عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 21-04-2019, 04:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

نية الصوم

اللجنة العلمية

تأثير النّيّة في العمل (قاعدة الأعمال بمقاصدها)


ولأهمية النية في توجيه العمل وتكييفه وتحديد نوعه وقيمته، استنبط العلماء قاعدة
فقهية من أرسخ قواعد الفقه، التي عنيت بها كتب القواعد والأشباه والنظائر، وهي:
الأمور بمقاصدها، وفرعوا عليها فروعا كثيرة، منها: العبرة في العقود للمقاصد والمعاني? لا للألفاظ والمباني.
ومن فروعها ما عبر عنه الحديث: "إن الله عفا لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
كما استشهد الإمام البخاري رحمه الله بحديث: "إنما الأعمال بالنيات" على إبطال
"الحيل" التي ينسب إلى بعض الفقهاء الإفتاء بجوازها، ومعناها: أن العبرة بالصورة لا بالحقيقة، وبالشكل لا بالجوهر، وباللفظ لا بالمعنى.

تنوع جزاء العمل الواحد بتنوع نيته
ومن تأثير النية في الأعمال: أن العمل الواحد يتنوع حكمه الشرعي، وقيمته الأخلاقية، وجزاؤه الأخروي، تبعا لنية صاحبه.
ومن الأمثلة التي ذكرها الحديث لذلك، اقتناء الخيل، فهي لرجل أجر، ولآخر وزر، ولثالث ستر، أو كما سماها حديث آخر: "فرس للرحمن، وفرس للشيطان، وفرس للإنسان" وما ذلك إلا بسبب النية والقصد.
وروي عن ابن مسعود: "الخيل ثلاثة: فرس للرحمن، وفرس للشيطان، وفرس للإنسان?
فأما فرس الرحمن، فالذي يرتبط في سبيل الله عز وجل، فعلفه وبوله وروثه وذكر ما شاء الله (يعني في ميزان صاحبه حسنات كما صح في حديث آخر)، وأما فرس
الشيطان فالذي يقامر عليه ويراهن، وأما فرس الإنسان، فالفرس يرتبطها الإنسان، يلتمس بطنها (أي نتاجها) فهي ستر من فقر".
وقد جاء هذا التقسيم الثلاثي في الصحيحين من حديث أبي هريرة.
وقال الحافظ السيوطي: قال العلماء: النية تؤثر في الفعل، فيصير بها تارة حراما، وتارة
حلالا، وصورته واحدة، كالذبح مثلا، فإنه يُحلُّ الحيوان إذا ذُبح لأجل الله، ويحرمه إذا ذبح لغير الله، والصورة واحدة.

أما العبادات فتأثير النيات في صحتها وفسادها أظهر من أن يحتاج إلى ذكره، فإن القربات كلها مبناها على النيات، ولا يكون الفعل عبادة إلا بالنية والقصد، ولهذا لو وقع في الماء ولم ينو الغسل، أو دخل الحمام للتنظيف، أو سبح للتبرد، لم يكن غسله قربة
ولا عبادة بالاتفاق، فإنه لم ينو العبادة فلم تحصل له، وإنما لامرئ ما نوى.
ولو أمسك عن المفطرات عادة واشتغالا ولم ينو القربة، لم يكن صائما.
ولو دار حول البيت يلتمس شيئا سقط منه لم يكن طائفاً.
ولو أعطى الفقير هبة أو هدية ولم ينو الزكاة لم يحسب زكاة.
ولو جلس في المسجد ولم ينو الاعتكاف لم يحصل له.
وهذا كما أنه ثابت في الإجزاء والامتثال فهو ثابت في الثواب والعقاب، ولهذا لو جامع
أجنبية يظنها زوجته لم يأثم بذلك، وقد يثاب بنيته.
ولو جامع في ظلمة من يظنها أجنبية، فبانت زوجته أثم على ذلك بقصده ونيته للحرام.
ولو أكل طعاما حراما يظنه حلالا لم يأثم به، ولو أكله وهو حلال يظنه حراما وقد أقدم عليه أثم بنيته.
وكذلك لو قتل من يظنه مسلما معصوما فبان كافرا حربيا أثم بنيته، ولو رمى صيدا
فأصاب معصوما لم يأثم، ولو رمى معصوما فأخطأه وأصاب صيدا أثم، ولهذا كان القاتل والمقتول من المسلمين في النار لنية كل واحد منهما قتل صاحبه.
فالنية روح العمل ولبه وقوامه، وهو تابع لها يصح بصحتها ويفسد بفسادها، والنبي
صلى الله عليه وسلم قد قال كلمتين كفتا وشفتا وتحتهما كنوز العلم، وهما قوله: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

النية لا تؤثر في الحرام:
وإذا كان هذا هو تأثير النية في كل تلك المجالات، فمن المتفق عليه أنها لا تؤثر في الحرام، فحسن النية، وشرف القصد، لا يحيل الحرام حلالا، ولا ينزع منه صفة الخبث
التي هي أساس تحريمه.
فمن أكل الربا، أو اغتصب مالا، أو اكتسبه بأي طريق محظور، بنية أن يبني به مسجدا أو ينشئ دارا لكفالة اليتامى، أو يؤسس مدرسة لتحفيظ القرآن، أو ليتصدق بهذا المال الحرام على الفقراء وأهل الحاجة، أو غير ذلك من وجوه الخير، فإن هذه النية الطيبة لا أثر لها، ولن تخفف عنه وزر الحرام، فقد أكدت الأحاديث الصحيحة: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا".
وفي حديث ابن مسعود: "إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث".
والحرام لا تطهره الصدقة ببعضه، بل لا بد من الخروج عنه كله، ثم إن المال الحرام ليس مملوكاً لحائزه حتى يجوز له التصدق منه، بل هو مملوكٌ لصاحبه الأصلي، فلا يقبل منه إلا أن يرده إليه أو إلى ورثته.
وبهذا يتبينُ لنا أنَّ الإسلام يرفض مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، ولا يقبل إلا الوسيلة النظيفة للغاية الشريفة، فلابد من شرف الغاية وطهارة الوسيلة معا.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.60%)]