عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 02-03-2007, 11:25 AM
الصورة الرمزية ابو الزبير المقدسي
ابو الزبير المقدسي ابو الزبير المقدسي غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: في ارض الله
الجنس :
المشاركات: 388
افتراضي

النفي والحبس
لم يهلك بهاء الله في السّجن بسرعة كما توقّع أعداؤه فأخلي أمره في آخر الأمر دون محاكمة أو مراجعة, وصدر أمر بنفيه وإبعاده الفوري عن وطنه. فقام الممثّل الدّبلوماسيّ للحكومة الرّوسيّة الذي كان يتابع الاضطهادات التي تعرّض لها أتباع الباب، بعرض حماية بهاء الله ووجّه الدّعوة إليه ليلجأ إلى المناطق الواقعة تحت نُفوذ حكومته. ولم يقبل بهاء الله هذا العرض لئلاّ يُفَسَّر الأمر تفسيراً خاطئاً ويُعْطى صبغة سياسيّة. واختار النّفي للأراضي المجاورة في العراق والتي كانت تابعة آنذاك للحكومة العثمانيّة. وبدأ بهاء الله بهذا الإِبعاد فترة من النّفي والسّجن والاضطهاد استغرقت أربعين عاماً أنتهت بوفاته في "البهجة" قرب مدينة عكا في فلسطين عام 1892م وهو في سن الخامسة والسبعين.
خصَّص بهاء الله اهتماماته الاولى لتلبّية احتياجات الجامعة البابيّة المجتمعة في بغداد. ووقعت هذه المسؤوليّة على عاتقه لأنّه كان الوحيد الذي سَلمَ من المذابح من بين زعماء البابيّين ذوي النّفوذ. وأدت مساعيه لجمع شمل أَتباع الباب الذين لجأوا إلى العراق إلى إثارة الحسد والاختلاف بين اقلية من اتباع الباب. وكان أساس هذه المشكلات ميرزا يحيى المعروف بلقب "صبح الأزل"، وهو أخو بهاء الله من أبيه ويصغره سنّاً. وكان الباب قد عيّن ميرزا يحيى وهو لا يزال في سنّ يافعة وتحت رعاية بهاء الله ليكون زعيماً رمزيّاً للجامعة البابيّة حتى مجيء "من يظهره الله" القريب الحدوث. ووقع ميرزا يحيى تحت سيطرة أحد أتباع الباب المعروف بالسّيد محمّد أصفهاني وهو فقيه إسلامي سابق. وبدأ ميرزا يحيى بتأثير من الاصفهاني بمجافاة أخيه وزرع الفتنة والخلاف بين صفوف البابيين. ولم تكن اعمال ميرزا يحيى علنيّة وانما سعت لإثارة القلاقل والاضطراب مما كان له تأثيرات هدّامة على معنويّات مجموعة المنفيّين. واستمر ميرزا يحيى "صبح الأزل" بتصعيد الخلاف بين اتباعه واتباع "بهاء الله" إلى ان وصل الأمر به أن حاول قتل اخيه حسين علي "بهاء الله" بالسم.
وبعد ان تأزمت العلاقة بين "حسين علي" واخيه ترك "حسين علي" الجالية وذهب إلى جبل "سركلو" في مدينة السليمانية في جبال كردستان (العراق) للاعتكاف والتعبد والصلاة والصيام. ووصف "بهاء الله" سبب هجرته هذه في كتاب "الايقان" ص 199 بقوله: "كان مقصودي من ذلك ان لا اكون علة اختلاف الاحباب, ولا مصدر انقلاب الاصحاب, وان لا اكون سببا في ضر احد, ولا علة لحزن قلب". وساءت حال البابين بقيادة "الازل" وغياب "بهاء الله" الذي لم يعد إلى بغداد الا بعد سنتين, (1856م) بعد ان اثمرت جهود البابين بالبحث عنه وايجاده والحاحهم عليه بالعودة لقيادة اتباع الباب ولم شملهم. ورغم أنَّ فترة العامَيْن التي قضاها بهاء الله في البرّيّة كانت فترة قاسية اتّسمت بالعَوزَ والحرمان والمتاعب الجسديّة، فقد وصفها بأنّها كانت مليئة بالسّعادة لانها اتاحت له فرصة الدعاء والتّأمُّل والتقرب من الله. وبقي "بهاء الله" في بغداد حتى 1863 م حيث اعلن دعوته قبل ابعاده في ذلك العام. ورفض ميرزا يحيى الاعتراف بإعلان بهاء الله عن رسالته ولم يكن له أيّ إسهام في نموّ الدّين البهائيّ الذي كانت بدايته ذلك الإعلان.
وبعد ذلك طلبت السلطات الإيرانية من دولة الخلافة العثمانية طرد البابيين إلى منطقة بعيدة عن الحدود الإيرانية بسبب ما رأته من مظاهر التأيد والترحيب التي بدأ يحضى بها حسين علي "بهاء الله" من قبل الزوار الفرس من ذوي النفوذ القادمين إلى العراق وخافت من ان يلهب ذلك مشاعر الحماس للدعوة الجديدة في داخل ايران. فاستجابت السلطات العثمانية لذلك الطلب وأبعدوه وعائلته ومعظم اتباعه إلى استانبول سنة 1863م. وبعد فترة قصيرة نقل "بهاء الله" إلى أدرنة. وتبع ذلك نفيه إلى فلسطين.

