عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-10-2019, 12:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,325
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقارنة الغيبيات بين اليهود والنصارى


مقارنة الغيبيات بين اليهود والنصارى
سامية جرمان حريق الأسمري



أوصاف الملائكة عند النصارى:

يمجدون الله ويسبحونه، أجسادهم أثيرية غير قابلة للفساد أو الموت، وهي كائنات محدودة، بمعنى إذا وجدوا في مكان ما، لا يكونون في مكان آخر، ولهم إرادة حرة، وكما نص العهد الجديد قصة جبريل عليه السلام مع مريم، عندما تمثل لها بصورة بشر يبشرها بمولد عيسى عليه السلام، ولهم علم محدود بمشيئة الله، ومع اختلاف النصارى في العقائد الفرعية، فإنهم لا يكادون يختلفون في مفهوم الملائكة لديهم، فقد اتفقت كتب النصارى مع اختلاف كنائسهم عن حقيقة الملائكة بأنهم أرواح خادمة، ولهم قدرات عالية تفوق البشر،وأنهم خالدون لا يتناسلون، وأعدادهم لا تُحصى[19].

وأما عن الإيمان بهم فقد تحدثت الموسوعة الكاثوليكية بأنه يجب الإيمان بالملائكة، ولهم طبيعة روحانية نورانية[20].

ومن أعمال الملائكة عند النصارى:

طاعة الله، وخدمة الناس خاصةً المؤمنين بالمسيح، وأن هناك ملكًا لحراسة كل شخص، ولا يتزوجون، وهم مخلدون، وهم أبناء الله الأحباء، وهم في عبادة دائمة، كما أنهم يقومون برعاية الأنبياء والمرسلين، ويظهرون للأنبياء الصالحين بطبيعتهم النورانية، وأما عن أعمالهم يوم القيامة أنهم يفصلون الأبرار عن الأشرار، ويسوقون الأشرار إلى جهنم[21].

وتعتبر الملائكة جزءًا مهمًّا في العقيدة النصرانية، وتشكل دورًا رئيسًا في حياة المسيح عليه السلام، وهي جزء أساس في عقيدة التثليث لديهم، ولا تكاد النصارى تختلف عن مفهوم اليهود للملائكة؛ لأن النصارى يؤمنون بالعهد القديم، فقد اتفق اليهود والنصارى على الإيمان بالملائكة، وعلى حقيقتهم النورانية، وأنهم لا يتناسلون، ويظهرون في صورة البشر، وأنهم أبناء الله تعالى الله عن ذلك، وأنهم رسل يقومون بإيصال رسالة الله للأنبياء، ويسبحون الله ويمجِّدونه، إلا أن هناك فرقة يهودية تأثرت بالقبالة الذي اتهموا بعبادة الملائكة، وكما أن النصرانية أيضًا تضل في نوع خاص وهو ما يسمى "بروح القدس"، فترفعه إلى مقام الألوهية، وهو الأقنوم الثالث من الأقانيم.

المطلب الثالث: اليوم الآخر:

اليوم الآخر موجود في كل الديانات السماوية، ولا تتم عقيدة إلا بالإيمان باليوم الآخر، والنصوص القرآنية تدل على ذكر اليوم الآخر في الكتب المقدسة التي سبقت القرآن الكريم، فعدم ذكرها في الكتب، أو قلة ذكرها إنما يدل على التحريف وكتمان الحق، وقد نص القرآن على ذلك.

اليوم الآخر لدى اليهود:

وُجِد في أسفار العهد القديم ما يشير إلى يوم القيامة، وبعث الأموات والثواب والعقاب، إلا أنها لم تكن واضحة، وسبب قلة ذكر اليهود لليوم الآخر[22]، هي أن ديانتهم لا تعني بالإيمان والاعتقاد، فهي ديانة تهتم بالأعمال كما قال أحمد شلبي[23].

"لم يفكر اليهود إلى مفهوم الغيبيات إلا بعد السبي البابلي، ومن بعد التشتت في الأرض، فأخذ تفكيرهم في اليوم الآخر اتجاهين: أنه الخلاص على يد المسيح عندهم، ونهاية العالم "[24]

الإيمان بالبعث والجزاء لدى اليهود:

إن علماء اليهود قد صرحوا بالإيمان بالبعث واليوم الآخر؛ يقول سعديا الفيومي: "إن إحياء الموتى الذي عرفنا ربنا أنه يكون في دار الآخرة للمجازاة، فذلك مما أمتنا مجمعة عليه".

فهذا نص واضح يبين إجماع اليهود على البعث والحساب، ولكن هناك من الفرق اليهودية التي تنكر البعث، وهم فرقة الصدوقيون.

