عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-01-2020, 07:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دور الألفاظ في بناء الأحكام

دور الألفاظ في بناء الأحكام




د. صلاح بابكر الحاج عبد القادر[*]


حكم الجمع في السفر:

تقدم أن تردد الفعل بين مدلولين في وقت واحد من أسباب الإجمال وقد أدى ذلك إلى اختلاف الفقهاء في نوع السفر الذي يجوز فيه الجمع[122] حيث ورد أنه e جمع في السفر[123] فيحتمل سفر طويل ويحتمل قصير, لذلك وقع خلاف في السفر الذي يجوز فيه الجمع فذهب أكثر العلماء إلى أن الجمع يجوز في السفر الطويل فقط ولا يجوز في القصير وهو مذهب الشافعية في الراجح عنهم والحنابلة, وحدده الشافعي بستة وأربعين ميلاً. وأجاز البعض الجمع في السفر القصير لأن أهل مكة يجمعون في الحج –مزدلفة– بين المغرب والعشاء[124].

4- المتشابه:
أولاً: حقيقة المتشابه:
المتشابه في اللغة. من شبه وأشبه الشيء:ماثله. اشتبهت الأمـــــور والتبست لاشــتباه بعضــها ببعض[125].
المتشابه في الاصطلاح هو. ما خفي المراد منه بنفس اللفظ ولا يرجى إدراكه أصلاً[126]. وقد عرف أيضاً بأنه ما اختص الله تعالى بعلم معناه فلم يتضح لنا[127].
المتشابه لا طريق لمعرفة معناه أصلاً, ومثاله: الحروف المقطعة في أوائل بعض السور, ومنه الصفات التي وردت بها آيات القرآن لله سبحانه وتعالى, فهذه الصفات ثابتة لله تعالى على وجه يليق بذاته.
ثانياً: أثر المتشابه في الأحكام.

المتشابه لا وجود له في القواعد والأحكام الجزئية وإنما يقع في بعض الألفاظ والمعاني التي لا علاقة لها بالأحكام التكليفية, لذلك لا أثر له على الأحكام ومن ثم لم يكن سبباً في اختلاف العلماء في الأحكام لأنه لا وجود له فيها ولا في القواعد, فلو دخل القواعد لكان أكثر الشريعة من المتشابه, وذلك غير صحيح, ولو كان المتشابه أم الكتاب أي أغلب الكتاب لما دلت النصوص على الأحكام, وبالاستقراء يتضح عدم وجوده في القواعد الكلية ولا النصوص التي لها علاقة بالتكليف.
المبحث الرابع
أثر دلالة الألفاظ في الأحكام من حيث الاستعمال
أولاً: حقيقة استعمال اللفظ:

اللفظ من حيث استعماله لدلالة على المعنى ينقسم إلى أنواع فقد يستعمل اللفظ فيما وضع له –لغة أو عرفاً– ليدل على المعنى فيكون حقيقة فيه. وقد يستعمل اللفظ في غير ما وضع له ليدل على معنى فيكون مجازاً, وعليه فإن اللفظ بحسب استعماله فهو حقيقة أو مجاز وسنوضح ذلك فيما يلي:

1- الحقيقة:

أ- تعريف الحقيقة:
الحقيقة في اللغة: من حق. وحق الشيء إذا وجب. والمحقق: المحكم[128].
الحقيقة في الاصطلاح[129]: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً في اصطلاح التخاطب. أي في اصطلاح المتخاطبين به.
ونظراً لاختلاف المتخاطبين في الاصطلاح فالحقيقة تنقسم إلى أقسام.
ب- أقسام الحقيقة[130]:

1- حقيقة لغوية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً في اللغة. فالواضع وضع الاسم أو اللفظ بحيث إذا أطلق انصرف إلى الموضوع له, كوضع لفظ الأسد للحيوان الجارح, فإذا أطلق انصرف إليه, فيكون حقيقة فيه ولا يستعمل في غيره إلا بقرينة.
2- حقيقة عرفية[131]: هي الاسم أو اللفظ الذي خصه العرف ببعض مسمياته. فلفظ (الدابة) وضع في اللغة لكل ما يدب على الأرض من ذي حافر وغيره ولكن العرف خص الدابة بذوات الأربع أرجل.
الحقيقة الشرعية: هي الاسم أو اللفظ المستعمل في الشريعة على غير ما كان عليه في وضع اللغة. أو هي اللفظ المستعمل فيما وضع له شرعاً. كلفظ الصلاة إذا أريد به العبادة المعروفة[132].
2- المجاز:

أ- تعريف المجاز:

المجاز في اللغة: من الجواز. أو مشتق من المجاوزة. وهو العبور والانتقال من موضع إلى آخر. يقال جزت المكان أي عبرته[133].
والمجاز في الاصطلاح: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له أولاً في اصطلاح المتخاطبين به لعلاقة أو قرينة مانعة[134]. كلفظ الأسد حينما يستعمل في الرجل الشجاع.
ب- أقسام المجاز[135]:

المجاز ثلاثة أقسام: لغوي وعرفي وشرعي على حسب الاستعمال. فهو شرعي إذا استعمل الشارع اللفظ في غير ما وضع له شرعاً كاستعمال لفظ الصلاة في الدعاء. وعرفي إذا استعمله الناس في غير ما يستعمل فيه عرفاً. ولغوي إذا استعمل في غير ما وضع له أولاً في اللغة. ومثال ذلك لفظ الغائط للخارج المستقذر من الإنسان, في الوضع اللغوي يعني المنخفض من الأرض.
ثانياً: أثر دلالة الألفاظ في الأحكام من حيث الاستعمال.

من القواعد المقررة عند العلماء أنه لا يصار إلى المجاز إذا أمكن استعمال الحقيقة. ورغم ذلك وقع خلاف في بعض المسائل التي تتعلق باستعمال اللفظ من حيث الحقيقة والمجاز مثل جواز استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي في وقت واحد. وإذا لم يعرف هل المعنى الحقيقي ممكن أم لا ؟. هل يكون المعنى المجازي مراداً. وإذا أريد المعنى المجازي فهل للمجاز عموم. وهل نقل الشارع الأسماء اللغوية إلى معان شرعية نقلاً كلياً ومن ثم لا علاقة بين المعنى اللغوي والشرعي أم نقله للأسماء نقلاً ليس كلياً وتوجد علاقة ومناسبة معتبرة بين المعنيين. أثر الخلاف في هذه المسائل في بعض الأحكام وسنوضح ذلك فيما يلي:

1- أثر استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي في وقت واحد:
وقع خلاف في جواز استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي في وقت واحد أثر بدوره على بعض الأحكام.
أولاً: موقف العلماء من استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي في وقت واحد:


القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي في آن واحد[136].

القول الثاني: ذهب بعض الشافعية إلى جواز استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي في وقت واحد[137].
ثانياً: أثر الخلاف في هذه المسألة على بعض الأحكام:

حكم الوضوء من اللمس:
الاختلاف في مسألة حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز تسبب في الاختلاف في حكم الوضوء من اللمس حيث جاء في قوله تعالى: ï´؟أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباًï´¾[138], فلفــــــــــــظ ï´؟لامستمï´¾ متردد بين الحقيقة (اللمس) والمجاز (الوطء).
1- ذهب الحنفية إلى أن اللمس لا ينقض الوضوء. وأنه يصار إلى المعنى المجازي في لفظ (لامستم) وهو الجماع لوجود القرائن, ولأنه لا يستعمل اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي في آن واحد. لأن هذا يوجب كون اللفظ حقيقةً مجازاً في حالة واحدة وهذا محال. وإذا كانت الحقيقة استعمال اللفظ في موضعه والمجاز استعمله في غير موضعه فمحال أن يكون اللفظ الواحد مستعملاً في موضعه ومعدولاً به عن موضعه في حالة واحدة. وأن الصحابة y عندما اختلفوا في المراد بالآية فكل من أثبت أن المراد أحد المعنيين نفي المعنى الآخر[139]. وقد أيد الحنفية ما ذهبوا إليه وعضدوه ببعض الأدلة منها:
أ- ما روي أن النبي e قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة[140], فمعنى ذلك أن اللمس لا ينقض الوضوء.
ب- روي عن بعض الصحابة y أنه قال[141], إن المراد باللمس الجماع.
2- ذهب الشافعية إلى أن اللمس ينقض الوضوء. لأن لفظ (لامستم) حقيقة في اللمس ومجازاً في الجماع ويجوز حمل اللفظ على معناه الحقيقي والمجازي في وقت واحد. لذلك فإن اللمس ناقض للوضوء, وكون الجماع مراداً لا يمنع كون اللمس مراداً. وأن اللمس والوطء فيهما معنى الجس باليد[142]. وقد عضدوا ما ذهبوا إليه بالآتي:
أ- قراءة ابن مسعود للآية: (أو لامستم النساء). وبقوله تعالى: ï´؟وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباًï´¾[143].
ب- ما روي عن أبي هريرة أن الرسول e قال (اليد تزني وزناها اللمس)[144].
ج- قوله e لماعز (لعلك قبلت أو لمست)[145].
د- قوله e (القبلة من اللمس فتوضئوا منها)[146]
3- ذهب المالكية إلى أن اللمس ينقض الوضوء إذا قارنته لذة أو قصد للتلذذ وإلا فلا ينقض الوضوء[147]. حيث جمعوا بين الأدلة الدالة على النقض والدالة على عدم النقض ومن ذلك قول عائشة لكان الرسول e يصلي وأنا مضجعة بينه وبين القبلة فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فقبضتها)[148].
2- أثر عموم المجاز:

إذا أريد المعنى المجازي فهل للمجاز عموم أم لا. وقع خلاف في ذلك.
أولاً: موقف العلماء: وقع خلاف بين العلماء في عموم المجاز.
القول الأول: ذهب بعض العلماء منهم الشافعية إلى أنه إذا أريد المعنى المجازي في نص فإن المجاز لا عموم له, فلا يتعداه إلى غيره. لأن المجاز يستعمل للضرورة فيقدر بقدرها في الاستعمال[149].
القول الثاني: ذهب بعض الحنفية إلى أنه إذا أريد المعنى المجازي فإنه يجوز أن يكون له عموم[150].
ثانياً: أثر الخلاف في عموم المجاز: أثر هذا الخلاف في بعض الأحكام منها حكم بيع الصاع بالصاعين وسنوضح فيما يلي:
حكم بيع الصاع بالصاعين:

ورد في الحديث أنه e قال: (لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين ولا الصاع بالصاعين)[151]. في هذا الحديث ليس المراد بالصاع الحقيقة وإنما المراد بالاتفاق المعنى المجازي وهو مقدار ما يكال به الصاع من طعام. فهل هذا المجاز له عموم حتى يشمل النهي غير المطعومات في بيع الصاع بالصاعين وقع خلاف في ذلك.
1- ذهب بعض العلماء منهم بعض الشافعية إلى أن المجاز لا عموم له, لذلك فإن النهي عن بيع الصاع بالصاعين في الطعام فقط وعليه لا يمتنع بيع صاع بصاعين من غير الطعام[152].
2- ذهب الحنفية إلى أن المجاز له عموم وأن النهي الوارد في الحديث عام عن كل ما يكال من جنس واحد سواء في الطعام أو غيره[153].

3- أثر عدم معرفة إمكانية المعنى الحقيقي:
إذا لم يعرف هل المعنى الحقيقي ممكن أم لا. هل يكون المعنى المجازي مراداً. وقع خلاف في ذلك.
أولاً: موقف العلماء: وقع خلاف في هذه المسألة نبينه فيما يلي[154]:
القول الأول: ذهب الجمهور إلى أنه إذا لم يعرف إمكانية إرادة المعنى الحقيقي لا يحمل اللفظ على المعنى المجازي. بل يبقى على الحقيقة ولا يكون المجاز مراداً.
القول الثاني: ذهب الحنفية إلى حمل اللفظ على المعنى المجازي إذا لم يعرف إمكانية حمله على الحقيقة.
ثانياً: أثر الخلاف: أثر الخلاف في هذه المسألة على بعض الأحكام منها حكم قراءة الفاتحة في الصلاة وسنوضح ذلك فيما يلي:
حكم قراءة الفاتحة في الصلاة:

ورد في الحديث أنه e قال: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)[155], فهل المعنى الحقيقي هو المراد أم لا, أو أن المراد المعنى المجازي ؟. وقع خلاف في ذلك أدى إلى الاختلاف في حكم قراءة الفاتحة في الصلاة.
1- جمهور[156] العلماء قالوا بوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة وحملوا اللفظ على الحقيقة. وأن المجاز لا يكون مراداً.
2- ذهب الحنفية[157] إلى أن قراءة الفاتحة ليست بفرض وصححوا الصلاة بدونها وأن المعنى لا صلاة كاملة. وحملوا اللفظ على المجاز, لأنه لا يعرف هل الحقيقة ممكنة أم لا.

