عرض مشاركة واحدة
  #256  
قديم 21-10-2020, 06:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (134)
الحلقة (141)



تفسير سورة البقرة (99)

إن دخول الجنة واستحقاقها ليس بالأمر السهل الهيّن، فإن من سنة الله في خلقه أن يتعرض عباده المؤمنون لأيام شدة ولأواء، ويمتحنوا في ذات الله، ويبتلوا في أنفسهم وأموالهم، وقد أنكر الله عز وجل على المؤمنين ظنهم أن يدخلوا الجنة دون امتحان وابتلاء، وقبل أن يصيبهم ما أصاب من قبلهم من البأساء والضراء والزلزال، حتى يستبطئ النبي ومن معه نصر الله من شدة ما يلاقون.

مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة البقرة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأحد من يوم السبت- ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلك الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، حقق اللهم لنا هذا الموعود، اللهم آمين.الآية التي درسناها في الدرس السابق كنا ما وفيناها حقها مما ينبغي أن نعرفه منها ونفهمه، فلهذا أذكركم بها أولاً تلاوة وتأملوا مضمونها، ثم نذكر مضمونها في الشرح.

بعثة الرسل بعد ظهور الشرك في الناس

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:213].فعلمنا أن البشرية أو الإنسانية مرت بها فترة طويلة من عهد آدم عليه السلام إلى أن بعث الله تعالى نوحاً، كانت تعيش على التوحيد، لا شرك ولا كفر، فلما اجتالتها الشياطين، ونفخت فيها روح الإلحاد والشرك والكفر، وأصبحوا يشركون بربهم ويكفرون به؛ بعث الله تعالى رسوله نوحاً، فكان أول الرسل يحمل الرسالة للبشارة والنذارة، يبشر المؤمنين المتقين، وينذر الكافرين الفاجرين، دل على هذا قوله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً [البقرة:213] أي: على ملة التوحيد، إذ الأصل التوحيد، إذاً: فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [البقرة:213] بعدما ارتبكت الحالة واختلطت، وأصبح فيها الشرك والفسق والباطل والشر، فحكمة الله تقتضي أن يرسل رسلاً يحملون هدايته إلى عباده، فمن أجاب فآمن واستقام بشروه بوعد الله الصادق بالنجاة من النار ودخول الجنة، ومن أصر على الشرك ومشى وراء الشياطين فإنهم ينذرونه بعذاب الله اللازم له.

إنزال الكتب على المرسلين لهداية الخلق

كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ [البقرة:213] بعدما اختلفوا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ [البقرة:213]، فإبراهيم كان معه ثلاثون صحيفة، وشيث كان معه ستون صحيفة، وموسى معه عشر صحف، وهكذا التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب، فلفظ الكتاب هنا اسم جنس، يدخل فيه كل ما أنزل الله من الكتب، وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ [البقرة:213] لعلة أن يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه من شأن التوحيد والشرك، والكفر والإيمان، وطاعة الرحمن عز وجل.

اختلاف أهل الكتاب في الحق

ثم أخبرنا تعالى أن الذين اختلفوا فيه هم الذين أوتوه من قبل، وهذه تنطبق على اليهود انطباقاً كاملاً، هم الذين اختلفوا في رسالة عيسى؛ لأنه كان بين أيديهم التوراة، ويتلونها ويعملون ببعض ما فيها، فالمفروض أن يؤمنوا بالإنجيل، ويدخلوا تحت راية عيسى لينجوا، فاختلفوا، واستمر خلافهم حتى بعث الله النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لسنا في حاجة إلى دين جديد ولا إلى كتاب جديد! وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ [البقرة:213] حال كونهم بغاة، من أجل البغي والحسد فقط، وإلا فكتاب الله هو كتاب الله، ورسول الله هو رسول الله، أنزل الله كتاباً ونسخه بآخر، فنأخذ بالناسخ ونترك المنسوخ، لكن البغي النفسي والحسد والبغض هو الذي حملهم على هذا.

