عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-12-2019, 04:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي تذكرة بشأن الزكاة

تذكرة بشأن الزكاة





الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر




الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وبالعمل بطاعته تطيب الحياة وتستنـزل البركات وتستدفع المصائب والبليات وتتقى العقوبات. أحمده سبحانه حمداً يملأ الأرض والسموات وغيرهما مما يشاء من الكائنات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل في المال حقاً معلوماً فريضة هو الزكاة، وما أوجبه سبحانه من النفقات وأشهد أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - عبد الله ورسوله أجود الناس وأسرعهم بالخير والبر إلى مستحقها من الناس وأقوم الناس بالقسطاس وأبعدهم عن الأذى بغير الحق لأحد من الناس، - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه الذين كانوا يسارعون في الخيرات ويعرضون عن اللغو والإثم وغيرهما من ذميم الأعمال والأقوال والنيات والصفات.

أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى في سائر أموركم وأحوالكم، واتقوه خاصة في أرزاقكم وأموالكم، فإن الله تعالى قد جعل لكم الأموال قياماً، واستخلفكم فيها أيام، ليبتليكم فيها فيرفع بها درجات أقوام بكريم الإنفاق، ويميز آخرين عن غيرهم بالشح والبخل وقبض اليد ونحوها من خصال النفاق، ثم يحولها إلى قوم آخرين من الوارثين وغيرهم من المبتلين سنة ثابتة له سبحانه في الأولين والآخرين.

عباد الله:
تذكروا أن الله تعالى أعطاكم الخير الكثير، واستقرضكم الشيء اليسير وما تنفقوا من خير فلأنفسكم يتقبل الله طيبه، فيضاعفه بالبركة والمثوبة ويطيبه ويبلغكم به جنان تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[1]، ﴿ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾[2]، فأنفقوا من أموالكم خيراً لكم، تنالوا بره وبركته وتتقوا شره وهلكته وعقوبته.

معشر المسلمين:
من حكمة الله تعالى ولطفه بعباده أنه لم يجعل في عموم الأموال ولا الأحوال وإنما جعلها قدراً يسيراً في الأموال النامية، وبشروط وأحوال غاية في الحكمة والمناسبة، فجعلها تعالى في أربعة أموال هي: بهيمة الأنعام والخارج من الأرض، وعروض التجارة، والأثمار، ومن شروطها «في تلك الأموال» تمام الملك ومضي الحول وبلوغ النصاب في الجملة وأن يراد بها الاستثمار والاستغلال، ولذا فلا زكاة في الأموال الموقوفة، ولا فيما لم يمضي عليه الحول أو على أصله غير الخارج من الأرض، وما وجد من دفن الجاهلية، ولا فيما يقتنيه الإنسان لحاجته واستهلاكه لأنه ينقص ويضمحل ولا يحتمل المواساة.

معشر المؤمنين:
ثم إن القدر الواجب في تلك الأموال مبلغ يسير لا يجاوز اثنين ونصفا في المئة في الجملة، فهو مقدار في المال يسير وربحه وعائده على أخذه وعلى مخرجه كبير، هو الحكمة من فرضه والحض عليه، فإن ما تخرجونه من زكاتكم «مع قلته ويسره» تزكون به إيمانكم، وأعمالكم وأخلاقكم، وتطهرون وتطيبون به أموالكم، وتستجلبون به بركتها، وبرها، وأجرها، وتتقون به شؤمها، وإثمها، وعقوبتها، وشرها، وتزكون به إخوانكم المحاويج، فتغنونهم به عن ذل السؤال، وحرج مئونة العيال وتفرجون به عنهم الهموم، وتنفسون به الكروب، وتيسرون به على المعسرين، بتحقيق المطلوب، وتغيثون به الملهوفين، وتعينون به مستحقه على العبادة، وتجلبون به لهم السعادة، وتحررون به الغارمين من رق الدين، وتجاهدون به مع المجاهدين، وتتألفون به الناس على الدين، وتتقون به النار،،ترثون به الفردوس منازل الأخيار، فما أجل حكم الله في أحكامه وما أعظم حكمته سبحانه في فرض الزكاة والصدقة على المسلم في بدنه وماله.

أيها المؤمنون:
اعرفوا لفريضة الزكاة قدرها وخطرها، واغتنموا ذخرها وبرها، واحذروا عقوبة جحودها، والبخل بها فإن من بخل بالزكاة يشقى بماله، في عاجل أمره وفي مآله، فما هلك مال من بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة ولا شقي عبد بماله فاستعبده حتى نسي الله، وذهب عما يسعده في دنياه وأخره إلا بمنع الزكاة، وما منع الناس القطر من السماء ونـزعت البركة مما تخرج الأرض من النبات إلا بمنع الزكاة، وما ابتلي الناس بالضرائب والمكوس التي يخرجونها رغماً عن أنوفهم من غير رجاء مثوبة ولا خلفٍ في العاجلة والآجلة إلا بسبب منع الزكاة، وما تنغص حياة بعض الناس بالأمراض المستعصية التي حرمتهم لذة التمتع بأموالهم مع كثرتها إلا وهي في الجملة من العقوبات القدرية لمنع الزكاة.

أمة الإسلام:
وأما يوم القيامة فإن مانع الزكاة يعذب بماله ببدنه فيبطح لبهيمة الأنعام في قاع قرر تمر عليه تعضه بأفواهها وتطئه بأظلافها وأخفافها كلما مرت عليه أخراها أعيدت عليه أولها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.

أمة الإسلام:
وهكذا مانع زكاة الذهب والفضة تصفح له أمواله صفائح من نار يحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجبهته وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وكذلك مانع زكاة ماله في غير الذهب والفضة يمثل له ماله ثعبان أقرع يأخذ بلهزمته ويقول أنا مالك أنا كنـزك.

ألا فاتقوا الله عباد الله وأدوا الزكاة وطيبوا بها نفساً لله، وأحسنوا بها عباد الله تنالوا بركتها ومثوبتها دنيا وآخرة وتتقوا عقوبتها في العاجلة والآجلة ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾[3].



[1] (الحشر: من الآية9).

[2](محمد: من الآية 38).

[3] (البقرة:281).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]