عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-12-2019, 11:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإسلام والتربية مدى الحياة

الإسلام والتربية مدى الحياة (2)


شريف دويدار


أسس التربية مدى الحياة:
التربية مدى الحياة تقوم على أسس تكييف المناهج الدراسية، في مُختلف مراحل التعليم، بحيث تُكوِّن الطالب التكوين الملائم، وتزوده بالمهارات والقدرات التي تساعده على أنْ يكون مُعلِّمَ نفسه بعد الحياة المدرسية، وبحيث تجعله باحثًا عن الثقافة والتعليم بما يتلاءم والعصر الذي يعيش فيه، والبيئة التي يحيا فيها؛ حتَّى لا يُمسي متخلِّفًا، والعالم حوله ينبض بالتقدُّم الحضاري والرُّقي التِّقني الذي يتميز به عصرُ انتشار العلم والتقنية، وهى تُراعي طبيعته، وتتمشى معها في نطاق قُدراتها، وتُحاول أنْ تدفع الفرد إلى تحقيق ذاته وتنمية طاقاته إلى أقصى درجة مُمكنة، ثم إنَّها تهدف إلى نُمُو الفرد بصورة مُستمرة، فهي عمليَّة يتطور فيها الفرد؛ ليكونَ صالحًا للعمل في مجتمعه طوال حياته، وهي تَمتدُّ حيثما يكون نشاط الفرد وميدان عمله، كما أنَّها تشمل مختلف مواقف حياته في العمل وفي الأسرة، وفي المجتمع الخاص والمجتمع العام على السواء، وإلى جانب هذا فإنها تترك الباب مفتوحًا أمام المتعلم للاستفادة من كُلِّ الوسائل التربوية، التي تُتاحُ له في أي وقت وفي أي مكان.

وهى تدعو إلى الملاحظة المستمرة، والتأمُّل الواعي، واتِّباع الأسلوب العلمي في كُلِّ عمل يقوم به الإنسان، وإذا كان على إنسان الغد أن يتعامَلَ مع أكبر سرعة من التغيُّر، الذي يعيشه إنسان الحاضر، فإنَّ هدف التعليم الرئيس لا بُدَّ أنْ يَحرص على إنْماء قُدرة الإنسان على معالجة المشكلات الجديدة والتغلُّب عليها، وقدرته على سرعة الحركة، وعلى الاقتصاد في الجهد المبذول؛ للتغلب على المعدل السريع للتغير، وأنْ يتعلَّم الإنسان كيف يُمكنه القيام بعمل افتراضات احتمالية تتكرر في المستقبل.

ولأهمية التربية مدى الحياة في نُمو الفرد، وفي تقدم المجتمع، فإنَّ العملية التربوية تعتبر مسؤوليَّة المجتمع كله بكل طاقاته، بكل أجهزته، بكل أفراده، وإلى جانب ذلك فإنَّها تعتبر كُلَّ فرد معلمًا ومتعلمًا في نفس الوقت، وهذا جديد على التربية الحديثة، وإن كان ليس بجديد على التربية الإسلاميَّة، كما أنَّها تؤكد العلاقة بين التعليم والعمل.

وهي إلى جانب ذلك تُعَوِّل على أهمية البحوث العلمية، التي تعمق فَهْم جوانب التربية، وفَهْم الظواهر السياسية والاجتماعيَّة والاقتصادية والثقافية، التي تساعد على إحداث التغيُّر والتحوُّل المطلوب في النظم التعليمية.

ولكي يَتِمَّ هذا بالطريق الأمثل، فإنَّه يتطلب رسوخ الباعث الدَّائم المتجدد للدِّراسة لأفراد المجتمع، بحيث يكونُ لديهم دوافعُ قويَّة مُتجددة مُستمرة، حتَّى يُقبلوا على التعليم ما دامت الحياة.

وهذا يتطلب تحقيق التَّكامُل بين التعليم المدرسي، وتعليم الكبار في مفهوم واحد، وتحقيق تكامُل التعليم المُتصل بكُلِّ جوانب الحياة الهامة، وتعميم هذا اللَّون من التعليم الذي يُحقق التكامُل بين جميع قطاعات المجتمع، وإعادة تحديد دَوْر كُلٍّ من التعليم المدرسي وغير المدرسي، حتَّى يلاحق ذلك رَكْب التطورات السريعة، التي يتحتَّم على أفراد المجتمع اللِّحاق بها، وكيفيَّة استخدام نتائج التقنية، التي تُحاول المجتمعات جاهدة في الأخذ بها.

ومع التربية المُستمرة يتغير مفهوم النَّجاح والرسوب؛ لأنَّ الشخص الذي قد يرسب في فترة مُعينة أو في مرحلة مُعيَّنة من مراحل عُمره - سوف تتاح له فرص أخرى للنَّجاح بقية عمره، ولن يستسلم لليأس، فالهدف الرئيس: هو زيادة الفُرَص التي يختبر الفرد فيها قُدراتِه وإمكانيَّاته، وهى كثيرة ومُتنوعة، وتَمتد معه بامتداد حياته، وذلك يقتضي مواصلته للتعليم مدى الحياة.

يتبع..



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.79%)]