عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-10-2020, 05:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ابن مالك اللغوي

ابن مالك اللغوي



غنيم غانم عبدالكريم الينبعاوي



الباب الثالث: ويقع في فصلين:

أولهما: عن أهمِّ مصادر ابن مالك اللغوية: وهي الكتب التي عوَّل عليها كثيرًا في تأليف كتبه اللغويَّة، ولمَّا كانت هذه الكتب مهمَّة، فقد رأيت أنْ أعرض لها بالدراسة الموجزة فأعرف بها وبما فيها، وأقف على موضوعها ومنهجها، وطريقة تأليفها، ثم أذكر مدى أقادة صاحبنا منها.



ثانيهما: عن أهم مراجعه الثانوية في اللغة، وقد اكتفيت في هذا الفصل بذِكر أهمها عند ابن مالك والتعريف بها بإيجاز.



الباب الرابع: أمَّا هذا الباب فهو في "النقد والتقويم" جعلته في ثلاثة فصول:

تناولت في أولها: آراء القدماء والمحدثين في ابن مالك بين مؤيِّدين ومعارضين، فعرضت لبعض الذين أثنوا عليه من المتقدمين والذين تعصَّبوا عليه، ثم عرضت لبعض نقود المتأخِّرين العادلة.



وناقشت في الفصل الثاني بعضًا من آراء المحدثين ممَّن أفرطوا في الثناء عليه، بحيث جعَلُوه خلوًا من كل عيب، أو انتقدوه وراحوا يُردِّدون بعض أقوال الغامطين لحقه دون تدقيق أو تمحيص.



أمَّا الفصل الثالث فذكرت فيه رأيي في دراسة صاحبنا وآرائه.



الخاتمة: وفيها لخَّصت عملي فأبرزت دون إطالة أهمَّ النتائج التي توصَّلت إليها.



3- المصادر والمراجع:

لعلَّ من أكبر الصُّعوبات التي لاقيتها في بناء بحثي هذا هي مصادره الأساسية؛ أي: (كتب ابن مالك) فقد حاولت جاهدًا الوقوف على هذه المصادر؛ لأنَّ مادة هذا البحث مبعثرة في كتاب صاحبنا اللغوية وغيرها ممَّا ألف في محال النحو والصرف والقراءات، زِدْ على هذا أنَّ ابن مالك قد خلَّف لنا آثارًا لغويَّة لم تنشرْ منها إلا القليل.



وقد بذلتُ الجهدَ في جمع مادَّة هذا البحث واستقصاء معلوماته من المصادر والمراجع القريبة والبعيدة، فتكلَّفت مشقَّة السفر وأعباءه إلى كلٍّ من مصر وسوريا وتركيا، فزُرت بعض المكتبات، ووقفت على بعض المخطوطات وصوَّرت ما احتجت إليه.



أمَّا المراجع الحديثة التي رأيت الإفادة منها في عملي فقد رجعت إلى الكثير منها، ولا سيَّما الرسائل الجامعية التي لها صلة ببحثي من قريب أو بعيد، فقد علمت أنَّ أستاذي الدكتور راشد راجح الشريف قد اشتغل في "تحقيق الكافية الشافية الكبرى لابن مالك وتحليل منهجه النحوي في هذا الكتاب مقارنًا بالألفية" لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كمبرج، فاتَّصلت به، ولقد لقيت منه كل مساعدة، وأمدَّني بما لديه من مصادر، وأرشدني إلى بعض ما كتب عن ابن مالك، كما أخبرني بأنَّ الدكتور عبدالمنعم أحمد هريدي، المدرس بمركز اللغة العربية بجامعة المالك عبدالعزيز بمكة، كان قد اشتغل في "ابن مالك وأثره في النحو العربي" لنيل درجة الماجستير من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، فالتقيت به وطلبت منه الاطِّلاع غلى رسالته أو الحصول على معلومات وافية عنها، فاعتذر مشكورًا بأنَّ الرسالة ليست تحت يده في الوقت الحاضر؛ ولذلك لم يتمكَّن من إفادتي بشيء.



