عرض مشاركة واحدة
  #778  
قديم 16-08-2022, 08:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(444)

(باب الطلاق لغير العدة وما يحتسب منه على المطلق) إلى (باب طلاق البتة)




من أحكام الطلاق أن الطلقة في الحيض محسوبة وإن كان منهياً عنه، والطلقات الثلاث دفعة واحدة تقع إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وليس للمطلقة طلاقاً بائناً نفقة ولا سكنى، والتفريق بين الطلقات الثلاث هو السنة، وليس لمبتوتة رجوع إلى زوجها الأول حتى تتزوج غيره ويدخل بها.

الطلاق لغير العدة وما يحتسب منه على المطلق


شرح حديث ابن عمر في أنه طلق زوجته وهي حائض

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الطلاق لغير العدة وما يحتسب منه على المطلق.أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن محمد عن يونس بن جبير قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: هل تعرف عبد الله بن عمر ؟ فإنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يراجعها ثم يستقبل عدتها، فقلت له: فيعتد بتلك التطليقة؟ فقال: مه، أرأيت إن عجز واستحمق؟ ].
يقول النسائي رحمه الله: الطلاق لغير العدة وما يحتسب منه على المطلق. أي: ما يحتسب على المطلق من التطليق في العدة، هل يحتسب ذلك أو لا يحتسب؟ ولا شك أنه يحتسب على المطلق لغير العدة أي: في الحيض أن الطلقة التي حصلت منه في حال الحيض معتبرة، من حيث أنها محتسبة من الطلقات الثلاث التي هي للرجل مع المرأة، وأنه يطلق واحدة ثم يراجع، ثم يطلق واحدة ثم يراجع، ثم بعد الثالثة لا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجاً آخر ويستمتع بها ويواقعها، فهي محتسبة، والدليل على احتسابها أن النبي عليه الصلاة والسلام أمره بمراجعتها، ولو لم تكن معتبرة ما حصلت مراجعة، لكن لكون الطلاق وقع وأمر بالمراجعة دل هذا على اعتبار تلك التطليقة، ثم جاء ذلك موضحاً عن ابن عمر نفسه أنها احتسبت تطليقة، وهنا لما سأله من سأله هل تحتسب؟ قال: مه، أرأيت إن عجز واستحمق، أي: أن ذلك الطلاق لازم له سواء حصلت منه الرجعة أو ما حصلت منه، فإن راجعها حصل منه امتثال الأمر وإن لم يراجعها وبقي على ما حصل منه من التطليق في الحيض فإن الطلاق يقع سواء عجز بأن حصل منه تهاون وتكاسل في أن يراجعها أو حصل منه استحماق وأنه ركب رأسه وتعمد ألا يراجعها ولم يمتثل ما أمر به من المراجعة لها.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه في قصة الرجل الذي سأله عن الرجل الذي طلق امرأته وهي حائض، فأراد عبد الله بن عمر أن يوضح له ذلك، وأن الجواب عنده، وأنه على الخبير سقط، وأن المسئول من أعلم الناس في جواب هذه المسألة؛ لأنه حصل له نفس الذي حصل السؤال عنه من أنه طلق في الحيض وأن أباه عمر رضي الله عنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام وأمره بأن يراجعها، فلما سأله قال: أتعرف عبد الله بن عمر؟ ومعناه أن الأمر محقق وأنك وصلت إلى من عنده العلم والمعرفة، وأنت تعرف عبد الله بن عمر وتعرف من تخاطب، فقوله: أتعرف عبد الله بن عمر هذا من باب التأكيد، يعني: أنك تعرفني والجواب عندي، وأنه حصلت المشكلة لي ووقع الاستفتاء ثم الجواب من رسول الله عليه الصلاة والسلام على ذلك الاستفتاء الذي هو الأمر بالمراجعة.
قال له: أيعتد بتلك التطليقة؟ فقال: مه؟ استفهام إنكار أي: كيف لا تحتسب؟ إن هذا أمر لا يحتاج أن يسأل عنه؛ لأنه ما دام قد وجد الطلاق ووجدت المراجعة بعده فدل على أن الطلاق معتبر وأن التطليقة معتد بها، وأنها محسوبة، ثم قال له: أرأيت إن عجز واستحمق؟ أي: أرأيت إن عجز عن المراجعة، وليس المقصود من العجز عن المراجعة عدم القدرة عليها فإن هذا أمر مقدور عليه، ولكن المقصود من ذلك الكسل الذي يجعل الإنسان يتهاون ثم تمضي الأيام دون أن يحصل منه رجعة، أما قوله: (استحمق) فمعناه: ما حصل منه كسل ولكنه تعمد ألا يراجع، وحصل منه المخالفة للأمر في قوله: فليراجعها، فإن عدم الرجعة إما أن يكون عن عجز وهو تهاون وتكاسل، وتمضي الأيام دون أن يتصرف، إما عن حمق بأن يركب رأسه ويستحمق، ويفعل فعل الجاهل الأحمق الذي لا يبالي ويترك ذلك متعمداً، أي: أرأيت إن حصل منه ذلك ألا يعتد بتلك الطلقة؟ فأجاب بأنه معتد بها، وهذا هو المراد من قوله: أرأيت إن عجز واستحمق، أي: أن التطليقة واقعة سواء حصلت منه مراجعة أو لم تحصل، وإذا لم تحصل منه مراجعة، فإن الطلاق واقع؛ لأنه قد وجد، والدليل على وقوعه الأمر بالمراجعة من بعده.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في أنه طلق زوجته وهي حائض


