عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-10-2019, 03:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة أطفالنا العقدية


ظ¥- أخلاق تمشي على الأرض:
من أكبر مآسي الحضارة المعاصرة أنها حضارة مادية لا تهتم بالأخلاق أبدًا، ‏ولذلك فإن من أعظم ميزات الآباء المؤمنين حُسن الخلق، وهذا يدعم التربية الإيمانية بشكل كبير جدًّا؛ إذ يرى الأبناء انسجامًا بين المعرفة التي يتلقونها وبين السلوك الذي يرونه ممثلًا لما يتعلمونه، فيصدق القول العمل، وتكون القدوة حية ماثلة للعيان في كل وقت، حتى حين الخطأ والتقصير يتعلمون منهم كيف يعملون؟ كيف يستغفرون؟ وكيف يكفرون عن أخطائهم ويتعلمون عمليًّا أن خير الخطائين التوابون؟

ظ¦- الدعاء أمنة في الأرض وحفظ في الغيب:
‏ويزيد كل ذلك إشراقًا ونضرةً للهج الوالدين المستمر بالدعاء لأبنائهم غدوةً وعشيًّا، وعند كل أمر مهم، فإذا تعرض الطفل لموقف سيئ، ونجاه الله منه، ذهب فكره مباشرةً إلى دعاء صالح بالحفظ سمِعه من أمه أو أبيه، والعكس صحيح! وارتباط الطفل بالله يزداد مع عبادة الدعاء بشكل يومي ومستمر.

ظ§- لكل سن حاجته:
‏من أهم واجبات الآباء: أن يعطوا لكل سن ما يناسبه من عقيدة، وفي المراحل الأولى تكفي الأصول الثلاثة، وكلما كبر الطفل أُعطي ما يتفق مع عمره وإدراكه، وخير ذلك ما كان بطريقة غير مباشرة؛ مثل القصص: قصص القرآن، والأنبياء والسيرة النبوية، وقصص الصحابة؛ لأنه يسمعها الآن ويدركها مستقبلًا.

ظ¨- تشكيل السلوك عملية مستمرة لا تتوقف:
♦ الطفل كالصفحة البيضاء يحفظ ما يكتب فيها.
♦ الطفل كالعجينة تشكلها كما تريد.

تلك تعبيرات كتاب اعتنوا بتربية الأطفال، وهي على قدر كبير من الصحة، لكن ذلك في البدايات الأولى فقط؛ إذ كلما كبر الطفل تعقَّد سلوكه بشكل أكبر، لكنه يبقى أسهل وأبسط من الكبار بمراحل.

وحين تظهر أسئلة الأطفال العقدية، فينبغي عند الإجابة على الأسئلة أن نعلم أنها ستختلف باختلاف العمر والمستوى المعرفي للطفل وذكائه، وكما ذكرنا فإن هنالك فروقًا فردية بين الأطفال، ولكن بشكل عام لنحاول في الإجابة التركيز على المحسوسات والنماذج الحية التي يراها الطفل في حياته، ونبتعد عن التجريدي والغيبي، ‏وقد نعطي أحيانًا إجابة عامة واضحة، ثم نذكر للطفل أنه سيدرس هذا الموضوع في المستقبل، وقد نحتاج أحيانًا إلى صرف تفكيره بطرق غير مباشرة دون أن يشعر، لكن من المهم أن يشعر بالدعم النفسي والتقبل، وأن سلوكه طبيعي؛ لنحافظ على استقراره النفسي، ‏وإذا كان هنالك شركاء في التربية؛ مثل المدرسة أو غيرها، فينبغي أن يتم التنسيق معهم لتوحيد الجواب؛ حتى لا يصاب الطفل بالتشتت والاضطراب المعرفي، وهذه إحدى أكبر الإشكاليات التي قد يواجهها المربون، وخاصة من تأثير الإعلام ومواقع الإنترنت.

‏صحيح أن بعض أسئلة الأطفال العقدية تكون الإجابة عليها محرجة، خاصة مع بعض الأطفال الأذكياء؛ لذا حاول أن تبتعد عن الإجابات التي تثير أسئلة أخرى، ولتكن إجاباتك صحيحة فهذا مهم جدًّا، وأحيانًا عامة يستطيع من خلالها أن يستوعب المحسوسات، واربط الإجابات بالأخلاق قدر الإمكان، ‏وفي بعض الأحيان تكون أفضل الإجابات من قصص القرآن أو السيرة، وللقصص تأثيرٌ كبير وجميل على الأطفال؛ لأنها تربط المعنى بالسلوك وبالخلق الأعلى.

وفي بعض الأسئلة قبل أن تُجيبه أطلب منه أن يقترح هو بعض الإجابات، فإذا ذكر إجابة مناسبة، فاشكُره واعتمدها له، وشجِّع فيه هذا الذكاء، وبيِّن له أنه كلما تعلَّم أكثر وكبر أكثر، فَهِمَ أكثر!

