عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 28-02-2022, 10:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,952
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان


شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 221الى صــ 235
(14)
المجلد الاول
كتاب الصيام





186 - وعن محمد بن المنكدر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن تؤتى رخصته كما يحب أن تؤتى فريضته».
187 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه».
188 - وعن ابن عمر وابن عباس؛ قالا: «إن الله يحب أن تؤتى مياسره كما يحب أن تؤتى عزائمه». رواهن ابن أبي شيبة.
189 - وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: «ما خُيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين؛ إلا اختار أيسرهما, ما لم يكن إثماَ؛ كان أبعد الناس منه».

190 - وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لمعاذ وأبي موسى: «يسرا ولا تعسرا».
191 - وعن بشر بن حرب؛ قال: سألت عبد الله بن عمر, قلت: ما تقول في الصوم في السفر؟ قال: تأخذ إن حدثتك؟ قلت: نعم. قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من هذه المدينة؛ قصر الصلاة, ولم يصم حتى يرجع إليها». رواه أحمد.

192 - وعن أبي طعمة؛ قال: كنت عند ابن عمر, إذ جاءه رجل, فقال: يا أبا عبد الرحمن! إني أقوى على الصيام في السفر. فقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه الإِثم مثل جبال عرفة». رواه أحمد وفي إسناده ابن لهيعة.

193 - وأيضاً: ما روى أنس بن مالك الكعبي؛ قال: أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم, فانتهيت [أو قال:] فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يأكل, قال: «اجلس فأصب من طعامنا هذا». فقلت: إني صائم. قال: «اجلس أحدثك عن الصلاة وعن الصيام, إن الله وضع شطر الصلاة (أ: نصف الصلاة) والصوم عن المسافر وعن المرضع أو الحبلى» , والله لقد قالهما جميعاً أو احدهما, فتلهفت نفسي أن لا أكون أكلت من طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الخمسة, وقال الترمذي: حديث حسن.
وفي رواية لأحمد والنسائي: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى وعن المرضع».
فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الصوم موضوع عنه؛ استدعاء منه للفطر بعد أن أخبره أنه صائم, ودعاه بعد أن أخبره أنهه صائم.
194 - 195 - وعن أبي أمية الضمري وعبد الله بن الشخير عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إن الله وضع عن المسافر الصيام ونصف الصلاة». رواهما النسائي.
196 - وأيضاً: عن عبد الرحمن بن حرملة, عن سعيد بن المسيب؛ قال: سمعت رجلاً سأله: أتمُّ الصلاة والصوم في السفر؟ فقال: لا. قال: إني أقوى على ذلك. فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوى منك, قد كان يفطر ويقصر الصلاة في السفر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خياركم من قصر الصلاة في السفر وأفطر». رواه سعيد والأثرم وغيرهما.
وهذا مع أنه من مراسيل سعيد؛ فقد احتج به, واحتجاجه يدل على صحته عنده.

197 - ورواه النجاد عن جابر مسنداً.
198 - وعن ابن عمر: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام في السفر؟ فنهاه, فقال: إن ذلك عليَّ يسير. فقال: «أنت أعلم باليسير أم الله؟ يقول الله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} , إن الله تصدق برمضان على مرضى أمتي ومسافريهم؛ فأيكم يحب أن يتصدق بصدقة ثم ترد عليه؟!». رواه أبو حفص.

