عرض مشاركة واحدة
  #1260  
قديم 10-12-2013, 08:24 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــع الموضوع السابق


تأملات في سورة الأنبياء


ثم إذا نظرنـا إلى المريخ و هو أقرب كوكب إلى الأرض، فنجد أنه يدور حول نفسه مرة واحدة كل 24 سـاعة مثل الأرض، و لكن الغلاف الجوى الذي يحيط بالمريخ يتكون أسـاسـا من غـاز ثاني أكسيد الكربون عند ضغط منخفض جدا، و لأن المريخ أبعد عن الشمس من الأرض فنجد أن درجة الحرارة على سطحه تصل إلى الصفر فى أيام الصيف الشديد و تهبط إلى 123 درجة مئوية تحت الصفر فى أيام الشتاء.. و نتيجة لهذا الانخفاض فى درجات الحرارة على سطح المريخ، نجد أن المـاء المتجمع عليه فى حـالة جليد دائم، و لعـل هذا هو السبب فى اختفـاء أي أثـر للحياة على سطح المريخ.
و قد فشلت جميع الرحلات التي ذهبت إلى المريخ أو إلى أي كواكب أخرى من كواكب المجموعة الشمسية فى العثور على أي أثر للحياة على هذه الكواكب، فقد اختص خـالق الأرض بأسباب لم يهبها أو يهيئها سوى للأرض بحيث تكون لديهـا هذه القدرة على احتضان الحياة عليهـا، و هذا مـا تبينه الآيــات التالية، و نبدأ أولا بهذه للآية الكريمة: و جعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بهم فقد أرسى الخـالق فى هذه الأرض الكتلة و المكونات التي تنضبط بها قدرة الأرض على جذب الأشياء فوقهـا فتنضبط عليهـا حركة البشر و جميع المخلوقات فلا تميد بهم و لا تنهـار من تحتهم، و كذلك أدى استقرار القشـرة الأرضية إلى استقرار الغلاف الجوى و ضغطه الثابت و استقرار المـاء فى البحـار و الأنهـار و كذلك استقرت على الأرض حياة البشر، و جعل الخالق بهذه الرواسي مـا يرسى للأرض فلكـا ثـابتا حول الشمس و حول نفسهـا لا تحيد عنهما، بحيث تتزن سـرعـتهـا و بعدهـا عن الشمس فتنضبط عليهـا درجـات الحرارة و اتـزان حرارتهـا المفقودة أثناء الليل مع مـا تكتسبه من حرارة أثناء النهـار، وكذلك جعل للأرض بهذه الرواسي مجالا مغناطيسيا يحدد ميلا لمحور الأرض مع محور دورانها حول الشمس، فكـان للأرض بهذا الميل فصولا محددة كل عـام و مسارات للسحاب و الرياح و خرائط للأمطـار، ممـا أتاح للبشر الحياة المستقرة عليهـا.
إن من يتدبر هذه الكلمـات أن تميد بهم و التي تدل على أن الخـالق قد ضبط كتلة الأرض أو مـا أودعه الخـالق فى الأرض من رواسي بحيث لا تميد بهم فلا تتقلص القشرة الأرضية تحت أقدامهم كمـا يحدث فى عطـارد، و لا يطيرون من فوقهـا كما يحدث على القمر و لا يلتصقون بهـا كمـا يحدث فى المريخ، و تحفظ لهم غلافـا جويـا حاميا بالضغط المناسب، و تحقق لهم درجة الحرارة المناسبة لهم بحيث مكنهم من الحياة عليهـا، وقد تحددت بهذه الرواسي و تكوينهـا الذي لا يعلمـه إلا الله البعد المناسب عن الشمس و الميل المطلوب مع محور الشمس و السرعة المطلوبة حول الشمس و حول نفسهـا فلا يكون للأرض انحرافـات عن المعدلات المطلوبة لحياة الأحياء عليهـا، و مـا ذا يحدث لو لم تكن لهـا هذه الرواسي و مـادت الأرض عن فلكهـا و مسـارهـا حول الشمس بأدنى انحراف فزاد مثلا بعدهـا