عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-03-2020, 10:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,110
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة


مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (2) الأمية التربوية

عصام حسانين


ما زلنا مع علاج مشكلة الأمية التربوية أو ضعف الإعداد التربوي للأبوين، وقد تكلمنا عن بعض الصفات التي ينبغي للمربي أن يكون عليها، وفي هذا المقال نستكمل الحديث عن تلك الصفات؛ فمن الصفات التي ينبغي للمربي أن يتحلى بها:


(4) الليونة والمرونة
المربي الفاضل هو الذي يجمع في تربية ولده بين الحزم في موضعه، وبين الليونة والمرونة في موضعها، والمقصود بها: قدرة فهم الآخرين فهما متكاملا لا بمنظار ضيق, وليس معناه: الضعف والهوان, وإنما التيسير الذي أباحه الشرع, فقد قال صلى الله عليه وسلم : «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا» (متفق عليه)؛ فعلى المربي في الأمور المباحة والمشروعة، أن يتخير الأيسر كما كان صلى الله عليه وسلم إذا خُيِّر بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا, وهذا يكون في الأساليب, والألفاظ, والأوقات والتوجيه، ليصل بعقولهم إلى الخير بسهولة ويسر تقبله نفوسهم, وألا يكثر العتاب؛ فإنه يورث المِلال والجرأة والعناد, ويزيل مهابة الكلام، بَلْه مهابة المربي، قال الغزالي -رحمه الله- في «الإحياء -باب رياضة الصبيان-: «ولا تكثر القول عليه بالعتاب في كل حين؛ فإنه يهون عليه سماع الملامة, وركوب القبائح, ويسقط وقع الكلام من قلبه, وليكن الأب حافظًـًا هيبة الكلام معه؛ فلا يوبخه إلا أحيانـًا, والأم تخوِّف بالأب, وتزجره عن القبائح» اهـ.
(5) الحلم والأناة
وهما خلقان يحبهما الله ورسوله كما قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس، والحلم سيد الفضائل, ومنبع الخيرات, ومصدر السكينة والهدوء؛ فما من نتيجة حميدة، إلا وكان الحلم سببها والموصل إليها؛ لأنه يقتلع الشر من جذوره, ويُرغم الشيطان، قال -تعالى-: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} (آل عمران:80) قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: حلماء علماء.
ترك المعاجلة بالعقوبة
والحلم، ترك المعاجلة بالعقوبة، ومنع النفس من ضد ما تحب عند ورود الموجب لذلك, وهو بهذا يشتمل على المعرفة, والصبر, والأناة, والتثبت، والعاقل يلزم الحلم عن الناس كافة؛ فإن صعب عليه ذلك فليتحالم؛ لأنه يرتقي به إلى درجة الحلم كما قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ؛ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ؛ يُوقَهُ» (رواه الدارقطني والطبراني، وحسنه الألباني).
ترك العجلة والتسرع
وأما الأناة فهي التأني، وترك العجلة والتسرع، وهي خير إلا في أمر الآخرة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : «التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ فِي عَمَلِ الآخِرَةِ» (رواه أبو داود والحاكم، وصححه الألباني)، والحلم يشتمل على الصبر الذي هو خير عطاء؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : «وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» (متفق عليه).
معنى الصبر
والصبر معناه لغة: الحبس، واصطلاحًا: حبس النفس عن الجزع, واللسان عن التشكي، والجوارح عن المعصية التي تدل على الجزع, وتسخط المقدور، وهو معول المؤمن الذي عليه يعتمد في أمره كله، ولاسيما في تربية ولده؛ لأنه يتعامل مع طفل له أخطاؤه -ولابد من خطئه-؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ: التَّوَّابُونَ» (رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني)، ويتعامل مع نفس قال الله -تعالى- عنها: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (البلد:10)؛ فأنت تنمي الخير الذي فيها متوجهًا إلى الله -تعالى- بصلاحها, وتضعف الشر الذي فيها, والموفق من وفقه الله -تعالى-, وهذا يحتاج إلى صبر بالغ؛ لأن الوالد يتعجل الثمار, ويريد ابنه ألا يخطئ, وقد يضاف إلى ذلك خوف مذمة الناس؛ فيدفعه ذلك إلى التهور والتسرع الذي لا يحمد عقباه.
ولدك ليس مثلك
فوطـِّن نفسك على الصبر على ولدك توجيهًا ومتابعة, وعدم الملال, أو اليأس منه, واعلم أن ولدك ليس مثلك, ولا أنه بمجرد الأمر يأتمر ويصير بذلك صالحًا, بل اعلم مسبقًا أنه سيخطئ, وقد لا ينفذ كالكبير تمامًا إذا وعظته أو نصحته؛ فقد ينتصح أو لا, وإن انتصح فقد يقع, أو يرجع إلى الذنب أو الخطأ؛ لأننا -كما ذكرنا- نفس إنسانية محل اختبار في هذه الدار {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (الأنبياء:35).
