الموضوع: تذكرت أمي
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-10-2020, 11:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تذكرت أمي



وأراد ابن الحسن التميمي قتل عقرب، فدخلت في جحر فأدخل أصابعه خلفها، فلدغته، فقيل له! قال: خفت أن تخرج فتجئ إلى أمي تلدغها.



وكان زين العابدين كثير البر بأمه، حتى قيل له: إنك ابر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة! فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.



وكان طلق بن حبيب يقبل رأس أمه، وكان لا يمشي فوق ظهر بيتٍ هي تحته إجلالاً لها.



وكان لمسعر بن كدام له أمٌ عابدة، كان يحمل لها اللبد إلى المسجد، فيدخله، ويبسطه، ويصلي عليه، ثم يتقدم هو لمقدمة المسجد يصلي، ثم يقعد ويجتمع الناس فيحدثهم، وهو شيخ عالم معروف، ثم بعد ذلك ينتهي مجلس الحديث، فيقوم فيطوي لبدة أمه ويرافقها إلى البيت.



وها هو حيوة بن شريح من كبار العلماء، كان يقعد في حلقة الدرس يعلم الناس، وعند مضي بعض الوقت تأتي أمه وتقول: يا حيوة! قم ألقِ الشعير للدجاج، فيقوم ويقطع الدرس! الشيخ العالم الكبير حيوة يقطع الدرس وهو يدرس الطلاب؛ ليضع الشعير للدجاج، ثم يرجع يكمل الدرس، وهكذا.



فلقد علموا أن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأن دعاء الأم ليس بينه وبين الله حجاب،، فعَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِدًا فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَانَ فِيهَا فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ. فَقَالَ يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ فَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ فَقَالَ يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ فَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ. فَقَالَ أَي رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ. فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِىٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا فَقَالَتْ إِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِ نَنَّهُ لَكُمْ قَالَ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِ فَوَلَدَتْ مِنْكَ. فَقَالَ أَيْنَ الصَّبِىُّ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّىَ فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِىَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ وَقَالَ يَا غُلاَمُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ فُلاَنٌ الرَّاعِي قَالَ فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ وَقَالُوا نَبْنِى لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ لاَ أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ. فَفَعَلُوا. أخرجه أحمد 2/307(8057) و "البُخاري" 3/179(2482) و"مسلم" 8/4.



يقول الشاعر:



من غير علم تنطقين بحكمة

كالوحي كالإلهام ينطق هاديا



للأم إلهام عجيب كاشف

للغيب يطلع الأمور كما هي



إلهامها وحى الإله لروحها

تلقاه في الظلمات يهدى الساريا



يامن يفاخر بالعلوم وفضلها

ويرى لها النور المبين الزاهيا



العلم ليس من المدارس وحدا

خذ من حنان الأم علما صافياَ



علم بالأقلام يخط وحكمة

خشع الزمان لها وأنصت واعياَ






وتقول الشاعرة روحية القليني:



يا من وهبت لنا الحياة أمومة

ممزجة بالعطف والرحمات



وبحكم القرآن توحي دائماً

بالأم أفديها وأبذل ذاتي







لو لم تكن ربى وسر هدايتي

لعبدت أمي هي نور حياتي



لكنني يا رب مؤمنة بمن

خلق الحياة وأنزل الآيات






وتذكر الوالدين وبخاصة الأم بعد وفاتها والدعاء والاستغفار لها يعد صورة من صور البر التي أمرنا الإسلام بها، قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].



ولقد ضرب لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - مثالاً عملياً على ذلك، فها هو عليه الصلاة والسلام يتذكر أمه ويزور قبرها بعد وفاتها بعد أكثر من خمسين سنة من رحيلها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَزُورُوَا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الْمَوْتَ. صحيح مسلم (2304) وصحيح ابن حبان - (7 / 440) (3169).



وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: انْتَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رَسْمِ قَبْرٍ فَجَلَسَ، وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ كَثِيرٌ، فَجَعَلَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ كَالْمُخَاطِبِ. قَالَ: ثُمَّ بَكَى، فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:" هَذَا قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَأَبَى عَلَيَّ، وَأَدْرَكَتْنِي رِقَّتُهَا فَبَكَيْتُ " قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ سَاعَةً أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ ". دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ (101) صحيح.



قَالَ الْقَاضِي: بُكَاؤُهُ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَا فَاتَهَا مِنْ إِدْرَاك أَيَّامه، وَالْإِيمَان بِهِ. شرح النووي على مسلم- (3 / 403).



بل كان - صلى الله عليه وسلم - باراً بمن تولت تربيته ورعايته بعد أمه ووجد عنها حنان الأمومة الذي افتقده، وهي أم أيمن رضي الله عنها فاعتبرها أما لها وبكى عليها كما بكى على أمه، عن على قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم (أم أيمن) كفنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قميصه وصلى عليها فكبر عليها سبعين تكبيرة ونزل في قبرها فجعل يومي في نواحي القبر كأنه يوسعه ويسوى عليها وخرج من قبرها وعيناه تذرفان وحثا في قبرها فلما ذهب قال له عمر بن الخطاب يا رسول الله رأيتك فعلت على هذه المرأة شيئا لم تفعله على أحد فقال يا عمر هذه المرأة كانت أمي بعد أمي التي ولدتني إن أبا طالب كان يصنع الصنيع ويكون له المأدبة وكان يجمعنا على طعامه فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيبا فأعود فيه وإن جبريل أخبرني عن ربى أنها من أهل الجنة وأخبرني جبريل أن الله أمر سبعين ألفا من الملائكة يصلون عليها. أخرجه الحاكم (3/116، رقم 4574) و الطبراني (24/351، رقم 871)، وأبو نعيم في الحلية (3/121). وأخرجه أيضًا: الطبراني في الأوسط (1/67، رقم 189). قال الهيثمي (9/257): فيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وف يه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح.



وصور البر للأم بعد الموت متعددة، فعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ فَمَاتَتْ، وَإِنَّهَا رَجَعَتْ إِلَيَّ فِي الْمِيرَاثِ؟ قَالَ: قَدْ آجَرَكِ اللهُ، وَرَدَّ عَلَيْكِ فِي الْمِيرَاثِ. قَالَتْ: فَإِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ، فَيُجْزِئُهَا أَنْ أَحُجَّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَإِنَّ أُمِّي كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَيُجْزِئُهَا أَنْ أَصُومَ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. أخرجه أحمد 5/349 (23344. ومُسْلم 3/157(2671) و"النَّسائي"، في "الكبرى" 6280.



إن تذكرنا للأم تذكر لمحضن طفولتنا.. تذكرنا للمدرسة الأولى التي تعلمنا فيها معاني الحب والعطاء.



الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتها

أعددتَ شعباً طيّب الأعراقِ



الأمُّ روضٌٌ إنْ تعهّدهُ الحَيا

بالرَّيِّ أورقَ أيّما إيراق



يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]