عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-08-2020, 02:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي الاعتراض في القرآن الكريم (الجملة المعترضة)

الاعتراض في القرآن الكريم (الجملة المعترضة)


سعيد مصطفى دياب








مِنْ أَسَالِيبِ الْقُرْآنِ الْبَلَاغِيَّةِ: الاعْتِرَاضُ، وَالاعْتِرَاضُ أَنْ يُؤْتَى فِي أَثْنَاءِ الْجُمْلَةِ بكَلَامٍ فَاصِلٍ، يَتِمُّ الْغَرَضُ الْأَصْلِيُّ بِدُونِهِ وَلَا يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ لِنُكْتَةٍ.
وَهو ما يسميه النُّحَاةُ بالْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ.

أَسْبَابُ الِاعْتِرَاضِ:
للِاعْتِرَاضِ أَسْبَابٌ مِنْهَا:
1- التَقْرِيرُ:
وَمِثَالُهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾.[1]

فَجُمْلَةُ: ﴿ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ﴾، اعْتِرَاضٌ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ ﴾ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ ﴾، وَالْمُرَادُ بهذا الاعْتِرَاضِ تَقْرِيرُ إِثْبَاتِ الْبَرَاءَةِ مِنْ تُهْمَةِ السَّرِقَةِ.

وَمِثَالُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ﴾.[2]

فَجُمْلَةُ: ﴿ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾، اعْتِرَاضٌ بَيْنَ قَوْلِهِا: ﴿ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾، وَقَوْلِهِا: ﴿ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ﴾.

وَالْمُرَادُ بهذا الاعْتِرَاضِ: تَقْرِيرُ إِثْبَاتِ أَنْ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً مِنَ الْقُرَى خرّبوا مبانيها، وغيروا مغانيها، وأتلفوا أَمْوَالَهَا، وَفَرَّقُوا شَمْلَ أَهْلِهَا وَأَهَانُوا أَشْرَافَهَا، وَحَطُّوا مَرَاتِبَهُمْ، فَصَارُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَذِلَّةً، وَإِنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَتِمَّ لَهُمُ الْمُلْكُ، وَتُسْتَحْكَمَ لَهُمُ الْوَطْأَةُ، وَتَتَقَرَّرُ لَهُمْ فِي قُلُوبِ الناسِ الْمَهَابَةُ.

2- التَّنْزِيهُ:
وَمِثَالُهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ﴾.[3]

فَجُمْلَةُ: ﴿ سُبْحَانَهُ ﴾، اعْتِرَاضٌ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ ﴾، وقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ﴾، والغَرَضُ منه التَّنْزِيهُ وَالتَّعْظِيمُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِيهِ الشَّنَاعَةُ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْبَنَاتِ لِلَّهِ.

3- التَّبَرُّكُ:
وَمِثَالُهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمنين ﴾.[4]
فَجُمْلَةُ: ﴿ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾، اعْتِرَاضٌ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ﴾، وقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ آمنين ﴾.
وفائدة الاعتراض هنا التَّبَرُّكُ.


[1] سورة يُوسُفَ: الآية/ 73.


[2] سورة النَّمْلِ: الآية/ 34، 35.

[3] سورة النَّحْلِ: الآية/ 57.

[4] سورة الْفَتْحِ: الآية/ 27.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]