عن الشمس بأدنى مقدار، ستتجمد المياه والحياة كلهـا على الأرض لأن الطاقة الساقطة عليهـا تتغير بتغير مربع بعدهـا عن الشمـس، ومـاذا يحدث لو اقتربت بـقدر يسير من الشمس لا يتعدى مثلا 1 % من بعدهـا الحالي ، سيصل متوسط درجـات الحرارة على الأرض إلى مـا يزيد عن درجـة غليان المـاء ، أي عن 100 درجة مئوية وهذا الحد كـافيـا لتحول كل مياه البحار و المحيطات والأنهـار إلى بخـار أو سحب و تتوقف الحياة على الأرض ، وسيتغير أطوال الفصول ومقدار أيام لسنة الشمسية ممـا يؤدى إلى هلاك كل مـا نقوم بزراعته و نـتغذى عليه نحن و كل الأحياء ، و مـاذا يحدث أيضـا لو لم تكن فى الأرض رواسي بهذا القدر المحكم فتبـاطأت سرعة الأرض حول نفسهـا فيتكرر لنـا مـا يحدث على كوكب الزهرة ، فتزيد درجة حرارة الوجه المضيء و تفقد البحار ميـاهها على هذا الوجه ، و تتجمد المياه فى البحـار على الوجه المعتم و تتوقف الحياة عليه ، و كذلك يلتصق الأحياء على الأرض كمـا يحدث على هذا الكوكب ، و بنفس هذه التأثيرات لو زادت سرعة دوران الأرض حول محورهـا ، فـينخفض متوسط درجـات الحرارة على الوجهين و نطير من على سطح لأرض كمـا يحدث فى القمـر ، و لا يبقى لنا غلاف جوى مثل عطارد ، هكذا جـاءت حكمة الخـالق و علمـه فى تحديد الرواسي التي يتحدد بهـا كل شيء فترسو حياتنـا و نرسو على هذا الكوكب الذي أعده الخـالق ليحتضننـا عليه بكل الرحمة ، فكانت للأرض هذه الرواسي حتى لا تميد بنـا كما جاء فى قول الحق و جعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بـهم إن الحرف أن جـاء إعلانـا بأن الخـالق أحكم كل شيء فى هذا الكون فدبر رواسي الأرض بهذا التقدير الحكيم و بهذا العلم الدقيق حتى يكون للأرض مـا لهـا من استقرار و رسو دون أي انحراف أو تجـاوز فتكون مرسى لهذا الكائن الذي مهد خالفه كل شيء من أجله .
ثم تستكمل الآية الكريمة فى فضل الله علينـا فى هذه الأرض التي يسرهـا لنـا بقوله سبحانه و جعلنـا فيهــا فجــاجــا سـبلا إن من يذهب إلى القمـر و لا يجد عليه سـوى فوهـات أو على عطـارد فلا يجد عليه سـوى التجـاعيد أو إلى الزهرة فلا يجد إلا تربة هـشة لا يستطيع السير عليهـا، سيستشعر نعمـة الله علينـا فى هذه الفجـاج التي يسرهـا الله لنـا على الأرض كي نحيـا و نسير عليهـا و تيسـر لنـا سـبل الزراعة و التجـارة و الصنـاعة و الترحـال و الانتقال بسهولة و يسـر، فقد امتدت القشرة الأرضية فى تمـاسـك و صـلابة و استواء و امتداد... فاتسعت رقعتهـا للغـابـات و الوديان و الطرق و الأنهـار و البحـار القرى و المدن و كل مـا يبغيه البشر من سبل لحياتهم و متاعهم و رزقهم و أنعامهم و عرباتهم و طـائراتهم ، لقد يسـر الله هذه الفجـاج ليهتدوا إلى سبل الرزق و الحياة و التعارف ثم يهتدون إلى خـالقهم و مانحهم هذه النعم و موفر لهم هذه الأرض بانبسـاطهـا و امتدادهـا و طرقهـا ، و هكذا كان ختام هذه الآية بهذه الكلمـات لعلهم يهتدون... أليس فى هذه السبل و الفجاج هداية إلى معرفة فضل الله علينا و هداية إلى الحياة على الأرض و الانتفاع بخبراتها.
