون "الرَّفيقُ" في حقِّ الله تعالى بمعنى "الحليم"؛ فإنه لا يُعجِّلُ بعقوبةِ العُصاةِ ليتوبَ مَن سَبَقَتْ له العِنايةُ، ويَزدادُ إثمًا مَنْ سبقتْ له الشقاوةُ.

وقال الخطَّابِيُّ: "قوله: "إِنَّ اللهَ رفيقٌ" معناه: ليس بعَجُولٍ، وإِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يخافُ الفوتَ، فأما مَنْ كانتِ الأشياءُ في قبضتِه ومُلكِه فليس يعَجلُ فيها"[12].
وقال النوويُّ: "وأما قولُه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ رفيقٌ" ففيه تصريحٌ بتسميتِه سبحانه وتعالى، ووصفِه برفيقٍ.

قال المازري: لا يُوصفُ اللهُ سبحانه وتعالى إلا بما سَمَّى به نفسَهُ، أو سمَّاهُ به رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أو أَجمعَتِ الأُمَّةُ عليه، وأما ما لم يَرِدْ إِذنٌ في إطلاقِهِ، ولا وَرَدَ منعٌ في وصفِ اللهِ تعالى به ففيه خلافٌ: منهم مَنْ قال يبقى على ما كان قبل وُرُودِ الشرعِ، فلا يُوصفُ بِحِلٍّ ولا حُرْمَةٍ، ومنهم مَنْ مَنعَهُ.

قال: وللأصوليين المتأخِّرين خلافٌ في تَسميةِ اللهِ تعالى بما ثَبتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخبرِ الآحادِ، فقال بعضُ حُذَّاقِ الأشعريَّةِ: يجوزُ؛ لأَنَّ خَبَرَ الواحِدِ عنده يَقتضي العملَ، وهذا عنده مِن بابِ العمليَّاتِ لكنَّهُ يَمنعُ إثباتَ أسمائِهِ تعالى بالأقيسَةِ الشَّرعيةِ، وإنْ كانتْ يُعملُ بها في المسائلِ الفِقهيَّةِ.

وقال بعضُ متأخِّريهم: يُمنعُ ذلك، فمَنْ أجاز ذلك فَهِمَ مِن مسالِك الصَّحابةِ قَبولَهم ذلك في مثلِ هذا، ومَنْ مَنَعَ لم يُسلمْ ذلك، ولم يَثْبُتْ عِنده إجماعٌ فيهِ فبقي على المنْعِ.

قال المازريُّ: فإطلاقُ رفيقٍ إنْ لم يثبُتْ بغيرِ هذا الحديثِ الآحادِ، جرى في جوازِ استعمالِهِ الخلافُ الذي ذكرنا، قال: ويُحتملُ أَنْ يكون َصفةَ فعلٍ، وهي: ما يخلقُه اللهُ تعالى من الرِّفقِ لعبادِهِ، هذا آخرُ كلامِ المازريِّ".

قال النوويُّ: "والصحيحُ جوازُ تسميةِ اللهِ تعالى رفيقًا وغيرَهُ مما ثَبَتَ بخبرِ الواحدِ، وقد قدَّمنا هذا واضحًا في كتابِ الإيمانِ في حديثِ: "إِنَّ الله جميلٌ يُحبُّ الجمالَ" في باب تحريم الكِبْرِ، وذكرْنا أنه اختيارُ إمامِ الحرَمين"[13].

وقال ابنُ القَيِّمِ في (النونيَّةِ)[14]:
وهو الرَّفيقُ يُحبُّ أهلَ الرفقِ ♦♦♦ يُعطيهـمُ بالـرِّفقِ فـوقَ أَمَـانِ



يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.52%)]