عرض مشاركة واحدة
  #45  
قديم 13-07-2019, 11:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (8-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (8-9)



إدارة الملتقى الفقهي




بارك الله فيكم سائل يقول لي والدة متوفاة وأريد أن أضحي عنها من مالي فهل أشركها في أضحيتي وأهل بيتي أم أضحي عنها بأضحية خاصة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يشرع للميت أضحية خاصة تخص به وإن كان هذا جائزاً لكنه ليس بمشروع إذ لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فيما أعلم أنه ضحى عن أحد من الأموات أضحية مستقلة فالنبي عليه الصلاة والسلام قد ماتت زوجته خديجة وماتت زوجته زينب بنت خزيمة ومتن بناته إلا فاطمة ومات أبناؤه ومات عمه حمزة ولم يخص أحداً منهم بأضحية وإنما كان يقول عليه الصلاة والسلام عند تضحيته (اللهم هذه عن محمد وآل محمد) فيشمل آل بيته الأحياء والأموات وإذا كان كذلك فإن الأفضل في حق السائل ألا يخص أمه بأضحية خاصة وإنما يضحي بأضحية عنه وعن أهل بيته وتشمل الأحياء والأموات هذه هي السنة وإن بعض الناس يضحي بأضحية عن الميت أول سنة من موته يسمونها أضحية الحفرة أو أضحية الدفنة وهذا من البدع لأن تخصيص الميت بأضحية بهذا الاسم في أول سنة يموت لم يرد عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه فيكون من البدع التي ابتدعها الناس وكل بدعة ضلالة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
***
هذه سائلة تسأل عن الأضحية التي تعمل للمتوفى ما حكمها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الأضحية هي التقرب إلى الله عز وجل في أيام عيد الأضحى في يوم العيد وفي ثلاثة أيام بعده التقرب إلى الله تعالى بذبح بهيمة الأنعام من إبل أو بقر أو غنم وهي سنة في حق الحي يضحي عنه وعن أهل بيته كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وإذا ضحى الإنسان عنه وعن أهل بيته ونوى أن يكون أجرها له ولأهل بيته الحي والميت فإن ذلك لا بأس به وأما الأضحية الخاصة للميت فلها حالان:
الحال الأولى: أن يكون الميت قد أوصى بها فإذا كان قد أوصى بها فإنها تفعل تنفيذاً للوصية لقوله تعالى حين ذكر الوصية (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فإن هاتين الآيتين تدلان على أن وصية الميت تنفذ ما لم تكن إثماً أو جنفاً.
أما الحال الثانية: كالأضحية عن الميت فإنه يضحي الإنسان بها عنه ابتداء فهذه قد اختلف فيها أهل العلم هل هي مشروعة أو غير مشروعة؟ فمنهم من قال إنها مشروعة كالأضحية عن الحي وكالصدقة عن الميت ومنهم من قال إنها غير مشروعة لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد مات للنبي صلى الله عليه وسلم من أقاربه من مات ومن زوجاته كذلك ولم يرد أنه ضحى عن كل واحد منهم بخصوصه مات له بناته الثلاث وأبناؤه الثلاثة ولم يضح عن واحد منهم واستشهد عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه في أحد ولم يضح عنه وماتت زوجتاه خديجة وزينب بنت خزيمة ولم يضح عنهما ولو كان هذا من الأمور المشروعة لفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أقول إذا أردت أن تضحي عن ميت فضحي عنك وعن أهل بيتك وانوِ أنها لك وعن أقاربك الأحياء والأموات وفضل الله واسع.
***
يقول هل يجوز لي أن أضحي لميت قريب لي من مالي؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم التضحية للميت جائزة كالصدقة عنه لكن الأفضل أن يتصدق فالصدقة عن الميت أفضل من الأضحية لأن الصدقة عن الميت واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الأضحية فلم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام لم يرد أنه ضحى عن أحد من أقاربه ولهذا من أجاز الأضحية عن الميت إنما أجازها قياساً على الصدقة.
