عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-07-2021, 06:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم }

تفسير قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم }
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين



قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 9 - 11].

قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
قال المؤلِّف رحمه الله محيي الدين النووي في كتابه رياض الصالحين في باب ذكر الموت وقصر الأمل: قوله تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10، 11].

أمر الله بالإنفاق مما رزقنا؛ أي: مما أعطانا، وحذَّرَنا مما لا بد منه: ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ﴾، وحينئذٍ يندم الإنسان على عدم الإنفاق ويقول: ﴿ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ﴾ يتمنى أن الله يؤخِّره إلى أجل قريب؛ ﴿ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾؛ يعني: فبسبب تأخيرك إياي أتصدق وأكن من الصالحين.

قال الله عز وجلَّ: ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 11] إذا جاء الأجل لا يمكن أن يتأخَّر الإنسان ولا لحظة واحدة، بل لا بد أن يموت في المدة التي عيَّنها الله عز وجل على حسب ما تقتضيه حكمته.

فمن الناس من يطول بقاؤه في الدنيا، ومن الناس من يقصر، كما أن من الناس من يكثُر رزقُه، ومنهم من يَقِلُّ، ومنهم من يكثر علمه، ومنهم من يقل، ومنهم من يقوى فهمه، ومنهم من يضعُف، ومنهم من يكون طويلًا، ومنهم من يكون قصيرًا، فالله عزَّ وجلَّ خلق عباده متفاوتين في كل شيء.

وقال الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9]، فنهى الله تعالى أن تلهينا أموالنا وأولادنا عن ذكر الله، وبيَّن أن من ألهْته هذه الأشياءُ عن ذكر الله؛ فهو خاسر مهما ربح، ولو ربح أموالًا كثيرة، وكان عنده بنون، وكان عنده أهل، ولكنه قد تلهَّى بهم عن ذكر الله، فإنه خاسر.

إذًا من هو الرابح؟ الرابح من اشتغل بذكر الله عز وجل.

وذكر الله ليس هو قول: لا إله إلا الله فقط؛ بل كل قول يقرِّب إلى الله فهو ذِكرٌ له، وكل فعل يقرِّب إلى الله فهو ذكر له، كما قال الله تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

ولأن الإنسان إذا قال قولًا يتقرب به إلى الله، أو فعل فعلًا يتقرب به إلى الله؛ فهو حين النية ذاكرٌ لله عز وجل، فذكرُ الله يشمل كل قول أو فعل يقرِّب إليه.


المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 444- 446)





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.57%)]