الحج الأكبر في الزمن الأخسر
إقبال المهندس
على حسرةٍ أغفو وأصحو على شعرِ *** عناوينُهُ تنأى فَيُسعِفَهُ كِبْري
رَهيبٌ مِنَ ألأيام أني طريدُها *** بوَهْمِ ألصِّبا تَرْمي على أوسَطِ العمرِ
فَيَحسَبَ فيَّ ألشامتونَ تصابيا *** وَيغبِطَني العشاق مِنْ خضرةِ الصدرِ
وحال الندامى مثلُ حالي غَريبةٌ *** فلمْ ينهجوا بالزَّجر يوماً ولا الشُكرِ
يَسيرون، كالحافي على الجمرِ، رُنَّحا *** فَتَحْتَسِرُ الأبصار إلاّ عنِ السُّكر
وكنتُ أنا الوثّابُ ما لزَّ بيَ الصّباِ *** أراهقُهُ حتّى يَفئَ إلى قَهْري
تجاهلتُ نَشواتٍ تُطيبُ جوارحي *** وآثرتُ...لذاتي الهمومَ التي اُغري
وكانت تمورُ الأرضُ مِنْ كلّ مُفلسٍ *** فضاءاتُهُ ملْأى كنوزاً منَ الفخرِ
يُولِّي لهُ (الدولار)، لا بل لِنعلهِ *** سُجودَ التُقى مِنْ سَخطَةِ المَلِكَ الحرِّ
تلومينني يابِنتُ أني مراوِدٌ؟ *** وكثرٌ وقفْنَ الدمعَ- أحلى- عَلى إثري
وكثرٌ، ولوأنّ الكهولة آذنتْ، *** يراوِدْنَ شيبي بالتًخلي عنِ المَهرِ
فمنْ بعدَ ذاكَ التيهِ يرقى لِمَعْبدي *** ويفقَهُ ترتيلي ويُرْجِعُ لي عصري؟
ومَنْ بعدُ، حتى يَسْتَفِزٌّ خوارجي *** لِيبْتزَّ في اقصى الدواخلِ مِنْ شِعري؟
ومَنْ جازَ شعري فيهِ فرداً ولمْ تدُخْ *** به الارضُ حبلى الفَ عامٍ مِنَ العُسْرِ؟
فَيا حرفُ(مَنْ) لمْ اٌروَ منكَ وإنما *** مباغتةُ النقادِ تُخشى مَعَ العذْْرِ
ألا لاتلومي وابعثي الشوقَ مَوْطنا *** لكارثةٍ حَوْمى بدوامةِ الغدْرِ
يَعُزُّ مقاما إذْ جَفا مُستَميلُها *** بزلزلةٍ للبرِّ مُحْدِبَةِ البحرِ
فهيهاتَ يايومي تسيسُ قريحتي *** بواعظةِ الوعاظِ أوْ ثائرٍ غرِّ
وما صدَقَ الدينَ الحنيفَ مُتّوَجُ *** إذا لمْ يَطُفْ (بالبيتِ) في بزّةِ النَصرِ
تطيرُ بهِ (الفلكون(*) غرْبِيةُ البِنا *** وعُرْبيََّةُ الخَيالِ والزأرِ والكرِ
يشقُ بها كبْدَ السماءِ وتحتهُ *** تَغَذّى عداهُ النارَ مِنْ جيشهِ البّرِ
تُراشِقُهُ الأعداءُ مِنْ كلِّ مِدْفَع *** لهُ اخْرَسَّ بالتكبير والزَّجرِ والنَّحرِ
وما ثار في الابطالَ منْ لمْ يَدُلِّنا *** إلى (القدسِ) بالصاروخِ مِنْ رميةٍ بِكْرِ
وَهلاّ تَصدّى للثلاثينَ فيصلاً *** وأعتى جيوشِ الأرضِ تُعزى إلى الشّرِّ
تعدَّى زمانَ والعيونُ كليلةٌ *** مِنَ الصبِّ تًسْتذكي القلوبَ على الذِّكرِ
مشاهِدََُ لمْ تُعْقَلْ تُهيبُ بِبَعْضِها *** تُجرِّدُ بالتاريخ سِفراً وَرا سفرِ
