عرض مشاركة واحدة
  #391  
قديم 04-04-2020, 04:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (390)
تفسير السعدى
سورة النمل
من الأية(56) الى الأية(60)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة النمل



" فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون " (56)
" فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ " قبول ولا انزجار, ولا تذكر, وادكار.
إنما كان جوابهم, المعارضة, والمناقضة, والتوعد لنبيهم الناصح, ورسولهم الأمين, بالإجلاء عن وطنه, والتشريد عن بلده.
فما كان جواب قومه " إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ " .
فكأنه قيل: ما نقمتم منهم, وما ذنبهم الذي أوجب لهم الإخراج.
فقالوا: " إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ " أي: يتنزهون عن اللواط, وأدبار الذكور.
فقبحهم الله, جعلوا أفضل الحسنات, بمنزلة أقبح السيئات.
ولم يكتفوا بمعصيتهم نبيهم, وفيما وعظهم به, حتى وصلوا إلى إخراجه والبلاء موكل بالمنطق, فهم قالوا: " أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ " .
ومفهوم هذا الكلام " وأنتم متلوثون بالخبث والقذارة, المقتضي لنزول العقوبة بقريتكم, ونجاة من خرج منها " .

" فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين " (57)
ولهذا قال تعالى: " فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ " وذلك لما جاءته الملائكة في صورة أضياف, وسمع بهم قومه, فجاءوا إليه يريدونهم بالشر, وأغلق الباب دونهم, واشتد الأمر عليه.
ثم أخبرته الملائكة عن جلية الحال, وأنهم جاءوا لاستنقاذه, من بين أظهرهم, وأنهم يريدون إهلاكهم, وأن موعدهم الصبح.
وأمروه أن يسري بأهله ليلا, إلا امرأته, فإنه سيصيبها ما أصابهم فخرج بأهله ليلا, فنجوا, وصبحهم العذاب.
فقلب الله عليهم ديارهم, وجعل أعلاها أسفلها, وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود, مسومة عند ربك.

" وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين " (58)
ولهذا قال هنا: " وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ " .
أي: بئس المطر مطرهم, وبئس العذاب عذابهم, لأنهم أنذروا وخوفوا, فلم ينزجروا, ولم يرتدعوا, فأحل الله بهم, عقابه الشديد.

" قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أم ما يشركون " (59)
أي: قل " الحمد لله الذي يستحق كمال الحد, والمدح والثناء, لكمال أوصافه, وجميل معروفه, وهباته, وعدله, وحكمته في عقوبته المكذبين وتعذيب الظالمين.
وسلم أيضا على عباده, الذين تخيرهم واصطفاهم على العالمين, من الأنبياء والمرسلين, وصفوة الله رب العالمين.
وذلك لرفع ذكرهم, وتنويها بقدرهم, وسلامتهم من الشر والأدناس وسلامة ما قالوه في ربهم, من النقائص والعيوب.
" آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ " وهذا استفهام قد تقرر وعرف.
أي: الله الرب العظيم, كامل الأوصاف, عظيم الألطاف, خير أم الأصنام والأوثان, التي عبدوها معه, وهي ناقصة من وجه كل, لا تنفع ولا تضر, ولا تملك, لأنفسها, ولا لعابديها, مثقال ذرة من الخير فالله خير مما يشركون.

" أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون " (60)
ثم ذكر تفاصيل ما به يعرف, ويتبين أنه الإله المعبود, وأن عبادته هي الحق, وعبادة ما سواه, هي الباطل فقال: " أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ " إلى " يَعْدِلُونَ " .
أي: أمن خلق السماوات, وما فيها, من الشمس والقمر, والنجوم, والملائكة, والأرض, وما فيها من جبال, وبحار, وأنهار, وأشجار, وغير ذلك.
" وَأَنْزَلَ لَكُمْ " أي: لأجلكم " مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ " أي: بساتين " ذَاتَ بَهْجَةٍ " أي: حسن منظر, من كثرة أشجارها, وتنوعها, وحسن ثمارها.
" مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا " لولا منة الله عليكم, بإنزال المطر.
" أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ " فعل هذا الأفعال, حتى يعبد معه ويشرك به؟.
" بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ " به غيره, ويسوون به سواه, مع علمهم أنه وحده, خالق العالم العلوي والسفلي, ومنزل الرزق.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]