ثم تأتى الآية التـالية لتذكرنـا بفضل الخـالق فى أن يخصنا بسمـاء تحفظنـا من فوقنـا برحمته، فنرى فضل الله فى خلقهـا لنـا بهذه الكيفية من يستعرض الكواكب من حولنـا فلا يرى لها سمـاءا حافظة و محفوظة مثل سماء الأرض، فبها غـلاف جـوى يحمينـا من أشعة الشمس الضـارة، فيسمح هذا الغلاف بمرور مـا ينـفـعـنـا من هذه الأشعة و يحتجز مــا يضرنـا بطبقة تسمى طبقة الأوزون، ثم اختص هذا الغلاف بنسبة عـالية من غازي الأكسيجين و النيتروجين، و كلاهمـا لا يمتصـان أشعة الشمس فتنفذ الأشعة النافعة من خلالهمـا لتصل أشعة الشمس إلى النبات ليختزن الطـاقة اللازمة له و لمن حوله، ثم أن وجود هذه النسبة من الأكسيجين فى الهواء الجوى تحرق أي نيازك قبل أن تصل إلى الأرض فلا ترى هذه الفوهـات و البثور على أرضهـا مثل باقي الكوكب التي لم يخصها الله برحمته، و فى الهواء نسبة ضئيلة من غـاز ثاني أكـسيد الكربون القـادر على امتصاص أشعة الشمس لا تتعدى جزء من الواحد بالمـائة كي يتغذى عليها النبات، و لكن لو زادت لحدث لنـا مثل ما يحدث على كوكب الزهرة الذي يـسـتحيل الحياة عليه، و قد حفظه الخالق لنا بهذا الثبات حتى نتمكن من الحياة على الأرض إلى أن يشـاء الله، ثم نجد أن غـاز الأكسيجين يؤدى أدوارا عديدة أخرى فى حياتنـا حيث يحترق به الغذاء فى أجسامنـا و النار من حولنا، و كذلك غـاز النيتروجين و مـا يؤديه فى حياة النبات الذي يتغذى عليه
كل هذه الأدوار تؤديهـا سمـاءً حفظهـا الخالق لنـا و حفظنـا بهـا كسقف يمنع عنـا أن يصيبنـا من فوقنـا مـا يصيب كواكب أخرى حولنــا و يتيح لنـا الحياة عليهـا دون أن نحترق أو نختنق ، هل جـاءت سماء أرضنـا كمـا قال خـالقهـا سقفـا محفوظا بكل هذه الخصوصيات و الآيـات بدون تدبير أو تنظيم أو تقدير خـالق عـزيز عليم ... كيف نعرض عن كل هذه الآيـات و لا نتدبرها حق التدبر... هكذا يعاتبنـا الخـالق بقوله سبحانه و هم عن آيـاتهـا معرضون فالسمـاء كلهـا آيـات على عظمة خـالقهـا و رحمته و عزته و علمه.. علينـا أن نتدبر بهـا بهذا الاستدلال المعجز الذي أرسله الخـالق إلينا فى خـاتم كتبه.. و هل يستطيع بشرا أن يضع لفظـا جـامعـا يصف هذه السمـاء و مـا تؤديه من أدوار فى حياتنـا كسقف حـافظ و محفوظ لنـا و لأرضنـا بأبدع و أروع من هذه الكلمـات... إنهـا كلمـات جاءت حقا من خالق الأرض و السمـاء.
ثم تأتى الآية التالية التي تذكرنـا بـفضل الله و آيـاته فى هذه الأشياء التي من حولنـا.. فى الليل و النهـار.. الشمس و القمــر... كيف انتظمـت و توافقت مع حياتنا و خلقنا و عملنا و راحتنا و دورات حياتنا و أعمـارنـا و انتظم بهم كل شيء من حولنا.. الحياة المستقرة و العمل نهارا و النوم ليلا ومـا يناسب أجسامنا من درجـات الحرارة و ضغط الهواء.. نحن لا نستطيع أن نحيا على كوكب الزهرة الذي يصل طول اليوم فيه إلى 243 مثيله على الأرض فتصل درجة الحرارة على سطحه إلى مئات الدرجات .. إنه لا يتوافق مع حياتنـا و مع تكويننـا و مع خلقنـا... فمن سخر كل هذه الأشياء لنـا... من سخر كل هذا التوافق و الانسجام بيننا و بين كل هذه الأفلاك... من دبر للأرض و خلقهـا تدور حول نفسهـا بهذه السرعة الثابتة أمام الشمس ليأتي الليل و النهـار منسجمـا مع بعد الأرض عن الشمس و راحة الإنسان و حرارته و حياته و سعيه... من سخر الأرض تدور حول الشمس بهذا الخضوع و هذا الثبات فيأتي هذا التعاقب للفصول بهذا الإبداع و الالتزام فى كل أنحاء الأرض ومع مـائهـا و هوائهـا و رمـالهـا و سحابهـا و كل شيء عليـهـا... من سخر للقمر دورته حول الأرض و أمام الشمس فيأتي هلالا و بدرا و تتعاقب أشكاله بهذا الإبداع و الانسجام مع كل مـا خلق الله على الأرض... أنهم جميعـا يسبحون لخـالقهم بهذا الالتزام و هذه الطـاعة المتنـاهية و المتمثلة فى هذا الانسجام الشامل و الكـامل.