***
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ المستمع محمد عبد الله من الرياض يقول بأن له أخاً تعرض لحادث توفي بعدها هل يجوز لنا أن نضحي له أو نحج عنه إلى بيت الله الحرام نرجو الافادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: القول الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجوز للإنسان أن يتعبد لله عز وجل بطاعة بنية أنها لميت من أموات المسلمين سواء كان هذا الميت من أقاربه أم ممن ليس من أقاربه هذا هو القول الراجح سواء في الصدقة أو في الحج أو في الصوم أو في الصلاة أو في غير ذلك فيجوز للإنسان أن يتبرع بالعمل الصالح لشخص ميت من المسلمين ولكنَّ هذا ليس من الأمور المطلوبة الفاضلة بل الأفضل أن يدعو له بدلاً من أن يتصدق عنه أو أن يضحي عنه أو أن يحج عنه لأن الدعاء له هو الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه ثبت عنه أنه قال (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) فذكر الولد الصالح الذي يدعو له ولم يقل أو ولد صالح يتصدق له أو يحج له أو ما أشبه ذلك من الأعمال الصالحة مع أن الحديث في سياق العمل فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذكر العمل للميت بذلك الدعاء عُلِم أن الدعاء هو المختار وهو الأفضل ولهذا فإني أنصح إخواني المسلمين أن يحرصوا على الدعاء لأمواتهم بدلاً عن إهداء القرب لهم وأن يجعلوا القرب لأنفسهم لأن الحي محتاج إلى العمل الصالح فإنه ما من ميت يموت إلا ندم إن كان محسناً ندم أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب قال الله تعالى (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) وقال الله عز وجل (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فأنت أيها الحي محتاج إلى العمل الصالح فاجعل العمل لنفسك وادعُ لأمواتك من الأباء والأمهات والإخوان والأخوات وغيرهم من المسلمين هذا هو الذي تدل عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن مع هذا لو أن الإنسان تصدق عن ميت أو صام عنه أو صلى وقصد بأن يكون الثواب للميت فلا بأس بذلك إذا تبرع به.
***
جزاكم الله خيراً من أسئلة هذا السائل يقول هل تجوز الأضحية عن الميت؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم تجوز الأضحية عن الميت بمعنى أن يضحي الإنسان في أيام النحر أي في عيد الأضحى وثلاثة أيام بعده أضحية ينويها عن الميت يقول مثلاً عند ذبحها اللهم هذا منك ولك اللهم هذه عن فلان ولكن ليس هذا بأمرٍ مشروع ليس هذا بأمرٍ مشروع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ضحى عن أحدٍ من أمواته فقد ماتت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وهي من أحب النساء إليه ولم يضح لها واستشهد عمه حمزة بن عبد المطلب في أحد ولم يضح عنه ومات له ثلاث بنات في حياته ولم يضح عنهن ولو كان هذا أمراً مشروعاً لبينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إما بقوله وإما بفعله وإما بإقراره ولم يعلم أن أحداً من الصحابة ضحى عن أحدٍ من أمواته في حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكن لو ضحى عن ميت لم يمنع وإن كان بعض أهل العلم قال إنه لا ينفع الميت وقالوا إن الصدقة بثمن الأضحية عن الميت أفضل من الأضحية ولكن هاهنا مسألة إذا ضحى الإنسان عنه وعن أهل بيته ونوى أنه عن الحي والميت فأرجو أن يكون ذلك نافعاً إن شاء الله تعالى ومشروعاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالأضحية عنه وعن أهل بيته فهذا محتمل أن يكون عن أهل بيته الأحياء والأموات ويحتمل أن يكون عن أهل بيته الأحياء فقط والشيء الذي ينبغي أن ينكر ما يفعله بعض الناس تجده يشتري الأضحية من ماله ويضحي بها عن أمواته ولا ينويها عنه وعن أهل بيته وهذا أمرٌ خلاف السنة بلا شك فالأضحية في الأصل عن الأحياء فقط التنبيه الآخر أنه إذا أوصى الميت بأضحية فهنا لا بد أن يضحى عنه إتباعاً لوصيته ويكون هذا من عمله لأنه أوصى به.