199 - وقد روى عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال في القصر: «صدقة تصدق الله بها عليكم؛ فاقبلوا صدقته». رواه مسلم.
وأيضاً؛ فإن عامة الصحابة على ذلك:
200 - عن أبي جمرة؛ قال: سألت ابن عباس عن الصوم في السفر؟ فقال: «عسر ويسر, خذ بيسر الله تعالى». رواه أبو سعيد الأشج.
201 - وعن أبي سلمة؛ قال: «نهتني عائشة أن أصوم في السفر». رواه سعيد.
وقد تقدم عن ابن عمر الأمر بالفطر.
202 - وعن سعيد بن جبير؛ قال: كان ابن عمر لا يستأذنه في السفر, فصحبه رجل, فدعاه إلى طعامه, قال: إني صائم. قال: «من صحبنا؛ فليقتد بنا, ومن لا؛ فليعتزلنا؛ فإن في الأرض سعة». رواه البغوي.
203 - وعن ابن عمر: «أنه كان لا يصوم في السفر رمضان ولا غيره, وإذا أقام قلما فطر».204 - وعنه: «أنه جاء إليه رجل, فقال: أصوم في السفر؟ قال: لا. قال: إنه صوم كنت أصومه. قال: إن هذا يريد أن يتبع هواه, إني لأظنك عراقيّاً».
205 - وعن مجاهد؛ قال: قال ابن عمر: «يا مجاهد! لا تصم في السفر؛ فإنهم يقولون: كفوا صاحبكم, أعينوا صاحبكم, حتى يذهبوا بأجرك».
206 - وعن عمرو بن دينار؛ قال: «سمعت رجلاً من بني تميم يحدث عن أبيه أنه صام رمضان في السفر, فأمره عمر أن يقضيه».
وعن محرر بن أبي هريرة؛ قال: «صمت رمضان في السفر, فأمرني أبو هريرة أن أعيد في أهلي».
207 - وعن عمار مولى بني هاشم, عن ابن عباس رضي الله عنهما: فيمن صام رمضان في السفر: «لا يجزيه». رواه أبو إسحاق الشالنجي.

208 - 209 - وعن عثمان بن أبي العاص وأنس: «الصوم أفضل». رواه سعيد.
ولأن الفطر جائز بغير خلاف من غير كراهة, والصوم قد كرهه جماعة من الصحابة, وأمروا بالقضاء كما تقدم, ولأن الفطر أيسر وأخف, والله يريد اليسر ولا يريد بنا العسر, ويجب أن يؤتى ما أرخصه, والمفطر يجمع له أجر الصائم وأجر القضاء كما تقدم, ولأنه رخصة من رُخَص السفر, فكان اتباعها أولى من الأخذ بالثقيل؛ كالقصر والمسح.
فإن قيل: هذا يبقى الصوم في ذمته بخلاف الذي يقصر الصلاة.
قلنا: إذا قام واتسع له وقت؛ قضاه, وإلا؛ فلا شيء عليه.
ولأن الصوم في السفر مظنة سوء الخلق والعجز عن مصالح السفر, وأن يصير الإِنسان كَلاًّ على أصحابه, ولو لم يغيره, لكن الفطر بكل حال أعون له على السفر, وسعة الخلق, وإعانة الرفقاء, وغير ذلك من المصالح التي هي أفضل من الصوم.
وبهذا يتبين أن الفطر أرفق له بكل حال, ولأن في الفطر قبولاً للرخصة, وبراءة من التعمق والغلو في الدين, وشكر الله على ما أنعم به من الرخصة.
فإن من صام؛ فهل يكره له الصوم؟

على روايتين:
إحداهما: يكره. كما نقله حنبل.
وقال في رواية الأثرم: أنا أكره أن يصوم في السفر؛ فكيف بقضاء رمضان في السفر؟ وهو اختيار الخرقي وأبي طالب وغيرهما:
لقوله: «ليس من البر الصوم في السفر» , وما ليس ببر لا يكون عبادة, فيكره أن يشغل زمانه بغير عبادة.

ولما تقدم عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم: «صام حتى بلغ كراع الغميم, فصام الناس معه, فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون فيما فعلت, فدعا بقدح من ماء بعد العصر, فشرب, والناس ينظرون إليه, فأفطر بعضهم, وصام بعضهم, فبلغه أن أناساَ صاموا, فقال: أولئك العصاة». رواه مسلم وغيره.
ولأن من الصحابة من يأمره بالإِعادة.