لقد أعلن العلمـاء أنه حتى نرى كوكبـا آخر يمكن أن تقوم حياة عليه فى هذا الكون فيجب أن تكون له كتلة مثل كتلة الأرض و حجمـا مثل حجم الأرض و قمرا مثل قمر الأرض و له زاوية ميل و سرعة دوران حول نفسه و حول شمسه مثل مـا للأرض و أن تكون له شمسا مثل شمسنا عمرا و حجما و كتلة و إشعاعا و أبعادا و ثباتـا.. وأن يكون لهم جميعا نفس الأفلاك و الظروف و المقادير... و هذايسبح كل شئ بنفس هذه التسبيحات و فى نفس هذه الأفلاك.. و هذا مـا تنص عليه هذه الآية فى نهايتهـا كل في فلك يسبحون .. فإنهـا سبـاحة وتسبيح بعلم خـالق عزيز وعليم وقدير ومقدر لكل شيء بحكمته.. فهـل لنا أن نسبح معهم.
الشكل التالي يبين كواكب المجموعة الشمسية بحسب بعدها عن الشمس
كمـا رأينـا أن يد الخـالق هي التي بدأت هذا لكون، و كيف أيقن العلمـاء بهـا بعد أن تداعت نظرياتهم فى الانفجـار الكبير و اعترفوا أن من ينظـر إلى الكون يشعـر أن هناك يد خـالق واحد نسقت كل هذا الكون فجـاء كله وحدة واحدة أوله مثل آخره، و أعلن الخـالق عن أن يده هي اليد العليـا فى هذا الكون المنتظم فى خاتم كتبه بآيات يعجز البشـر عن أن يأتــوا بمثلهــا، و لكن نرى أن هؤلاء العلمـاء يتخبطون مرة ثانية و هم يحـاولون أن يعرفوا كيف ينتهي هذا الكون دون اللجوء إلى الله... فقد أثبتت نظـريـاتهم بأنه أي الكون يتمدد و يتسع دائمـا.. و قد أشـار الحق فى خـاتم كتبه إلى هذه الحقيقة الجـامعة بقوله سبحـانه و السمـاء بنينـاهـا بأيد و إنــا لموسعون ( الآية 47 من سورة الذاريات ) ... هكذا تفسر الآية أن هذا التوحد و التماثل و التشابه فى بناء هذا الكون قد جـاء لأن يدا واحدة كان لهـا مـطلق الخلق و التشكيل فيه.. يدا تعلن عن نفسهـا و لا أحد غيرها يتطـاول أن يدعى سوى هذا... و تأتى هذه الآية أيضـا لنـقـر بالحقيقة الأخرى التي اكتشفهـا العلمـاء أن إرادته وحده هي التي جعلت هذا الكون يتسع و يتمدد دائمـا، و يتم هذا التوسع بنفس الانتظام و على نفس السنة منذ أن بدأ خلق المكان و الزمـان منذ أن شـاء الله فتق الرتق الأول حتى يومنـا هذا... و يأتي سـؤال آخــر من العلم و العلمــاء... إلى متى يستمر فتق هذا الرتق الذي بدأ منه الخلق فى التمدد و التوسع... إذا كان هذا الرتق محدودا فهو لن يستمـر فى التمدد و التوسع إلى الأبد.. و لكن سوف تأتى لحظـة معينة بحسب نظريات العلماء سيبلغ فيها المكان و الزمان نهايتهما... و سوف تـعود المـادة التي ملأت هذا الكون فتتجمع مرة أخرى و يتساقط الكون فى حدث أطلقوا عليه اسم الانسحاق العظيم و هو اسم مرادف للاسم الذي أطلقوه على بداية الكون بالانفجار العظيم... حيث سينسحق هذا الكون كمـا تسحق النجوم التي ملأت الكون عن آخره فتتحول إلى ثقوب سوداء.