***
هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ بالنسبة للأضحية عن الميت في تقاليدنا القديمة يقول بأن الميت له سبع أضاحي هل هذا صحيح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بصحيح أولا أن الأضحية عن الميت قد اختلف العلماء فيها إذا لم تكن وصية منه فمنهم من قال إنها مشروعة ومنهم من قال إنها ليست مشروعة ولا أعلم دليلا من السنة يدل على الأضحية عن الميت بخصوصه إذا لم تكن وصية وإنما قاسها بعض العلماء على الصدقة عن الميت والصدقة عن الميت قد جاءت بها السنة وأما كونه لا يُضَح عنه إلا بسبع فهذا ليس له أصل بل إذا أراد أحد أن يضحي عنه ضحى عنه بواحدة وكذلك بعض الناس يقول إن الأضحية عن الميت أول سنة يموت واجبة وتسمى عند بعضهم أضحية الحُفرة وهذا أيضا لا أصل له والذي أرى في الأضحية عن الميت ألا يضحى عنه بخصوصه إلا بوصية منه وأن الإنسان يضحي بأضحية واحدة عنه وعن أهل بيته وينوي بذلك الحي والميت من آل بيته وفي هذا كفاية إن شاء الله.
***
لديه سؤال يقول فيه، يوجد عندنا عادة إذا دخل شهر ذي الحجة في العشر الأولى يذبح كل بيت ذبيحة ويقول اللهم اجعله لأرواح موتانا، وهذا شيء كل عام ويسمونه عندنا حج الأموات، هل هذا صحيح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بصحيح، بل هو بدعة ولا يتقرب بالذبح لله إلا فما وردت به السنة وهي ثلاثة أمور، الأضاحي، والهدايا للبيت مكة، والثالث العقيقة، هذه هي الذبائح المشروعة، وأما ما عداها فليس بمشروع، ثم إن زعمهم أن هذا حج الأموات ليس بصحيح، فالأموات انقطعت أعمالهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له) وهذا ليس من الصدقة الجارية، لأن معنى الصدقة الجارية أن الإنسان يوقف شيئاً ينتفع الناس به بعد موته، والعلم الذي ينتفع به من بعده إذا علم أحداً علماً نافعاً فعملوا به بعد موته أو علموه انتفع به، والولد الصالح الذي يدعو له الذكر أو الأنثى من أولاده إذا دعا له انتفع به.
***
السائل من الجزائر يقول يا فضيلة الشيخ ما هي الكيفية الصحيحة لذبح الأضحية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الكيفية الصحيحة إذا كانت الأضحية من الغنم الضأن والماعز أن يضجعها على الجانب الأيسر ويضع رجله على رقبتها ويمسك بيده اليسرى رأسها حتى يتبين الحلقوم ثم يمر السكين على الحلقوم والودجين والمرئ بقوة فينهر الدم ويقول عند الذبح بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم هذه عني وعن أهل بيتي أما غير الأضحية فيفعل فيها هكذا لكنه يقول عند الذبح قبل أن يذبح يقول بسم الله والله أكبر فقط.
***
الأضحية يا فضيلة الشيخ هل يصح أن يذبحها الجنب والمرأة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: وكذلك الأضحية يجوز أن يذبحها وهو جنب ويجوز للمرأة أن تذبح الذبيحة أيضاً ولو كانت حائضاً.
***
جزاكم الله خيرا هذا سائل للبرنامج أرسل يقول فضيلة الشيخ كما نعلم بأن الأضحية توزع إلى ثلاثة أقسام ثلث يتصدق به وثلث يهدى وثلث لأهل الميت ولكن لي تسعة من أبناء العم يقوم كل منهم بعمل أضحيته في المطبخ وتقديمها لجميع الإخوان دون أن نتصدق بثلث أو أن نهدي ثلث فهل يجوز ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الصدقة بالثلث من الأضحية ليست بالواجب لك أن تأكل كل الأضحية إلا شيئا قليلا تتصدق به والباقي لك أن تأكله لكن الأفضل أن تتصدق وتهدي وتأكل ثم إن الإهداء والصدقة إنما يكون باللحم النيئ دون المطبوخ وهذا سهل والحمد لله إذا كان يوم العيد وضحيت فأرسل إلى الفقراء ما تيسر وأهدي إلى جيرانك وأصدقائك ما تيسر وكل الباقي سواء أكلته في يوم العيد أو أيام التشريق أو ادخرته إلى أكثر من ذلك.