قوله: [ أخبرنا قتيبة ].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حماد ].
حماد هو ابن زيد، إذا جاء قتيبة يروي عن حماد غير منسوب فالمراد به ابن زيد، حماد بن زيد بن درهم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد ].
هو محمد بن سيرين، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس ].
هو يونس بن جبير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل المشهور المعروف، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا الإسناد مسلسل بمن خرج له أصحاب الكتب الستة، فـقتيبة، وحماد بن زيد، وأيوب السختياني، ومحمد بن سيرين، ويونس بن جبير، وعبد الله بن عمر هؤلاء الستة حديثهم عند أصحاب الكتب الستة، عند البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

شرح حديث ابن عمر في أنه طلق زوجته وهي حائض من طريق ثانية


[ أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية عن يونس عن محمد بن سيرين عن يونس بن جبير قال: قلت لـابن عمر : رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: أتعرف عبد الله بن عمر فإنه طلق امرأته وهي حائض فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فأمره أن يراجعها ثم يستقبل عدتها، قلت له: إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض أيعتد بتلك التطليقة؟ فقال: مه، وإن عجز واستحمق؟ ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في أنه طلق زوجته وهي حائض من طريق ثانية

قوله: [ أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ].هو يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، كل واحد منهم روى عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن ابن علية ].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وبالمناسبة سبق أن مر بنا ذكر رجل مهمل هو إسماعيل يروي عنه علي بن حجر في حديث مضى معناه، إسماعيل غير منسوب وكنت قلت: إنه إسماعيل بن علية، لكن الصحيح أنه إسماعيل بن جعفر وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد ذكر ذلك المزي في تحفة الأشراف، سماه بأنه إسماعيل بن جعفر، وذكره بترجمة إسماعيل بن جعفر.
[ عن يونس ].
يونس هو ابن عبيد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين ].
وقد مر ذكره.
[ عن يونس بن جبير ].
وقد مر ذكره.
[ عن عبد الله بن عمر ].
وقد مر ذكره.
والشيخ شيخ النسائي، يعقوب بن إبراهيم .
[ عن ابن علية ].
ابن علية وهذا أيضاً مثل الذي قبله مسلسل بمن خرج له أصحاب الكتب الستة، ثم محمد بن سيرين شيخه يونس وتلميذه يونس، روى عنه يونس وروى عن يونس، وهذا يسمى تشابه الطرفين: طرف التلميذ، وطرف الشيخ والراوي بينهما، فهو يروي عن يونس ويروي عنه يونس، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث لم يذكره ابن الصلاح واستدركه الحافظ ابن حجر على ابن الصلاح، وقال: إن هذا نوع من أنواع علوم الحديث لم يذكره ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث، وهو أن يتفق اسم تلميذ الراوي وشيخه، يعني: شيخه وتلميذه اسمهما واحد، كما هنا يونس بن عبيد يروي عن محمد بن سيرين ومحمد بن سيرين يروي عن يونس بن جبير.


الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ


شرح حديث محمود بن لبيد في التطليقات الثلاث جميعاً


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ.أخبرنا سليمان بن داود عن ابن وهب أخبرنا مخرمة عن أبيه سمعت محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: ( أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقام غضباناً، ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل وقال: يا رسول الله! ألا أقتله ) ].
أورد النسائي الطلقات الثلاث المجموعة، أي: التطليقات الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ، يعني: ما ورد فيه من التغليظ، أورد فيه حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، أن ( أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ) يعني: أنها مجتمعة ليست متفرقة، فقال: ( أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ ) وهذا هو التغليظ الذي أشار إليه؛ لأنه أشار إلى أن هذا لعب بكتاب الله، والمقصود بكونه لعباً: أن الله عز وجل ذكر في القرآن أن الطلاق مرتان فقال: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ [البقرة:229] والمقصود بالمرتين: الطلقتان اللتان فيهما رجعة، الطلقات فإذا جاءت الثالثة بانت، لكن الطلاق الذي بإمكان المطلق أن يسترجع وأن تحصل له الرجعة هو مرتان، يطلق الأولى، ثم يسترجع، ثم يطلق الثانية، ثم يسترجع، فإذا جاءت الثالثة ليس هناك استرجاع وإنما تبين، ولا تحل له إلا بعد زوج، ولهذا قال بعد ذلك: (فإن طلقها) أي: الثالثة التي بعد الثنتين فإنها تبين منه فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230] أي: شخصاً آخر، فقوله: ( أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ ) إشارة إلى هذا وقال في آخر الآية: وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً [البقرة:231] فقال: إن هذا لعب بكتاب الله في كونه يجمعها ثلاثاً، ولا يفرقها بأن يأتي بالواحدة على حدة ثم يراجع ثم يأتي بالواحدة وهكذا كما جاء ذلك مبيناً في حديث عبد الله بن عمر الذي سبق أنه طلقها فأمره رسول الله أن يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها فيكون فيه مراجعة بعد التطليق لا أنها يؤتى بها دفعة واحدة، قال رجل: (ألا أقتله؟) يعني: هذا الذي يوصف بأنه يتلاعب بكتاب الله ويلعب بكتاب الله ويستهزئ بكتاب الله يستحق القتل.
فالحديث دال على ما ترجم له المصنف من التغليظ، وأن فيه تغليظا شديداً، ومع ذلك فالثلاث إذا أتي بها مجتمعة بأن كانت بلفظ واحد ففيه خلاف بين العلماء، وإن كانت متفرقة ولو كان ذلك في مجلس واحد إذا كانت كل واحدة مستقلة عن الأخرى، ولا يصلح أن تكون الثانية والثالثة تأكيداً للأولى فإنها تقع، بل حصل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إيقاع الثلاث ولم ينكر على من أوقع ذلك، لكن هذا فيما إذا كان الأمر يستقضيه وكانت المناسبة داعية إليه كما يأتي في قصة عويمر العجلاني الذي لاعن امرأته ثم طلقها ثلاثاً، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هناك أمر اقتضى هذا وهو شدة غضبه عليها، وكونه لو أمسكها لكان كاذباً عليها، فأراد أن يتخلص منها تخلصاً نهائياً، وهي تبين منه بعد الملاعنة وتحرم عليه أبداً سواء طلقها، أو حكم الحاكم بالفراق بينهما بسبب الملاعنة كما سيأتي في حديث سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه.

تراجم رجال إسناد حديث محمود بن لبيد في التطليقات الثلاث جميعاً من طريق ثانية


قوله: [ أخبرنا سليمان بن داود ].هو سليمان بن داود أبو الربيع المصري، ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مخرمة ].
هو مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج المصري، صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن أبيه ].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمود ].
هو محمود بن لبيد صحابي صغير أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
والحديث تكلم فيه الشيخ الألباني وذكر أن ذلك بسبب مخرمة وأنه لم يسمع من أبيه، والحافظ ابن حجر قال: إنه سمع منه قليلاً، أو قال: نقل عن بعض أهل العلم أنه سمع منه قليلاً.