إلى فلسطين



نفي "صبح الأزل" إلى قبرص، أما حسين علي فقد نفي إلى مدينة عكا الساحلية في فلسطين سنة 1868 م. ويدعي الذين يعارضون البهائية انه استقبل مع أتباعه استقبالا حافلا من قبل اليهود الذين دعموه بالمال (*) وخالفوا فرمانات الباب العالي القاضية بفرض الإقامة الجبرية عليه وأسكنوه قصرا يعرف باسم "البهجة" في عكا في حين تثبت الوقائع التاريخية انه تم حبس "بهاء الله" واتباعه في سجن قلعة عكا المشهور حيث تعرضوا إلى شتى الانواع من العذاب والحرمان. واستمر حسين علي "بهاء الله" بالاعلان انه الموعود المنتظر. وبالاضاقة إلى كتاباته العديدة في تلك الفترة ومن أهمها "كتاب الاقدس", ارسل "بهاء الله" العديد من الرسائل لملوك الارض وحكامها يوصيهم فيها بالحكم بالعدل ويدعوهم لاتباع الدين الجديد واحكامه. وقد قام ابنه عباس الذي عرف بلقب "عبد البهاء" على خدمته إلى حين وفاته في 29 مايو 1892م نتيجة موت طبيعي. فتولى ابنه عباس أفندي "عبد البهاء" حسب وصية "بهاء الله" زعامة البهائيين من بعده. ولقد كُتبت عدة مقالات في جرائد ومجلات عربية مختلفة في الشرق الأوسط عن مزايا عبد البهاء عباس أفندي حسب ما وصفه به الادباء والاعلام العرب الذين قابلوه.
وانتقل عبد البهاء إلى حيفا حيث عرف بخدمته ومساعدته للفقراء والمساكين وحض اتباعه على "معاشرة الاديان بالروح والريحان" وحضر الصلوات في المساجد والكنائس والمعابد مثبتاً اعترافه بوحدة الاديان ومصدرها. ويدعي الذين يعارضون البهائية انه واصل الارتباط بالصهيونية بينما يدعي البهائيون انه ليس لهم اية علاقة بالصهيونة او غيرها من الحركات السياسية الاخرى, حيث تحرم المباديء البهائية الاشتغال بالسياسة او الانتماء إلى اي من الاحزاب السياسة. وان علاقة البهائيين باليهود كعلاقتهم باتباع سائر الديانات الاخرى كالاسلام والمسيحية وغيرها. وتشجع البهائية اتباعها على قراءة الكتب السماوية الاخرى والتعمق في معانيها من منطلق ايمانها بوحدة المصدر الالهي لهذه الاديان. وتطبيقا لهذا المبدأ فان جلسات الدعاء التي ينظمها البهائيون في مختلف انحاء العالم قد تتضمن بالاضافة إلى قراءات من الكتب البهائية فقرات من القراّن والانجيل والثوراة.
(*) يحرّم على البهائيين قبول التبرعات المالية من غير البهائيين لتسير شؤون دينهم. ويعتبر هذا المبدأ احد الاحكام الاساسية للدين البهائي ويطبقه البهائيون في جميع اركان العالم بغض النظر عن وضعهم المالي
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.49 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]