عرض مشاركة واحدة
  #1474  
قديم 14-12-2013, 09:08 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبـــــع الموضوع السابق ( 3 )

إسماعيل أدهم، ذلك المغرور المنتحر



ونحن نوافقه على ما قاله بعض الموافقة ونخالفه فيه كثيرا من المخالفة. كيف؟ الذى نعتقده هو أنه لا يوجد شىء حتمى فى طبيعة السبب والمسبب فى عالم الطبيعة يجعل المسبب ينشأ عن السبب الذى نعزوه له، لكننا لا نقصد بذلك أن الكون عار عن النظام وأنه يجرى سبهللا لا يخضع لقانون العِلِّيّة، بل نريد القول بأن الذى جعل الأمر هكذا هو الله سبحانه، فهو السبب الحقيقى لكل شىء، إلا أن حكمته سبحانه اقتضت أن تكون هناك فى ذات الوقت عوامل قريبة مباشرة نعزو لها نحن السبب فى وجود ما نراه يترتب عليها كلما تحققت هذه العوامل. ولأن حكمته وإرادته عز وجل هى التى تقف وراء هذا النظام كان من المستحيل على أحد من المخلوقات كَسْر هذه العِلِّيّة، وإلا لكان فى مقدور أى منا متى ما توجهت إرادته إلى شىءٍ ما أن يقع هذا الشىء كما نريد بالضبط. لكنْ ما أقلَّ استطاعتنا إنجاز ما نتطلع إليه! وما أكثر ما نعجز عن ذلك تمام العجز! وهذا كله فى الأمور الجزئية لا غير، أما أن نغير النظام ذاته، أى القوانين التى يسير عليها الكون، فكلا وألف كلا! فلماذا كان ذلك يا ترى إلا أن تكون هناك إرادة أقوى من إرادتنا؟ بل لماذا وُجِد الكون أصلا إن لم تكن هناك قوةٌ خالقةٌ أوجدتْه بعد أن لم يكن له وجود؟
لكن تلك القوة المطلقة لو أرادت نظاما آخر للعالم لكان لها ما أرادت دون أن يمنعها من ذلك مانع: لا من طبيعة الأشياء ولا من إرادة أى مريد، بمعنى أن الله لو أراد أن يتنفس الإنسان من أذنه أو من مسام جلده مثلا بدلا من أنفه ورئتيه، أو ألا يتنفس أصلا لأنه لا حاجة به إلى التنفس، وأن يأكل ويشرب بأصابع قدميه بدلا من أصابع يده، أو ألا يحتاج إلى الأكل والشرب أصلا، وأن يقرأ بأنفه أو لسانه بدلا من عينيه، وأن يفكر ويفهم بساقه أو ببطنه بدلا من عقله ومخه، وأن يسمع النكتة فيبكى أو يرتعب أو يصاب بالصداع أو بالإمساك بدلا من أن يضحك ويقهقه، وأن يرى المرأة الجميلة فيحس بالاشمئزاز بدلا من الإعجاب والابتهاج، وأن يشم رائحة البَرَاز والنفايات فيسيل لعابه وينتشى بدلا من النفور والتقزز والتفزز... لكان له ما أراد دون معقِّب أو مُرَاجِع! لكنه ما دام قد أراد ما هو موجود الآن فى الكون فلا أحَدَ مستطيعٌ أن يغيره إلى شىء آخر لم يرده الله سبحانه.
