عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22-09-2019, 04:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رُوَاةُ صَحِيِحِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ الَّذِينَ وَثَقَهُم الإِمَامُ الذَّهبي في الْ

رُوَاةُ صَحِيِحِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ الَّذِينَ وَثَقَهُم الإِمَامُ الذَّهبي في الْكَاشِفِ, وَقَالَ عَنْهُم الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ في التَّقْرِيِبِ: "مَقْبُول" "دراسة مقارنة وتطبيقية على رواياتهم في الكتب السِّتة"




د. محمد بن ماهر بن محمد المظلوم[*]

المطلب الَّرابع

من اتفق بالرِّواية عنهم مسلم وأبو داود والنَّسائي وابن ماجه
( م د تم س ق) جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ, أَبُو عَوْنٍ, الْمَخْزُومِيُّ, الْكُوفِيُّ, مات سنة عشرة ومائة([156]).
قول الإمامين فيه: قال الذَّهبي: ثقة([157]), وقال ابن حجر: مقبول([158]).
أقوال النُّقاد فيه:
ذكره ابن حبان([159]), وابن خَلَفُون في الثقات([160]), واحتج به الحاكم فأخرج له حديثًا وصحح إسناده([161]).
خلاصة القول فيه:

ثقة, وافق فيه الذَّهبي النُّقاد، وتفرد ابن حجر بقوله فيه: مقبول، واحتج به الإمام مسلم في صحيحه, كما سيأتي في مروياته إن شاء الله تعالى.
الدِّراسة التَّطبيقية على مروياته:

أخرج له مسلم في صحيحه حديثين، وأبو داود، والنَّسـائي، وابن ماجه في سننهم واحدًا منهما، وهما على النَّحو التَّالي:
الحديث الأول: قال الإمام مسلم :: وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ([162])، وَأَبُو كُرَيْبٍ([163])، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ([164])، حَدَّثَنِي مِسْعَرٌ([165])، وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ([166])، عَنْ إِبْرَاهِيمَ([167])، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ e لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ t: "اقْرَأْ عَلَيَّ"، قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي"، قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى قَوْلِهِ: ]فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا[[النساء: 41]، فَبَكَى. قَالَ مِسْعَرٌ: فَحَدَّثَنِي مَعْنٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ e: "شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ، أَوْ مَا كُنْتُ فِيهِمْ"، شَكَّ مِسْعَرٌ([168]).
تخريج الحديث:

أخرجه البخاري ببعض اللفظ([169]), وأبو داود بنحوه([170]), والتِّرمذي بنحوه([171])؛ ثلاثتهم من طريق إِبْرَاهِيم بن يَزِيد، عَنْ عُبَيدَة السَّلْمَانِيّ([172])، عن عبد الله بن مسعود t، مرفوعًا، بدون قوله: "شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ، أَوْ مَا كُنْتُ فِيهِمْ"، التي جاءت من طريق جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عند مسلم.
الحكم على الحديث:

متفق عليه, وتُوبع فيه جَعْفَر بْن عَمْرو بْن حُرَيْث متابعة ناقصة من قِبَل إبراهيم بن يزيد, من غير زيادة: "شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ، أَوْ مَا كُنْتُ فِيهِمْ".
الحديث الثاني: قال الإمام مسلم :: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى([173])، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ([174])، قَالَا: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ([175])، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ([176])، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ([177]):"أَنَّ رَسولَ اللهِ e خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ"([178]).
تخريج الحديث:

أخرجه مسلم([179])، وأبو داود([180]), والنَّسائي([181])، وابن ماجه([182])؛ أربعتهم من طريق جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، به بنحوه وفيه زيادة، إلا النَّسائي بنحوه, وأخرجه النَّسائي, أيضًا([183])، من طريق جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ([184])، عَنْ أَبِيهِ، بنحوه وفيه زيادة.
الحكم على الحديث:

أخرجه مسلم, وتُوبع فيه جعفر بن عمرو بن حُرَيْث متابعة ناقصة من قِبَل جَعْفَر بْن عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ, وقد انتقى مسلم حديثه فأخذه عن أربعة من الشُّيوخ؛ جميعهم من طريق جعفر بن عمرو بن حُرَيْث, وفيه لطيفة، وهي: رواية جعفر بن عمرو بن حُرَيْث، عن أبيه.
(م د س ق) الْمُنْذر بْنُ جَرير بْنِ عَبد اللهِ، البَجَلِيُّ([185]),الكوفي, من الثالثة([186]).
قول الإمامين فيه: قال الذَّهبي: ثقة([187]), وقال ابن حجر: مقبول([188]).
أقوال النُّقاد فيه: ذكره ابن حبان في الثقات([189])، وسُئل الدَّارقطني عن حديثه: "لا يأوي الضالة إلا ضال"، فقال: صحيح([190]).
خلاصة القول فيه: ثقة, وافق فيه الذَّهبي النُّقاد, واحتج به مسلم في صحيحه. وقال فيه ابن حجر: مقبول؛ لقلة حديثه لا لمطعن فيه. والله تعالى أعلم.
الدِّراسة التَّطبيقية على مروياته:

أخرج له مسلم حديثاً واحداً أخرجه كل من التِّرمذي والنَّسائي وابن ماجه، وأخرج له أبو داود وابن ماجه حديثًا آخر، وهما على النَّحو التَّالي:
الحديث الأول: قال الإمام مسلم: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ([191])، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ([192])، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ([193])، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ([194])، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ([195])، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ e فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ([196]) أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ([197])، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ([198]) وَجْهُ رَسُولِ اللهِ e لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ([199])، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ[[النساء: 1] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، ]إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[[النساء: 1] وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: ]اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ[[الحشر: 18] "تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ([200]) بُرِّهِ([201])، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ([202]) كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ e يَتَهَلَّلُ([203])، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ([204])، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ e: "مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا([205]) وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ"([206]).
تخريج الحديث:

أخرجه مسلم بمثله وفيه زيادة([207])، وأخرجه مختصرًا([208]), وأخرجه أيضًا بنحوه بدون القصة([209])، والنَّسائي بمثله([210])، والتِّرمذي([211])، وابن ماجه([212]) كلاهما بنحوه بدون القصة؛ جميعهم من طريق الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ البَجَلِيُّ. وأخرجه مسلم مختصرًا([213]), ومرةً بمثله([214])، والطبراني بنحوه([215])؛ كلاهما من طريق عبد الرحمن بن هلال العَبْسِيُّ، وأخرجه أحمد من طريق حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ([216]) بنحوه، وأخرجه الطبراني أيضًا من طريق مسلم بن صُبَيْحٍ([217])، والمسيِّب بن رافع([218]) بنحوه؛ خمستهم (الْمُنْذِرُ بْنُ جَرِيرٍ البَجَلِيُّ, وعبد الرحمن بن هلال العَبْسِيُّ, وحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، ومسلمُ بن صُبَيْحٍ, والمسيِّبُ بن رافع) عن جَرِيرِ بن عبد الله البَجَلِيُّ t.
الحكم على الحديث:

أخرجه مسلم, وتُوبع فيه المنذر بن جرير متابعة تامة من قبل أربعة رواة, وهم: (عبد الرحمن بن هلال العَبْسِيُّ, وحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، ومسلمُ بن صُبَيْحٍ, والمسيِّبُ بن رافع), كما هو واضح في تخريج الحديث, وقد أتى مسلم بحديثه وفيه لطيفة؛ وهي رواية المنذر عن أبيه. والله تعالى أعلم.
الحديث الثاني: قال الإمام أبو داود :: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ([219])، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ([220])، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ([221])، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ جَرِيرٍ بِالْبَوَازِيجِ([222]) فَجَاءَ الرَّاعِي بِالْبَقَرِ وَفِيهَا بَقَرَةٌ لَيْسَتْ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ([223]): مَا هَذِهِ؟ قَالَ: لَحِقَتُ بِالْبَقَرِ لا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ، فَقَالَ جَرِيرٌ t: أَخْرِجُوهَا، فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ: "لَا يَأْوِي([224]) الضَّالَّةَ([225]) إِلَّا ضَالٌّ"([226]).
تخريج الحديث:

أخرجه أحمد بن حنبل([227])، وابن ماجه([228])، كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان عن أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عن الضَّحَّاكِ خال المنذر بن جرير([229])، عن المنذر بن جرير، به بمثله. وأخرجه النسائي([230])، من طريق أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير([231])، عن المنذر بن جرير، به بمثله, وله شاهد عند مسلم([232])، من حديث زيد بن خالد الجهني t، بنحوه، وفيه زيادة:"ما لم يُعرفها"([233]).
الحكم على الحديث:

إسناده ضعيف؛ لأن فيه سقط بين أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ والمنذر بن جرير، ولكن جاء متصلاً عند أحمد بن حنبل وابن ماجه، وسَلُمَت روايتهما من السَّقط، وجميع رواتها ثقات إلا الضحاك فهو مقبول؛ لكنه تُوبع من ثقة وهو أبو زرعة بن عمرو، كما عند النَّسائي، وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه, وسُئل الدارقطني عنه، فقال: والأشبه بالصواب عن أبي حيان ما قاله يحيى القطان، ومن تابعه، وهو الصحيح([234])، وقال الألباني: صحيح المرفوع منه([235])، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره([236]), وله شاهد من حديث زيد بن خالد الجُهني t عند مسلم وغيره.
( م د س ق) أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْن الأسود الْقُرَشِيُّ الأسديُّ، مات سنة مائة وعشرون([237]), من الثالثة([238]).
قول الإمامين فيه: قال الذَّهبي: ثقة([239]), وقال ابن حجر: مقبول([240]).
أقوال النُّقاد فيه: قال ابن سعد: كان قليل الحديث([241]), وقال الهيثمي في حديث لأبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة: رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد ثقات([242])، وقال العيني في حديث آخر له: سند صحيح([243])، وقال الكِنَانِي في نفس الحديث: رجاله ثقات([244])، وقال في حديث آخر أيضًا: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم فقد احتج بجميع رواته([245]), وتفرد ابن حزم الظاهري كعادته في كثير من الرُّواة، فقال: يُضعف في الحديث([246]).
قلت: قد احتج به مسلم([247])، وابن خزيمة([248])، وأبو نُعيم([249]) في صحيحهم،
والحاكم في المستدرك([250]).
خلاصة القول فيه:

ثقة, احتج به مسلم، وابن خزيمة، وأبو نُعيم في صحيحهم، والحاكم في المستدرك, ووافق فيه الذَّهبي جُلَّ النُّقاد، وقال فيه ابن حجر: مقبول، لقلة حديثه.
الدِّراسة التَّطبيقية على مروياته:

أخرج له مسلم والنَّسائي وابن ماجه حديثاً واحداً، وأخرج له ابن ماجه – أيضًا - حديثًا ثانيًا، وأخرج أبو داود له حديثاً ثالثًا، وهي على النَّحو التَّالي:
الحديث الأول: قال الإمام مسلم :: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ([251])، حَدَّثَنِي أَبِي([252])، عَنْ جَدِّي([253])، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ([254])، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ([255])، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ([256])، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ e، كَانَتْ تَقُولُ: "أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ e أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللهِ e لِسَالِمٍ خَاصَّةً، فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ، وَلَا رَائِينَا"([257]).
تخريج الحديث:

أخرجه النَّسائي بلفظ قريب([258]), وابن ماجه باختلاف بعض الألفاظ([259])؛ كلاهما من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن زَمْعَةَ به, وله شاهد من حديث عائشة ل؛ أخرجه النَّسائي([260])، مع زيادة قصة.
الحكم على الحديث:

أخرجه مسلم, ولم يُتابع فيه أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، ولا يضره ذلك فإنه ثقة, وله شاهد من حديث عائشة ل بقصة, وفيه لطيفتان، الأولى: رواية الصَّحابي عن الصَّحابي، وهي رواية زينب بنت أبي سلمة عن أمها أم سلمة م، الثانية: رواية الأبناء عن الآباء, وهي رواية أبي عبيدة، عن أمه زينب بنت أبي سلمة م, عن أمها أم سلمة ل.
الحديث الثاني: قال الإمام أبو داود :: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ([261])، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ([262])، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أَبِيه([263])، وَعَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ م, عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ل، يُحَدِّثَانِهِ جَمِيعًا ذَاكَ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي يَصِيرُ إِلَيَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ e مَسَاءَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَصَارَ إِلَيَّ، وَدَخَلَ عَلَيَّ وَهْبُ بْنُ زَمْعَةَ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي أُمَيَّةَ مُتَقَمِّصَيْنِ([264])، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e لِوَهْبٍ: "هَلْ أَفَضْتَ([265]) أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟" قَالَ: لَا وَاللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ e: "انْزِعْ عَنْكَ الْقَمِيصَ"، قَالَ: فَنَزَعَهُ مِنْ رَأْسِهِ وَنَزَعَ صَاحِبُهُ قَمِيصَهُ مِنْ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا" -يَعْنِي مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا النِّسَاءَ- "فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ"([266]).
تخريج الحديث:

أخرجه أحمد([267])، والحاكم([268])؛ كلاهما من طريق أبي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، به بمثله, وأخرجه أحمد أيضًا([269])، من طريق خالد مولى الزبير([270])، عن زينب ل، به بمثله.
الحكم على الحديث:

إسناده حسن؛ لأن جميع رواته ثقات إلا محمد بن إسحاق فهو حسن الحديث ومدلس، ولكن صرح بالسماع فيه, ويتقوى إلى الصَّحيح لغيره بالمتابعة التِّي عند أحمد بن حنبل المذكورة في التَّخريج، وتُوبع فيه أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ متابعة تامة من قِبَل خالد مولى الزبير بن نوفل, وفيه ثلاث لطائف، الأولى: رواية الصحابي عن الصحابي، وهي رواية عبد الله بن زمعة وزوجته زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة y، الثانية: رواية الأبناء عن الآباء, وهي رواية أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله بن زمعة وأمه زينب بنت أبي سلمة y، عن أم سلمة ل، ثالثها: رواية زوج البنت عن أم زوجته، وهي رواية عبد الله بن زمعة عن أم سلمة م. قال ابن القيم: "الحديث محفوظ، فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه وعن أمه وعن أم قيس"([271])، وقال الألباني: "حسن صحيح"([272]).
الحديث الثالث: قال الإمام ابن ماجه :: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ([273])، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ([274])، عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ([275])، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أَبِيهِ([276]) عن أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ e، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: "إِذَا شَرِبْتُمْ اللَّبَنَ فَمَضْمِضُوا فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا"([277]).
تخريج الحديث:

أخرجه ابن أبي شيبة([278])، والطَّبراني([279])، كلاهما من طريق أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، به بلفظه, وله شاهد من حديث ابن عباس t؛ أخرجه البخاري([280]), بلفظ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e "شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ"، ومسلم([281])، والترمذي([282])، وابن ماجه([283]), باختلاف بعض اللفظ, وله شاهد آخر من حديث سهل بن سعد t؛ أخرجه ابن ماجه بدون لفظ: "إِذَا شَرِبْتُمْ"([284]).
الحكم على الحديث:

إسناده حسن، لأن فيه مُوسَى بن يَعْقُوبَ وهو صدوق تُكلم في حفظه، ولكن المتن صحيح يشهد له حديث عبد الله بن عباس م عند البخاري ومسلم وغيرهما، وحديث سهل بن سعد السَّاعدي t عند ابن ماجه, قال مُغُلْطَاي: هذا حديث إسناده صحيح([285])، وقال البُصيري: هذا إسناد رجاله ثقات، رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ومسنده، كما رواه ابن ماجه عنه، وهو في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس م ([286])، وقال ابن حجر: إسناده حسن([287])، ورمز السُّيوطي لحسنه([288])، وقال الألباني: هذا إسناد حسن([289]).
المطلب الخامس


من اتفق بالرِّواية عنهم مسلم وأبو داود والنَّسائي


(م د س) سَالِمُ بْنُ أَبي سَالِم الْجَيْشَانِيُّ, مصري, من الرَّابعة([290]).
قول الإمامين فيه: قال الذَّهبي: ثقة([291]), وقال ابن حجر: مقبول([292]).
أقوال النُّقاد فيه: ذكره ابن حبان([293])، وابن خَلَفُون([294]), في الثقات.
خلاصة القول فيه: ثقة, لاتفاق النُّقاد على توثيقه, تفرد ابن حجر بقوله فيه: مقبول، وقد احتج به الإمام مسلم في صحيحه, كما سيأتي في مروياته.
الدِّراسة التَّطبيقية على مروياته:

أخرج له مسلم وأبو داود والنَّسائي حديثاً واحداً، وهو: قال الإمام مسلم :: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ([295])، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ([296])، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُقْرِيِ([297])، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ([298])، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ([299])، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ([300])، عَنْ أَبِي ذَرٍّ t، أَنَّ رَسُولَ اللهِ e، قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ"([301]).
تخريج الحديث:

أخرجه أبو داود([302]), والنَّسائي([303])؛ كلاهما من طريق سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ , عن أبيه به بمثله, وأخرجه مسلم([304]) من طريق الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ([305])، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ([306])، به بمعناه.
الحكم على الحديث:

أخرجه مسلم, وقد توبع فيه سَالِمُ بْنُ أَبي سَالِم متابعة ناقصة من قِبَل الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ, وفيه لطيفة, وهي رواية سَالِم بن أَبي سَالِم عن أبيه.
(م د س) يَعْقُوب بن عَاصِم بن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ([307]), أخو نافع, من الثَّالثة([308]), مات سنة المائة تقريباً([309]).
قول الإمامين فيه: قال الذَّهبي: ثقة([310]), وقال ابن حجر: مقبول([311]).
أقوال النُّقاد فيه: ذكره ابن حبان في الثقات([312])، واحتج به مسلم في صحيحه([313])، والحاكم في مستدركه، وقال في حديثه: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه([314])، وقال في موضع آخر في حديث آخر له: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه([315]).
خلاصة القول فيه:

ثقة, كما قال الذَّهبي, احتج به مسلم وغيره، وقول ابن حجر فيه: مقبول؛ لقلة حديثه لا لطعنٍ فيه. والله تعالى أعلم.