ثم بعد أنْ قطعت شوطًا في البحث علمت أنَّ الدكتور عبدالرحمن محمد السيد، الأستاذ في كلية (دار العلوم) بجامعة القاهرة كان قد اشتغل في: "نحو ابن مالك بين البصرة والكوفة" لنيل درجة الدكتوراه من كلية (دار العلوم) بجامعة القاهرة، فكتبت إليه بتوصيةٍ من أستاذي الدكتور عبدالعزيز برهام في إمكان الوقوف على رسالته تلك أو الحصول على معلوماتٍ عنها، فأجاب مشكورًا بعذر - في رسالة خطية - بأنَّ الرسالة لا تزال مخطوطة، وإنَّ أخراجها من القاهرة قبل أنْ تُطبَع فيه بعض المجازفة، ولكنَّه على أتَمِّ استعداد لوضع النسخة الوحيدة من الرسالة التي في حوزته تحت تصرُّفي إذا كنت بالقاهرة.



وفي رحلتي الأخيرة إلى مصر من أجل هذا البحث وقفتُ على رسالةٍ مخطوطة عن صاحبنا في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بعنوان "ابن مالك وأثره في اللغة العربية"، وهي رسالة مقدَّمة من الشيخ يحيى محمد الأسيوطي، لنيل شهادة العالمية بدرجة أستاذ متخصِّص في النحو والصرف عام 1943م - ولمَّا كان عنوان هذه الرسالة يُغري الباحث بالوقوف عليها فقد قرأتها من ألفها إلى يائها، ولاحظت أنَّ الشيخ يحيى الأسيوطي اقتصر في بحثه على ترداد آراء ابن مالك النحوية ومذهبه النحوي، أمَّا الجانب اللغوي فلم يتطرَّق إليه.



على أنِّي أعترفُ بأنني قد استفدت من هذه الرسالة في بحثي، وأشرت إلى ذلك في مكانه.



كما وقفت على بحثين في الكلية نفسها عن ابن مالك للدكتور عبدالمنعم هريدي؛ أولهما: رسالته في الماجستير، والتي أشرت إلى عنوانها قبل قليل، وثانيهما بعنوان: "شرح عمدة الحافظ لابن مالك، تحقيق ودراسة"، وهو رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر.



ومع أنَّ هذين البحثين في النحو وبحثي في مجال اللغة فقد أفدت منهما، وأشرت إلى ذلك في مكانه.



وعندما زُرتُ كلية الأدب بجامعة القاهرة وجدتُ بها نسخةً من رسالة الدكتور عبدالرحمن السيد، وهي الرسالة التي أشرت أنِّي طلبت منه الوقوفَ عليها.



ولمَّا استعرضتها لمست أنَّ الباحث الكريم اقتصر في رسالته على مجال النحو عن ابن مالك ومنهجه في هذا الجانب، ومع ذلك فقد أفدت من هذه الرسالة في بحثي، ولا سيَّما في الفصل الذي أفرده لمؤلَّفات ابن مالك، فقد ذكر بعض مؤلفاته اللغوية وقد أشرت إليها في حينها.



ولم يقتصر البحث على تلك المراجع، بل تعدَّاها إلى مجموعةٍ من الكتب الحديثة المتخصِّصة في ميدان الدلالة اللغوية وعلم الأصوات الحديث، واللهجات العربيَّة من وجهة علم اللغة الحديث.



وسترد - في نهاية الرسالة - جريدة المصادر، مع معلومات وافية عنها.



هذا، وقد رجعت للوقوف على سير الإعلام الوارد ذكرُهم في الرسالة، إلى كتب التراجم والطبقات، فعرَّفت بهم بإيجاز، فما كان من الأعلام المعروفة؛ كعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مثلاً أكتفي بالإشارة إلى الصفحات التي ورد فيها ذكرُه، أمَّا مَن كان منهم ذا شأنٍ خاصٍّ في بحثي مثل بعض شيوخ ابن مالك أو تلاميذه فعرَّفت بهم في شيءٍ من البسط، وأشرتُ إلى بعض المصادر التي ترجمتهم، ثم رتَّبت هذه التراجم على حروف الهجاء، وذيَّلت بها الرسالة، على أنَّني لم أذكُرْ في هذا الفهرس سوى أسماء الأعلام الواردة في متن الرسالة دون حواشيها.





خاتمة


والآن وقد انتهيت من هذه الدراسة إلى حيث أراد البحث وحدَّده الموضوع ورسمه المنهج، فينبغي أنْ أسأل نفسي: ما الفائدة التي جنيناها من دراسة هذا الموضوع؟



وللإجابة عن هذا السؤال يجدرُ بي - في هذه الخاتمة - أنْ أعرض للمعالم الرئيسية للبحث، وأبين ما حقَّقته من إضافات.