4- أثر نقل اللفظ من المعنى اللغوي إلى الشرعي.
نقل الشارع للأسماء اللغوية إلى معان شرعية هل هو نقلاً كلياً ؟. ومن ثم لا علاقة بين المعنى اللغوي والشرعي أم نقله للأسماء نقلاً ليس كلياً, وتوجد علاقة ومناسبة معتبرة بين المعنيين. وقع خلاف في ذلك.

أولاً: موقف العلماء في نقل اللفظ من المعنى اللغوي إلى الشرعي.

القول الأول: يرى جمهور[158] العلماء ان الشارع نقل الأسماء من معانيها اللغوية إلى معان شرعية نقلاً ليس مطلقاً مع وجود علاقة بين المعنى اللغوي والشرعي. ويرى بعض الحنفية أن النقل كلياً وبدون علاقة بين المعنيين فهي معان مبتكرة يجوز أن لا يلاحظ فيها المعنى اللغوي, وإذا وجدت علاقة بين المعنيين فهي بطريق الصدفة وليس ذلك مقصوداً.
القول الثاني: يرى بعض[159] العلماء منهم المعتزلة أن الشارع لم ينقل الأسماء اللغوية إلى الشرع بل الاسم باق على ما كان عليه في اللغة. ولكن ضم الشرع إليه أفعالاً واشترط شروطاً. فالصلاة مثلاً في اللغة الدعاء, فالشارع ضم إليها أقوالاً وأفعالاً مخصوصة واشترط لها شروطاً لا تصح بدونها كالركوع والسجود والطهارة. والصيام في اللغة الإمساك فزاد عليه الشارع اشتراط النية.
ثانياً: الأدلة[160]:

استدل أصحاب القول الأول بقوله تعالى: ï´؟وما كان الله ليضيع إيمانكمï´¾[161]. فالله سبحانه وتعالى أطلق لفظ الإيمان في الآية وأراد به الصلاة نحو بيت المقدس وليس الإيمان في اللغة الصلاة بل هو التصديق. فدل ذلك على جواز النقل إلى الاصطلاح الشرعي, والقول بعدم جواز النقل يلزم منه أن يكون معنى إيمانكم تصديقكم مع الزيادة وهذا خلاف ما فسره العلماء. كذلك فإن الشارع وضع عبارات لم تكن معهودة فاحتاج إلى تميزها عن غيرها ولا يحصل ذلك إلا بالنقل إلى المسميات الشرعية.
واستدل من[162] ذهب إلى عدم جواز النقل بأن الشارع لو نقل بعض الأسماء لتفيد أحكام شرعية لأوقف النبي e الأمة على نقل هذه الأسماء توقيفاً تقدم به الحجة ليقطع عذرهم, وإلا كان تكليفاً بما لا يطاق وهو محال. والتوقيف لا بد أن يكون بطريق يفيد العلم ولم يثبت ذلك فلم تبق إلا اللغة لتعرف بها معاني هذه الأسماء, كذلك فإن الألفاظ التي اشتمل عليها القرآن من صلاة وزكاة وحج عربية فلو كانت مفيدة لغير مدلولاتها في اللغة –بعد الاستعمال– لما كانت من لسان العرب وذلك يكون خلاف ما نصت عليه الآيات من أن القرآن عربي.
ثالثاً: أثر نقل اللفظ من المعنى اللغوي إلى الشرعي:

أثر الخلاف في جواز نقل اللفظ من المعنى اللغوي إلى الشرعي في بعض الأحكام منها الآتى:

1- حكم المصاهرة بالزنا.
ورد لفظ النكاح في قوله تعالى: ï´؟ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساءï´¾[163], فهل يراد بلفظ النكاح معناه اللغوي وهو الوطء أم الاصطلاحي وهو العقد ؟
أ- من ذهب إلى عدم جواز نقل اللفظ من معناه اللغوي. قال بأن المراد بالنكاح في الآية الوطء. فيكون المعنى ولا تطئوا ما وطئ آباؤكم بزنى أو غيره, وعليه فإن الزنا يوجب حرمة المصاهرة. وهو مذهب الحنفية[164].
ب- ذهب من قال بجواز نقل اللفظ إلى المعنى الشرعي بأن المراد بالنكاح هنا العقد. وعليه من زنى بها الأب يجوز زواجها. وعليه فإن الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة. وهو مذهب الشافعية[165].