سَتُنكرُ لي الاجيالُ سَرْديَ في غدٍ *** أساطيرَكانتْ يُسْتَحارُ بها أمري
غَداةَ... أرى (الجوديَّ)- يَشْنُقهُ الهدى - *** بملحمةِ الطوفان مِنّا شَفا البرِّ
كأني بهِ يسْتدرجُ البرَّ مِنْبَراً *** بهيئةِ إنسانٍ خَطيبٍ عَنِ الْبِشرِ
وشيخٍ يُلبِّي للصلاةِ بوُدِّهِ *** يسابقُ خيطَ الشمسِ في مَطْلَعِ الفَجْرِ
وإني رأيتُ الشانقينَ أرانباً *** مِنَ الخشبِ الهريان منخورةَ الذُّعرِ
وما لاحَ لي الإسلامُ إلاّ بهامهِ *** وإلاّ لهُ أنْصَتُّ عَنْ ليلةِ القدْرِ
وتالله لمْ أشهدْ لأخذِلَ مؤمِناً *** عدا عجزيَ الإيفاءَ بالشِّعر والنّثرِ
تباريحُ كالأهوالِ لوْ هانَ وصْفُها *** تُشيبُ جَنينَ الأم مِنْ دورةِ الشَهْرِ
يموتُ بها إنْ لمْ يُجنَّ أعزُّها *** منَ الدُّولِ العظمى بما (القادةِ الْكُبْر!)
إذنْ وحدَنا بؤنا ذُراكِ أيا دُنى *** بسيلِ الدِّما الزرقاء مُحْمرَّةً تجري
بلى فَدِمانا كلُّ لَوْنٍ عَدا اَنّها *** مُخلّصَةٌ إلاّ مِنَ الْحِلْمِ والثأرِ
فيا زمَنَ الخسرانِ هلْ مِنْ مقولةٍ *** يفَرِّقُ بينً الجُبْنِ واليكَ والصّبْرِ ؟
وبين الذي يَسْتَغْفِرُ التاجُ رأسَهُ *** ورَهْطٍ لهُ يَدبي على البطنِ والظّهْرِ
سلامٌ على تاجي ولا تاجَ دونهُ *** ومملوكةُ التيجان صِفْرٌ على الصّفْرِ
سأحيى على الفنجان والبُنِّ(والنِّجرِ)(*) *** وسيفٍ لها غضبانَ ينهلُ مِنْ فِكري
وأهلي سماءُ الناسِ ما ضامني دَهري *** أشدُّ بِهْم آزارَ مَنْ نامَ عنْ أزري
سلامٌ على شعبِ الشهادةِ والبُنى *** على سيدِ الشعب، الشهيد الذي أُطري
على وطنِ الاوطان، وا شعريا أثرِِ *** وَلوِّحْ بنارِ الثار قافيةَ الدُّرِ
سلامٌ على أختي سلامٌ على بنتي *** وأمي ومَنْ أهوى منَ البيضِ والسُّمرِ
تلومينني؟ قولي فإني مُتيَّمٌ *** يُآخي شباةَ السّيفِ بالعطرِ والخُصرِ
وخيماً أقامَ الليلَ فيهِ مُدَّجّجاً *** بِليلٍ بهِ أغفى على.... نَاعمِ الخدْرِ
وإنْ تعْجبي شمِّي تَريْ فيَّ خلطةً *** منَ(الدانِ)(*) والنسوانِ فاحَ بِها شَعْري
وبَعْدُ أذكري أني العراقِيُّ بالهوى *** مِنَ الفرْعِ للأغضان حتى نُهى الجَذْرِ
وأنّ العراقَ الحرَّ يبقى سَنا الهدى *** عَصيّاً أبيّاً، يا جلاوزةَ الكُفْرِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(*)الفلكون= طائره نوع فالكون رئاسية امريكية الصنع.
(*)النّجر= وعاء من البرونز يدقُّ فيه البن.
(*)الدان= كلمه اعجميه على الارجح تركية تعني عبوة محشوة بالبارود وهي معربة دارجه عراقياً.