موضوع البحث: (ابن مالك اللغوي)، واقتضى المنهج الذي سلكته أنْ تكون الدراسة في أربعة أبواب يسبقُها مدخل وتتلوها خاتمة وقائمة مفصَّلة بأسماء مصادر البحث ومراجعه، وفهرس عام لمحتويات الرسالة، وفهرس للأعلام الوارد ذكرهم فيها[1].



مدخل البحث:

أما المدخل فقد خلصت منه إلى:

1- أنَّ الحياة الفكرية في عهد الأيوبيين والمماليك - على خلاف ما قاله بعض الدارسين - كانت مزدهرةً، وأنَّ الاضطراب السياسي الذي ساد هاتين الدولتين في الداخل والخارج لم يحدْ من وجود نهضةٍ فكريَّة كان لها أثرٌ كبير في نشر الثقافة الإسلاميَّة، وازدهار علومها، والحِفاظ عليها.



2- أنَّ ابن مالك تلقَّى علومه الأولى في بلاد الأندلس، ثم رجل إلى بلاد الشام بين الخامسة والعشرين والثلاثين من عمره، وأنَّ قدومه إلى بلاد الشام كان في عصر الأيوبيين لا في عصر الظاهر بيبرس كما يرى بعض الباحثين.



3- أنَّ لابن مالك شيوخًا - على خلاف ما قاله أبو حيان - تلقى العلم عنهم، وتأثَّر ببعضِهم على أنَّ ابن مالك لا يعيبه أنِ اعتمدَ على نفسه في تكوين علمه، بل على العكس يزيد هذا من قدرة عبقريَّته وقدرته.



4- أنَّ رحلة ابن مالك من الأندلس إلى بلاد الشام تختلفُ عن رحلة غيره من العلماء؛ فقد أقام في بلاد الشام ولم يرجع إلى الأندلس.



وأمَّا الباب الأول فقد أفردته للكلام عن (مظاهر نشاطه اللغوي وأسلوب عمله)، ويقعُ في فصلين يكشفان عن نشاطه في مجال اللغة[2].



وكان من نتائج هذا الباب:

1- أنَّني أعتقد أنِّي بهذه الدراسة قد أسهمت في الكشف عن جزءٍ كبير من تراث أمَّتنا اللغوي، وقدَّمت بحثًا عن تاريخ اللغة وحياتها من خلال ما عرضته من مؤلَّفات ابن مالك اللغوية المختلفة، فهي تُلقي ضوءًا ساطعًا على الأصول اللغويَّة التي اعتمد عليها "فقه اللغة" على مدى العصور، وتبين التطوُّر التاريخي والمراحل التي سار فيها، ولعلِّي لا أكون مبالغًا إذا قلت: إنَّ كثيرًا من قضايا التراث اللغوي فقد حفظته لنا مصنَّفات ابن مالك.



2- أنَّه ممَّا يدعو إلى الغِبطة أنَّ معظم مصنَّفات ابن مالك اللغوية سلمت من عوادي الزمان، وأنَّ الواجب القومي يقتضي أنْ تنشر الجماعات المتخصِّصة والجامعات هذه المخطوطات.



3- أنَّ ابن مالك لا يشير - غالبًا - إلى تاريخ فراغه من تأليف كتبه؛ لهذا لم استطع التعرُّف على تاريخ كلٍّ منها، هذا التعرُّف الذي كان يُعيننا على فهم التطوُّر اللغوي عند المؤلف؛ لذلك عمدت إلى ترتيب هذه المؤلَّفات حسَب الموضوعات التي تناولتها مع الإشارة إلى المطبوع منها والمخطوط والمفقود.



4- أنَّ ابن مالك اهتمَّ بمشكلة الظاء والضاد، وما حدث من خلطٍ بين هذين الصوتين فوضع فيها خمسة مصنَّفات بذل فيها غاية جهده في محاولة التفريق بينهما، ولكن جهده كان مقصورًا على التمييز الكتابي لا النُّطقي، وهو بهذا يُحاكي الباحثين السابقين الذين ألَّفوا في الظاء والضاد، وسألت نفسي لماذا لم يجمع ابن مالك دراسته هذه كلها في مؤلَّفٍ واحد، يجمع شواردها بدل أنْ تكون مبعثرة في عدَّة بحوثٍ، وكانت الإجابة أنَّه في أكبر الظن أنَّ المؤلف بدأ يوضع عجالة، فرَّق فيها بين الكلمات التي وردت بالظاء وتلك التي وردت بالضاد، ولكنَّه أحسَّ بعد أنِ اتَّسعت دائرة عمله في اللغة أنها لا تكفي، فشفعها بثانيةٍ ثم بثالثة ثم برابعة فخامسة، وإن اختلفت طبيعةُ كلٍّ منها عن طبيعة الأُخرَيات إلى حدٍّ ما، فهي في جملتها يُكمل بعضها بعضًا.