هداية المؤمنين لما اختُلِف فيه من الحق

وقوله تعالى: فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ [البقرة:213] قطعاً هم المؤمنون المحمديون، هداهم الله تعالى لما اختلف فيه اليهود والنصارى، فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:213] بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، وهم المؤمنون الصادقون في إيمانهم، هداهم الله عز وجل للذي اختلف فيه أهل الكتاب، وقد حصرناه في ثلاث مسائل:أولاً: اختلف اليهود والنصارى في عيسى، اليهود قالوا: ابن زناً والعياذ بالله، وقالوا: ساحر، حين كانوا يشاهدون المعجزات يقولون: سحر، والنصارى قالوا فيه: ابن الله، واختلفوا، وقال المؤمنون المسلمون بحق: هو عبد الله ورسوله، عبد الله من سائر عبيده اصطفاه بالرسالة فأرسله، فهو عبد الله ورسوله، ولهذا نشهد أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله.ثانياً: اختلفوا في يوم الجمعة مع ما له من فضل، هذا اليوم خلق الله فيه آدم، وأنزله فيه إلى الأرض، وهو يوم تقوم فيه الساعة، وهو أفضل الأيام، وحسبنا أن فيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي ويدعو الله شيئاً إلا أعطاه الله إياه.فاليهود عليهم لعائن الله قالوا: إن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وهي: الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة واستراح يوم السبت، فقالوا: هذا هو اليوم الذي نستريح فيه نحن، وهذا من تزيين الشيطان، وأبطل الله هذه الفرية في آية من سورة (ق)، إذ قال: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق:38]، أي: نصب أو تعب، فأبطل فريتهم.وجاء النصارى فاختاروا الأحد، وجاء المسلمون بعدهم أتباع النبي الخاتم فهداهم الله إلى يوم الجمعة، فلنا يوم الجمعة ولليهود السبت، وللنصارى الأحد، هدانا الله لما اختلفوا فيه، فالحمد لله.ومما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن فترة الحياة من عهد آدم إلى أن تقوم الساعة هي بمثابة طلوع الشمس إلى غروبها، كيوم واحد، فتلك الأمم توالت وجئنا، فنحن الآخرون الأولون، وقتنا: من صلاة العصر إلى غروب الشمس، هكذا بين الرسول صلى الله عليه وسلم، فنحن الآخرون الأولون.

اختصاص الله تعالى بالهداية

إذاً: فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ [البقرة:213] لا هداية بدون إذن الله، فلهذا من طلب الهداية يطلبها من الله بإلحاح، ولا يفهم أنه في إمكانه أن يهتدي إلى الصراط المستقيم؛ إلى محاب الله فيعملها، وإلى مكاره الله فيتركها، هيهات هيهات إذا لم يكن الله عوناً له وهادياً له، وحسبنا في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يتهجد ويصلي يقول هذا الدعاء: ( اللهم رب جبريل وميكائيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )، هذا الرسول حامل راية الهداية، وهو داعيها، ومع هذا كل ليلة يتضرع بين يدي الله ويسأله أن يهديه لما اختلف فيه الأولون من الحق بإذنه.

أهمية ديمومة سؤال الله تعالى الهداية

فمن هنا قول ربنا: وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:213] ويحب إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:213] يجعلنا نضطر أنفسنا إلى أن نسأل الهداية طول حياتنا، لسنا بأهدى من رسول الله، ومع ذلك يقول: ( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ). وكثيراً ما أقول للمستمعين والمستمعات: من هم الذين يشاء الله هدايتهم؟ بنو الأصفر، العرب، بنو كذا؟ من هم؟ الجواب -معشر المستمعين والمستمعات-: هم الذين قرعوا باب الله ولازموه، واستمروا طول حياتهم يدعونه الهداية، هم الذين شاء الله هدايتهم، أما المتنكبون والمعرضون -فضلاً عن الساخرين والكافرين- فهؤلاء لا يشاء الله هدايتهم؛ لأنه عليم حكيم، فالذي أقبل على الله في صدق يتضرع إليه ويسأله الهداية حاشا لله أن يحرمه إياها أو يخيبه في دعائه، والذي يقرع الباب مرة ومرتين ثم يتأخر ما ينتفع، لا بد من ملازمة، وحسبنا هذا الحديث، كلما قام في الليل يتهجد ويبكي يتوسل إلى الله بهذه الوسيلة العظيمة: ( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )، فلا بد من سؤال الله الهداية طول الحياة.إذاً: ومما اختلف فيه الأولون وهدى الله إليه المؤمنين: القبلة، كان اليهود يستقبلون بيت المقدس، والنصارى يستقبلون مطلع الشمس ومشرقها، فهدانا الله نحن إلى الكعبة، وهي قبلة إبراهيم وإسماعيل والأنبياء حتى هود وصالح، فاختلفوا في القبلة فاستقبل اليهود بيت المقدس، واستقبل النصارى طلوع الشمس، وهدانا الله نحن إلى كعبته التي بناها لآدم لما هبط إلى الأرض، فاختلفوا وهدانا الله، فالحمد لله.
تابع قراءة في تفسير قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ...) من كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات

تلك الآية فيها هدايات:قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ هداية الآية:من هداية الآية:أولاً: الأصل هو التوحيد والشرك طارئ على البشرية ] كما قدمنا؛ لأن آدم خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، وأخرج من ضلعه الأيسر حواء امرأته وأهبطهما إلى الأرض، فآدم نبي الله، يعلم عن الله ويوحي الله تعالى إليه، وأولاده تناسلوا، كلما يولد مولود يعرف الحق ويعرف التوحيد ويعبد الله، وقد قص الله تعالى علينا قصة قابيل وهابيل، وهما ابنا آدم عليه السلام، وقتل قابيل هابيل حسداً، ولهذا فالحسد أخطر ما يصاب به البشر، قل لأخيه: لم يقبل الله صدقتك ولا يقبل صدقي؟ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ [المائدة:27]، والعلة في قبول الله هذا ورفض هذا أن هابيل قدم خير ماله وأفضل ما يملك لربه، والآخر جمع أشياء فاسدة ما له حاجة إليها، وتقدم بها قربناً لله، وهكذا الصدقة إذا كانت مما فيه رداءة وعدم صلاحية لا قيمة لها، أنت تتقرب إلى الله وتقدم إليه بما لا تريده! كيف يصح هذا؟ كيف تواجه الله عز وجل؟ ( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ).إذاً: واستمر التوحيد في أحفاد آدم وأحفاد أحفاده إلى أن حدث الشرك بدعوة إبليس وفتنته، إذاً: لما انتشر الشرك أرسل الله نوحاً، فدعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً.[ ثانياً: الأصل في مهمة الرسل البشارة لمن آمن واتقى والنذارة لمن كفر وفجر ]، الأصل في مهمة الرسل ما هي؟ أن يبشروا من آمن واتقى، وينذروا من كفر وفجر، ثم المهام الأخر من العبادات إلى الجهاد تابعة، يقوم بها المؤمنون الصادقون.[ ثالثاً: من علامات خذلان الأمة وتعرضها للخسار والدمار أن تختلف في كتابها ودينها، فيحرفون كلام الله ويبدلون شرائعه طلباً للرياسة وجرياً وراء الأهواء والعصبيات، وهذا الذي تعاني منه أمة الإسلام اليوم وقبل اليوم، وكان سبب دمار بني إسرائيل ]. من علامات الخذلان أن يختلف الناس في دين الله، فلهذا على العلماء أن يعملوا ما استطاعوا على أن لا يفتحوا باب الخلاف للمسلمين، ولو قام بهذا الواجب العلماء لما ظهر الخلاف، الخلاف كله شر لا خير فيه، الأمم التي اختلفت تدمرت وخسرت حياتها.إذاً: فالآية تحمل هذا التنبيه: لا تختلفوا في كتابكم، فإن من اختلفوا في كتابهم هلكوا.[ رابعاً: أمة الإسلام التي تعيش على الكتاب والسنة عقيدة وعبادة وقضاء هي المعنية بقوله تعالى: فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ [البقرة:213] ]، أي: لما اختلف فيه أهل الكتاب: اليهود والنصارى.[ خامساً: الهداية بيد الله، فليطلب العبد دائماً الهداية من الله بسؤاله المتكرر أن يهديه دائماً إلى الحق وإلى الطريق المستقيم ]، وقد قدمنا الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان كل ليلة يسأل الله أن يهديه لما اختلف فيه الناس من الحق، ويهديه إلى صراط مستقيم.

تفسير قوله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ...)

كانت تلك الآية، والآن معنا آية أخرى، هي قول الله عز وجل: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214]. قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ [البقرة:214] هذا الاستفهام معناه: بل أحسبتم أن تدخلوا الجنة أيها المؤمنون. وهذه كانت أيام الشدة، أيام البأساء واللأواء؛ المدينة محاصرة من جهاتها، حرب الخندق، حرب أحد، الجوع، وحسبنا ما علمنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم مات ولم يشبع من خبز الشعير ثلاثة أيام متوالية، حسبنا أن أبا هريرة كان يصرع في المسجد من شدة الجوع، فيأتي أطفال المدينة يركبون على ظهره ويقولون: جن أبو هريرة ! قال: وما فيَّ من جنون، ولكن الجوع.هذه الآية تحملهم على الصبر والثبات والشجاعة، حتى يفرج الله الهم ويزيل الغم ويرفع البلاء، وفعلت هذه الآية ما فعلت فيهم، صبروا ثبتوا، فهو يقول لهم: أحسبتم أن تدخلوا الجنة دار السلام بدون بلاء؟ ما هو بمعقول أبداً. ‏

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.35 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]