عرض مشاركة واحدة
  #48  
قديم 04-04-2024, 11:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(37)

رعاية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم

اعداد: الفرقان



الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
سورة الضحى
باب: في قوله تعالى: {ما ودّعك ربك وما قلى}
2177. عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ يَقُولُ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالضُّحَى, وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى, مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
الشرح: سورة الضحى باب في قوله تعالى {ما ودّعك ربك وما قلى} وهذا الحديث، قد رواه الإمام مسلم في كتاب الجهاد (3/1134) وبوب عليه النووي: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين.
وهو من حديث أسود بن قيس التابعي يقول: سمعت جندب بن سفيان رضي الله عنه وهو جندب بن عبدالله بن سفيان البجلي، أبوعبدالله، وينسب إلى جده أحياناً.
قال: «اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم » اشتكي بمعنى مرض وحصل له وعكة.
قوله «فلم يقم ليلتين أو ثلاثا» أي: ما قام الليل ليلتين أو ثلاثا، وهذا فيه دليل أن قيام الليل كان قديما بمكة، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: أنه كان فريضة على المسلمين أولاً، ثم نُسخت فرضيته إلى الاستحباب، كما رواه ابن نصر المروزي في كتابه قيام الليل.
وقيل: بقي واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم ومستحباً لغيره.
ويدل على أن المشركين كانوا يسمعون النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن بالليل ممن كان حول النبي صلى الله عليه وسلم من جيرانه، فكانوا إذا قام يصلي من الليل يسمعون قراءته، بل كان بعضهم يحضر للسماع قريباً من بيته، يأتي ليسمع هذا القول العجيب، وهذا القرآن الكريم الذي لم يسمع به الإنس والجن بمثله من قبل، ولا العرب ولا العجم، فكان بعض المشركين يستمعون القرآن سراً كما جاء في السيرة النبوية، دون قومهم، فلما لم يقم ليلتين أو ثلاثا، علموا بذلك.
- قوله: «جاءته امرأة» قالت بعض الروايات إنها امرأة أبي لهب فقد كانت تجاور النبي [ هي وزوجها أبو لهب عم النبي [، كانوا يقيمون بقرب منزل النبي صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأته.
- وفي رواية: أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال المشركون: قد ودع محمد صلى الله عليه وسلم ، فقالت المرأة: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك! لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثاً. أي أنها لم تره ولم تسمعه يصلي من الليل، فقالت له: «أرجو أن يكون الشيطان قد تركك» وهذه مكابرة منها ومعاندة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإلا هي تعلم يقيناً وقومها يعلمون أن القرآن ليس بقول شيطان؟! ولا هو من جنس ما تقوله الشياطين أو تأمر به! فهو قول علي عظيم لا يُعلى عليه، وهو لا يشابه الشعر ولا النثر، ولا قول الإنس والجن، بل هو كلام الله سبحانه وتعالى.
- وقول المشركين: «قد ُودّع محمدٌ؟!» ودّع بتشديد الدال من الوداع، الذي هو الفراق والترك، وهي القراءة التي قرأ بها السبعة، وقرئ: وَدَعك، بالتخفيف، من ودعه يدعه يعني تركه، وهي بنفس المعنى.
فأنزل الله سبحانه وتعالى رداً عليهم سورة الضحى، فأقسم سبحانه بالضحى الذي هو وسط النهار، ومحل انصراف الناس لاكتساب معايشهم.
