عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 01-09-2020, 04:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,063
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير البغوى****متجدد إن شاء الله

الحلقة (11)
- تفسير البغوى
سورة البقرة
الاية 70 إلى الاية
76
أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي


قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)

( قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ) أسائمة أم عاملة ( إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا ) ولم يقل تشابهت لتذكير لفظ البقر كقوله تعالى ( أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) ( 20-القمر ) وقال الزجاج: أي جنس البقر تشابه، أي التبس واشتبه أمره علينا فلا نهتدي إليه ( وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ) إلى وصفها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ) لو لم يستثنوا لما بينت لهم إلى آخر الأبد"
( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ ) مذللة بالعمل يقال: رجل ذلول بين الذل، ودابة ذلول بينة الذل ( تُثِيرُ الأرْضَ ) تقلبها للزراعة ( وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ ) أي ليست بساقية ( مُسَلَّمَة ) بريئة من العيوب ( لا شِيَةَ فِيهَا ) لا لون لها سوى لون جميع جلدها قال عطاء: لا عيب فيها، وقال مجاهد: لا بياض فيها ولا سواد ( قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ) أي بالبيان التام الشافي الذي لا إشكال فيه، وطلبوها فلم يجدوا بكمال وصفها إلا مع الفتى فاشتروها بملء مسكها ذهبا، ( فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ) من غلاء ثمنها وقال محمد بن كعب: وما كادوا يجدونها باجتماع أوصافها، وقيل ( وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ) من شدة اضطرابهم واختلافهم فيها.
قوله عز وجل: ( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا ) هذا أول القصة وإن كانت مؤخرة في التلاوة، واسم القتيل( عاميل ) ( فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ) أصله تدارأتم فأدغمت التاء في الدال وأدخلت الألف، مثل قوله: "اثاقلتم" قال ابن عباس ومجاهد: معناه فاختلفتم، وقال الربيع بن أنس: تدافعتم، أي يحيل بعضكم على بعض من الدرء وهو الدفع، فكان كل واحد يدفع عن نفسه ( وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ) أي مظهر ( مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) فإن القاتل كان يكتم القتل
( فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ ) يعني القتيل( ببعضها ) أي ببعض البقرة، واختلفوا في ذلك البعض، قال ابن عباس رضي الله عنه وأكثر المفسرين: ضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف وهو المقتل، وقال مجاهد وسعيد بن جبير: بعجب الذنب لأنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى، ويركب عليه الخلق، وقال الضحاك: بلسانها، وقال الحسين بن الفضل: هذا أدل بها لأنه آلة الكلام، وقال الكلبي وعكرمة: بفخذها الأيمن، وقيل: بعضو منها لا بعينه، ففعلوا ذلك فقام القتيل حيا بإذن الله تعالى وأوداجه، أي عروق العنق، تشخب دما وقال قتلني فلان، ثم سقط ومات مكانه فحرم قاتله الميراث، وفي الخبر: "ما ورث قاتل بعد صاحب البقرة" وفيه إضمار تقديره: فضرب فحيي ( كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ) كما أحيا عاميل، ( وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) قيل تمنعون أنفسكم من المعاصي.
أما حكم هذه المسألة في الإسلام: إذا وجد قتيل في موضع ولا يعرف قاتله فإن كان ثم( لوث ) على إنسان -واللوث: أن يغلب على القلب صدق المدعي، بأن اجتمع جماعة في بيت أو صحراء فتفرقوا عن قتيل يغلب على القلب أن القاتل فيهم، أو وجد قتيل في محلة أو قرية كلهم أعداء للقتيل لا يخالطهم غيرهم، فيغلب على القلب أنهم قتلوه -فادعى الولي على بعضهم، يحلف المدعي خمسين يمينا على من يدعي عليه، وإن كان الأولياء جماعة توزع الأيمان عليهم، ثم بعدما حلفوا أخذوا الدية من عاقلة المدعى عليه إن ادعوا قتل خطأ، وإن ادعوا قتل عمد فمن ماله، ولا قود على قول الأكثرين وذهب بعضهم إلى وجوب القود، وهو قول عمر بن عبد العزيز وبه قال مالك وأحمد، وإن لم يكن على المدعى عليه لوث فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ثم هل يحلف يمينا واحدة أم خمسين يمينا؟ فيه قولان أحدهما ) يمينا واحدة كما في سائر الدعاوي( والثاني ) يحلف خمسين يمينا تغليظا لأمر الدم، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه: لا حكم للوث [ولا يزيد بيمين المدعي] وقال: إذا وجد قتيل في محلة يختار الإمام خمسين رجلا من صلحاء أهلها فيحلفهم أنهم ما قتلوه ولا عرفوا له قاتلا ثم يأخذ الدية من سكانها، والدليل على أن البداية بيمين المدعي عند وجود اللوث:
[ما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار] عن سهل بن أبي حثمة أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر فتفرقا لحاجتهما فقتل عبد الله بن سهل فانطلق هو وعبد الرحمن أخو المقتول وحويصة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له قتل عبد الله بن سهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم" فقالوا يا رسول الله: لم نشهد ولم نحضر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فتبرئكم يهود بخمسين يمينا" فقالوا يا رسول الله :كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فعزم النبي صلى الله عليه وسلم عقله من عنده [وفي لفظ آخر فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم عقله من عنده] قال بشير بن يسار: قال سهل لقد ركضتني فريضة من تلك الفرائض في مربد لنا، وفي رواية: لقد ركضتني ناقة حمراء من تلك الفرائض في مربد لنا" أخرجه مسلم عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب. .
وجه الدليل من الخبر: أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بأيمان المدعين لتقوي جانبهم باللوث، وهو أن عبد الله بن سهل وجد قتيلا في خيبر، وكانت العداوة ظاهرة بين الأنصار وأهل خيبر، وكان يغلب على القلب أنهم قتلوه، واليمين أبدًا تكون حجة لمن يقوى جانبه وعند عدم اللوث يقوى جانب المدعى عليه من حيث إن الأصل براءة ذمته وكان القول قوله مع يمينه.