والثانية: لا يكره. كما نقله المروذي.
وهو اختيار ابن عقيل؛ لما تقدم من أنه لم يكن يعب الصائم على المفطر, ولا المفطر على الصائم, والكراهة عيب, وأن النبي صلى الله عليه وسلم صام في السفر هو وابن رواحة في يوم شديد الحر, وأنه لو كره له الصوم؛ لعادت الرخصة مشقة.
والصحيح: أنه إن شق عليه الصوم, بأن يكون ماشياَ أو لا يجد عشاءً يقويه أو بين يديه عدو يخاف الضعف عنه بالصوم أو يصير كَلاَّ على رفقائه أو يسوء خلقه ونحو ذلك؛ كره له الصوم, وكذلك إن صام تعمقاً وغلواً, بحيث يعتقد أن الفطر نقص في الدين ونحو ذلك, وعلى هذا يحمل على ما روي عن عمر وابن عباس وأبي هريرة من أمر الصائم بالإِعادة على سبيل الاستحباب عقوبة له, وكذلك حديث ابن عمر وغيره.
وأما من صام وهو مرفه من غير تغير في حاله؛ فلا بأس بصومه, وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بالفطر وسماهم عصاة حين شق عليهم الصوم مشقة شديدة ولم يفطروا.
210 - وعن أبي سعيد؛ قال: «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على نهر من ماء السماء, والناس صيام في يوم صائف مشاة, ونبي الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له, فقال: اشربوا أيها الناس! قال: فأبوا, فقال: إني لست مثلكم, إني أيسركم, وإني راكب. فأبوا, فثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذه, فنزل وشرب وشرب الناس, وما كان يريد أن يشرب». رواه أحمد.
فقد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الراكب والماشي.
211 - وعن سلمة بن المحبق الهذلي؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له حمولة تأوي إلى شبع؛ فليصم رمضان حيث أدركه». رواه أحمد وأبو داوود.
وفي رواية لأبي داوود: «من أدركه رمضان في السفر».
فأمر بالصوم من له زاد وراحلة دون غيره.

212 - وعن أبي سعيد؛ قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة, ونحن صيام. قال: فنزلنا منزلاً, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم قد دنوتم من عدوكم, والفطر أقوى لكم». فكانت رخصة, فمنا من صام, ومنا من أفطر, ثم نزلنا منزلاً آخر, فقال: «إنكم مصبحو عدوكم, والفطر أقوى لكم, فافطروا». فكانت عزيمة, فأفطرنا, ثم رأيتنا نصوم بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر. رواه أحمد ومسلم وأبو داوود, ولفظه: قال أبو سعيد: لقد رأيتني أصوم مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وبعد ذلك, فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالفطر لما أرادوا أن يصبحوا العدو, وكانت عزيمة.
وأما الإِعراض عن الفطر تعمقاً وتنطعاً أو استعظاماً للفطر وإكباراً له؛ فمثل:

213 - ما روت عائشة قالت: «رخص رسول الله في أمر, فتنزه عنه ناس من الناس, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم, فغضب حتى بان الغضب على وجهه, فقال: ما بال أقوام يرغبون عن ما رخص لي فيه؛ فوالله؛ إني لأعلمهم بالله, وأشدهم له خشية». متفق عليه.

214 - كما أراد جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبتَّلوا, وقال أحدهم:أما أنا فأصوم لا افطر. وقال الآخر: أما أن أقوم لا أنام. وقال الآخر: أما أنا فلا آكل اللحم. وقال الآخر: أما أنا فلا آتي النساء. فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم, فقال: «لكني أصوم وأفطر, وأقوم وأنام, وآكل اللحم, وآتي النساء, فمن رغب عن سنتي فليس مني».
وأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87].
والأكل في السفر من طيبات ما أحل الله لنا؛ فمن اجتنبه تنزهاً عنه كالذي يجتنب اللحم والنساء كان داخلاً في هؤلاء, وبهذا وشبهه مرقت الخوارج من الدين, وعلى هذا الوجه أنكر دحية بن خليفة الكلبي وأبو بصرة على الذين رغبوا عن الفطر, ورأوه مكروهاً, وكذلك ابن عمر أنكر على من رأى به قوة على الفطر؛ فلا يشرع في حقه.
ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم: «لأواصلنَّ وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم».

ولهذا أمر بتعجيل الفطر وتأخير السحور.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.63%)]