عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-10-2020, 01:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي أسس اختيار الزوجة

أسس اختيار الزوجة


مصطفى عيد الصياصنه


إنَّ الإِعداد لتكوين الأُسرة المسلمة يرجع إلى حقبة السنوات السابقة على إعلان مراسم الزواج، فبمقدار ما يكون كلٌّ من الزوجين قد نُشِّئ على الفهم الواعي لمبادئ الإِسلام، ورُبِّي على تطبيقه لفضائله الرفيعة وآدابه، بمقدار ما يُكتبُ لزواجهما النجاح، ولكيان أسرتهما المرتقب السداد والفلاح، ومن هنا ألحَّ الإِسلامُ على الخاطب ضرورة إعمال أقصى درجات التثبّت والتحقّق والتحري في اختيار شريكة العمر ورفيقة الدرب، وجعل لذلك أسساً ينبغي على كلّ مسلم أن يلتزمها – جهدَ استطاعته – ليضمن لكيانه الجديد أن يُبنى على الصلاح والتقوى، وليظفر بالتالي برضوان الله وسعادة الدنيا والآخرة. ولعل أهمّ الأسس التي ينبغي مراعاتها في اختيار الزوجة ما يلي:

اجتناب المُحرَّمات:

1 – أن لا تكون مُحرّمةً حرمةً أبدية أو مؤقتة:
وهو أول ما ينبغي أن يضعه المسلم في اعتباره، حين التفكير بالإِقدام على اختيار زوجة له.

أولاً: والتحريم المُؤبَّد يمنع المرأة أن تكون زوجة للرجل في جميع الأوقات، وهو إمَّا أن يكون بسبب النسب، أو المصاهرة، أو الرضاع، قال تعالى:﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُم وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُم اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ ﴾[النساء: 21-22][1].

1 – أوضحت الآية أنّ المحرَّمات من النسب سبع: الأمهات، البنات، الأخوات، العمّات، الخالات، بنات الأخ، وبنات الأخت.

2 – وأنّ المحرمات بسبب المصاهرة (أي القرابة الناشئة بسبب الزواج) أربع:

أ – أم الزوجة، وكذا أم أمها، وأم أبيها، وإن علت.
﴿ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ﴾.

ب – ابنة الزوجة المدخول بها، وكذا بنات بناتها، وبنات أبنائها، وإن نزلن، ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم ﴾.
جـ – زوجة الإِبن، وابن الإِبن، وابن البنت، وإن نزل، ﴿ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ ﴾ والحليلة: الزوجة.
د – زوجة الأب، بمجرد عقد الأب عليها وإن لم يدخل بها، ﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ ﴾.

3 – وأمّا المحرَّمات بسبب الرضاع فسبع، كالمحرمات من النسب، للحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب))[2]، وهنّ:

1- المرأة المرضعة، باعتبارها أمّا.
2- أم المرضعة، باعتبارها جدّة.
3- أم زوج المرضعة صاحب اللبن، لأنها جدّة أيضاً.
4- أخت المرضعة، باعتبارها خالة.
5- أخت زوجها، باعتبارها عمّة.
6- بنات بنيها وبناتها، باعتبارهنّ بنات إخوته وأخواته.
7- الأخت، سواء كانت أختاً لأب وأم (وهي التي أرضعتها الأم بلبان الأب نفسه - سواء أرضِعتْ مع الطفل الرضيع أو رضعت قبله أو بعده) أو أختاً لأم (وهي التي أرضعتها الأم بلبان رجل آخر) أو أختاً لأب (التي أرضعتها زوجة الأب).

(ومن المعلوم أنّ العدد المقتضي للحرمة من الرضعات خمس، لقول عائشة رضي الله عنها: (كان فيما أُنزل من القرآن: (عشرُ رضعات معلوماتٍ يُحرِّمنَ) ثم نُسخِنَ بخمسٍ معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يُقرَأ من القرآن)[3].