بيد أن كاتبنا يزعم ههنا "أن مقام فكرة الله الفلسفية أو مكانها في عالم الفكر الإنساني لا يرجع لما فيها عناصر القوة الإقناعية الفلسفية، وإنما يعود لحالة يسميها علماء النفس التبرير، ومن هنا فإنك لا تجد لكل الأدلة التي تقام لأجل إثبات وجود السبب الأول قيمة علمية أو عقلية. ونحن نعلم مع رجال الأديان والعقائد أن أصل فكرة الله تطورت عن حالات بدائية، وأنها شقت طريقها لعالم الفكر من حالات وهم وخوف وجهل بأسباب الأشياء الطبيعية. ومعرفتنا بأصل فكرة الله تذهب بالقدسية التي كنا نخلعها عليها". يقصد أن العقل البشرى إنما يفكِّر فى وجود إله لهذا الكون بسبب الوهم والجهل والخوف الذى يشعر به ويعانيه أمام عظمة هذا الكون واتساعه الهائل الذى لا يمكن أن يتخيله متخيل وما فيه من أسرار وتعقيدات وما تقع فيه من مصائب وويلات! عظيم! لكنه لم يحاول أن يقول لنا: من يا ترى الذى جعل البشر أمام هذه الأشياء يفترضون وجود إله إذا لم يكن لهذا الإله وجود أصلا؟ ترى من الذى ركَّب الكون على هذا النحو بحيث يبحث الإنسان عن إله ما دامت لا ألوهية هناك ولا يحزنون؟ إن الإنسان مثلا إنما يشعر بالجوع لحاجته إلى الطعام الذى هو موجود، ويشعر بالشهوة الجنسية لحاجته إلى المرأة التى هى موجودة. وكان قبل الطيران كذلك يتوق إلى أن يسبح فى الفضاء، وكانت سباحة البشر فى الفضاء موجودة هى أيضا فى ضمير الكون، أى كان وجود طيرانه حينذاك وجودا بالقوة لا بالفعل، ثم جاءت محاولات الإنسان وتجاريبه واجتهاداته فحولت هذا الوجود من وجود بالقوة إلى وجود بالفعل. وقس على حاجات الإنسان التى ذكرنا طرفا منها رحلة بعض الطيور والأسماك لمسافة آلاف الأميال فى مواسم معينة للتزاوج أو للبحث عن الغذاء... وأستطيع أن أمضى فى ضرب هذه الأمثلة فلا أنتهى أبدا، فلماذا يا ترى يريد أدهم وغيره من الملاحدة استئناء الشعور بالحاجة إلى الله من هذه الظاهرة، بل قل: من هذا المبدإ؟
ومع أدهم ومجادلاته السوفسطائية نمضى فنجده يقول محاولا نفى وجود الله وإثبات أن ما نشاهده فى الكون من نظام دقيق معقد باهر: "يمكننا أن نقول إن الصدفة التي تخضع العالم لقانون عددها الأعظم تعطي حالات إمكان. ولما كان العالم لا يخرج عن مجموعة من الحوادث ينتظم بعضها مع بعض في وحدات وتتداخل وتتناسق ثم تنحل وتتباعد لتعود من جديد لتنتظم... وهكذا، خاضعة في حركتها هذه لحالات الإمكان التي يحددها قانون العدد الأعظم الصدفي، ومثل العالم في ذلك مثل مطبعة فيها من كل نوع من حروف الأبجدية مليون حرف، وقد أخذت هذه الحركة في الاصطدام فتجتمع وتنتظم ثم تتباعد وتنحل هكذا في دورة لانهائية، فلا شك أنه في دورة من هذه الدورات اللانهائية لابد أن يخرج هذا المقال الذي تلوته الآن، كما أنه في دورة أخرى من دورات اللانهائية لابد أن يخرج كتاب "أصل الأنواع" وكذا "القرآن" مجموعا منضَّدًا مصحَّحًا من نفسه. ويمكننا إذن أن نتصور أن جميع المؤلفات التي وضعت ستأخذ دورها في الظهور خاضعة لحالات احتمال وإمكان في اللانهائية، فإذا اعتبرنا (ح) رمزا لحالة الاحتمال و(ص) رمزا للنهائية كانت المعادلة الدالة على هذه الحالات: ح = ص. وعالمنا لا يخرج عن كونه كتابا من هذه الكتب ، له وحدته ونظامه وتنضيده إلا أنه تابع لقانون الصدفة الشاملة".
لكن أدهم يـَسْتَبْلِه، شأنُه شأنُ الملاحدة عندما يقفزون فوق مسألة خلق العالم فيقفوننا مرة واحدة أمام نظام العالم دون أن يجيبوا على السؤال الخاص بخالق الكون، وكأن الكون بطبيعة حاله فى غنى عن خالق يوجده بعد إذ لم يكن موجودا. إن المادة التى يتصور أدهم أنها كانت موجودة منذ الأزل لا يمكن أن تكون مستغنية عن مُوجِدٍ لها. ذلك أنها، كما نعرف ويعرف أدهم معنا، عمياء بكماء شلاء عاجزة عجزا تاما فلا إرادة لها ولا قدرة و لا توجّه، وكائنٌ مثلها لا يمكن أن يكون هو الموجود المطلق الذى لا أول له ولا آخر ولا يستطيع الزمان أو المكان أو الضعف أو العجز أو الخوف أو المرض أو الموت أن يَحُدّه ويقيّده على أى نحو من الأنحاء، على عكس الوجود الإلهى الذى لا بد منه كى يستقيم أمر الكون وأمر العقل والمنطق على السواء، وإلا ظللنا نرجع إلى الوراء القهقرى دون جدوى ودون توقفٍ باحثين عن كائنٍ يكون هو الكائن المطلق الذى لا يسبقه فى الوجود شىء، ويحتاج إليه كل كائن آخر فى الوقت الذى لا يحتاج هو إلى أى كائن سواه. ومرة أخرى نقول: أيهما هو الذى يقضى به المنطق إلها يُوجِد ما سواه ولا يُوجِده ما سواه؟ الله بكل صفات الكمال والقدرة المطلقة التى نعرفها ويوجبها العقل والمنطق أم المادة العمياء البكماء الشلاء العاجزة التى نراها ونلمسها ونشمها ونسمعها من حولنا ولا نتصور أبدا أنها يمكن أن تكون قد خلقتنا؟