♦ محاذير مهمة:
‏في كل الحالات احذَر من وضع طفلك تحت ضغط شديد بين محاولة إرضائك وبين ميوله الشخصية التي لا تتوافق مع برامجك المستقبلية وخططك؛ لأنك هنا تجعله أشبه بالممثل، وفي هذا خطر عليه وعليك، وقد لا يظهر إلا في وقت متأخر، ‏قد يتحول سلوك البعض إلى الرفض التام حين يصل إلى مرحلة المراهقة للتعبير عن ذاته واستقلاليته، وهنا تكمن أكثر مشكلات فترة المراهقة، فما الحل؟


من وجهة نظري أنه لا يوجد حل واحد للجميع، لاختلاف الاستعدادات والميول والبيئات والمؤثرات، لكن هنالك خطوط عريضة يمكن أن نستفيد منها، وهي:
1- لا بد من جدول حفظ للقرآن الكريم مناسب للطفل؛ بحيث لا يشكل ضغطًا عليه.
والهدف هو إدامة علاقته بالقرآن الكريم بشكل متواصل، وبشكل رفيق يُحببه إليه ولا يُنفره منه، ليس مهمًّا كم حفظ، ولذلك لا تعاتبه على الحفظ؛ لأن الأهم أن يستمر ارتباطه بالقرآن، ولذلك آثار مهمة في نموه وأخلاقه.

2- تشجيع الطفل على القراءة المفيدة منذ صغره؛ لأنه إذا ذاق متعة القراءة وأحبها، صاحبته وأفادته.
أحضِر له قصصًا وكتبًا مشوقة، واصطَحبه إلى المكتبة ليختار، واجعل هدايا بعض الإنجازات كتبًا لطيفة ومناسبة لسنِّه، اقرأ معه بعض كتبه، واجعله يقرأ لكم أحيانًا في جلساتكم الأسرية.

3- ليحرص الوالدان على الجلسات الحوارية المناسبة التي يعطى فيها أطفالُهم دفةَ القيادة، وليشعروا بالمسؤولية، وجعْلهم أحيانًا يقومون بدور القائد، ولتنفذ آراؤهم إذا كانت مناسبة، وإذا لم تكن مناسبة نبيِّن لهم الأسباب بلطف.

كما يجب الحرص على عدم معاتبة الطفل بشكل مستمر على أخطائه، خاصة أوقات الوجبات أو الاجتماعات، مع العناية بتهذيب وتطوير سلوكه بشكل غير مباشر.

ظ¤- التنويع في البرامج والأنشطة المتاحة له؛ لأن أكثر الأطفال لا تتضح ميولهم مبكرًا، وهم يحبون تجربة كل جديد، ولديهم فضول معرفي، فإذا تعلق الطفل في هواية يظن والده أنه يجب أن يضع خطة طويلة لتنميتها، وقد يتكلف مبالغَ كثيرة لدعمه فيها، فيتفاجأ الوالدان بأن ميول الابن تغيَّرت بعد بضع خطوات، فينطلقان لتجربة شيء آخر، ويُعيدان خطأهما مرة أخرى، وقد يتكرر هذا حتى يَيئسا!

وهذا يعني عدم الاستعجال على إقحامه في مستقبل يخطط له الوالدان دون رويَّة ودون بدائل تناسبه، كما يعني أن نحرص على أن تكون البرامج قصيرة ومنوعة؛ لتكون كاشفة لشخصيته‏، وللتعرف على مدى إمكاناته، إضافةً لمساعدتها في تنمية جوانب شخصيته؛ حتى تتضح بشكل أكبر، وكل ذلك يجب أن يتمَّ في جو من الود والمحبة؛ لأن الطفل إذا أحبَّ أحدًا تشرب سلوكه دون حاجة إلى توجيهات شفهية.

توظيف الهدي النبوي في التربية:
‏لنتعلم من الهدي النبوي أن مفتاح تغيير شخصيات الصحابة - من وجهة نظري - ما أحدثه النبي صلى الله عليه وسلم في جانب الرقابة، ونقلها من الرقابة الخارجية إلى الرقابة الذاتية، فحين تغيَّرت مبادؤهم من مراقبة القبيلة والمجتمع إلى مراقبة الله، وصلت بهم مشاعر الرقابة الذاتية إلى درجة الإحسان، حتى تجد أن أحدهم قد كان لا يبالي بقتل الآخرين في جاهليته لأتفه الأسباب، بينما تجده يفرق جدًّا لقتل عصفور بغير حق بعد إيمانه، مالم يكن ذلك لله، وكل النماذج الرائدة في تاريخ الإسلام ترى هذا الملمح جليًّا في سِيَرهم وسلوكهم.

أخطاؤنا في التربية:
‏ومن أخطائنا في التربية أننا نربي أبناءنا على مراقبة رضانا وموافقة أوامرنا من حيث لا نشعر!
فإذا غبنا عنهم أو غابوا عنا تفلَّتوا!
وفي الحديث: (واسْتَحِي من اللهِ تعالَى كمَا تَستحْيِي رجُلًا من رهْطِكَ ذَا هيْأَةٍ).

تذكير مهم يتعلق بكثرة أسئلة الطفل:
ربما كانت كثرة أسئلة الطفل من باب لفت الانتباه، وكأنه يقول لك: نحن هنا، فأعطني اهتمامك، ومعنى هذا باختصار أنا أحتاج إلى دعمك وعنايتك بي أكثر، فامنحوا أطفالكم من وقتكم واهتمامكم ومحبتكم!

ولمن أراد التوسع في موضوع أسئلة الأطفال العقدية، ‏فليقرأ كتاب أسئلة الأطفال الإيمانية لمؤلفه عبدالله بن حمد الركف، وفيه كلام جيد من ص 48 - 62 عن الأساليب التربوية لغرس الإيمان، وكذلك الوسائل التربوية وخصائص المربي، وذكر في ص 94- 95 طبيعة أسئلة الأطفال وأنواع الأسئلة، ومهم للمربين معرفتها ومعرفة طريقة التعامل معها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.72 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]