عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-10-2019, 12:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز

الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز


الشيخ صلاح نجيب الدق




الحمد لله، الذي له ملك السماوات والأرض، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربُّه شاهدًا ومبشِّرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:
فإن الخلفية العادل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله من الشخصيات المهمة في تاريخ الإسلام؛ من أجل ذلك أحببتُ أن أُذكِّر نفسي وأحبَّائي طلابي الكرام بشيء يسير من سيرته العطرة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
الاسم والنسب:
هو عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي.
وأمه: أم عاصم، بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما.
كنيته: أبو حفص؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر، جـ48، صـ88).
ابنة بائعة اللبن:
نهى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن مذق (خلط) اللبن بالماء، فخرج ذات ليلة في حواشي المدينة، فإذا بامرأة تقول لابنةٍ لها: ألا تمذقين (تخلطين) اللبن، فقالت الجارية: كيف أمذق وقد نهى أميرُ المؤمنين عن المذق، فقالت الأم: قد مذق الناس فامذقي، فما يدري أمير المؤمنين، فقالت الفتاة: إن كان عمر لا يعلم فإلَهُ عمر يعلم، ما كنت لأفعله وقد نهى عنه، فوقعتْ مقالتُها من عمر، فلما أصبح دعا عاصِمًا ابنَه، فقال: يا بني، اذهب إلى موضع كذا وكذا، فاسأل عن الجارية، ووصفها له، فذهب عاصم فإذا هي جارية من بني هلال، فقال له عمر: اذهب يا بني فتزوَّجْها؛ فما أحراها أن تأتي بفارس يسود العرب! فتزوَّجها عاصم بن عمر، فولدت له أُم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فتزوجها عبدالعزيز بن مروان بن الحكم، فرزقه الله تعالى منها عمر بن عبدالعزيز الخليفة العادل؛ (سيرة عمر بن عبدالعزيز؛ لابن عبدالحكم، صـ19، صـ20).
لما أراد عبدالعزيز بن مروان أن يتزوج أم عمر بن عبدالعزيز قال لقيمه (وكيله): اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي؛ فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح، فتزوَّج أُمَّ عمر بن عبدالعزيز؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد، جـ5، صـ254).
ميلاد عمر بن عبدالعزيز:
ولد عمر بن عبدالعزيز بالمدينة، سنة ثلاث وستين من الهجرة، وهي السنة التي ماتت فيها ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد، جـ5، صـ254)، (سيرة عمر بن عبدالعزيز؛ لابن عبدالحكم، صـ21).
تربية عمر بن عبدالعزيز:
اهتم والدا عمر بن عبدالعزيز بتربيته اهتمامًا كبيرًا؛ بكى عمر بن عبدالعزيز، وهو غلام صغير، فبلغ ذلك أُمَّه، فأرسلت إليه فقالت: ما يبكيك؟ قال: ذكرت الموت؛ فبكت أُمُّه، وكان عمر قد حفظ القرآن كله وهو غلام صغير، كان أبوه قد جعله عند صالح بن كيسان يُؤدِّبه، فلما حجَّ أبوه اجتاز به في المدينة فسأله عنه، فقال: ما خبرت أحدًا الله أعظم في صدره من هذا الغلام؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير، جـ9، صـ201).
تأخُّر عمر بن عبدالعزيز عن الصلاة مع الجماعة يومًا، فقال له صالح بن كيسان: ما شغلك؟ فقال: كانت مرجلتي (مسرحة شعري) تسكن شعري، فقال له: أقدَّمْتَ ذلك على الصلاة؟! وكتب إلى أبيه، وهو على مصر يُعلِمه بذلك، فبعث أبوه رسولًا فلم يكلمه حتى حلق رأسه؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير، جـ9، صـ201).
زوجات عمر وأولاده:
كان لعمر بن عبدالعزيز ثلاث زوجات، وواحدة ملك يمين (امرأة تُباع وتُشترى)، وكان له من الأبناء ستة عشر؛ من الذكور: ثلاثة عشر، ومن الإناث: ثلاث؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد، جـ5، صـ254:253).
طلب عمر للعلم:
إن أول ما استبين من رشد عمر بن عبدالعزيز حرصه على العلم ورغبته في الأدب؛ إن أباه ولي مصر وهو حديث السن، يشك في بلوغه، فأراد إخراجه معه إلى مصر من الشام، فقال: يا أبه، أو غير ذلك لعله يكون أنفع لي ولك؟ ترحلني إلى المدينة فأقعد إلى فقهاء أهلها وأتأدَّب بآدابهم؛ فعند ذلك أرسله أبوه إلى المدينة، وأرسل معه الخدام، فقعد مع مشايخ قريش، وتجنَّب شبابهم، وما زال ذلك دَأْبه حتى اشتهر ذكرُه، فلما مات أبوه أخذه عمُّه أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان، فخلطه بولده، وقدَّمه على كثير منهم، وزوَّجه بابنته فاطمة، وهي التي يقول فيها الشاعر:
بِنْت الخليفةِ والخليفة جدُّها *** أُخْت الخلائف والخليفةُ زوجُها
(البداية والنهاية؛ لابن كثير، جـ 9، صـ201: 202).
مكانة عمر العلمية:
(1) روى عمر بن عبدالعزيز الحديث عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، والسائب بن يزيد، وسهل بن سعد، واستوهب منه قدحًا شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم، وأَمَّ الصلاة بأنس بن مالك، وحدَّث أيضًا عن: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبدالرحمن، وطائفة، وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين.
وروى الحديث عنه: أبو سلمة - أحد شيوخه - وأبو بكر بن حزم، ورجاء بن حيوة، ومحمد بن المنكدر، ومحمد بن شهاب الزهري، وأيوب السختياني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وخلق سواهم؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي، جـ5، صـ114: 115).
(2) قال مجاهد بن جبر: أتينا عمر بن عبدالعزيز ونحن نرى أنه سيحتاج إلينا فيما خرجنا من عنده حتى احتجنا إليه؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد، جـ5، صـ311).
(3) قال ميمون بن مهران: إن الله كان يتعاهد الناس بنبي بعد نبي، وإن الله تعاهد الناس بعمر بن عبدالعزيز؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي، جـ5، صـ127).
وقال ميمون بن مهران أيضًا: كان عمر بن عبدالعزيز مُعلِّم العلماء؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر، جـ48، صـ100).
(4) قال مالك بن دينار: الناس يقولون عني زاهد؛ إنما الزاهد عمر بن عبدالعزيز الذي أتَتْه الدنيا فتركها؛ (حلية الأولياء لأبي نعيم، جـ5، صـ257).
(5) قال أحمد بن حنبل: ليس قول أحد من التابعين حجةً إلا قول عمر بن عبدالعزيز؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير، جـ9، صـ201).
(6) قال محمد بن علي بن الحسين: لكل قوم نجيبة، وإن نجيبة بني أمية عمر بن عبدالعزيز.. (حلية الأولياء؛ لأبي نعيم، جـ5، صـ254).
(7) قال البخاري: قال مالك بن أنس وسفيان بن عيينة: عمر بن عبدالعزيز إمام؛ (تهذيب التهذيب؛ لابن حجر جـ4، صـ300).
(8) قال ابن سعد: كان عمر بن عبدالعزيز ثقةً، مأمونًا، له فقه وعلم ووَرَع، وروى حديثًا كثيرًا، وكان إمام عدل، رحمه الله، ورضي عنه؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد، جـ5، صـ311).
(9) قال سفيان الثوري والشافعي: الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبدالعزيز؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر، جـ48، صـ128: 129).
ولاية عمر على المدينة:
لما تولى الوليد بن عبدالملك الخلافة جعل عمر بن عبدالعزيز أميرًا على المدينة، فوليها عمر من سنة ست وثمانين، إلى سنة ثلاث وتسعين؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر، جـ48، صـ94).
استخلاف عمر بن عبدالعزيز:
قال رجاء بن حيوة (رحمه الله): لما اشتد المرض بسليمان بن عبدالملك، رآني عمر بن عبدالعزيز في الدار، أخرج، وأدخل، وأتردَّد، فقال: يا رجاء، أُذكِّرك الله والإسلام أن تذكرني لأمير المؤمنين، أو تشير بي، فوالله ما أقوى على هذا الأمر، فانتهرته، وقلت: إنك لحريص على الخلافة. فاستحيا، ودخلت، فقال لي سليمان: من ترى لهذا الأمر؟ فقلت: اتق الله، فإنك قادم على الله تعالى، وسائلك عن هذا الأمر، وما صنعت فيه، قال: فمن ترى؟ قلت: عمر بن عبدالعزيز، قال: كيف أصنع بعهد عبدالملك إلى الوليد، وإلي في ابني عاتكة، أيهما بقي؟ قلت: تجعله من بعده، قال: أصبت، جئني بصحيفة، فأتيته بصحيفة، فكتب عهد عمر، ويزيد بن عبدالملك من بعد، ثم دعوت رجالًا، فدخلوا، فقال: عهدي في هذه الصحيفة مع رجاء، اشهدوا واختموا الصحيفة، قال: فلم يلبث أن مات، فكففت النساء عن الصياح، وخرجت إلى الناس، فقالوا: كيف أمير المؤمنين؟ قلت: لم يكن منذ اشتكى أسكن منه الساعة، قالوا: لله الحمد؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي، جـ5، صـ123).
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]