5- أنَّ لابن مالك منهجًا واضحًا في التأليف في اللغة، وهذا المنهج لا يختلفُ كثيرًا عن المنهج الذي سلكَه المؤلِّفون المتأخِّرون عنه، فهو يُقدم على الاختيار والانتخاب فلم يكن ابن مالك وحدَه هو الذي سار عليه؛ فقد كان طابع العصر؛ إذ أخذ معظم على معظم علمائه في مختلف فنون المعرفة، على جميع ما قيل في كتب سابقيهم حتى قِيل: إنَّه عصر الموسوعات، فجاءت كتبهم مليئةً بأقوال المتقدِّمين، خالية من التجديد والابتكار، ومع ذلك فلابن مالك، مع إفادته من كتب السابقين استدراكات وتعقيبات على ما ورد بهذه الكتب.



6- كان ابن مالك يشيرُ إلى سبق عمله في فنٍّ من الفنون، فيقول في بعض كتبه: "إنَّ هذا المجموع خصصت بجمع شمله، ولم أسبق إلى الإتيان بمثله"، أو يقول: "هذه قصيدةٌ تجمع ضوابط مميزة للظاء من الضاد بحصر رُزِقت الإعانة عليه، وخصصت بالسبق إليه"، ولكنَّه لم يكن يُعنى دائمًا بذلك أنَّه ابتكر ما لم يكن له من وجود من قبل، وإنما كان يُعنى بعث الحياة فيما كان موجودًا، في سبكه وصياغته فجاء بشكلٍ أفضل، ولا شكَّ أنَّ حسن العرض دليلٌ على التمكُّن من المادة المعروضة.



7- أنَّ من أهم سمات ابن مالك في التأليف اللغوي أمانته العلميَّة، وتحرِّيه الشديد في إرجاع النُّقول إلى مصادرها الأصليَّة، وهذه السمة التأليفيَّة عكست دقَّته في تصنيف كتبه.



8- أنَّ النظم كان سهلاً عليه؛ فأعانه ذلك على وضع الضوابط التي تُسهِّلُ على المتعلم جمع المتفرِّقات وترتبيها.



9- أنَّه مال للكوفيين في الأصول العامَّة، فوقف من السماع والقياس والاحتجاج مثل موقفهم ورجح مذهبهم في ذلك على مذهب البصريين، أمَّا في المسائل الفرعية فقد كان يختار الرأي الذي صحَّ عنده دليله، فيُوافق الكوفيين تارةً ويُخالفهم تارة أخرى، ويستحسن رأي البصريين في مسألةٍ ويستقبح رأيهم في أخرى.



ثم كان الباب الثاني في: (آراؤه اللغوية وموقفنا منها) مشتملاً على أربعة فصول[3] تُسهم إلى حدٍّ ما في إبراز جهود ابن مالك في الدراسات اللغوية.



وقد سجل البحث في هذا الباب عددًا من النتائج، منها:

1- أنَّ ابن مالك اهتمَّ كثيرًا بالسماع وتوسَّع في الأخذ به.



2- أنَّ اللغويين والنُّحاة الأوائل قليلاً ما كانوا يستشهدون بالحديث في ما قاله أبو حيان من عدم استشهاد أئمَّة اللغة والنحو من البصريين والكوفيين أصلاً به غير صحيح؛ فقد استشهدوا جميعًا بالحديث، ولكنَّ ابن مالك كان أوَّل مَن أكثر من هذا الاستشهاد.



3- أنَّ أبا حيان كان متحاملاً على ابن مالك في هذه القضية، فقد انتقص دراسته وضعَّف منهجه اللغوي، ولكنَّ أبا حيان نفسه استشهد بالحديث في كثيرٍ من المسائل اللغوية والنحوية إلى عالجها، وكان في بعضها يعتمدُ على الحديث وحدَه، وقد أشار إلى هذا بعض الدارسين قديمًا وحديثًا.



4- أنَّ التصنيف الذي وضعه أبو نصر الفارابي للقبائل لم يكن محلَّ اتفاقٍ بين جميع اللغويين، ويظهر أنَّ البصريين كانوا أكثر تمسُّكًا به من الكوفيين.



وممَّن لم يلتزمْه ابن مالك؛ فقد عُنِي في كتبه بنقل لغة لخم، وخزاعة وقضاعة وغيرهما من القبائل التي لا يحتجُّ البصريون بلغتها.