والرَّضاعُ المُحرَّمُ للزواج ما كان خلال الحولين الأولين من عمر الطفل، أمّا إذا كان بعدَ الحولين فلا اعتبارَ له، لأنَّ الرضيعَ في هذه المدّة يكون صغيراً، يكفيه اللبن، وبه ينبتُ لحمُه، وينشزُ عظمُه، فيصير جزءاً من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا رضاعَ إلاَّ ما أنشزَ العظمَ وأنبتَ اللحمَ))[4]، وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ((يا عائشة، انظرنَ مَنْ إخوانكنَّ فإن الرضاعة من المجاعة))[5]، وعن عبدالله ابن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا رضاعَ إلاَّ ما فتَّق الأمعاءَ في الثدي وكان قبلَ الفِطام))[6]، قال مالك: "ما كان من الرضاعة بعد الحولين، فإنَّ قليلَه وكثيره لا يُحرِّمُ شيئاً، وإنَّما هو بمنزلة الطعام"[7].



ثانياً: أما التحريم المؤقَّت، فإنَّه يمنع من التزوج بالمرأة، ما دامت على حالة خاصة، فإنْ تغيَّرت تلك الحالُ زال التحريم، وصارت حلالاً. ومن المَحرَّم على المسلم حرمةً مؤقتة:


1 – الجمع بين الأختين، لقوله تعالى:
{وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}، بالإضافة إلى أنَّ الجمع بينهما يولّد الشقاق بين الأقارب، ويعكّر صفو الأخوة والمودة، ويمزّق ما بين الأرحام من صلات.

2 – الجمع بين المرأة وعمّتها، وبين المرأة وخالتها، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يُجمَعُ بين المرأة وعمّتها، ولا بين المرأة وخالتها))[8]. قال النووي: "هذا دليل لمذهب العلماء كافّة، أنه يحرم الجمع بين المرأة وعمّتها، وبينها وبين خالتها، سواء كانت عمّة وخالةً حقيقية (وهي أخت الأب، وأخت الأم) أو مجازيةً (وهي أخت أبي الأب، وأبي الجد، وإن علا، أو أخت أم الأم وأم الجدة، من جهتي الأم والأب، وإن علت فكلُّهنَّ بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهما)"[9].


3 – زوجة الغير، وذلك رعايةً لحق الزوج، لقوله تعالى:
{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[10]، أي: وحُرِّمتْ عليكم المحصناتُ من النساء، وهن ذوات الأزواج.

4 – مُعتَّدة الغير، وهي التي مات عنها زوجها، أو طلَّقها طلاقاً بائناً، ولا تزال في عِدَّتها، فهذه تحرُمُ خِطبتُها إلاَّ أن تكون تلميحاً فقط، وإنَّما حُرِّم التصريح بخِطبتها، مراعاةً لحزنها وإحدادها ومواساةً لشعور أهل الميت في الحالة الأولى، ولأنَّ حقَّ الزوج لا يزال متعلقاً بها في الثانية، أمَّا إذا كانت في عِدَّة طلاق رجعي فلا يحلُّ لأحد التصريح أو التلميح بخطبتها، لأنها لا تزال في ملك زوجها وعصمته، قال تعالى:
﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ ﴾ [11].

وعن سليمان بن يسار أنّ طُليحة الأسدية كانت تحت رُشَيد الثقفي، فطلَقها، فنكحت في عِدَّتها، فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخفقة ضربات، وفرَّق بينهما، ثم قال عمر: "أيُّما امرأة نكحت في عِدّتها، فإن كان زوجها الذي تزوَّجها لم يدخل بها فُرِّقَ بينهما، ثمّ اعتدَّتّ بقية عِدَّتها من زوجها الأول، ثمّ كان الآخر خاطباً من الخُطَّاب، وإن كان قد دخل بها، فُرِّقَ بينهما، ثمّ اعتدَّت بقية عِدَّتها من الأول، ثمّ اعتدت من الآخر، ثم لا يجتمعان أبداً".

قال مالك وسعيد بن المسيب، ولها مهرها بما استحلّ من فرجها[12].





وللموضوع تتمة

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.76 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]