{والليل إذا سجى} سجى بمعنى غطى، فالليل يغطي الكون بظلامه، ويغطي ضوء النهار، فأقسم الله تعالى بالضحى وضيائه، والليل وظلامه {ما ودعك ربك وما قلى}، ما ودع نبيه صلى الله عليه وسلم ، بل ما قالوه عن مفارقتك وتركك قولٌ باطل، فإن الله عز وجل ما ودعك ولا تركك {وما قلى} قلى من القِلى وهو البغض، فالله تبارك وتعالى لا يودع أحبابه ولا يبغضهم، بل يقربهم سبحانه وتعالى ويحسن إليهم، وتمام السورة كلها في بيان اعتناء الرب سبحانه وتعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم ، باقي السورة كلها لبيان نعم الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم {وللآخرةُ خيرٌ لكَ من الأُولى, ولسوفَ يُعطيك ربُّك فترضى} أي: فسوف يعطيك ربك في الدنيا وفي الآخرة ما ترضى به، وتقر به عينك، ويكفي في ذلك شرف النبوة والرسالة، فإنها أعظم من كل جاه، ومن كل مالٍ ومن كل منصب، ثم قال سبحانه وتعالى {ألم يجدكَ يتيماً فآوى, ووجدكَ ضالاً فهدى, ووجدكَ عائلا فأغنى} أي: قد وجدك الله تعالى يتيماً فآواك، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم توفي أبواه وهو صغير، فكفله جده عبدالمطلب ثم كفله عمه أبوطالب، فأواه الله سبحانه وتعالى إلى صدر حنون، وقلب رحيم، وحضن دافئ، وحماه الله سبحانه وتعالى بعمه حتى بعد الرسالة {ووجدك ضالاً} أي: لم تكن على رسالة ولا نبوة، فهداك الله تعالى أعظم هداية، وجعلك على أعظم ملةٍ ودين {ووجدك عائلاً} يعني فقيراً فأغناك الله تبارك وتعالى.
التنافس في الدنيا
سورة التكاثر
باب في قوله تعالى{ألهاكم التكاثر}
2178. عَنْ عبدالله بن الشخير قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ {أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ} قَالَ: يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي! قَالَ: وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ».
الشرح: سورة التكاثر وأورد فيها حديث عبدالله بن الشخير رضي الله عنه، رواه الإمام مسلم في كتاب الزهد والرقائق ( 2958 ).
عبد الله بن الشخير هو ابن عوف العامري، صحابي من مسلمة الفتح.
- يقول الصحابي عبدالله بن الشخير: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ {ألهاكم التكاثر، حتى زرتم المقابر} وهو يتلو هذه السورة التي يقول الله تعالى فيها للناس.
{ألهاكم التكاثر} أي: شغلكم التكاثر في الأموال والأولاد، والتباهي بذلك والفخر بكثرتها، والاشتغال في تكثيرها، أي في تكثير الأموال وجمعها وكسبها حتى ألهاكم عن دينكم، وطلب أعمال آخرتكم، فالتشاغل كثيراً بالمعاش ُينسي الإنسان دينه وينسيه تحصيل الخير وأعمال الخير.
- وقيل: إن الآية نزلت في حيين من قريش تكاثروا في السيادة والشرف، فكل منهم يقول نحن أكثر سيداً وأعز عزيزاً وأعظم نفراً وأكثر قائداً فكثر بنو عبدمناف بني سهم، ثم تكاثروا بالأموات فكثرتهم بهم فنزلت {ألهاكم التكاثر} فلم ترضوا {حتى زرتم المقابر} يعني افتخرتم بأهل القبور. وهذه رواية عن مقاتل والكلبي وفيها ضعف «أسباب النزول للنيسابوري».
- أي: ما كفاكم التكاثر بالدنيا والأحياء، حتى انتقلتم إلى التكاثر بالأموات من الآباء والأجداد، وهذا يحصل أيضاً بين الناس، وهو التباهي والتفاخر بالآباء والأجداد ممن قد فارق الدنيا.
- فقول النبي صلى الله عليه وسلم : «يقول ابن آدم مالي مالي» أي: أنه ينسب المال إلى نفسه مفتخراً ومكابراً، مع أن الذي أعطاه ووهبه وملكه هو الله سبحانه.
ثم يبين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة انتفاع العبد بالمال فيقول: «هل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت» أي ما أكلته فني وذهب ولم يبق منه شيء «أو لبست فأبليت» أي: ما اشتريت من لباس فلبسته فبلي واخلولق وفني.
«أو تصدقت فأمضيت» أي: ما تصدقت من صدقة فإنها ماضية وباقية لك مذخورة، وفي رواية أيضا لمسلم: «أو أعطى فاقتنى» أي: ما أعطى فقد ادّخر ثوابه، وفي بعضها «فأقنى» أي: فأرضى.
وفي رواية له: «وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتاركه للناس».