و يبقى السؤال الذي لا رد له إلا الإيمان بخالق هذا الكون وباعثه.. متى تأتى هذه اللحظة.. و مـاذا يحدث بعدهـا.. و هل ستكون هناك دورة جديدة يتجدد فيهـا المكان و الزمان مرة أخرى... و من له اليد العليا فى تحديد هذه اللحظة.. هل هي المـادة ذاتهـا التي تقوم بهذا الحدث من تلقـاء نفسهـا ودون أي إرادة أعلى.
إنـنـا و نحن نواجه أقوال العلمـاء و هم يذكرون هذا الحديث نشعر بأنـنـا أمام افتراضات عقلانية و غير قادرة على إقامة الدليل على شيء محدد فلم يرى أحد كيف بدأ الخلق و كيف ستكون نهايته...و لكننا سنحاول بالقدر الذي أتاحه الله لنـا من العلم و هذا النور الذي بين أيدنـا أن نتدبر فى خلق الله... فالكون له بداية كمـا أثبت العلم و العلمـاء و أقـر الخـالق هذه الحقيقة فى قرآنه .. و كل شيء له بداية بهذا الإبداع و الانسجام و الانتظام لا بد أن له مبدأ.. و هذا مـا أقره الخـالق و أعلن أنه هو المبدأ فى قرآنه.. وكل شيء له بداية أيضـا فإن لـه نهـاية.. وهذا مـا أثبته العلمـاء أيضـا بنظريتاهم و أسـانيدهم... و لكن لن يستطيع أن يصف تلك اللحظـات الأخيرة لهذا الكون سوى خـالق الكون و مسيره.. فهو مبدأ الكون و العالم و المقدر و القادر و العالم بنهـايته وكيف ينهيه.. هو الموجود من قبل و من بعد و له اليد فى كل شيء... و لكننا نوقن بما يسره الله لنا من علمه أنه لا بد أن يعود هذا الكون مرة أخرى بشكل لا يـعلمه إلا خـالقه و مبدؤه... و كل مـا توصلنـا إليه هو محض فروض بنيت على المنطق العلمي و مـا اكتشفه العلمـاء من توسع الكون بالقياسات العلمية و عبرت عنهـا كلمـات شــاذة مثل الانفجار العظيم و الانسحاق العظيم لا يستطيع أحد إدراكها أو يتخيل حدوثهـا لو كان له ذرة من العقل و المنطق و البصيرة، و لكن معرفة هذا لن تتأتى دون الإيمان بالله خالق الكون و مبدعه و القائم على أمره و القادر عليه.
تعالوا نترك الآن أقوال العلمـاء و نقف أمام قول الحق فى نهاية نفس السورة التي عبرت فى أولهـا عن بداية الخلق، حيث تحدثنـا عن يوم القيامة، اليوم الذي قدره الخالق لنهـاية حياتنـا الأرضية و بداية حياة أخرى لا يعلمهـا إلا هو: يوم نطوى السماء كطي السجل للكتاب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينـا إنـا كنـا فـاعلين أي أن السمـاء كانت مطوية فى هذا الرتق الذي عبرت عنه الآيات الأولى فى السـورة، ثم إذا جـاء أمره فى نهـاية الحياة الدنيـا سوف تعود و تطوى بقدرته مرة أخرى... لتعود سيرتهـا الأولى.. ثم مـا ذا يكون بعد ذلك هذا علمــه وحده.