***
سائل يقول جرى في التوزيع عادة في الأضحية أنها تكون بين الأقارب والجيران البحث عن الفقراء قد يصعب على بعض الناس؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الحقيقة أنه لا يصعب لكن يصعب على الهمم دون الأجسام كثير من الناس الآن يريد أن يريح نفسه حتى أنه مع الأسف برزت ظاهرة وهي أنهم يدعون الناس إلى إعطائهم الدراهم ليضحوا بها في بلاد أخرى وهذا غلط محض والدعوة إلى ذلك تؤدي إلى إبطال الفائدة من الأضحية لأن المقصود من الأضحية ومن أعظم المقاصد أن يتعبد الإنسان لله تعالى بذبحها بنفسه أو بحضوره إذا لم يكن يحسن الذبح وبأن يذكر اسم الله عليها وهذا لا يحصل إذا أعطى الدراهم تذبح في مكان آخر أيضا إظهار الشعيرة بين الأهل والأولاد وهذه الأضحية يتناقلها الصغار عن الكبار حتى إنه ليفرح الصبيان إذا كانت الضحايا في البيت في ليلة العيد أو قبل ذبحها فيما بعد ثم إن هذا حرمان لأهل البلد أهل البلد يحتاجون إلى لحم فقرائهم وأغنيائهم فيحرمون منها ثم إن هذا مخالف لأمر الله عز وجل حيث قال تبارك وتعالى (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) ولا يمكن أن يأكل منها وهي بعيدة عنه ومن أجل تحقيق الأكل منها (أمر النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع حين نحرت إبله فإن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أهدى مائة ناقة) عليه الصلاة والسلام لكرمه مائة ناقة عن سبعمائة خروف أهدى مائة ناقة ونحر منها بيده الكريمة ثلاث وستين ناقه وأعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الباقي فنحره ثم أمر عليه الصلاة والسلام أن يؤخذ من كل بعير قطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها تحقيقا لأمر الله عز وجل (فَكُلُوا مِنْهَا) وكيف يأكل الإنسان من أضحية تبعد عنه أميالا ومسافات بعيدة ثم إن هذه الدراهم التي تعطيها من تعطيها من الذين يجمعون هل تدري أتقع في يد أمين عالم عارف بأحكام الأضحية أم تقع في يد من ليس كذلك؟ لا ندري قد يذبحها بدون تسمية؟ قد يذبحها ولا ينهر الدم؟ قد يعطيها الأغنياء دون الفقراء؟ قد يذبح ما لم تبلغ السن؟ قد يذبح ما فيه عيب؟
متى نطمئن إلى أن الذي تولى الذبح كان أمينا عالماً بأحكام الأضحية وعالماً بما يضحي به وما لا يضحي به ثم هل نأمن أن يتهاون هذا فيؤخر الذبح عن وقته؟ لا سيما إذا كثرت الذبائح عنده افرض أن هذه الجهة أتاها ألف شاة وليس عندهم من يباشر الذبح إلا نفر قليل لا يتمكنون من ذبحها في أيام الذبح فيضطرون إلى تأخير الذبح إلى فوات الوقت إذاً نقول يا أخي المسلم إذا كنت تريد أن تبر إخوانك الفقراء في بلاد أخرى فأرسل لهم دراهم أرسل لهم قوتاً أرسل لهم ثياباً أرسل لهم فرشاً أما أضحية جعلها الله تعالى شعاراً وخصك بها في بلادك حتى تشارك أهل الحج في شيء من النسك فلا تفرط في هذه الخصيصة والشعيرة العظيمة وترسل دراهم مضمونه في أجواف الجيوب وحفاظات الدراهم فنصيحتي لإخواني الذين يجبون هذه الأضاحي أن يكفوا عن ذلك وألا يدعوا الناس لهذا نعم يدعونهم إلى التبرع بالمال والأعيان لا بأس لكن يدعونهم إلى إبطال شعيرة في بلادهم لتنقل إلى بلاد بعيدة مع الاحتمالات التي ذكرناها أخشى عليهم ولذلك أنصحهم أعني إخواني الذين يجمعون