الفروق الفردية
واعلم أن هناك فروقًا فردية بين الأولاد, وليس شرطـًا ما كان ناجحًا مع ولد، أن يكون ناجحًا مع آخر, والمربي الناجح هو الذي يحاول أن يتفهم طبيعة ابنه, وما عنده من مميزات وعيوب؛ فيرفع من المميزات ويحاول استغلالها, ويعالج جاهدًا صابرًا عيوبه بوسائل التربية، وأنت في تأديتك هذه الأمانة, وصبرك عليها مأجور، قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ» (رواه الحاكم، وصححه الألباني), وما تؤمله في فضل الله -تعالى- أن يرزقك الله ولدًا صالحًا دافع عظيم إلى بذل الجهد والصبر, والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم؛ فلنتوجه إليه -تعالى- في ذلك.
وصية النبي صلى الله عليه وسلم
ولابد من الأخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: «لاَ تَغْضَبْ» قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ: فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ» (رواه أحمد، وصححه الألباني)، ولابد من كظم الغيظ, وتجرع المرارة، وقد فسر الأئمة ابن المبارك، وأحمد، وابن راهويه -رحمهم الله- حسن الخلق بترك الغضب, ومعنى لا تغضب، إما الأخذ بأسباب حسن الخلق من الكرم, والحلم, والحياء, والتواضع, واحتمال الأذى, والصفح, وكظم الغيظ, ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة التي إن تخلقت بها النفس، أوجب لها دفع الغضب عن حصول أسبابه، وإما عدم العمل بمقتضى الغضب, بل يجاهد نفسه على ترك تنفيذه, والعمل بما يأمر به؛ لأنه إذا ملك الإنسان كان هو الآمر الناهي.
علاج الغضب
وعلاج الغضب: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كما جاء في (الصحيحين), وتغيير الوضعية؛ فإن كان قائمًا فليجلس؛ فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع كما جاء في (مسند أحمد)، والسكوت كما قال صلى الله عليه وسلم : «وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَسْكُتْ» (رواه أحمد ، وصححه الألباني). اهـ بتصرف من جامع العلوم والحكم.
كيف نعالج خطأ الطفل؟
- أولاً: علينا بالرفق واللين والرحمة, والبعد عن العبوس والتجهم والعنف؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ...». الحديث (رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم : «يَا عَائِشَةُ ارْفُقِي؛ فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، دَلَّهُمْ عَلَى بَابِ الرِّفْقِ» (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وقال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا؛ فَلَيْسَ مِنَّا» (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، وعن أنس قال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ؛ فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ» (رواه مسلم),
تعويذهم من الشيطان
وعليك أن تعوذهم من الشيطان والعين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ويقول: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ» (رواه البخاري)، والعين اللامة هي: العين المؤذية بالحسد، وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيًّا يبكي فقال: «مَا لِصَبِيِّكُمْ هَذَا يَبْكِي فَهَلاَّ اسْتَرْقَيْتُمْ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ؟!) (رواه أحمد، وحسنه الألباني»، وعَنْ أَبِي سَعِيد رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ؛ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا» (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).
الدعاء لهم
وأن تدعو لهم لا أن تدعو عليهم؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ» (رواه مسلم وأبو داود)، وجاء رجل إلى ابن المبارك -رحمه الله- يشكو ولده, فقال «هل دعوت عليه؟ قال: نعم. قال: أنت أفسدته»؛ فالحذر من الدعاء على الولد؛ فقد يستجاب الدعاء فيفسد الولد ويشقى, وتزداد المشكلة تعقيدًا, ولعلاج هذا لابد من الدعاء له مرة أخرى بالصلاح، لتزيل الدعوة له الدعوة عليه؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : «وَلاَ يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ» (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]