من شغل نفسه بأدنى العلوم وترك أعلاها وهو قادر عليه = كان كزارع الذرة في الأرض التي يجود فيها البر ، وكغارس الشَّعراء [شجرة من الحمض] حيث يزكو النخل والزيتون. نشر العلم عند من ليس من أهله مفسد لهم ، كإطعامك العسل والحلواء من به احتراق وحمى ، أو كتشميمك المسك والعنبر لمن به صداع من احتدام الصفراء. الباخل بالعلم ، ألأم من الباخل بالمال ؛ لأن الباخل بالمال أشفق من فناء ما بيده ، والباخل بالعلم بخل بما لا يفنى على النفقة ، ولا يفارقه مع البذل.
من مال بطبعه إلى علم ما وإن كان أدنى من غيره ؛ فلا يشغلها بسواه ، فيكون كغارس النارجيل بالأندلس، وكغارس الزيتون بالهند، وكل ذلك لا ينجب.
أجل العلوم ما قربك من خالقك تعالى ، وما أعانك على الوصول إلى رضاه.
انظر في المال والحال والصحة إلى من دونك ، وانظر في الدين والعلم والفضائل إلى من فوقك.
العلوم الغامضة كالدواء القوي ، يُصْلح الأجساد القوية ، ويُـهْلك الأجساد الضعيفة. وكذلك العلوم الغامضة ؛ تزيد العقل القوي جودة وتصفية من كل آفة ، وتهلك ذا العقل الضعيف.