2- حكم الطهارة في الطواف.
قال النبي e: (الطواف بالبيت كالصلاة)[166] فهل المراد بالصلاة المعنى الشرعي فتكون الطهارة شرط في الطواف أم لا ؟
أ- ذهب جمهور العلماء إلى أن المراد المعنى الشرعي الاصطلاحي وعليه لا بد من الطهارة في الطواف[167].
ب- ذهب من قال بعدم جواز نقل اللفظ من معناه اللغوي إلى المعنى الشرعي, إلى أن المراد بالصلاة الدعاء فيكون المعنى المراد الطواف بالبيت يشتمل على الدعاء كالصلاة. فــلا تشترط الطهــارة في الطواف[168].
الخاتمة:


بعد أن بينا حقيقة دلالة الألفاظ وكيفية دلالاتها على المعاني من حيث الوضع وطرق الدلالة والاستعمال والإبهام وما ترتب على ذلك من اختلاف أثرَ في بعض الأحكام, نخلص إلى النتائج الآتية:

1- دلالة الألفاظ هي المفتاح إلى معرفة كثير من الأحكام الشرعية وفهم مقصود الشارع.
2- تعدد دلالة الألفاظ على المعاني من خلال الأوجه والطرق المتعددة في الدلالة ساعد في استيعاب الشريعة لأحكام كثير من المسائل.
3- الخفاء في بعض الألفاظ في بعض النصوص لم يحل دون معرفة كثير من الأحكام بل فتح المجال للاجتهاد فيها ومن ثم اتسعت دائرة التفسير فيما يحتمل الاختلاف فتعددت الأقوال في المسألة الواحدة فكان اليسر والتخفيف والرحمة بالأمة.
4- الاجتهاد في دلالة الألفاظ لمعرفة الأحكام خاصة الخفي منها, فيه الأجر والثواب ببذل الجهد وإعمال الفكر لطلب المراد فتبين بذلك المُجِد من المقصر وظهر فضل الراسخين في العلم لحاجة الناس إلى الرجوع إليهم والاقتداء بهم.
5- الاختلاف في دلالة كثير من الألفاظ أدى إلى الاختلاف في كثير من الأحكام وبذلك تكون اللغة العربية ساهمت في اختلاف العلماء.
6- تعدد دلالة الألفاظ على المعاني يعني سعة اللغة العربية في دلالاتها وهذا يتمشى مع خلود الشريعة وخصوبتها في شمولها وتناولها لأحكام جميع المسائل مع اختلاف الأزمان والأماكن.
وأخيراً أسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت في جمع أطراف هذا البحث وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هوامش البحث:


[*] عضو هيئة التدريس بقسم الشريعة, كلية الشريعة والأنظمة, جامعة الطائف, المملكة العربية السعودية.
[1]- لسان العرب لابن منظور 2/1414. دار المعارف. مختار الصحاح ص2.9 لأبي بكر الرازي. دار المعارف. المعجم الوسيط 1/294. مجمع اللغة العربية ط مصر.
[2]- التعريفات للجرجاني ص139 دار الكتاب العربي بيروت ط3 1417هـ. تيسير التحرير لابن الهمام 2/31 طبعة الحلبي مصر. 1351هـ. شرح الكوكب لأبي البقاء الفتوحي ص38 مطبعة السنة المحمدية مصر.
[3]- الإحكام للآمدي 1/12, 13. دار الكتاب العربي بيروت ط1 14.4هـ تفسير النصوص. لأديب
صالح 1/1., 11 الطبعة ط 3 المكتب الإسلامي, بيروت.

