عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 24-02-2019, 08:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (8)



محمد رضوان الذهبي

حثَّت الشريعة الإسلامية المؤمنين على كتابة العقود فيما بينهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282]، بل وحثَّتْهم على كتابة تلك العقود مهما كان الشأن الذي كُتبت فيه صغيرًا أو كبيرًا؛ وذلك لتكون هذه العقود شاهدًا على أطرافه فيما اتفقوا عليه، وأوثَقَ فيما بينهم في التزام اتفاقاتهم، وبالتالي تكون الخلافات في تنفيذ هذه العقود في حدودها الدُّنيا؛ ولكي توحي للإنسان المسلم بأن التزامه تجاه المجتمع والناس من حوله إنما يكون بالكلمة بالدرجة الأولى.
قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا ﴾ [البقرة: 282].
كما أن الله سبحانه أمر المؤمنين بالوفاء بالتزاماتهم وعقودهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، وحذَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من فتن آخر الزمان، مبيِّنًا أن من هذه الفتن فسادَ العهود وضياعَ الأمانة، ففي الحديث: "عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر الفتنة، فقال: ((إذا رأيتم الناس قد مَرِجَتْ عهودهم، وخفَّت أماناتهم، وكانوا هكذا)) وشبَّك بين أصابعه، قال: فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: ((الزمْ بيتك، واملِكْ عليك لسانك، وخُذْ بما تعرف، ودَعْ ما تُنكَر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودَعْ عنك أمر العامة))[1].
ولكنَّ بين كلام الله تعالى وأوامره لنا وبين تطبيقنا لهذه الأوامر بونًا شاسعًا.
وسأخص بالكلام هنا عقودَ العمل التي تكون في المؤسسات والشركات بينها وبين الموظفين الذين يعملون فيها، فجُلُّ هذه العقود تتضمن مادةً أو أكثر، غالبًا ما تكون هي المادة الأخيرة في العقد، والتي تنسف بنود العقد التي تسبقها كافة، حيث تنص هذه المادة على أن لربِّ العمل أن ينهي العقد قبل نهاية مدته إذا أَعلمَ الموظف برغبته تلك قبل مدة تتراوح - حسب كل شركة - بين خمسة عشر يومًا وثلاثة أشهر، أو تنص على أن يقوم الموظف بأداء أية أعمال أخرى غير المذكورة في العقد إذا كلَّفه بها مديره المباشر أو المدير الأعلى، أو تُلزِم تلك الشركات الموظف بتوقيع طلب استقالة غير مؤرخ بتاريخ؛ لتتمكن من وضع التاريخ الذي تريده متى أرادت ذلك.
وبذلك يجد الموظف نفسه دائمًا تحت خطر التهديد بالفصل من وظيفته لأدنى الأسباب وأشدها تفاهةً، أو يجد نفسه ملزمًا بالقيام بأعمال غير تلك التي تنص عليها مواد العقد، وإلا فإن مصيره كذلك إنهاء عقده والفصل من العمل.
وبالتالي فإن "الأمن الوظيفي" بالنسبة للموظف يصبح فكرةً لا تتعدى أن تكون وهمًا لا غير.
وعدم الالتزام بالعقود ليس حكرًا على أرباب العمل، بل كذلك نجد الظاهرة نفسها لدى الموظفين الذين يتركون أعمالهم دون إنذارٍ مسبق، ضاربين عُرض الحائط بعقودهم مع مؤسساتهم وشركاتهم، لدى دنو أول فرصة عملٍ أخرى توفر لهم مزيدًا من الأجور أو الميزات.
وهذه الحالة الفريدة التي كثيرًا ما تتكرر في الوطن العربي، لا نجدها في الدول الغربية، حيث تلتزم معظم الشركات هناك بعقودها التي تبرمها مع موظفيها، كما أن الموظفين كذلك يلتزمون بعقودهم، ويحترمون كلمتهم.
وهنا أذكر مقولةً للشيخ محمد سعيد النورسي يقول فيها:
"إن الدول العربية تحتضر، وستلد الإلحاد يومًا ما.. والدول الغربية تحتضر، وستلد الإسلام يومًا ما".
أحد أسباب تفكير الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية
بُعد المسلمين عن الشريعة الإسلامية على الرغم من إيمانهم بها
وتطبيق الدول الغربية لبعض ما يوافق الشريعة الإسلامية على الرغم من كفرهم بها.


[1] رواه أبو داود في سننه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.48%)]