الرخصة في ذلك


شرح حديث الرخصة في حصول الطلقات الثلاث


[ باب الرخصة في ذلك.أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن القاسم عن مالك حدثني ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره ( أن عويمراً العجلاني
جاء إلى عاصم بن عدي رضي الله عنهما فقال: أرأيت يا عاصم لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فيقتلونه أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: يا عاصم، ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم لـعويمر: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألت عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد نزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فائت بها، قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ عويمر قال: كذبت عليها يا رسول الله! إن أمسكتها، فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ]. أورد النسائي هذه الترجمة وهي الرخصة في ذلك، أي: في حصول الطلقات الثلاث مجتمعة في وقت واحد، وهذا فيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأن النسائي رحمه الله أورد حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه في قصة تلاعن عويمر العجلاني وزوجته، وأنه لما حصلت الملاعنة وانتهى بادر وقال: كذبت عليها إن أمسكتها، يعني: إن بقيت عليها فأنا كاذب، وأنا إنما لاعنتها لأنني صادق، فطلقها ثلاثاً يريد أن يتخلص منها وألا يكون له بها أي صلة قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فالنسائي أورد الرخصة؛ لأنه حصل من عويمر أنه طلق ثلاثاً بحضرة النبي عليه الصلاة والسلام دون أن يأمره بذلك، ولكن هذا فيما إذا اقتضت الحاجة إلى ذلك، لأن الرجل قد تغيظ وتألم منها، وقال: إنه إن أمسكها وبقي معها، فإنه يكون كاذباً، ولهذا أراد أن يتخلص منها نهائياً فأوقع عليها تلك الطلقات الثلاث.
ومن المعلوم أن الملاعنة يكون التفريق فيها بحكم الحاكم بينهما وإن لم يحصل طلاق، فإن حصل طلاق وقع والطلاق والتفريق عند الملاعنة تحريم مؤبد لا يرجع إليها أبداً.

تراجم رجال إسناد حديث الرخصة في حصول الطلقات الثلاث


قوله: [ أخبرنا محمد بن سلمة ].هو محمد بن سلمة المرادي، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن ابن القاسم ].
عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام العلم، صاحب المذهب المشهور من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهل بن سعد ].
هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث رواه سهل بن سعد، لكن عاصم بن عدي رضي الله عنه الذي طلب منه عويمر أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الرسول كره المسائل وعابها، يعني: المسائل التي من هذا القبيل التي لا يسأل عنها إلا إذا ابتلي بها، لكن قبل أن يبتلى بها الإنسان لا يحرص على مثل هذه الأسئلة التي هي فيها مشقة وفيها شيء يؤلم ويؤثر.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى ونفقة المبتوتة


[ أخبرنا أحمد بن يحيى حدثنا أبو نعيم حدثنا سعيد بن يزيد الأحمسي حدثنا الشعبي حدثتني فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أنها قالت: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أنا بنت آل خالد وإن زوجي فلاناً أرسل إلي بطلاقي، وإني سألت أهله النفقة والسكنى فأبوا علي، قالوا: يا رسول الله! إنه قد أرسل إليها بثلاث تطليقات، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة ) ]. أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، في قصة طلاقها من زوجها الذي بت طلاقها وأنها طلبت النفقة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه لا نفقة ولا سكنى إلا لمن كان لزوجها عليها رجعة، أي: الطلاق الرجعي، وأما الطلاق البائن، فإنه لا نفقة ولا سكنى، وقد سبق أن مر أن فاطمة رضي الله عنها، أخبرت بذلك وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا سكنى ولا نفقة)، وأمرها بأن تعتد عند ابن أم مكتوم، والمقصود من إيراد الحديث هنا ذكر الجماعة الذين تكلمت معهم بأنهم قالوا: إنه أرسل ثلاث تطليقات، وقد سبق أن مر أنه طلق الطلقة الأخيرة وأنه سبق أن طلق طلقتين، ثم أتى بالطلقة الثالثة التي هي النهائية، ولم يحصل الجمع بين الثلاث بل كانت اثنتان قد مضتا وجاءت الثالثة التي هي النهائية، فصار ذلك طلاقاً بائناً؛ لأن الأخيرة الثالثة ليس بعدها إلا البينونة؛ لأن الأولى والثانية مضتا، وجاءت الثالثة، فكان بعدها الفراق النهائي، فلعل قوله: ثلاث تطليقات يعني: بهذه التي جاءت مضمومة إلى ما سبق أن تقدمها من الاثنتين، وإلا فإن حصول الطلقات الثلاث دفعة واحدة ما جاء في قصة فاطمة، بل الذي حصل أنها كانت متفرقة وهذه هي الأخيرة، فكملت الثلاث عندها بضم تلك الأخيرة التي جاءت إلى ما قبلها فصارت بائناً، فلا يكون لها نفقة، ولا سكنى؛ لأنه ليس لزوجها عليها رجعة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في نفقة وسكنى المبتوتة


قوله: [ أخبرنا أحمد بن يحيى ].هو أحمد بن يحيى الأودي الكوفي، ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن أبي نعيم ].
أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن يزيد الأحمسي ].
هو سعيد بن يزيد الأحمسي الكوفي، وهو صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[ عن الشعبي ].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
هي فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]