- أي: أن الإنسان لا يستفيد من ماله في الحقيقة، إلا ما يبقى له في الدار الآخرة، كما قال تعالى {ما عندكم يَنفدْ وما عند الله باق} (النحل: 96). أي: ما عندك من مال تأكله وتلبسه فيفنى وينفد، ولكن ما تتصدق به يبقى لك ذخراً عند الله عز وجل يوم تلقاه.
- ومن معنى الآية أيضا: أن ما في الدنيا من متاعٍ يفنى ولو كثر، وما في الآخرة من متاع وزينة باقٍ لا يفنى ولا يزول، فمن آثر الفاني على الباقي فليس بعاقل، كما قال سبحانه {وما عند الله خير للأبرار} وقال {بل تؤثرون الحياة الدنيا، والآخرة خير وأبقى}.
ولهذا يجب أن يحرص الإنسان على ترك التكاثر في الأموال والأولاد فيما لا ينفع ولا يبقى، والواجب التكاثر والتنافس فيما يبقى لك في الآخرة، كي ينفعك يوم لا ينفع مال ولا بنون.
نعي النبي صلى الله عليه وسلم
سورة الفتح
باب في قوله تعالى {إذا جاء نصر الله والفتح}
2179. عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْلَمُ - وَقَالَ هَارُونُ - تَدْرِي آخِرَ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنْ الْقُرْآنِ، نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالَ: صَدَقْتَ.
الشرح: سورة الفتح وهي {إذا جاء نصر الله} وسماها المؤلف بسورة الفتح، والمشهور أنها: سورة النصر، وأورد فيها حديث ابن عباس، وقد رواه الإمام مسلم في كتاب التفسير أيضا.
يقول عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: تعلم - وفي رواية: تدري - آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعاً؟ قلت: {إذا جاء نصر الله والفتح} قال: صدقت.
فابن عباس رضي الله عنهما يتذاكر العلم مع عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، وهو الهذلي أبو عبدالله المدني، أحد فقهاء التابعين، ثقة ثبت، ويسأله فيقول: هل تعلم أي سورة هي آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعاً؟ يعني: أنها نزلت دفعة واحدة، ولم تنزل تباعاً، كما هي العادة في السور القرآنية، ينزل منها شيء ثم يتبعه الباقي، وربما تأخذ السورة شهوراً بل سنين حتى تكتمل.
فقال عبيدالله: نعم {إذا جاء نصر الله والفتح} فهذه آخر سورة من القرآن كما هو قول ابن عباس رضي الله عنهما.
- وفي هذه السورة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «نُعيت إلي نفسي» وفي لفظ «قرب إلي أجلي» يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت عليه هذه السورة علم أن فيها نعيه، ولما نزلت عليه هذه السورة، أخذ في أشد ما كان قط اجتهاداً في أمر الآخرة والعمل لها.
ولأن الله تبارك وتعالى يقول مبشراً نبيه صلى الله عليه وسلم {إذا جاء نصر الله والفتح} والمقصود بالفتح فتح مكة، الذي أيد الله فيه رسوله صلى الله عليه وسلم ونصره على أهل مكة الذين هم أهل الحرم، ولما انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم على أهل الحرم ورأى العرب أن الرسول [ قد ظهر على قومه الذين هم أهل الحرم الذين لا يغلبهم غالب من القبائل، لأنهم يعلمون جميعا أن أهل مكة وقريشاً قد دافع الله تعالى عنهم في حادثة الفيل، وأهلك أبرهة وجيشه جميعاً بالطير الأبابيل، ولما سلّط الله عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم علموا أنه على الحق، فكان هذا سبباً في دخول العرب في دين الله أفواجاً بعد فتح مكة.
فهذه نعمة عظيمة وجليلة حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم ، والله تبارك وتعالى يقول له {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً}.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عرف أن فيها نعيه، وأن وفاته صلى الله عليه وسلم قد اقتربت، فقد بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده.
فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالحمد والاستغفار في هذه الحال، ويستعد للقاء ربه، ويختم أعماله بذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول القرآن – أي يعمل به - وهذه الآية خصوصاً، فكان يكثر أن يقول في صلاته في ركوعه وسجوده: « سبحانك الله ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي « رواه مسلم.
- هذا آخر كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم،،،
نسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم به.
ونبدأ إن شاء الله تعالى بشرح كتاب: فضائل القرآن من هذا المختصر، لتعلقه به.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]