التبرعات لهذا أن يكفوا عن ذلك ثم أنصح الإخوان المواطنين عن إعطاء هؤلاء للأضحية وأقول ضحوا في بلادكم ضحوا في مكانكم ثم إني أيضا أنصح إخواني الذين يضحون في بلادهم أن يضحوا في بيوتهم عند أولادهم حتى تظهر الشعيرة دون أن يذبحوها في المسلخ ويأتوا بها لحماً ولا يخلو البيت الآن والحمد لله من مكان للذبح بل لو ذبحت في وسط الحمام فلا بأس لأن الدم نجس ولو اختلط بالنجاسة لا يضر الدم دم المذبوح نجس فيذبحها حتى يفرغ الدم النجس ثم يخرجها ويسلخها في مكان آخر إذا لم يكن له مكان للذبح والسلخ على أن كثيرا من المدن الكبيرة فيها استراحات للناس بإمكانهم أن يخرجوا بالأضاحي إلى الاستراحات ويخرجوا بالصبيان معهم إذا شاءوا أن يتفرج الصبيان على الأضحية ويذبحون هناك ويدخلون بها إلى البيت لحما المهم التوجيه إلى الذين يجمعون التبرعات لهذا الغرض أن يكفوا عن هذا والتوجيه للآخرين ألا يعطوهم شيئا لهذا الغرض وأن يضحوا في بيوتهم وأن يشعروا أن المراد بالأضاحي والهدايا هو التقرب إلى الله تعالى بذبحها وذكر اسمه عليها جل وعلا دونما يحصل منها من مادة وهي الأكل واستمع إلى قول الله تعالى (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) هذه نصيحة أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلها خالصة لوجهه وأن ينفع بها عباده إنه على كل شيء قدير.
***
يقول هل يجوز أن يهدى الكافر من لحم الأضحية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الكافر إذا كان ممن يجوز أن يعطى إليه فإنه يهدى من طعام لحم الأضحية وإن كان ممن لا يجوز أن يهدى إليه فإنه لا يجوز أن يعطى من لحم الأضحية ولا من غيرها وميزان ذلك قوله تعالى (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ) يعني لا ينهاكم عن برهم بل تقسطوا إليهم (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) فإذا كان الكافر من أمةٍ لا يعتدون على المسلمين ولا يقاتلونهم ولا يخرجونهم من ديارهم فلا بأس أن يهدى إليه من لحم الأضحية أو غيرها وإن كان بالعكس فإن الله تعالى يقول (إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ) أي عاونوا على إخراجكم (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) بأي ولايةٍ كانت.
***
بارك الله فيكم هذه رسالة من المستمع عبد الرحمن عبد الهادي العتيبي من البجادية يقول ما مدى صحة الحديث الذي معناه أن من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فلا يأخذ من شعره أو ظفره شيئاً حتى يضحي وذلك من أول أيام عشر ذي الحجة وكيف ذلك وما هي الأشياء التي يمتنع من سيضحي عن فعلها وهل هذا النهي يصل إلى درجة التحريم أم أنه للاستحباب وهل يلتزم به المقيم والحاج على السواء أم هو خاصٌ بالمقيم دون الحاج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح رواه مسلم وحكمه التحريم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره شيئاً) وفي روايةٍ (ولا من بشره) والبشر الجلد يعني أنه لا ينتف شيئاً من جلده كما يفعله بعض الناس ينتف من عقبه من قدمه فهذه الثلاثة هي محل النهي الشعر والظفر والبشرة والأصل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم التحريم حتى يرد دليلٌ يسقطه إلى الكراهة أو