[4]- الإحكام للآمدي 1/12, 13. شرح الكوكب المنير ص39. أصول الفقه لأبي زهرة ص11. مطبعة مخيمر. القاهرة. البحر المحيط للزركشي 2/273. دار الكتبي, مصر.
[5]- شرح التلويح على التوضيح للتلفازاني 1/58. مطبعة صبيح بمصر.
[6]- لسان العرب لابن منظور 1./45.
[7]- أنوار البروق في أنواع الفروق للقرافي 1/191. عالم الكتب, بيروت.
[8]- حاشية العطار 1/385, 388- دار الكتب العلمية, بيروت.
[9]- كشف الأسرار للبخاري 2/34. دار الكتاب الإسلامي, بيروت. التلويح على التوضيح 1/125
[10]- المستصفى للغزالي ص241. دار الكتب العلمية, بيروت. شرح التلويح على التوضيح 1/126
[11]- سورة الحج: 18
[12]- شرح التلويح على التوضيح 1/125
[13]- سورة البقرة: 228
[14]- المدونة الكبرى لمالك بن أنس 3265. دار صادر بيروت. الأم للشافعي 5/99 دار المعارف ببيروت. بداية المجتهد لابن رشد 2/67 دار الفكر بيروت. رسالة أبو زيد القيرواني 1/98, دار الفكر بيروت.
[15]- المبسوط للسرخسي 3/149. دار المعرفة بيروت 14.6هـ. فتح القدير لابن الهمام 4/3.9. دار الفكر, بيروت.
[16]- سورة الطلاق: 1
[17]- صحيح البخاري 5/2.11 كتاب الطلاق حديث 4953. دار ابن كثير اليمامة بيروت ط3 14.7هـ. صحيح مسلم 2/1.95 حديث رقم 1471 دار إحياء التراث العربي بيروت
[18]- سنن الدارقطني 1/212 حديث 36, دار المعرفة بيروت 1386هـ.
[19]- المستدرك على الصحيحين للنيسابوري 2/223 حديث 2822, دار الكتب العلمية بيروت ط1 1411هـ. سنن الترمذي 3/488. حديث 1182 باب الطرق. دار إحياء التراث بيروت.
[20]- صحيح مسلم 2/1.3.حديث رقم 14.9. صحيح ابن حبان 5/484. مؤسسة الرسالة بيروت ط2 1414هـ
[21]- البحر المحيط للزركشي 4/228. دار كتبي, مصر.
[22]- كشف الأسرار. عبد العزيز البخاري 1/44. المبسوط للسرخسي 27/16. دار المعرفة, مصر.
[23]- تخريج الفروع للزنجاني ص116 مؤسسة الرسالة 14.7هـ. الأم للشافعي 6/1.. دار المعرفة
[24]- سورة الإسراء: 33
[25]- الأم للشافعي 6/12 دار المعرفة. المهذب للشيرازي 2/188 دار الفكر بيروت.
[26]- صحيح مسلم 2/988 حديث 1355. صحيح البخاري 6/2522 حديث 6486 باب من قتل
له قتيل.

[27]- بدائع الصنائع 7/168 دار الكتب العلمية, بيروت.
[28]- لسان العرب لابن منظور 4/312 طبعة المعارف. القاموس المحيط 1/16 طبعة الحسينية, مصر.
[29]- أصول السرخسي 1/125. دار المعرفة بيروت 1372هـ. أصول الشاشي 1/17. دار الكتاب العربي بيروت 14.2هـ
[30]- البحر المحيط للزركشي 4/6, حاشية العطار 1/5.7
[31]- لسان العرب 7/24
[32]- البحر المحيط للزركشي 4/325.
[33]- كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري 1/31
[34]- مختصر ابن الحاجب 3/149 طبعة الكليات الأزهرية– الإحكام للآمدي 2/3. إرشاد الفحول ص158 دار الفكر
[35]- سورة النساء: 24
[36]- صحيح مسلم 2/1.29 حديث 14.8. باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها صحيح البخاري 5/1965 حديث 4819 باب لا تنكح المرأة على عمتها.
[37]- سورة النساء: 11
[38] شرح النووي على مسلم 12/74 دار إحياء التراث العربي بيروت الطبعة الثالثة 1392هـ.
[39]- أصول الفقه لأبي زهرة ص153 طبعة مخيمر القاهرة. موطأ مالك 3/494. دار إحياء التراث.
[40]- كشف الأسرار 1/294, أصول السرخسي 1/144
[41]- كشف الأسرار 1/294
[42]- صحيح مسلم 2/1118 حديث 148.
[43]- سورة الطلاق: 6
[44]- إرشاد الفحول للشوكاني ص158 دار الفكر بيروت ط11. 1412هـ. الإحكام للآمدي 2/1.2
[45]- سورة الأنعام: 121
[46]- صحيح البخاري 5/2.97 حديث 5188 باب ذبيحة الأعراب ونحوهم
[47]- سنن الدارقطني 4/295 حديث 94. دار المعرفة بيروت 1396هـ
[48] لسان الميزان لابن حجر 7/247 حديث 3359. مؤسسة الأعلمي بيروت ط2. 14.6هـ
[49]- كشف الأسرار 1/295. المبسوط للسرخسي 11/238
[50]- كشف الأسرار 1/295. أحكام القرآن للجصاص 1/9. دار الفكر


يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]