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)

قوله تعالى ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ ) يبست وجفت، جفاف القلب: خروج الرحمة واللين عنه، وقيل: غلظت، وقيل: اسودت، ( مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ) بعد ظهور الدلالات. قال الكلبي: قالوا بعد ذلك: نحن لم نقتله، فلم يكونوا قط أعمى قلبا ولا أشد تكذيبا لنبيهم منهم عند ذلك ( فهي ) أي في الغلظة والشدة ( كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) قيل: أو بمعنى بل وقيل: بمعنى الواو كقوله تعالى: ( مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) ( 147-الصافات ) أي: بل يزيدون أو ويزيدون، وإنما لم يشبهها بالحديد مع أنه أصلب من الحجارة، لأن الحديد قابل للين فإنه يلين بالنار، وقد لان لداود عليه السلام، والحجارة لا تلين قط، ثم فضل الحجارة على القلب القاسي فقال: ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ ) قيل: أراد به( جميع ) الحجارة، وقيل: أراد به الحجر الذي كان يضرب عليه موسى للأسباط ( وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الماء ) أراد به عيونا دون الأنهار ( وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ ) ينـزل من أعلى الجبل إلى أسفله ( مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) وقلوبكم لا تلين ولا تخشع يا معشر اليهود. فإن قيل: الحجر جماد لا يفهم، فكيف( يخشى ) ؟ قيل: الله يفهمه ويلهمه فيخشى بإلهامه.
ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله تعالى خلق علما في الجمادات وسائر الحيوانات سوى العقل، لا يقف عليه غيره، فلها صلاة وتسبيح وخشية كما قال جل ذكره: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ( 44-الإسراء ) وقال وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ( 41-النور ) وقال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ( 18-الحج ) الآية، فيجب على( المؤمن ) الإيمان به ويكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على ثبير والكفار يطلبونه فقال الجبل: انـزل عني فإني أخاف أن تؤخذ علي فيعاقبني الله بذلك فقال له جبل حراء: إلي يا رسول الله".
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب النيسابوري أنا محمد بن إسماعيل الصائغ أنا يحيى بن أبي بكر أنا إبراهيم بن طهمان عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث وإني لأعرفه الآن" [هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن أبي بكر. وصح عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع على أحد فقال: "هذا جبل يحبنا ونحبه" وروي عن أبي هريرة يقول، صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ثم أقبل على الناس بوجهه وقال: "بينما رجل يسوق بقرة إذ عيي فركبها فضربها فقالت: إنا لم نخلق لهذا، إنما خلقنا لحراثة الأرض" فقال الناس: سبحان الله بقرة تتكلم!؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فإني أومن به أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم" وقال: "بينما رجل في غنم له إذ عدا الذئب على شاة منها فأدركها صاحبها فاستنقذها، فقال الذئب: فمن لها يوم السبع؟ أي يوم القيامة، يوم لا راعي لها غيري" فقال الناس: سبحان الله ذئب يتكلم؟ فقال "أومن به أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم" ، وصح عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم "اهدأ أي: اسكن. فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد" صحيح أخرجه مسلم.
أنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو سعيد يحيى بن أحمد بن علي الصانع أنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن هشام الرازي أنا محمد بن أيوب بن ضريس البجلي الرازي أنا محمد بن الصباح عن الوليد بن أبي ثور عن السدي عن عبادة بن أبي يزيد] عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في نواحيها خارجا من مكة بين الجبال والشجر، فلم يمر بشجرة ولا جبل إلا قال السلام عليك يا رسول الله" .
أنا أبو الحسن عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سواري المسجد، فلما صنع له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية وحنت كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد، حتى نـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقها فسكنت" .
قال مجاهد: لا ينـزل حجر من أعلى إلى الأسفل إلا من خشية الله، ويشهد لما قلنا قوله تعالى لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( 21-الحشر ). قوله عز وجل ( وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ )( بساه ) ( عَمَّا تَعْمَلُونَ ) وعيد وتهديد، وقيل: بتارك عقوبة ما تعملون، بل يجازيكم به، قرأ ابن كثير يعملون بالياء والآخرون بالتاء.

أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَه ُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76)

قوله تعالى ( أَفَتَطْمَعُونَ ) أفترجون؟ يريد: محمدا وأصحابه ( أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ ) تصدقكم اليهود بما تخبرونهم به ( وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ) يعني التوراة ( ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ ) يغيرون ما فيها من الأحكام ( مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ ) علموه كما غيروا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) أنهم كاذبون، هذا قول مجاهد وقتادة وعكرمة والسدي وجماعة وقال ابن عباس ومقاتل: نـزلت في السبعين الذين اختارهم موسى لميقات ربه، وذلك أنهم لما رجعوا -بعدما سمعوا كلام الله -إلى قومهم رجع الناس إلى قولهم، وأما الصادقون منهم فأدوا كما سمعوا، وقالت طائفة منهم: سمعنا الله يقول في آخر كلامه إن استطعتم أن تفعلوا فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا، فهذا تحريفهم وهم يعلمون أنه الحق .
( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا ) قال ابن عباس والحسن وقتادة: يعني منافقي اليهود الذين آمنوا بألسنتهم إذا لقوا المؤمنين المخلصين ( قَالُوا آمَنَّا ) كإيمانكم ( وَإِذَا خَلا ) رجع ( بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ) -كعب بن الأشرف وكعب بن أسد ووهب بن يهودا وغيرهم من رؤساء اليهود -لأمرهم على ذلك ( قَالُوا أَتُحَدِّثُونَه ُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) بما قص الله عليكم في كتابكم: أن محمدا حق وقوله صدق. والفتاح القاضي.
وقال الكسائي: بما بينه الله لكم [من العلم بصفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونعته، وقال:] الواقدي: بما أنـزل الله عليكم، ونظيره: لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ ( 96 - الأعراف ) أي أنـزلنا، وقال أبو عبيدة: بما من الله عليكم وأعطاكم ( لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ ) ليخاصموكم، يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويحتجوا بقولكم ( عليكم ) فيقولوا: قد أقررتم أنه نبي حق في كتابكم ثم لا تتبعونه!! وذلك أنهم قالوا لأهل المدينة حين شاوروهم في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم: آمنوا به فإنه حق ثم قال بعضهم لبعض: أتحدثونهم بما أنـزل الله عليكم لتكون لهم الحجة عليكم ( عِنْدَ رَبِّكُمْ ) في الدنيا والآخرة وقيل: إنهم أخبروا المؤمنين بما عذبهم الله به، على الجنايات فقال بعضهم لبعض: [أتحدثونهم بما أنـزل الله عليكم من العذاب ليحاجوكم به عند ربكم، ليروا الكرامة لأنفسهم عليكم عند الله وقال مجاهد: هو قول يهود قريظة قال بعضهم لبعض] حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم "يا إخوان القردة والخنازير" فقالوا: من أخبر محمدا بهذا؟ ما خرج هذا إلا منكم ، ( أَفَلا تَعْقِلُونَ )
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.78 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]