وهناك قول أيضًا لموسى بن ميمون: "أنا أؤمن إيمانًا كاملًا بقيامة الموتى في الوقت الذي تنبعث فيه إرادة الخالق"[25].

وبعض الفرق تقول بأن بعث الأموات يكون مرتين:

الأولى: في زمن المسيح المنتظر عندهم، وهو مختص بالصالحين، وهي معجزة للمسيح، وكرامة للصالحين.

الثانية: البعث في القيامة العامة لكافة الناس من أهل الخير والشر، للعقاب والثواب الأبدي[26].

وهذه النصوص تتفق على قيامة الموتى، واليهود في عهد الرسول صلى الله علية وسلم كانوا يقرون باليوم الآخر؛ كما ثبت في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ يهوديًَّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قرأ:ï´؟ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ï´¾ [الأنعام: 91]"[27].

الجنة والنار:

أما الحديث عن الجنة والنار، فقد قال الدكتور سامي القليطي: "ورد ذكر الجنة إشارة إلى أنه مكان الصالحين، وورد ذكر النار أيضًا، وهو مكان مخالفيهم، وما يفهم من أسفار العهد القيم أنها تكون في الدنيا، ولقد ذهب كثير من الباحثين أن المقصود في الثواب والعقاب عند اليهود أنه يتم في الدنيا، مثل الدكتور علي عبدالواحد، والدكتور كامل سعفان، والدكتور سعود الخلف"[28]

ومن ادعاءات اليهود أن الجنة محصورة لهم، فلا يدخلها غيرهم، وأن النار جزاء الكافرين المخالفين لهم؛ كما قال تعالى:ï´؟ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ï´¾ [البقرة: 111][29].

المسيح المخلص عند اليهود:

يدعى المسيح المخلص عند اليهود، وبالعربية المسيح، وهو الممسوح بالزيت، ثم تطور هذا المعنى عند اليهود، فأصبح بعد السبي البابلي يُعنى به المهدي المنتظر، وهو من يحرر اليهود من العبودية من مضطهديهم، ويعيدهم من المنفى، ويحكم بالشريعة اليهودية، ويحكم بالعدل، وكان سبب ذلك هو الحالة السياسية والاجتماعية التي جعلت هذا المعنى يكون سببًا لأملٍ جديد ترتفع به مكانتهم[30].

اليوم الآخر عند النصارى:

اهتم النصارى بعقيدة اليوم الآخر خلافًا لليهود؛ لأن النصارى عنت بالعقائد أكثر من الأعمال، بعكس اليهود كما ذكرنا سابقًا أنهم يهتمون بالأعمال دون الاعتقاد، يسمي النصارى اليوم الآخر "بالإسخاتولجيا"، وهي مركبة من كلمتين يونانيتين، معناهما: "الكلام في الآخرة؛ أي: الأمور المختصة بمستقبل النفس ونهاية العالم، ومجيء المسيح الآخر والدينونة، ونصيب الأبرار السماوي، وقصاص الأشرار الأبدي"[31].

الإيمان بالبعث والحساب عند النصارى:

يعتقد النصارى بالحساب لكل البشر، ويطلقون على موقف البشر للحساب والجزاء مسمى الدينونة، وبمطلق الحكم يدخل الأبرار في ملكوت المسيح، ويذهب الأشرار في الظلمة واليأس الأبدي، كما أنهم اعتقدوا من يحاسبهم أنه المسيح، وهو المعين من الله ديانًا للبشر جميعًا، ويمنح الطائعين الجنة والمخالفين النار[32].

الجنة والنار عند النصارى:

لقد جاءت عقيدة النصارى في النعيم والعذاب واضحة، فالديانة النصرانية تميل إلى الزهد والانقطاع عن الدنيا، والعمل للآخرة، فقد جاءت نصوص الكتاب المقدس بإشارات واضحة للجزاء والحساب، والنعيم والعذاب[33]، ويعتقد النصارى بأن الجنة مكان للثواب والنعيم، ومقرها في السماء، وهي دار الطائعين، وجهنم هي مكان العذاب، وهي مكان المخالفين الكفار، كما أن النصارى تعتقد بأبدية الجنة والنار[34].



ولقد زعم النصارى أن الجنة محصورة لهم؛ مما يتضح أنه أخذ هذا التصور من اليهود، فلا يدخلها غيرهم، وأن النار جزاء الكافرين المخالفين لهم؛ كما قال تعالى: ï´؟ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ï´¾ [البقرة: 111].