هكذا يكون تعبير الخالق عن خلقه.. كلمـات ذات معنى يفهمهـا المرء دون صخب أو تعب أو ضجر أو ملل.. فليس انسحاق عظيم.. و لكن طي بيد الخالق الذي فتق أو أفرد صفحـات هـذه المادة التي ملأت الكون برحمته و علمه و فضله...و انسحاق مادة الكون لا يدل على انقباض المكان... و لكن الطي يحوى انحسار المكان و الزمان و الكون كله... و الانسحاق معناه التحول إلى العدم.. و لكن الطي معناه إعـادة الشيء إلى أصله و بدايته... و الانسحاق معناه الغوغائية و أللانتظام ... ولكن الطي معناه الحكمة و الـتمهل و النظام... والانسحاق معناه أن المادة هي المسيطرة و تنسحق وقتمـا تشاء... ولكن الطي يبيد الخالق الذي جـاءت البداية بيديه و كما بدأ أول خلق يعيده كما تذكر الآيات...والانسحاق معناه اللاعودة أو النهاية لكل شيء... و لكن الطى معناه نهـاية مرحلة و بداية أخرى... هل يستطيع عـالم مهمـا بلغ علمـه أن يأتي بكل هذه المعاني فى كلمـات محدودة أوعت كل شيء.. و هل يستطيع عـالم أن يقرر هذه الحقائق بهذه القدرة و الطلاقة و البيان.. إننـا حقـا أمام أنوار الحق تضيء لنـا الحقائق التي تخرجنا من الظالمات إلى النور.. ظلمـات المـادية التي تصور المـادة على أن لهـا القدرة على أن تنفجر وقتمـا تشاء و تنسحق وقتمـا تشـاء.. و تصورنـا ألعوبة فى يد مـادة بلا عقل أو تفكير فتقوم بنفسهـا بانفجـار كبير فتنشأ كونـا متسعـا و متوسعـا منتظما و منسقا، أو تنتهي و تتحول بدون مقدمـات من تلقاء نفسهـا بانسحاق عظيم فينتهي الكون كله بمكانه و زمانه.. هل يقبل العقل مـا يقوله المـاديون بهذه المسميات المادية الغير متعقله أم يقبل هذه الآيات من خالق السماء و الأرض... (يوم نطوى السماء كطي السجل للكتاب كمـا بدأنـا أول خلق نعيده وعدا علينـا إنـا كنـا فاعلين)... صدق الله العظيم
لقد أثبت العلم أن من كانوا ينادون بأن المـادة هي أصل كل شيء بدعوى قـانون بقـاء المـادة قد وقعوا فى وهم شديد.. فالمـادة ليست بـاقية كما أعتقد هؤلاء بعد إثبات أن المـادة تتحول إلى طـاقة و الطـاقة أيضـا ليست باقية كمـا ظن الناس قديمـا.. فهي تهبط من الدرجة الأعلى إلى الأدنى و لا تعود مرة أخرى... و هكذا أتضح أن المـادة لهـا نهـاية و أن المـادية وهم فى وهم.. و لهذا انهـارت المـادية فى العـالم أسـسـا و تطبيقـا و فلسفة.. و انهـارت معهـا الشيوعية و كل أدع يائها ... وأعلن أهلهـا أنهـا كانت أسوأ مـا عرفته البشرية من نظريات أو فلسفات ... فليس للمـادة من إرادة.. و لكن إرادة الخالق هي التي فتقت المـادة فى البداية لتنتشر فى الكون الآخذ فى التوسع و تطـويهـا فى النهـاية لتعود كمـا أراد لهـا خـالقهـا، و لا مناص لنـا من لاعتراف بقدرته و العودة إليه فى تفسير كيف بدء الخلق ثم كيف ينتهي.. فلم نشهد و لم يشهد أحد على الأرض هذه اللحظة، حيث يقول الحق ما أشهدتهم خلق السماوات و الأرض و لا خلق أنفسهم ( الكهف 51 ) لهذا فلا بد لنـا أيضـا من الاعتراف أنه بعد نهـاية الكون فسوف ينبعث مرة أخرى ليعود كمـا يريد له خالقه و ومبدؤه ثم معيده.. و لهذا نجد أن هذه المعاني قد جاءت فى كتاب الله العزيز عدة مرات ( الله الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ) [الروم 11 ]، (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير) [العنكبوت: 19] لنفطن إلى هذه الحقيقة التي لم نراها عند بدء الخلق أو لا نعرفهـا لأن الكون لم ينتهي بعد ... و لكن الخالق يضعهـا أمـامنـا حتى لا نضل ونشقى... فبأي حديث بعده يؤمنون صدق الله العظيم
مكن المراسلة على البريد التالي:
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.08 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]