الدِّراسة التَّطبيقية على مروياته:

أخرج له مسلم حديثين, والنَّسائي واحداً منهما في سننه الكبرى, وعند النَّسائي في سننه الكبرى حديثاً آخر([316]), ولك حديثاه اللذان أخرجهما له مسلم:
الحديث الأول: قال الإمام مسلم :: حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللهِ e يَوْمًا، فَقَالَ: "هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟" قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "هِيهْ([317])" فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: "هِيهْ" ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: "هِيهْ" حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ([318]), وقال :: وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ([319])، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ جَمِيعًا([320])، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ([321])، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ([322])، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ([323])، أَوْ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّرِيدِ([324]) قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ e خَلْفَهُ فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ([325]).
تخريج الحديث:

أخرجه مسلم من طريق الْمُعْتَمِر بْنُ سُلَيْمَان، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ؛ كِلَاهُمَا، عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ, عن عمرو بن الشَّريد، عن الشَّرِيدِ t, وزاد: "إِنْ كَادَ لِيُسْلِمُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: "فَلَقَدْ كَادَ يُسْلِمُ فِي شِعْرِهِ"([326]).
الحكم على الحديث:
أخرجه مسلم, وتُوبع فيه يعقوب بن عاصم متابعة تامة من قِبَل عمرو بن الشَّريد.

الحديث الثاني: قال الإمام مسلم :: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ([327])، حَدَّثَنَا أَبِي([328])، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ([329])، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ([330])، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو م, وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ؟ تَقُولُ: إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إِلَى كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ أَوْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ -أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهُمَا- لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُحَدِّثَ أَحَدًا شَيْئًا أَبَدًا، إِنَّمَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْرًا عَظِيمًا، يُحَرَّقُ الْبَيْتُ، وَيَكُونُ وَيَكُونُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ e: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ -لَا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ([331])، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ([332]) لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ، حَتَّى تَقْبِضَهُ " قَالَ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ e، قَالَ: "فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ([333]) وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ([334])، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ([335])، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ([336])، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا([337]) وَرَفَعَ لِيتًا([338])، قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ([339]) حَوْضَ إِبِلِهِ، قَالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ -أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللهُ- مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ([340]) أَوِ الظِّلُّ -نُعْمَانُ الشَّاكُّ- فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ، وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ، قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ، فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، قَالَ فَذَاكَ يَوْمَ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا، وَذَلِكَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ"([341]).
تخريج الحديث:

أخرجه مسلم مختصراً([342]), والنَّسائي باختلاف بعض الألفاظ([343])؛ كلاهما من طريق النُّعْمَان بْن سَالِم، عن يعقوب بن عاصم به, وأخرجه مسلم –أيضاً- من طريق أَبِي زُرْعَة([344]) بنحوه؛ كلاهما (يعقوب بن عاصم, وأبو زُرْعَة) عن عبد الله بن عمرو م.
الحكم على الحديث:

أخرجه مسلم, وتُوبع فيه يعقوب بن عاصم متابعة تامة من قبل أبي زُرْعَة.
(م د س) أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ الثَّقَفِيُّ([345]), الْكوفيُّ, مات سنة عشرة ومائة([346]), من الثالثة([347]).
قول الإمامين فيه: قال الذَّهبي: ثقة([348]), وقال ابن حجر: مقبول([349]).
أقوال النُّقاد فيه: ذكره ابن حبان في الثقات([350])، قلت: وروى عنه جماعة من الثقات الأثبات، واحتج به مسلم([351])، وأبو عَوَانة([352]) في صحيحيهما، كما يأتي في الدِّراسة التَّطبيقية لمروياته.
خلاصة القول فيه: ثقة, روى عنه جماعة من الثقات الأثبات، واحتج به مسلم، وأبو عَوَانة في صحيحيهما، قال فيه ابن حجر: مقبول، لقلة حديثه.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.34%)]