عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-09-2021, 09:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي ادرس الجغرافيا تفهم العالم

ادرس الجغرافيا تفهم العالم


ماجد محمد الوبيران




طرحتُ - كعادتي - على بعض زملاء العمل - وهم بأعمار مختلفة - سؤالًا عن نهر النيل؛ حيث قلتُ لهم: "في أي اتجاه تظنون أن نهر النيل يجري؟ أمِن الجنوب إلى الشمال؟ أم مِن الشمال إلى الجنوب؟"، وهو سؤال بنَيتُه على تصوُّر سابق كان لديَّ عن هذا النهر الخالد؛ حيث كنت أظن، وبناء على ما كنا نراه في خريطة جمهورية مصر العربية ونحن صغار، وعلى اعتبار أن كل شيء يسقط من أعلى إلى أسفل! فكنت أظن أن النهر يصب من أعلى الخريطة - أي: من البحر - إلى أسفل باتجاه الجنوب، وهو ما اكتشفتُ خطأه بعد التأمُّل والقراءة؛ حيث عرفتُ أن النهر يندفع شمالًا، ليرمي مياهه العذبة في أحضان مياه البحر المتوسط! وأثناء جلوسي إلى زملائي وسؤالهم عن ذلك، جاءت إجاباتهم مطابقة لإجابتي التي كنتُ أظنها سابقًا! فأدركت أن الإنسان بطبعه يربط بعض المعلومات لديه ببعض؛ فطبيعي أن يربط الإنسان تصوُّره عن مجرى النهر ومصبِّه بما عرفه عن الجاذبية وأن الأشياء تسقط من أعلى إلى أسفل! وأن السير دائمًا عكس طبيعة الأمور - يعدُّ من الأمور النادرة، بل وقد يعد من المخاطَرة أحيانًا؛ كتلك الأسماك التي تسبح عكس التيار بحثًا عن النجاة حتى وإن كان الثمن حياتها!

سبب آخَر: هو أنني وزملائي المسؤولين قد درسنا مادة الجغرافيا قديمًا، بدءًا بدول آسيا ثم إفريقيا، وفي آسيا درسنا العراق، وفيه نهر دجلة النابع من جبال طوروس في تركيا شمالًا، والصاب في شَطِّ العرب في الخليج العربي جنوبًا؛ أي: إنه على الخريطة يأتي من أعلى إلى أسفل.

وبتصوراتنا جميعًا، عتبت معها كثيرًا على تلك المعلومات الكثيرة التي تلقيناها في حياتنا، لكنها أخفت بين جنَباتها كثيرًا من الدقائق التي كانت كفيلة بتغيير كثير من المفاهيم الحياتية!

قد تبدو هذه المعلومة بسيطة، ولكنها - مع بساطتها - تثبت أهمية العلم والمعرفة؛ فالعلم نور ولو كان كومضة ثقاب في فضاء منير!

أتساءل اليوم عن مادة الجغرافيا التي لم تَعُد في نظامنا التعليمي!
الجغرافيا: علم دراسة الأرض، وهو العلم الذي عرفه العرب منذ القِدم؛ فكانوا يستعملون صورة الأرض، أو خريطة العالم، أو المسالك والممالك.

وحين كنا صغارًا، كنا نتبارى في حفظ عواصم البلدان، ومواقعها، وحدودها.

وأما أطفال اليوم، فقد صاروا معزولين في عوالمهم الافتراضية المحدودة التي يعيشونها من خلال وسائل التواصل! فصار للطفل عالَمه الخاص دون علمه بما يجري في عالمه الخارجي، وفهم ذلك العالم.

يقول الدكتور مولاي المصطفى البرجاوي في مقالة له بعنوان "القيمة التربوية لمادة الجغرافيا المدرسية": "يغدو الجهل بالمعرفة الجغرافية عقبةً أمام فهم عالمنا، وعندما يتقن التلاميذ دراسة الجغرافية، يدركون الارتباطات والعلاقات بينهم وبين الشعوب، والأمكنة، والثقافات".

ويقول وولدردج: "إن الجغرافيا الحقيقية تُفهَم خارج قاعة الدرس"، وهذا يعني أن الجغرافيا تكمُن فائدتها في فهم العالم من حولك، بل وتمكِّنُ دارسها من التفكير في المشكلات الكبرى التي يعيشها عالم اليوم، كالعولمة وغيرها مما ذكره الدكتور مولاي المصطفى.

فهل تعود الجغرافيا إلى مناهجنا، ويعود لطلابنا ذلك التنافس الجميل في الرسم والتلوين، ومعرفة البلدان والبحار والعواصم؟ فيكبر إدراكهم، وتزداد معارفهم مع هذا العلم المهم النافع، وهو الذي يقول عنه عالم الجغرافيا جمال حمدان : "لا ثقافة بلا جغرافيا".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.67%)]