العسل والجروح
في صباح ليلة العيد الماضي ، وبعد أن عدنا من صلاة العيد ، كنا نجهز البيت سريعا لإستقبال أخوالي ، ومع العجلة لم ينتبه أخي وسقطت على رجله الفوّاحة ( آلة زجاجية ، نضع فيها العطر وهي تنشر الرائحة وتطيب الغرفة لفترة ) ، ولم يكن أبي موجوداً ، فهو بعد صلاة العيد يمر على الجيران يعيّد عليهم إلى حين مجيء أخوالي ، وصدف أنه نسي جهازه المحمول في المنزل
الجرح عميق يتطلب أكثر من 5 غرز
قمت بتنظيف الجرح من قطع الزجاج ، وسكبت العسل عليه
واستقبلنا أخوالي وكأن شيئا لم يكن
ما إن خرجوا ، حتى أخذه أبي باحثا عن طوارئ مفتوحة في ذلك الوقت ، واستلزم عمل 7 غرز ، إلا أن الطبيب تعجّب أن تدفق الدم قد توقف نسبيا ، فأخبره أبي بأننا قد وضعنا عليه العسل ، فشكر الطبيب صنيعنا وأشاد به.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
موقف آخر
في إحدى الأيام ، عادت أمي من دوامها متأخرة ، وكان أخي وأختي قد عادا من المدرسة ، فدخلت أمي المطبخ على عجل كي تجهز الغداء خوفا أن يناما وهما خاويا البطن ، فهي تعرف أنها أنجبت أطفال لا يأكلون طوال يومهم الدراسي ، لذلك تحرص أن نأكل جميعا قبل نومة القيلولة
من سرعتها لم تنتبه وهي تقطع الدجاجة إلى نصفين ، دخل طرف السكين ما بين الإصبعين السبابة والإبهام ، وكان الجرح عميقا.
في تلك الأثناء ، لم أعد بعد من الجامعة ، وأبي لم يعد بعد من دوامه ، الموجود هو أخي 14 سنة ، وأختي 9 سنوات ، وأختي الصغرى 4 سنوات ( أي لا أحد يحسن التصرف مع موقف كهذا )
أخواتي ما إن رأين الدم المتدفق حتى بدأن بالبكاء ، ولكن أخي اتصل بي : ( لجين ، ماما انجرحت ، والدم ينزل زي المي من الصنبور ، وجمانة ودانية بيبكوا ، اش أعمل )
من قوانين بيتنا:
ممنوع أحد يخرج من البيت مع التاكسي لأي سبب كان ، ليس لشيء ، فقط هو خوف بابا علينا من رجال التاكسي ، فما أكثر القصص التي سمعناها يشيب لها الولدان
دايما بابا يقول : ( لما أموت اركبوا التاكسي ، طول ما أنا موجود ما أحد يركبوا )
أعطيت أخي التعليمات التالية:
* اطلب من ماما تجلس ، ولو استلقت على الأرض أفضل ( لأن تدفق الدم وخروجه بقوة وبكثرة في آن واحد يسبب دوخة ) ولو طاحت ماما مافي أحد يمسكها
* ارفع يدها المجروحة إلى الأعلى ، كي تخف قوة اندفاع وخروج الدم
* اربط معصمها بأي خرقة قريبة منك -كما الإسوارة - ولفها بقوة
* صب على الجرح من العسل الموجود في كذا وكذا - وصفت له المكان-
* إتصل على بابا وأخبره ماما انجرحت وأريد نقلها على المستشفى ، - مع أن الأفضل عدم ترويع السائق كي لا يسرع وتصبح المصيبة اثنتين ، ولكن مهما حصل بابا يضبط أعصابه أثناء قيادته ، قد رأيت تصرفه في مواقف عدّة وأصعب من هذا الموقف - وهذا من فضل الله -
كنتُ في ذلك الوقت في طريق عودتي من الجامعة إلى المنزل ، المسافة ساعة ، ولكن كنت أحتاج إلى 5 دقائق فقط وأصل ، وأبي يحتاج إلى 10 دقائق من مقر العمل إلى المنزل
طبعا طوال طريقي ، كل دقيقة أتصل بأخي
مجاهد كيف ماما الآن ، مجاهد إسأل ماما تحس بدوخة ، مجاهد وقف الدم ول لسا ، مجاهد بينزل الدم بقوة ولّ خف ، مجاهد ماما لا توقف خليها جالسة
لحد بالآخر صرخ أخي قاصدا المزاح لا الجد : خلااااااص طفشتيني ، قلت لك خف الدم وماما طيبة ، لو أتصلتِ ما رح أرد عليكِ
(هنا اطمئن قلبي نوعا ما ، لأن صوت أخي بالمكالمات الأولى خائف ، أما في المكالمات الأخيرة عادي )
ما إن وصلت حتى تأكدت من الجرح بنفسي ( الجرح عميق وكبير يحتاج إلى 5 غرز على الأقل )
باءت كل محاولات ذهابنا إلى المستشفى بالفشل ، لأن أمي أصرّت بأن الدم توقف وهي بخير ، ولا داعي للمستشفى
كنت وقتها قلقة فعلا ، فأمي نزفت وبكثرة ، وعلامات التعب والإعياء ظاهرة عليها ، ولكن ما باليد حيلة
إلا أنها فرصة أن أرى بعيني تأثير العسل على الجرح ، حيث كنت أملك معلومات طفيفة عن أن العسل يساعد على التئام الجرح ويحميه من دخول الجراثيم
أعطيتها عصير كي يعطيها شيء من النشاط ، ثم بدأت بالملاحظة الدقيقة
وكانت الملاحظات التي سجلتها كالتالي:
- توقف الدم بعد مرور 15 دقيقة توقف تام.
- بعد مرور 4 ساعات ظهرت علامات الإلتئام ، حيث ظهرت الطبقة السوداء تغطي الجرح
- لا يوجد أي أثر لأي تعفن بالجرح
- صباح اليوم الثاني بدأت الطبقة السوداء في الخروج
- اليوم الثالث لا أثر للجرح أبدا
هذا ما رأته عيني من تأثير العسل على الجروح