هكذا إذن يظن أدهم ومن هم على غِرَاره أنهم قادرون على ملاعبتنا لعبة الثلاث ورقات، لكن هذا لا يصح استعماله فى عالم العقائد، وإن صح الضحك به فى الموالد الشعبية على ذقون المتخلفين من الأميين وأضرابهم من الأغبياء الطماعين! هذه واحدة، والثانية أن ثمة سؤالا يتجاهله الملاحدة هنا، ألا وهو: من يا ترى الذى اقتضى دفع المادة العمياء البكماء الشلاء العاجزة فجزّأها إلى تريليونات تريليونات الأجزاء بعد أن كانت فى بداءة أمرها كتلة سديمية واحدة، وحرّكها بعد أن كانت ساكنة لا تَرِيم؟ ومن الذى اقتضى أن تكون هناك تلك الاحتمالات اللانهائية التى يشير إليها صاحبنا؟ ومن الذى اقتضى أن يكون من بين تلك الاحتمالات اللانهائية احتمال انتظامها على النحو الذى هى عليه الآن؟ ثم من الذى اقتضى أنها متى ما وصلت إلى تلك الحالة أن تثبت عليها فلا تتحول عنها؟ وقبل ذلك من الذى اقتضى أن يكون هذا النظام مباطنًا للكون أصلا؟ وقَبْلَ قَبْلِ ذلك من الذى خلق هذه المادة العمياء البكماء الصماء الشلاء العاجزة؟ كل هذه أسئلة يتم تجاهلها بغير براعة ظنا من المتجاهلين أنهم يستطيعون أن يدلّسوا بهذا التجاهل على الآخرين. لكنْ بعيدة عن شاربكم أنت وهو وهو أيها الملحدون!
ويورد كاتبنا المتعجل الذى يفتقر للنضج ما قاله اثنان من كبار علماء الرياضيات والفَلَك فى الغرب فى هذا الصدد إيراد المعترض على ما يقولان: "يقول ألبرت أينشتاين صاحب نظرية النسبية في بحث قديم له: "مثلنا إزاء العالم مثل رجل أتى بكتاب قيم لا يعرف عنه شيئا، فلما أخذ في مطالعته وتدرج من ذلك لدرسه وبان له ما فيه من أوجه التناسق الفكري شعر بأن وراء كلمات الكتاب شيئا غامضا لا يصل لكُنْهه. هذا الشيء الغامض الذي عجز عن الوصول إليه هو عقل مؤلفه، فإذا ما ترقى به التفكير عرف أن هذه الآثار نتيجة لعقل إنسان عبقري أبدعه. كذلك نحن إزاء العالم، فنحن نشعر بأن وراء نظامه شيئا غامضا لا تصل إلى إدراكه عقولنا. هذا الشيء هو الله". ويقول السير جيمس جينز الفلكي الإنجليزي الشهير: "إن صيغة المعادلة التي توحد الكون هي الحد الذي تشترك فيه كل الموجودات. ولما كانت الرياضيات منسجمة مع طبيعة الكون كانت لنا به. ولما كانت الرياضيات تفسر تصرفات الحوادث التي تقع في الكون وتربطها في وحدة عقلية فهذا التفسير والربط لا يحمل إلا على طبيعة الأشياء الرياضية. ومن أجل هذا لا مندوحة لنا أن نبحث عن عقل رياضي يتقن لغة الرياضة يرجع له هذا الكون. هذا العقل الرياضي الذي نلمس أثاره في الكون هو الله". وأنت ترى أن كليهما (والأول من أساطين الرياضيات في العالم، والثاني فلكي ورياضي من القدر الأول) عجز عن تصور حالة الاحتمال الخاضعة لقانون الصدفة الشاملة والتي يتبع دستورها العالم، لا لشيء إلا لتغلُّب فكرة السبب والنتيجة عليهما". وكما يرى القارئ فالعالمان المذكوران يجريان مع العقل والمنطق السلس، إلا أن ذلك لا يعجب كاتبنا العجول النَّزِق كما سوف نرى. ونحن نضيف أنه ما دام لكل شىء سبب يقف وراء إيجاده، وأنه كلما كان الشىء الموجود ضخما معقدا باهرا كان موجده أمعن فى المقدرة والإرادة والتنظيم وما إلى ذلك، وأن الكون باتساعه الهائل الذى لا تحيط به الظنون ولا الأوهام، وبنظامه المعقد العديم النظير الذى يصيب متأمله بالدوار والانبهار، يقتضى أن يكون موجدُه من القدرة والإرادة والتنظيم على نحوٍ لا يضاهَى ولا يُعْرَف له حدود ينتهى إليها ولا يستطيع تجاوزها.




يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع





 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.42 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]