5- أنَّ ابن مالك أفرد كتبًا لمباحث الضاد والظاء، والهمز، والمقصور والممدود، والإبدال، وقد اقتدى في تصنيفه هذا بالكتب المؤلَّفة في هذا الجانب مستعيرًا منها التقسيم والتبويب.



6- أنَّ المباحث التي تناولت المقصور والممدود باتِّفاق المعنى، وما ورد من الأفعال على وزن "فعل وأفعل" والمثلث المتَّحد المعنى هي في الحقيقة وافدة من لغات مختلطة، جمعها اللغويون المتأخرون كابن مالك دون أنْ ينسبوها إلى أهلها؛ إذ ليس من المعقول أن تنطق القبيلة الواحدة بكلمةٍ تتعدَّد صورها وتبقى دلالتها المعنويَّة دون تغيُّر؛ لأنَّ معنى هذا إحداث اضطراب في الفهم، والإبانة عن مقاصد الكلام، فمن المنطق اللغوي السديد أنْ تكون كلُّ صورةٍ منسوبة إلى قبيلة أو منطقة لغويَّة، وبالرُّجوع إلى معاجم اللغة وجدنا ما قُلناه يُؤيِّده الشواهد اللغويَّة، فكثيرٌ من هذه اللغات المختلطة منسوبةٌ فيها إلى أصحابها.



7- أنَّ المباحث التي تناوَلَها ابن مالك وتدخُلُ في مجال الدلالة المعنوية المثلث المختلف المعنى، وهو الذي يختلفُ معنى الكلمة فيه باختلاف حركة فائها إنْ كانت اسمًا أو عينها إنْ كانت فعلاً، هذا النوع من الكلمات يمكن نسبة كلِّ صورِه إلى قبيلةٍ واحدة؛ إذا لا لبس هناك، فلكلِّ صورة معناها.



أمَّا الباب الثالث الذي يتحدَّث عن (أهم مصادر ابن مالك ومدى إفادته منها) فيتكوَّن من فصلين[4].



ومن النتائج التي خرجت بها من هذا الباب:

1- أنَّني لم أرَ في المؤلِّفين المعاصرين لابن مالك ممَّن عوَّل على جهود اللغويين السابقين واستعان بها في التصنيف مثلما فعل صاحبنا، فقد تضمنت كتبه كثيرًا ممَّا قاله القدماء والمعاصرون له.



2- أنَّه تختلف طريقة إفادته من مصادره الأساسيَّة ومراجعه الثانوية باختلاف موضوعات هذه المصادر؛ فالكثير من المصادر التي أخَذ عنها ابن مالك فُقِدت أصولها فلم يَصِلْنا منها إلا بعض ما نقَلَه ابن مالك.



3- أنَّ أبا منصور محمد الأزهري وأبا الحسن بن سيده، وأبا القاسم علي بن جعفر بن القطَّاع يعدون فيما نعتقد أهم اللغويين الذين اعتمَدَ ابن مالك على كتبهم؛ ولذلك جاءت كتبه اللغوية مليئة بالنقل عنهم.



وأخيرًا أفردت الباب الرابع (نقد وتقويم) لأُبيِّن القيمة الموضوعيَّة للدراسات اللغويَّة عند ابن مالك، فعقدت له ثلاثة فصول[5] خرجت منها إلى:

1- أنَّ ابن مالك بالرغم من شُهرته وانتشار كتبه، واعتداده بنفسه، لم يظهر له حسَّاد أو منافسون في حياته، وربما كان هذا راجعًا إلى انصِراف ابن مالك إلى كتبه ومطالعته، وعدم دخولِه مع علماء عصره في جدل أو مناقشات حادَّة.



2- أنَّ في المحدَثين باحثين كرَّروا كلام المتقدِّمين فيه دون فحص أو بحث؛ فأذاعوا كثيرًا ممَّا قاله أبو حيان عنه؛ فطمسوا بذلك الحقائق ذات الصلة بابن مالك وآثاره.



3- أنَّ من المحدَثين كذلك باحثين لم يُسلِّموا بما قيل فيه، بل ناقَشُوه فأنصَفُوا الرجل، ووقَفوا إلى جانبه.



4- أنَّ أبا حيان تعصَّب على ابن مالك، وسجَّل أمورًا انتقصه فيها، ومع ذلك فقد عظَّم ابن مالك ورفع من شأنه، ويتجلَّى ذلك في شرحه لمصنَّفاته وتبسيطها للناس.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]