المسيح المخلص لدى النصارى:

إن فكرة المسيح المخلص عند النصارى أخذت من اليهود، ولكن أسندوها إلى عيسى عليه السلام، فأوصاف المسيح المخلص عند النصارى، هو أنه متواضع وفقير، وليس له مملكة في الدنيا، وسيكون ناسخًا لشريعة موسى عليه السلام، وستكون شريعته عالمية، ويكون منقذًا للنصارى فقط[35].

مما تعرضنا له في عقيدة اليوم الآخر لأهل الكتاب: أنهم جميعًا آمنوا باليوم الآخر، ولكن مما يختلف فيه أن اعتقاد اليهود بأنه سيكون في الدنيا، ويكون الحساب من الرب، بخلاف النصارى عندما يسمون ذلك اليوم بالدينونة، ومحاسبهم آنذاك هو المسيح، وقد علمنا التشابه في مسمى المسيح عند اليهود والنصارى، بخلاف شخصية المسيح في كلتا الحالتين، واتفقوا على حقيقة الجنة أنها للطائعين والنار للمخالفين الكفار بما يسمونهم الأشرار.

[1] مقارنة الأديان اليهودية، أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط 8، 1988م، ص 173.

[2] الديانات والعقائد في مختلف العصور، أحمد عبدالغفور، مكتبة المهتدين، مكة، ط1، 1401هـ-1981م، 3/250.

[3] الإسلام والأديان دراسة مقارنة، ص 167.

[4] المرجع السابق، 167.

[5] رسائل في الأديان والفرق والمذاهب، ص 91.

[6] الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام، ص109.

[7] المرجع السابق، ص109.

[8] المرجع السابق، ص 125.

[9] الملائكة والجن: "دراسة مقارنة في الديانات السماوية الثلاث"؛ مي حسن محمد المدهون، نهضة مصر، ط1،ظ،ظ¤ظ¢ظ©هـ -ظ،ظ¤ظ£ظ*ه، ص19.

[10] المصطلحات الدينية اليهودية، رشاد شامي، الكتب المصري للتوزيع، مصر، ط1، ظ¢ظ*ظ*ظ£م، ص 121.

[11] موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، عبد الوهاب المسيري، دار الشرق، مصر، طظ،، 2003م، ص 103.

[12] دراسة في الأديان الوحي والملائكة في اليهودية والمسيحية والإسلام، أحمد بن عبدالوهاب مكتبة وهبة القاهرة، ط1 ،1399هـ-1979م، ص20.

[13] الملائكة والجن: "دراسة مقارنة في الديانات السماوية الثلاث"، ص21.

[14] المرجع السابق، ص24.

[15] المرجع السابق، ص30.

[16] المرجع السابق، ص 171.

[17] قاموس الكتاب المقدس، دار النهضة القاهرة، ط1، 1987م، ص 57.

[18] الملائكة والجن دراسة مقارنة في الديانات السماوية الثلاث، ص 74.

[19] المرجع السابق، ص 178.

[20] المرجع السابق، ص 172.

[21] دراسة في الأديان الوحي والملائكة في اليهودية والمسيحية والإسلام، ص22.

[22] النعيم والعذاب في الآخرة عند أهل الكتاب، سامي بن علي القليطي، مجلة جامعة طيبة للآداب والعلوم الإنسانية، طظ£، ظ،ظ£ظ£ظ¥هـ، صظ¢ظ§-ظ¢ظ©.

[23] المصدر السابق ص 32.

[24] يوم القيامة بين اليهودية والمسيحية والإسلام، دار الوفاء للطباعة والنشر، المنصورة، طظ،، ظ،ظ©ظ©ظ،م-ظ،ظ¤ظ،ظ،هـ، ص54.

[25] المصدر السابق ص55.

[26] العقائد المشتركة بين اليهود والنصارى وموقف الإسلام منها، ص 256.

[27] صحيح البخاري ظ§ظ¤ظ،ظ¤، ابن خزيمة، التوحيد 1/181، صحيح الترمذي ظ£ظ¢ظ£ظ¨، صحيح مسلم ظ¢ظ§ظ¨ظ¦.

[28] النعيم والعذاب في الآخرة عند أهل الكتاب ص 158.

[29] سورة البقرة آية 111.

[30] المسيح المنتظر في المصادر اليهودية والمسيحية، نقله عن العبرية نبيل أنسى الغندور، مكتبة النافذة، الجيزة، ط1، ظ¢ظ*ظ*ظ§م، ص 17.

[31] يوم القيامة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، ص53.

[32] النعيم والعذاب في الآخرة عند أهل الكتاب، ص270.

[33] المرجع السابق، ص209.

[34] المرجع السابق، ص 221.

[35] المسيح المنتظر في المصادر اليهودية والمسيحية، ص150.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.38 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]