غيرها وعلى هذا فيحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ في العشر من بشرته أو شعره أو ظفره شيئاً حتى يضحي وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده لأنه لما فات أهل المدن والقرى والأمصار لما فاتهم الحج والتعبد لله سبحانه وتعالى بترك الترفه شرع لمن في الأمصار هذا الأمر شرعه لهم ليشاركوا الحجاج في بعض ما يتعبدون لله تعالى بتركه وإنما قلت ذلك لأنه لا يجوز لإنسان أن يتعبد بترك شيء أو بفعل شيء إلا بنصٍ من الشرع فلو أراد أحدٌ أن يتعبد لله تعالى في خلال عشر أيام بترك تقليم الأظفار أو الأخذ من شعره أو بشرته لو أراد أن يتعبد بدون دليل شرعي لكان مبتدعاً آثماً فإذا كان بمقتضى دليل شرعي كان مثاباً مأجوراً لأنه تعبد لله تعالى بهذا الترك وعلى هذا فاجتناب الإنسان الذي يريد أن يضحي الأخذ من شعره وبشرته وظفره يعتبر طاعةً لله ورسوله مثاباً عليها وهذه من نعمة الله بلا شك وهذا الحكم إنما يختص بمن أراد أن يضحي فقط أما من يضحى عنه فلا حرج عليه أن يأخذ وذلك لأن الحديث إنما ورد لو أراد أحدكم أن يضحي فقط فيقتصر على ما جاء به النص ثم إنه قد علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل أنه كان ينهاهم عن أخذ شيء من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم فدل هذا على أن هذا الحكم خاصٌ بمن يريد أن يضحي فقط ثم إن المراد من أراد أن يضحي عن نفسه لا من أراد أن يضحي وصيةً لآبائه أو أجداده أو أحدٍ من أقاربه فإن هذا ليس مضحياً في الحقيقة ولكنه وكيلٌ لغيره فلا يتعلق به حكم الأضحية ولهذا لا يثاب على هذه الأضحية ثواب المضحي إنما يثاب عليها ثواب المحسن الذي أحسن إلى أمواته وقام بتنفيذ وصاياهم ثم إنه نسمع من كثيرٍ من الناس من العامة أن من أراد أن يضحي وأحب أن يأخذ من شعره أو من ظفره أو من بشرته شيئاً يوكل غيره في التضحية وتسمية الأضحية ويظن أن هذا يرفع عنه النهي وهذا خطأ فإن الإنسان الذي يريد أن يضحي ولو وكل غيره لا يحل له أن يأخذ شيئاً من شعره أو بشرته أو ظفره ثم إن بعض النساء في هذه الحال يسألن عمن طهرت في أثناء هذه المدة وهي تريد أن تضحي فماذا تصنع في رأسها نقول لها تصنع في رأسها أنها تنقضه وتغسله وترويه ولا حاجة إلى تسريحه وكده فإنه لا ضرورة إلى ذلك وإن كدته تكده برفق من أجل إصلاح الشعر وكذلك بالنسبة للرجل لا ينبغي أن يسرح شعره أو يكده في هذه الأيام وهو يريد أن يضحي وأما قول السائل هل هذا خاصٌ بأهل الأمصار أو بالذين يحجون أيضاً فنقول إن الحاج إذا اعتمر فلا بد له من التقصير فيقصر ولو كان يريد أن يضحي في بلده لأنه يجوز للإنسان إذا كان له عائلة لم تحج أن يشتري لهم أضحية أو يوكل من يشتري لهم أو يوكل أحداً من إخوانه أو أولاده بأن يشتري له أضحية ويضحي عنه وعن أهل بيته وفي هذه الحال إذا كان معتمراً فلا حرج عليه أن يقصر من شعر رأسه لأن التقصير في العمرة نسك.
***
يقول هل يجوز قص الأظافر وحلق الشعر في العشر من ذي الحجة أفيدونا جزاكم الله عنا خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز ذلك لمن لا يريد الأضحية أما من كان يريد أن يضحي فإنه إذا دخل العشر لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي لحديث أم سلمة في ذلك.
***
بارك الله فيكم أبو خالد من أبو ظبي يقول في سؤاله هل ترك قص الشعر والأظافر في عشر من ذي الحجة حتى يذبح المسلم أضحيته سنة واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهل ذلك يشمل الأسرة أي أسرة المضحي؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (إذا دخلت العشر يعني عشر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره شيئاً) وفي رواية (ولا من بشرته شيئاً) وهذا نهي والأصل في النهي التحريم حتى يقوم دليل على أنه لغير التحريم وعلى هذا فلا يجوز للإنسان الذي يريد أن يضحي إذا دخل شهر ذي الحجة أن يأخذ شيئاً من شعره أو بشرته أو ظفره حتى يضحي والمخاطب بذلك المضحي دون المضحى عنه وعلى هذا فالعائلة لا يحرم عليهم ذلك لأن العائلة مضحى عنهم وليسوا بمضحين فإن قال قائل ما الحكمة من ترك الأخذ في العشر؟ قلنا الجواب على ذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن الحكمة هو نهي الرسول عليه الصلاة والسلام ولا شك أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الشيء حكمة وأن أمره بالشيء حكمة وهذا كاف لكل مؤمن ولقوله تعالى (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) وفي الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة سألتها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت (كان يصيبنا ذلك يعني في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) وهذا الوجه هو الوجه الأَسَدُّ وهو الوجه الحاسم الذي لا يمكن الاعتراض عليه وهو أن يقال في الأحكام الشرعية الحكمة فيها أن الله ورسوله أمر بها.
أما الوجه الثاني في النهي عن أخذ الشعر والظفر والبشرة في هذه الأيام العشر فلعله والله أعلم من أجل أن يكون للناس في الأمصار نوع من المشاركة مع المحرمين بالحج والعمرة في هذه الأيام لأن المحرم بحج أو عمرة يشرع له تجنب الأخذ من الشعر والظفر والله أعلم.
***
بارك الله فيكم هذه السائلة عائشة تقول ما حكم مشط الشعر في شهر ذي الحجة قبل ذبح الأضحية لغير الحاج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا دخلت عشر ذي الحجة وكان الإنسان يريد أن يضحي فإنه ينهى أن يأخذ من شعره أو ظفره أو بشرته شيئا لكن إذا احتاجت المرأة إلى المشط في هذه الأيام وهي تريد أن تضحي فلا حرج عليها أن تمشط رأسها ولكن تكده برفق فإن سقط شيء من الشعر بغير قصد فلا إثم عليها لأنها لم تكد الشعر من أجل أن يتساقط ولكن من أجل إصلاحه والتساقط حصل بغير قصد.
***
أحسن الله إليكم تقول السائلة في آخر أسئلتها هل يجوز للمرأة أن تقصر من شعرها وأظافرها وغيرها خلال أيام العشر بحيث إن الحكم يمشي على الزوج بصفته المضحي عن أهله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم خلاصة هذا السؤال أنه إذا دخلت العشر عشر ذي الحجة وأراد الإنسان أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً فهل هذا الحكم يتناول أهل البيت؟ بمعني أن الزوجة لا تأخذ من شعرها وبشرتها وظفرها شيئا وكذلك بقية العائلة؟ والجواب :لا، فالمضحى عنه من الزوجات والأولاد بنين وبنات والأمهات وكل مَنْ في البيت ممن يضحي عنهم قيم البيت لهم أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (وأراد أحدكم أن يضحي) ولم يقل أن يضحى عنه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ولم يرد أنه يقول لهم امتنعوا من أخذ ذلك ولو كان امتناعهم واجبا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم.
***
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ يقول هذا السائل ما حكم من حلق يوم عيد الأضحى قبل الذهاب إلى الصلاة علماً بأنه نصح عن ذلك ولكنه أصر على الحلاقة فنرجو بهذا التوضيح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا حلق يوم النحر قبل أن يذهب إلى الصلاة فلا حرج عليه إذا كان لا يضحي أما إذا كان يضحي فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى من أراد الأضحية إذا دخل شهر ذي الحجة أن يأخذ شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته شيئاً) حتى يضحي فلا يحل للإنسان الذي يريد الأضحية أن يأخذ من شعره أو ظفره أو بشرته شيئاً إذا دخلت العشر أعني عشر ذي الحجة حتى يضحي إلا أنه يستثنى من ذلك من أراد العمرة أو الحج فإنه يقصر إذا أتم عمرته أي طاف وسعى من أجل أن يحل وإنما استثني ذلك لأنه الآن صار نسكاً وكذلك من حج فإنه إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد حلق رأسه أو قصره ولو كان لا يدري هل ذبح أهله أضحيته أو لم يذبحوها وذلك لأن هذا الحلق أو التقصير نسك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]